الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أتعامل مع أختي التي تتجاهلني بالمثل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا من أسرة مترابطة جدًا –والحمد لله–، أحب إخوتي حبًا كبيرًا، وهم يبادلونني المحبة –والحمد لله–، غير أن أختي التي تصغرني بخمس سنوات قد تعرضت لأزمات نفسية عنيفة، فأصبحت شديدة الصعوبة في التعامل، قاسية معي إلى أبعد الحدود، وتتهمني بأمور لا صلة لي بها.

حاولت مرارًا وتكرارًا إرضاءها عن أشياء لم أفعلها أصلًا، لكنها تسيء الظن بي على نحو لا يُصدَّق، ولا تكاد تتذكر إلا المواقف السلبية، ولا تذكر لي معروفًا واحدًا، رغم أني بذلت وسعي في الحديث الطيب، وتقديم الهدايا، والسعي باللطف والمحبة، لكن كل ذلك لم يُقابل إلا بجفاءٍ وقسوة، لم أعتدها منها، ولم نعتدها في أسرتنا.

مؤخرًا، وبعد أكثر من عام من المحاولات المتكررة التي لم تُثمر، لجأت إلى الهجر المؤقت، لعلها تستشعر فَقْدي فَيَلين قلبها، ولكن مرّ الآن أكثر من شهرين دون أن تبادر بالسؤال عني، ولو برسالة قصيرة أشعر منها بأن لي مكانة عندها.

أقسم بالله أنني لم أُسئ إليها قط، ورغم ما لقيته من جفاء، فإنها لا تَهُون عليّ، وقد أصبحت في حيرة من أمري: هل أستمر في الهجر أم أعود للتواصل؟ أعلم، من سوء ظنها، أنها ستؤول كل ما أقوله أو أفعله على وجه سيئ، حتى إن زوجها أخبرني بأنها لا تطيق سماع اسمي أمامها.

هذا يؤلمني كثيرًا، وأخشى أن أكون آثمًا أو معاقبًا عند الله بسببها، فهي – والحق يُقال – من خِيار الناس، حافظة لكتاب الله، وسبق أن وقفت إلى جانبي، وجانب زوجتي وأولادي، في أوقات عصيبة مررنا بها، ولكن أزمتها النفسية أثّرت فيها تأثيرًا بالغًا، لا أبتغي إلا السلامة لي ولها، والهدوء في نفسي وعلاقتي بها.

أفيدوني، يرحمكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، نشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونحيي المشاعر النبيلة التي دفعتك إلى الإصلاح والخير، وشُكرًا لهذه الأسرة المترابطة، ونسأل الله أن يُديم مشاعر الألفة والمحبة، وأن يُلهمكم السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

إذا كانت الأخت الشقيقة هذه مُصابة بمرض نفسي؛ فإنه ليس على المريض حرج، وهذه من الأمور التي ينبغي أن نُقدّرها، وأرى أن تستمر العلاقة منك، يستمر اللطف والاهتمام، ولكن أرجو ألَّا تستعجل في النتائج والردود التي يمكن أن تأتي، إنما تقوم بما عليك، وتجتهد في الإحسان إليها، والدعاء لها، ويهمُّك أن يكون أمورها طيبة مع زوجها ومع الآخرين.

أمَّا أنت فلا حرج عليك من الناحية الشرعية، واستمر في هذه المحاولات، ولا تتأثّر بما يحصل من النتائج؛ لأن العبرة هو أن نُحاول وأن نجتهد، وإذا كان القرب منها يُزعجها فليس من الضروري أن يكون قُربك منها دائمًا، ولكن تسأل عنها في المناسبات، تُرسل لها تهنئة في الأعياد، تسأل عنها إذا مرضت، تساعدها إذا احتاجت، يعني: تقوم بما عليك، بصرف النظر عن الرد الذي يأتي منها أو ردة الفعل التي تأتي منها.

حاول التواصل مع زوجها ومعرفة الطرائق المناسبة للتعامل معها؛ لأنه يعلم بحالها، وهو جزء من الإسهام الكبير في تصحيح هذه الأمور، عندما ينقل لها الصورة الجيدة، عندما ينقل لها المشاعر الطيبة من قِبلك، ونسأل الله أن يُعينكم على الخير.

كما نرجو أن يكون للوالدين وبقية أفراد الأسرة دور في التصحيح، لأن الحالة النفسية إذا ارتبطت بشخصٍ مُعيَّن؛ فهذا قد يكون جزءًا، يعني: ينبغي أن تفهموا أن هذا جزء من العلاج، لأنك وإن أحسنت فهي لا ترى هذا، وبالتالي أرجو أن تُكمل علاجها عند الأطباء المختصين، وأن تتجنّب التصعيد، وتتحمّل ما يأتيك من جفاء من قِبلها، وقم بما عليك، واسأل عنها ولو عن طريق الوالدة أو عن طريق زوجها، فهذا كلُّه يكفي، ويُخرجك من الحرج الشرعي.

نسأل الله أن يكتب لها السلامة والعافية، وأن يُعيد العلاقة بينكما إلى أكمل صورها، وأن يُلهمكما السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً