السؤال
منذ عدة سنوات، قمتُ بإصلاح جهاز كهربائي في أحد المحلات، وعند الحساب طلب صاحب المحل مبلغًا معينًا، لكنني ظننت أنه مبلغ كبير، فعرضت عليه مبلغًا أقل، فقبله على غير رضا، وقال لي: "حسبي الله ونِعم الوكيل".
ومؤخرًا تذكّرتُ هذه الواقعة، وأردتُ أن أسأل: هل يجب عليَّ إعادة محاسبة الرجل وتقديم تعويض له؟ وماذا أفعل إذا لم يعد المحل موجودًا أو أُغلق؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في عقد الإجارة أن يتفق الطرفان على أجرة معلومة قبل الشروع في العمل، فإن لم يحصل ذلك وكانت الأجرة مجهولة، فسدت الإجارة، وإذا فسدت واستوفيَت المنفعة، لزم أجرة المثل.
قال ابن قدامة: إن استوفى المنفعة في العقد الفاسد، فعليه أجر المثل. وبه قال مالك والشافعي. اهـ.
وأجرة المثل يحكم بها أهل الخبرة في هذا المجال، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: العوض في العقود الفاسدة هو نظير ما يجب في الصحيح عرفاً وعادة، كما يجب في البيع والإجارة الفاسدة ثمن المثل وأجرة المثل. اهـ. وراجع الفتوى: 110748.
ونحن لا نعلم هل ما دفعه السائل يعدل أجرة المثل أم لا؟! وعليه؛ فلا نستطيع الحكم: هل يلزمه شيء أم لا. وبإمكان السائل أن يسأل أهل الخبرة في هذا المجال في بلده، ليعلم هل عليه حق لصاحب المحل أم لا. فإن علم أنه يلزمه شيء ردّه لصاحبه إن أمكن، فإن لم يجده تصدق به عنه، أو أنفقه في أبواب البر والمصالح العامة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: إذا كان بيد الإنسان غصوب، أو عوار، أو ودائع، أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها، فإنه يتصدق بها عنهم، أو يصرفها في مصالح المسلمين. اهـ. وانظر للفائدة الفتوى: 93487.
وأخذ صاحب المحل للمبلغ المقترح من قبلك لا يلزم منه حصول الرضا به والمسامحة فيما بقي له إن كان بقي له شيء؛ لأنه أخذه منك وهو غير راض -فيما يظهر مما ذكرت- وبالتالي فالحل هو ما بينّاه آنفًا، إلا إذا رجعت إليه وسامح كل منكما صاحبه، فحينئذ لا حرج.
والله أعلم.