الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فضل السعي في صلة الأرحام وتحريم قطعهم

السؤال

تزوج أخي منذ ثماني سنوات، وبعد سنة ونصف من زواجه، قاطعتنا زوجته جميعًا، وأمرته بعدم السماح لنا بزيارته في بيته. فأصبح يزورنا وحده فقط في المناسبات، أو حسب قدرته، وهو يقول دائمًا إنه مشغول.
وبعد خمس سنوات، رزق بطفل، وعندما طلبنا زيارته للمباركة، رفض؛ لأنه لا يريد أن يزعج زوجته، ويقول إننا نسبب لها الأذى. علمًا أننا لا ندري سبب المقاطعة حتى اليوم.
والآن، بعد أن بلغ عمر ابنه نحو سنتين، جاء لزيارتنا في العيد مع زوجته دون إخبارنا. وكانت زوجته قد آذت أمي سابقًا، فقاطعتها، ولا تُحدثها، بل تتحدث عنها بما لا يرضي الله. وما هانت عليّ أمي أبدًا، وكنت أظن أن زوجته ستأتي للإصلاح، لكنها دخلت بتعالٍ وكبر.
وعندما خرجا، اتصلتُ بأخي وسألته: لماذا لم تُخبرني أنك ستحضر زوجتك؟ فأخذت زوجته الهاتف، وبدأت بالصراخ والتفوّه بكلام مؤذٍ، فأغلقتُ الهاتف. ثم قام بحظر أرقامنا، حتى رقم أمي، من هاتفه.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
سؤالي الآن: أنا لا أستطيع حتى محادثته، فهل أُعتبر قاطعة للرحم؟
نسأل الله أن يهدينا ويسدد خطانا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال ما ذكرتِ، فلم يحصل منك شيء من القطيعة لرحمكِ. ولكن نوصيك بالصبر، وكثرة الدعاء بأن يصلح الحال بينكم وبين أخيكم من جهة، ويصلح الحال بينكم وبين زوجة أخيكم من جهة أخرى.

وقد ندب الشرع إلى أن تكون العلاقة بين المسلمين على أحسن حال من الألفة والمودة، قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الحجرات: 10}.

وروى البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

وإذا كان هذا مطلوبا في حق عامة المسلمين، فإنه يتأكد في حق من بينهم رحم تجب صلتها وتحرم قطيعتها، أو من بينهم مصاهرة، والتي هي نعمة امتن الله بها في كتابه، كما في قوله سبحانه: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا {الفرقان: 54}.

وننبه هنا على رحم الوالدين خاصة، ولا سيما الأم، فإنها يجب برها وتحرم قطيعتها، بل جعل الله لها ثلاثة أرباع البر، وقطيعة الأم موجبة للعقوق، وهو من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط علام الغيوب.

والصلح خير، كما أخبر الله في كتابه، وجاءت النصوص دالة على فضل الإصلاح بين الناس، وقد ذكرنا جملة منها في الفتوى: 117937.

فينبغي السعي في ذلك، والاستعانة بفضلاء الناس وأهل الخير، فعسى الله أن يجري الخير على أيديهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني