الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في فشل وفوضى غير طبيعية..فكيف أتخطى ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب مصري أحمل شهادة عليا، أنا أصغر إخوتي، وعائلتي من البسطاء من أبناء قرى مصر، أعيش في مكان شبه منعزل، نموذج لإنسان فاشل وفوضوي بدرجة متأخرة جدا من الفشل والفوضى، أستطيع أن أخبركم بأنني عبارة عن توليفة من خصال وصفات سلبية متشابكة ومعقدة لا تصلح في مسلم فضلا عن أن تكون في إنسان عاقل.

لذا فإنني أريد و-بشدة- مساعدتي في تخطي هذه المحنة، لا أريد أن أموت وأنا على هذا الحال، ولا أريد أن أكون مسؤولاً عن عائلة وأورث لها خصالي السلبية، أو قبل كل شيء أن أستمر في عدم رضا الله عز وجل. أستطيع تلخيص وتحليل مشاكلي في النقاط التالية:

1- الوهم الزائف فيما يخص مستقبلي الشخصي، والتعمد غير المقصود للجهل بعواقب الأمور التي قد تؤثر بالسلب أو بالإيجاب في حياتي الشخصية والاجتماعية، مثل التسرع في إتخاذ قرارات غير مدروسة، وتوريط نفسي في أمور قد تكون مؤهلاتي وإمكانياتي أقل من أن أشغلها، وتكرار الأخطاء بالرغم من أنني وقعت في شراكها مسبقا ألا أنه لا يوجد ما يحول بيني وبينها.

2- عدم المثابرة وعدم الانتهاء من أي فعل أعزم على فعله، فلا أذكر لنفسي أنني قد أتممت شيئا قد كلفت به من قبل عملي أو شيئا أردت فعله مثل قراءة كتاب لنهايته، أو نظام غذائي، أو أي شيء يعتمد على إتمامه للوصول للغاية المرجوة منه.

3- عدم الإحساس بالزمن والعمر الذي يمر دون أي جدوى، لا أرى أنني أنجز شيئاً أو أنني أنجزت شيئاً قويا، فقد رسبت في الجامعة 3 سنوات، وعملت ببلدي 5 سنوات، وعملت بالخارج 5 سنوات لم أدخر مالا بعد، ولم أتزوج بعد، فقد ضاع هذا الوقت سدى، وكلما أستحضر كشف حساب لما فاتني لا أصاب بالاحباط، بل ينتابني الشعور الزائف والثقة الزائفة بأنني سأتغير للأفضل، ويتلاشى مفعول هذه الحقنة المسكنة بعد مرور يوم وأعود للسابق بل وللأسوأ.

4- أفتقد القدوة الحسنة الحاضرة معي منذ صغري أو وجود شخصية ملهمة، وليس لي أصدقاء، أميل للانطواء وعدم الاجتماع مع الآخرين.

5- الإهمال والخمول والتكاسل وانطفاء الشعلة المتقدة سريعا حينما أعزم على فعل أمر ما أو اتخاذ قرار ما.

6- أنا لا أعرف من أنا، لم أجد لنفسي أي تصنيف إلا أنني فشلت أن أكون ناجحا إيجابيا، وفشلت بأن أكون فاشلا سلبيا أستطيع تشخيص حالي، إلا أنني أشعر أنني تائه وضال وأسير في طريق مظلم متشعب.

7- أشعر بأنني أملك شيئا من النرجسية في بعض الأمور، وأنه لدي شيء إيجابي أو مهارة أتميز بها عن الآخرين إلا أنني لا أجرؤ على إبرازها؛ لضعف ثقتي بنفسي وخوفي من الخوض في شيء قد يورطني في مستقبل مجهول.

8- الحياة في وادي وملكوت آخر، وعدم التركيز وإدراك ووعي نصف الكلام فقط، مع أنني أعي أي أمر قد أتعرض له.

أنا على تمام العلم وعلى ثقة بأن مشاكلي لها حل جذري، وعلى علم بأن السؤال هو نصف العلاج، وما زلت للحظة أؤمن بأن الله سيلهمني الصواب، وأنني سأتخطى هذه المرحلة الحرجة -بإذن الله- إذا وجهت السؤال لأهل الاختصاص.

أشكر لكم سعة صدركم، ومنتظر ردكم الكريم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

تدارست رسالتك بصورة جيدة وهي رسالة هامة، وقطعاً الشيء المهيمن والمستحوذ على تفكيرك هو السلبية، أنا أرى أن تقييمك لذاتك فيه سلبية شديدة جداً، والإنسان -أخي الكريم- هو أفكار ومشاعر وسلوك، حين تكون الأفكار سلبية تكون المشاعر وكذلك السلوك وهكذا، وفي ذات الوقت هنالك رضوخ واستسلام من جانبك للانهزام النفسي، وهذا خطأ، فرسالتك مصاغة بصورة ممتازة جداً تدل على مقدراتك المعرفية الراقية، فالاستفادة -أخي الكريم- من هذه المقدرات يكون من خلال إيجابية التفكير والأفعال والمشاعر، وهذه تماماً في يد الإنسان.

إن الله حبانا بالقدرة وتركنا لأن نتغير، أو نغير أنفسنا بأنفسنا (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، والإنسان إذا أدرك الهدف من وجوده في هذه الدنيا يستطيع أن يعمل أشياء إيجابية كثيرة، ويستطيع بالفعل أن يطور أهدافه، وهذا ليس كلاماً نظرياً إنما هو كلام عملي.

التعثر أو الفشل مرة أو مرتين أو أكثر لا يعني نهاية المطاف، كثير من العلماء فشلوا وفشلوا لكنهم استمروا في محاولاتهم وإصرارهم على ذلك حتى نجحوا، أنا أعتقد أنت محتاج لأن تقيم نفسك بصورة أكثر إيجابية، لا تظلم نفسك، اسع لتطوير نفسك، واعلم أن التغيير يأتي منك أنت، أنا أعتقد أنك تحتاج بالفعل إلى مساعدة نفسية من خلال علاج نفسي سلوكي معرفي مباشر، وإذا قدمت نفسك لخدمات الطب النفسي في مستشفى الطب النفسي بالدوحة سوف تجد -إن شاء الله تعالى- المساعدة اللازمة.

أنا ليس لدي عيادات منتظمة لكن يمكنك أن تحضر في القسم وتسأل عني و-إن شاء الله تعالى- أرتب لك أن تلتقي مع أحد الإخوة المعالجين، هذا قد يكون أفضل.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • قطر محمد سليمان

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    دكتور محمد
    شكر الله لكم سعيكم وجهدكم المتواصل في مساعدة الآخرين وعلى سمو ردكم الكريم على شخصي المتواضع ليتني أستطيع ترجمة هذا الشكر بشئ يسعدك إلا أنني احتسب أجرك على الله لما أثلجت به صدري ولطمئنتك لي وترسيخك بأنه ما زال هناك حل فجزاك الله خير الجزاء لحسن تعاملك معي ومع الحالات التي تتردد عليك.

    إن مد الله بأعمارنا سأكون بالمستشفى بالغد أن شاء الله تعالى ولي كل الشرف بالالتقاء بشخص حضرتك الكريم.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً