الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل التجاهل يكفي في علاج الوساوس؟

السؤال

الوسواس: كيف يكون علاجه الأساسي؟ مثلاً: إذا شككت أن ما أعاني منه هو وسواس، هل يجب أن أتجاهله؟ وهل يلزم أن أذهب إلى طبيب نفسي، أم يكفي أن أحاول التغلب عليه بنفسي؟ وهل الله سيحاسبني إذا فعلت شيئًا خاطئًا، مثل أن أشك في نجاسة شيء وأصلي به؟

كيف أعالج هذا الأمر؟ لأنني تعبت جدًا، وما الحل؟ وماذا يمكنني أن أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهيلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، وحرصك على تعلُّم الأحكام الشرعية، وهذا من توفيق الله تعالى لك، نسأل الله تعالى أن يرزقك العلم النافع، وييسر لك الخير.

الوسواس -أيتها البنت الكريمة- شر مستطير، ينبغي لك أن تحذري من الوقوع فيه؛ كي لا تكوني فريسة سهلة، فهو إذا تسلَّط على الإنسان أرهقه، وأوقعه في أنواع من الحرج والضيق، والله تعالى شرع شريعته سمحة سهلة، وأخبرنا -سبحانه وتعالى- أنه لا يريد أن يجعل علينا في الدِّين حرجًا ولا مشقة، ومن مظاهر تيسير الله تعالى ورفع الحرج والمشقة في شريعته: أنه خفف الأحكام عن الإنسان الذي يُصاب بالوسوسة.

وينبغي للإنسان أن يأخذ بهذه التوجيهات الربانية، التي شرعها الله تعالى قبل أن يُصاب بهذا الداء والشر المستطير، ومن هذه الأحكام التي شرعها الله تعالى لنا جميعًا -سواء كان الإنسان مِنَّا مصابًا بالوسوسة أو لا-: العمل بالأصل، وعدم الالتفات للشك الذي يطرأ على الإنسان، فالأصل في الأشياء (الملابس والفُرُش، ونحو ذلك) الأصل فيها الطهارة، فإذا ورد شك: هل أصابتها نجاسة أم لا؟ فالحكم الشرعي هو أن نتجاهل هذا الشك، ونعرض عنه تمام الإعراض، ونعتبر هذا الشيء طاهرًا؛ لأن الأصل هو الطهارة.

وهكذا إذا أَدينا العبادة، فإن الأصل أن أداءنا للعبادة هو الأداء التام الكامل، الذي شرعه الله تعالى للإنسان المسلم، فإذا أُصبنا بأي شكٍّ في العبادة بعد أن انتهينا منها؛ فينبغي لنا أن نتجاهل هذا الشك، ونعرض عنه تمامًا؛ لأن الأصل أن المسلم يُؤدِّي العبادة على الشكل التام الكامل، وهكذا.

فإذا استمر الإنسان على هذا المنهج السليم الصحيح؛ فإنه سيكون في تحصين من الإصابة بالوسوسة، لكن على فرض أن الإنسان أُصيب بشيءٍ من الوساوس، فكانت تأتيه الأفكار الوسواسية ولو مرة واحدة في اليوم؛ فإن هذا النوع من الناس رخص لهم الشرع بترخيص زائد، وهو الإعراض عن الوساوس، حتى لو جاءتهم أثناء العبادة.

فإذا كان الإنسان يُصلِّي وجاءه الشيطان بأنواع من الوساوس، مثل: أنك ما كبَّرت، أو أن نطقك بالتكبير لم يكن سليمًا، أو أن طهارتك أثناء الطهارة فيها نقص، أو نحو ذلك، فالمصاب بالوساوس أيضًا مطالبٌ بأن يتجاهل الوسوسة، ولو جاءت أثناء العبادة، فيُؤدِّي العبادة بالشكل الذي يُؤدِّيه أي إنسان لهذه العبادة، وإذا عرضت له أفكار وسواسية بأنه نَقصَ أو أن هناك خللاً، أو نحو ذلك، لا يلتفت لهذه الوساوس.

فهذا هو التجاهل المطلوب، وإذا صبر الإنسان على السير في هذا المنهج، وجاهد نفسه عليه، وقام بالتصدي للشياطين ووساوسه؛ فإن الشيطان سييأسُ منه، وبذلك سيستريح -بإذن الله تعالى- من شرِّ هذه الوساوس.

وممَّا يُوصَى به للإنسان إذا أُصيب بالوسوسة: أن يُكثر من ذكر الله تعالى؛ فإن الذِّكر يطرد الشيطان عن الإنسان، كما أخبرنا الله تعالى في كتابه، وكما أخبرنا الرسول ﷺ في صحيح أحاديثه، أن الشيطان يخنس ويهرب إذا سمع ذكر الله، والرسول ﷺ أرشد من أُصيب بالوساوس أن يُكثر من قول: "لا إله إلا الله"، وليقل: "آمنت بالله"، كما جاء في بعض الأحاديث.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يُيَسِّر لكِ الخير، ويصرف عنكِ كل سوء ومكروه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً