الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنتابني حالة من القلق والخوف عند سماع خبر مرض إخواني..فما علاجي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً: أشكر القائمين على هاذ الموقع كل الشكر وخاصة الدكتور محمد عبد العليم

ثانياً: أنا شاب توفي أبي وأنا في العشرين من عمري وحملني مسؤولية أسرة مكونة من تسع أخوات وثلاثة أولاد، وكنت أنا أكبر الأولاد.

الآن عمري في بداية الثلاثين، والحمد لله على كل شيء، مشكلتي أني حساس جداً تجاه إخوتي إذا مرض أحد منهم أو حصلت له مشكلة تتكون عندي حالة قلق وخوف تؤثر علي، ويصبح نومي متقطعاً، مع رعشة وخفقان في بعض الأحيان، وألم في القولون وإسهال.

قبل شهرين تفاقمت معي هذه المشكلة عندما أدخل أخي للمستشفي لمدة شهر، وصار عندي حالة من القلق والخوف والخمول، وألم في القولون، ونزل وزني من 55 كيلو إلى 48 كيلو، لأنه والله الشهية تكون عندي معدومة، لأن مجرد ما يكون عندي القلق يكون هناك ألم في القولون، عملت فحوصات للغدة وصورت الدم وسونار على القولون، وكلها -الحمد لله- سليمة.

استخدمت الدوجماتيل، حبيتان في الصباح والمساء، وشعرها معها ببعض الراحة، ولكن إلى الآن حالة القلق والقولون عندي، وعندي ميول أن أستخدم السبراليكس أو البروزاك، ولكني خائف من الأعراض الجانبية والإدمان عليها.

هذه الحالة كانت تمر علي من فترة إلى فترة، ولكن الآن مجرد أني أسمع خبر مرض واحد من إخوتي ينتابني القلق والخوف وألم في القولون وإسهال، وانعدام شهية.

نرجو من الله ثم منكم أن توجهوني، وآسف على الإطالة والتكرار، لأني والله تعبان، ولا أستطيع أن آكل جيداً والنفسية تعبانة، ومرة أخرى الشكر موصول لك يا دكتور محمد عبد العليم .

ملاحظة: إذا لم يكن هناك أي مشكلة أو مرض لأخواتي أكون في تمام الصحة والعافية، ونفسيتي تكون رائعة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ناشمهي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

من جانبي أخي الكريم أبادلك الشكر والتقدير والعرفان، وأقول لك جزاك الله خيرا باسم كل العاملين في موقع إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

إنك تعاني من قلق نفسي كجزء من شخصيتك، والقلق من هذا النوع ليس كله سيئًا، فالإنسان يحتاج لدرجة من القلق حتى يكون فعالاً، والإشكالية الوحيدة أن القلق كعامل مرسب، أي حين أن يمر الإنسان بظرف سلبي معين يظهر لديه القلق، وما دام لديه العامل المهيأ، وهو الاستعداد للقلق، فهنا تظهر أعراض القلق والمخاوف بصورة أكبر، وهذا هو الذي يحدث لك، فأنت مهيأ أصلاً للقلق، وحين تأتي الأحداث الحياتية مثل مرض الإخوان مثلاً – شفاهم الله – يحدث لك هذا التفاعل ويزيد من أعراضك النفسوجسدية خاصة أعراض القولون العصبي.

أخي الكريم: أرجو أن لا تعتبر نفسك مريضًا أبدًا، وشفقتك وخوفك على إخوانك هو نوع من البر ونوع من الرحمة التي هي في قلبك، فلا تفكر فيها سلبًا، ولكن في ذات الوقت يجب أن تصرف نفسك عن هذا التفكير بتطوير مهارات أخرى، فحين تخاف على إخوتك ادع لهم، والدعاء سلاح عظيم، أسأل الله أن يعافيهم وأن يشفيهم وأن يحفظهم وأن يوفقهم، لا تنسى هذا أيها الأخ الكريم، هذا بديل ممتاز للخوف ويبعث فيك الطمأنينة إن شاء الله تعالى، وأنت تفهم وتعرف أن المرض والأمراض والآجال كلها من قدر الله تعالى، فيجب أن تتعامل مع الأمر بهذه الصيغة.

ثانيًا: أعتقد أنك تعطي فرصة للقلق؛ لأنك لا تملأ الفراغات النفسية الموجودة في الحياة، كثير من الناس يحدث له هذا، تجده فجأة مثلاً جالسًا في مكان عمله فتأتيه فكرة قلقية، ثم يبدأ ويسترسل للدرجة التي قد يعطل نفسه تمامًا، هذا يشجع القلق وينمي القلق، لكن التصرف الإيجابي المطلوب في مثل هذه الحالات هو أن أصرف انتباهي عن القلق بأن أرفضه، بأن أتركه، بأن أقول لنفسي هذا وقت عملي ما الذي يقلقني؟

حاول أخي الكريم أن تصرف القلق عنك بهذه الوسائل، وكن حريصًا على ممارسة الرياضة، الرياضة جيدة جدًّا لعلاج الأعراض النفسوجسدية مثل أعراض القولون العصبي الناشئة من القلق.

وهنالك تمارين الاسترخاء والتي دائمًا ننصح بها الإخوان فكن حريصًا عليها أيضًا.

نزول الوزن المصاحب للقلق ربما هو دليل أنه قد حدث أيضًا اكتئاب من درجة بسيطة، فإقرارك بتناول أحد الأدوية المضادة للاكتئاب والقلق والمخاوف أعتقد أنه قرار جيد وصحيح، وسوف يفيدك إن شاء الله تعالى.

البروزاك دواء جيد والسبرالكس دواء أيضًا جيد وممتاز، وهي أدوية سليمة وفاعلة جدًّا، وأنا أعتقد أن الدواء الأفضل لك هو سيرترالين، والذي يعرف تجاريًا باسم (زولفت) أو (لسترال) وله مسميات تجارية أخرى في بعض الدول.

لماذا السيرترالين؟ هنالك دراسات الآن تشير أن الأعراض النفسوجسدية مثل التي عندك تستجيب بصورة أفضل، فيا أخي ابدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم اجعلها حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر أيضًا، ثم توقف عن تناوله.

هو دواء فعال وسليم، ولا توجد أعراض جانبية أساسية أبدًا، فهو غير إدماني وغير تعودي، كل الذي يحدث هو ربما تحدث لك زيادة بسيطة في الوزن، كما أنه ربما يؤخر القذل المنوي قليلاً، لكن بجانب ذلك ليس له أي أثر سلبي.

تناول الدوجماتيل بجرعة كبسولة واحدة صباحًا ومساءً، وهذا يكفي تمامًا من وجهة نظري، تناول هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر أخرى، وإن شئت أن تتناول السبرالكس فلا مانع في ذلك أبدًا، لكن أعتقد أن البروزاك قد لا يكون مناسبًا، لأنه يثير في بعض الأحيان آلام القولون العصبي بالرغم من فائدته العظيمة في علاج القلق والاكتئاب.

جرعة السبرالكس هي أن تبدأ بعشرة مليجرام يوميًا بعد الأكل لمدة شهرين، ثم تجعلها عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم بعد ذلك يمكنك أن تتوقف عن

تناول الدواء، ولا مانع من تناول الدوجماتيل بنفس الكيفية التي ذكرناها في حالة تناول السيرترالين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً