الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل القلق والوسواس يؤدون للفصام والهلاوس؟

السؤال

السلام عليكم..

أسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير.

أشكركم على هذا الموقع المميز، والذي أفادني وأفاد كثيرا من الناس، كتب الله أجركم، ورفع قدركم.

هل القلق والوسواس والضغط النفسي يؤدون إلى فصام أو هلاوس أو فقدان للعقل؟ وكيف يمكن للإنسان أن يحمي نفسه من الفصام والهلاوس البصرية والسمعية، بسبب أن عندي قلق، وصرت أخشى كثيرا أن أصل إلى هذه المرحلة مع العلم أني لا أتعاطى المخدرات، ولم يسبق لي أن تعاطيتها إلا مرة واحدة كشراب، كانت تجربة نصف كأس تقريبا، فعصمني الله عنها، وأقصى شيء سببته هو نوبة الهلع، فقد أعاقتني كثيرا ومنعتني من السفر، ولكن بالعزيمة تغلبت عليها، واليوم أستطيع السفر بشرط أن يكون معي شخص، وأريد أن أعود مثل السابق، أسافر لوحدي، فكيف يمكن للشخص أن يخرج من الضغوطات النفسية في العمل وفي حياته الخاصة؟ وكيف للإنسان أن يحمي نفسه من الاضطرابات النفسية بجميع أنواعها ويعيش بحالة نفسية جيدة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ منصور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا -أخي الكريم- وأشكرك على الثقة في استشارات إسلام ويب.

القلق والوسواس والضغط النفسي لا يؤدي إلى الإصابة بمرض الفصام، لكن في بعض الأحيان بدايات مرض الفصام قد تكون مصحوبة ببعض أعراض القلق والوسوسة، بمعنى أن القلق والوسواس وكذلك الضغط النفسي لا يُسبِّب الفصام، ولا يؤدي إليه، لكن من طبيعة مرض الفصام أن يبدأ لدى بعض الناس بأعراضٍ قلقية ووسواسية، وربما تكون الأحداث الحياتية الكبيرة والضخمة - خاصة السلبية منها - والتي تُسبِّبُ ضغطًا نفسيًا على الإنسان، قد تكون هي السبب في القلق وفي الوسواس أكثر مما هي سبب في مرض الفصام، وإن كانت هناك دراسات تُشير أن الأحداث الحياتية الضخمة قد تُساهم في تعجيل الإصابة بمرض الفصام في شخصٍ أصلاً كان لديه الاستعداد والقابلية للإصابة بهذا المرض، مثلاً من خلال الموروثات الجينية. أرجو أن أكون قد أوضحتُ هذه النقطة.

كيف يمكن للإنسان أن يحمي نفسه من الفصام والهلاوس السمعية والبصرية؟
أيها الفاضل الكريم: هنالك إجراءات إذا قام بها الإنسان قد تُساعده في منع مرض الفصام، وكذلك الهلاوس.

- أولاً: لابد للإنسان أن يأخذ قسطًا كافيًا من الراحة، وأفضل راحة هي عن طريق النوم الليلي.

- التوازن الغذائي الممتاز، الاطلاع والقراءة وتوسعة الفكر. هذه - أخي الكريم - فيها خير كثير جدًّا للإنسان.

- قطعًا الابتعاد عن الأسباب المؤدِّية للفصام والوسواس، ومنها المخدرات، خاصة تناول الحشيش، والابتعاد عن الرفقة التي تزين هذا الأمر.

فبهذه الكيفية يستطيع الإنسان أن يحمي نفسه إن شاء الله تعالى من هذه العلل، وقطعًا الدعاء هو سلاح المؤمن، الدعاء واقٍ - أخي الكريم -. فأرجو أن نكون حريصين دائمًا على الدعاء في كل أحوالنا.

والهلع - أخي الكريم - أقصى ما يتسبب فيه هو قلق توقعي مستمر، يعني أن يكون الإنسان تحت التهديد المستمر، بأنه سوف تأتيه نوبة أخرى، ويبدأ في الخوف والوسوسة. فيما مضى كان يُعتقد أن نوبات الهرع الشديدة قد تؤدي إلى ذبحات قلبية، لكن هذا الكلام تمَّ نفيه تمامًا ولم يثبت أبدًا. فكل الذي يحدث هو نوع من القلق التوقعي الشديد، وهذا قطعًا علَّة، خاصة إذا صحبته وساوس.

الحمد لله تعالى أنت قد تغلبت على الكثير من مصاعبك، والآن تستطيع أن تُسافر لكن بصحبة الآخرين، فأنا أُحبِّذ حقيقة أن تُجرِّب أيضًا - أخي الكريم - أو تدفع نفسك حقيقة بأن تسافر لوحدك، واحرص على دعاء السفر، اجعله رفيقًا لك، هذا - أخي الكريم - يُساعدك.

كيف يمكن لشخص أن يخرج عن الضغوطات النفسية؟

أولاً: لابد أن نفهم أن الضغوطات النفسية أصلاً موجودة في الحياة، وهي طاقة، الذي لا يقلق لا ينجح، الذي لا يخاف لا يحمي نفسه - أخي الكريم - الذي لا يوسوس لا يكون متدفقًا، الذي لا يشك لا يتحوَّط ويأخذه حذره، فهذه الطاقات النفسية والضغط النفسي مقبولة، لكن طبعًا إذا زاد عن حدِّه قد يكسر بِنية الإنسان النفسية.

ولذا أحد أساليب تجنُّب الضغوطات النفسية: التوكُّل، والتعبير عمَّا بداخل النفس، وتجنُّب الكتمان، وتذكُّر الإيجابيات، خاصة حين يكون الإنسان عُرضة لضغطٍ نفسي، وممارسة الرياضة والترفيه عن النفس حتى في أشد أوقات الضيق والضغط النفسي قطعًا هي الأشياء الآمنة التي ترتقي بالنفس، وتجعلها تكون أكثر ارتياحًا وانبساطًا وحتى انشراحًا.

أيها الفاضل الكريم: أرجو أن تأخذ كل ما ورد من نصائح وإرشادات بكلِّياته، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً