الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجرت صديقي لأنه أخطأ في حقي ولم يعتذر، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كنا جالسين في مكان ما، وفجأة وبدون أي مقدمات، قال لي صديقي: هل تعاني من هذه الحالة المرضية؟ وهذه الحالة تتميز بخلل في الكروموسومات الجنسية؛ مما يؤدي إلى الإصابة بالعقم.

فحزنت كثيرًا من ظنه السيء بي، وقلت له إن ما قاله كان كبيرًا، لكنه لم يعترف بخطئه، وقال: إنه مجرد كلام عادي، ثم ذهب ليتحدث إلى أصدقائي قائلاً: إنه قال كذا، ولم يقل لي مثلًا: لا تظن بي ظنًا سيئًا، فأنا لم أقصد ذلك...إلخ.

منذ ذلك الحين وأنا لا أكلمه، ولا أدري هل أستمر في خصامه وهجره حتى يعترف بخطئه أو يعتذر، أم يجب عليّ أن أكلمه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخانا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نشكر لك تواصلك بالموقع، كما نشكر لك حرصك على الوقوف عند حدود الله تعالى وعدم تجاوزها، نسأل الله أن يزيدك هدًى وصلاحًا.

ونحن نرى -أيها الحبيب- أن ما قاله لك صديقك لا يقصد به الإساءة، أو لا يُفهم منه الإساءة، فليس فيه توجيه الكلام المباشر لك، وأن هذه هي حالتك، وإنما ينبغي أن تحمل كلامه هذا على التساؤل، وما دام كلامه يحتمل وجهًا حسنًا ووجهًا قبيحًا، فإحسان الظنِّ بالإنسان المسلم يقتضي حمل كلامه على أحسن محامله، وهذا من كمال الإيمان، ومن أسباب طيب العيش، ومن أسباب سلامة القلب، أن تحاول حمل كلام إخوانك على المحامل الجميلة الحسنة، فما دمت تجد له مخرجًا جميلًا فينبغي أن تحمله عليه.

وظاهرٌ من حال صديقك أنه لم يقصد الإساءة، ولذلك يتكلّم عنك بشكلٍ عاديٍّ ويُخبر الآخرين، وما دمت قد غضبت منه ورأيت أنه أساء إليك؛ فقد أخذت حقًّا كاملًا بهجره ثلاثة أيام، أمَّا ما بعد هذه الأيام الثلاث فإنه لا يجوز لك أن تهجره، وتقطع كلامه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان، فيُعرضُ هذا ويُعرضُ هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".

وقد جاء عن الشرع وهذه الأيام الثلاثة مدة لاستيفاء النفس حظها من الانتقام، أمَّا ما جاوز ذلك فلا يجوز فيه الهجر، فقد نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التهاجر والتقاطع والتدابر في أحاديث كثيرة، وذلك كلِّه لما في الأخوة والتصالح والترابط والتعاون من المنافع الدينية والدنيوية.

فبادر إلى السلام على صديقك، وقطع هذا الهجر، وتذكّر قول النبي -صلى الله عليه وسم-: "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً