425 - وحدث
أحمد بن يحيى الصوفي ، قال : نا
إبراهيم بن منصور التوزي ، وكان من عقلاء الرجال ، قال : دخلت دار
الحسن بن حماد الصيرفي ، وفيها
محمد بن داود الجعفري وحوله قوم وهو يتكلم في
[ ص: 150 ] القرآن ، فخفت أن يعلق بقلوبهم شيء من كلامه ، قال : فقلت له : " يكون مخلوق بلا قول ؟ " ، قال : لا ، قال : قلت له : فأخبرني عن القول الذي خلق به الخلق مخلوق ؟ قال : فقال : " ما أرى الذي تكلم في هذا إلا شيطانا " .
قال الشيخ : فاعلموا رحمكم الله أن
nindex.php?page=treesubj&link=20362_28836_29455_29567رؤساء الكفر والضلال من الجهمية الملحدة ألقت إليهم الشياطين من إخوانهم الخصومة بالمتشابه من القرآن ، فزاغت به قلوبهم ، فضلوا وأضلوا ، فقل للجهمي الضال : هذا كتاب الله عز وجل ، سماه الله في كتابه قرآنا وفرقانا ونورا وهدى ووحيا وتبيانا وذكرا وكتابا وكلاما وأمرا وتنزيلا ، وفي كل ذلك يعلمنا أنه كلامه منه ومتصل به قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=2تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=2تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم فلك في أسمائه التي سماه الله بها كفاية ، فقد جهلت وغلوت في دين الله غير الحق ، وافتريت على الله الكذب والبهتان حين زعمت أن القرآن مخلوق ، وزعمت أن ذلك هو التوحيد ، وأنه دين الله الذي لا يقبل من العباد غيره ، وأن من لم يقل بمقالتك ويتبعك على إلحادك وضلالتك فليس بموحد ،
[ ص: 151 ] تكفره وتستحل دمه ، فكل ما قلته وابتدعته أيها الجهمي ، فقد أكذبك الله عز وجل فيه ، ورده عليك هو ورسوله والمسلمون جميعا من عباد غيرة ، وإنما التمسنا دعواك هذه في كتاب الله ، وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وفي إجماع المسلمين وصالحي المؤمنين ، فلم نجد في ذلك شيئا مما ادعيته .
قال الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ، ولم يقل : وأن تقولوا : القرآن مخلوق .
وقال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ، ولم يقل : وأن تقولوا : القرآن مخلوق . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=77يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم . . . إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل ، ولم يقل : وأن تقولوا : القرآن مخلوق .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه [ ص: 152 ] وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2ألا تعبدوا إلا الله وقال عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38ما فرطنا في الكتاب من شيء وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=12وكل شيء أحصيناه في إمام مبين .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=115وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون فمثل هذا وشبهه في القرآن كثير ، قد قرأناه وفهمناه ، فلم نجد لبدعتك هذه فيه ذكرا ولا أثرا ، ولا دعا الله عباده ولا أمرهم بشيء مما زعمت أنه توحيده ودينه
[ ص: 153 ] .
أفتزعم أن الله عز وجل أغفل هذا أم نسيه حتى ذكرته أنت وأنبهته عليه ؟ فقد أكذبك الله عز وجل فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=64وما كان ربك نسيا ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38ما فرطنا في الكتاب من شيء .
أم عساك تزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان في دينه ، وكتم ما أمره بتبليغه ؟ فإن في جرأتك على الله وعلى رسوله ما قد قلت ما هو أعظم من هذا وكل ذلك فقد أكذبك الله فيه .
فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر . . . إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=158النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=107وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت [ ص: 154 ] رسالته .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وما على الرسول إلا البلاغ المبين .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=95إنا كفيناك المستهزئين .
وقالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : " من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتم شيئا مما أنزله الله عليه ، فقد أعظم الفرية على الله ، يقول الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك الآية .
ثم التمسنا هذه الضلالة التي اخترعتها وزعمت أنها الشريعة الواجبة والدين القيم والتوحيد اللازم الذي لا يقبل الله من العباد غيره بأن يقولوا : القرآن مخلوق في سنة المصطفى ، وما دعا إليه أمته وقاتل من خالفه عليه ، فما وجدنا لذلك أثرا ولا إمارة ولا دلالة .
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=657029 " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان فزعمت أيها الجهمي أنها ست بضلالتك هذه
[ ص: 155 ] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=912704 " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك ، حرمت علي دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله " وقال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660183 " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والتارك لدينه ، والنفس بالنفس " وقال لوفد
عبد القيس حين قدموا عليه ، فأمرهم بالإيمان بالله ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=682761 " أتدرون ما الإيمان بالله ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وأن تعطوا الخمس من المغنم " .
وقال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا [ ص: 156 ] .
فهذا كتاب الله يكذبك أيها الجهمي ، وسنة نبيه وإجماع المؤمنين وسبيلهم تخالفك ، وتدل على ضلالتك ، وعلى إبطال ما ادعيته من أن قولك : القرآن مخلوق ، هو التوحيد والدين ، الذي شرعه الله لعباده ، وبعث به رسوله .
فقد بطل الآن ما ادعيته من قولك : إن التوحيد هو أن يقال : القرآن مخلوق ، وبان كذبك وبهتانك للعقلاء .
فأخبرنا الله عز وجل عن خلق ما خلق من الأشياء ، فإنا نحن قد أوجدناك في آيات كثيرة من كتابه ، وأخبار صحيحة عن رسول الله أن القرآن كلام الله ومنه ، وفيه صفاته وأسماؤه ، وأنه علم من علمه ، وأنه ليس بجائز أن يكون شيء من الله ولا من صفاته ، ولا من أسمائه ، ولا من علمه ، ولا من قدرته ، ولا من عظمته ، ولا من عزته مخلوقة .
ورأيناك أيها الجهمي تزعم أنك تنفي التشبيه عن الله بقولك : إن القرآن مخلوق ، ورأيناك شبهت الله عز وجل بأضعف ضعيف من خلقه .
فإن كلام العباد مخلوق ، وأسماءهم مخلوقة ، وعلم الناس مخلوق ، وقدرتهم وعزتهم مخلوقة ، فأنت بالتشبيه أحق وأخلق ، وأنت فليس تجد ما قلته من أن القرآن مخلوق في كتاب الله ، ولا في سنة نبيه ، ولا مأثورا عن صحابته ، ولا عن أحد من أئمة المسلمين .
فحينئذ لجأ الجهمي إلى آيات من المتشابه جهل علمها ، فقال : قلت :
[ ص: 157 ] ذلك من قول الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إنا جعلناه قرآنا عربيا ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ، وزعم أن كل مجعول مخلوق ، فنزع بآية من المتشابه يحتج بها من يريد أن يلحد في تنزيلها ، ويبتغي الفتنة في تأويلها .
فقلنا : إن الله عز وجل قد منعك أيها الجهمي الفهم في القرآن حين جعلت كل مجعول مخلوقا ، وأن كل جعل في كتاب الله هو بمعنى خلق ، فمن هاهنا بليت بهذه الضلالة القبيحة ، حين تأولت كتاب الله بجهلك وهوى نفسك وما زينه لك شيطانك ، وألقاه على لسانك إخوانك ، وذلك أنا نجد الحرف الواحد في كتاب الله عز وجل على لفظ واحد ومعانيه مختلفة في آيات كثيرة ، تركنا ذكرها لكثرتها وقصدنا لذكر الآية التي احتججت بها .
ف : ( جعل ) في كتاب الله عز وجل على غير معنى ( خلق ) ، فجعل من المخلوقين ، على معنى وصف من أوصافهم ، وقسم من أقسامهم ، و (جعل) أيضا على معنى فعل من أفعالهم لا يكون خلقا ولا يقوم مقام الخلق ، فتفهموا الآن ذلك واعقلوه .
قال الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ، وإنما جعل هاهنا بمعنى : وصفوه بغير وصفه ، ونسبوه إلى غير معناه حين عضوه وميزوه فقالوا :
[ ص: 158 ] إنه شعر ، وإنه سحر ، وإنه قول البشر ، وإنه أساطير الأولين .
وقال في مثل ذلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=62ويجعلون لله ما يكرهون .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=57ويجعلون لله البنات سبحانه .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=224ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم لا يعني ذلك ولا تخلقوا .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=9وتجعلون له أندادا .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=56ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=33وجعلوا لله شركاء قل سموهم [ ص: 159 ] .
فهذا كله (جعل) لا يجوز أن يكون على معنى : (خلق) ، و (جعل) من بني آدم على فعل .
قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19يجعلون أصابعهم في آذانهم لا يجوز أن يكون : يخلقون أصابعهم في آذانهم .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=96حتى إذا جعله نارا ، لا يجوز أن يكون : خلقه نارا .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=58فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم ، أفيجوز أن يكون خلقهم جذاذا ؟
و (جعل) في معنى (خلق) في معنى ما كان من الخلق موجودا محسوسا ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون .
فجعل هاهنا في معنى خلق لا ينصرف إلى غيره ، وذلك أن الظلمات والنور يراهما الناس ، وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78وجعل لكم السمع والأبصار وهما موجودان في بني آدم .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وجعلنا الليل والنهار آيتين ، يعني : خلقتا ، وهما موجودان
[ ص: 160 ] معروفان بإقبالهما وإدبارهما ، فهل يعرف القرآن بإقبال وإدبار ؟ !
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وجعل الشمس سراجا معناه خلق ، والشمس نور وحر وهي ترى ، فهل يمكن ذلك في القرآن ؟
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=12وجعلت له مالا ممدودا ، يعني : خلقت ، والمال موجود يوزن ويعد ويحصى ويعرف ، فهل يوزن القرآن ؟
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=19والله جعل لكم الأرض بساطا وهي موجودة ، يمشى عليها وتحرث ، فهل يمكن مثل ذلك في القرآن ؟
فهذا كله على لفظ (جعل) ومعناه معنى الخلق ، وقد ذكر معنى الجعل منه في مواضع كثيرة على غير معنى الخلق ، من ذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=103ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام لا يعني : ما خلق
[ ص: 161 ] الله من بحيرة ، لأنه هو خلق البحيرة والسائبة والوصيلة ، ولكنه أراد أنه لم يأمر الناس باتخاذ البحيرة والسائبة والوصيلة والحام .
فهذا لفظ (جعل) على غير معنى (خلق) ، وقال تعالى
لإبراهيم خليله عليه السلام :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124إني جاعلك للناس إماما لا يعني : خالقك ، لأن خلقه قد سبق إمامته .
وقال لأم
موسى : nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=7إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين لا يعني وخالقوه ، لأنه قد كان مخلوقا ، وإنما جعله مرسلا بعد خلقه .
وقال
إبراهيم : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35رب اجعل هذا البلد آمنا لا يعني : رب اخلق هذا البلد ، لأن البلد قد كان مخلوقا ، ألا تراه يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35هذا البلد ؟
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ، لا يريد : حتى خلقناهم حصيدا .
وقال
إبراهيم : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=40رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي لا يعني : رب اخلقني .
وقال
إبراهيم وإسماعيل : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128ربنا واجعلنا مسلمين لك ، ولم يريدا : واخلقنا مسلمين لك لأن خلقهما قد تقدم قبل قولهما ، فهذا ونحوه في القرآن
[ ص: 162 ] كثير ، مما لفظه (جعل) على غير معنى (خلق) .
وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إنا جعلناه قرآنا عربيا إنما جعله عربيا ليفهم ويبين للذين نزل عليهم من العرب ، ألم تسمع إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=97فإنما يسرناه بلسانك ؟
وقال في موضع آخر :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي ، يقول : أعربي
محمد وعجمي كلامه بالقرآن ؟ فجعل الله القرآن بلسان عربي مبين .
كذلك ألم تسمع قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103وهذا لسان عربي مبين ؟
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3قرآنا عربيا لقوم يعلمون .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون .
وأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52ولكن جعلناه ، فإنما يعني : أنزلناه نورا ، تصديق ذلك في الآية الأخرى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=8فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=174يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا [ ص: 163 ] مبينا .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس .
فقد بين لمن عقل وشرح الله صدره للإيمان أن (جعل) في كتاب الله على غير معنى (خلق) ، و (جعل) أيضا بمعنى (خلق) ، وأن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إنا جعلناه قرآنا عربيا هو على غير معنى (خلق) .
فبأي حجة وفي أي لغة زعم الجهمي أن كل (جعل) على معنى (خلق) ؟
ألم يسمع إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=5ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ؟
أفترى الجهمي يظن أن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=5ونجعلهم أئمة إنما يريد : أن نخلقهم أئمة ؟ أفتراه يخلقهم خلقا آخر بعد خلقهم الأول ؟ فهل يكون معنى (الجعل) هاهنا معنى (الخلق) ؟
قال عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=18ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا لا يعني :
[ ص: 164 ] ثم خلقنا له جهنم ، لأن جهنم قد تقدم خلقها ، ولم يرد أنها تخلق حين يفعل العبد ذلك ، ولكنه إذا فعل العبد ذلك جعلت داره ومسكنه بعد ما تقدم خلقها . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=37ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=21أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=28أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=124إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه ، - يعني : بني إسرائيل - أفيظن الجهمي الملحد أنما أراد : إنما خلق السبت على بني إسرائيل ؟ فقد علم العقلاء أن السبت مخلوق في مبتدأ الخلق قبل كون بني إسرائيل ، وقبل
نوح ، وقبل
إبراهيم ، ولكن معناه : إنما جعل على هؤلاء أن يسبتوا السبت خاصة ، فهذا على غير معنى (خلق) .
وهذا كثير في القرآن ، ولكن الجهمي من الصم البكم الذين لا يعقلون من الذين :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=75يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ، ألم تسمع إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=198ولو نزلناه على بعض الأعجمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=199فقرأه عليهم ما كانوا به [ ص: 165 ] مؤمنين ، فإنما جعل الله القرآن بلسان عربي مبين ، وأنزله عربيا لتفقه العرب ، ولتتخذ بذلك عليهم الحجة ، فذلك معنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إنا جعلناه قرآنا عربيا ولم يرد عربيا في أصله ولا نسبه ، وإنما أراد عربيا في قراءته .
425 - وَحَدَّثَ
أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الصُّوفِيُّ ، قَالَ : نَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَنْصُورٍ التُّوزِيُّ ، وَكَانَ مِنْ عُقَلَاءِ الرِّجَالِ ، قَالَ : دَخَلْتُ دَارَ
الْحَسَنِ بْنِ حَمَّادٍ الصَّيْرَفِيِّ ، وَفِيهَا
مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الْجَعْفَرِيُّ وَحَوْلَهُ قَوْمٌ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ فِي
[ ص: 150 ] الْقُرْآنِ ، فَخِفْتُ أَنْ يَعْلُقَ بِقُلُوبِهِمْ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِ ، قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : " يَكُونُ مَخْلُوقٌ بِلَا قَوْلٍ ؟ " ، قَالَ : لَا ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْقَوْلِ الَّذِي خُلِقَ بِهِ الْخَلْقُ مَخْلُوقٌ ؟ قَالَ : فَقَالَ : " مَا أَرَى الَّذِي تَكَلَّمَ فِي هَذَا إِلَّا شَيْطَانًا " .
قَالَ الشَّيْخُ : فَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20362_28836_29455_29567رُؤَسَاءَ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ الْمُلْحِدَةِ أَلْقَتْ إِلَيْهِمُ الشَّيَاطِينُ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الْخُصُومَةَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنَ الْقُرْآنِ ، فَزَاغَتْ بِهِ قُلُوبُهُمْ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ، فَقُلْ لِلْجَهْمِيِّ الضَّالِّ : هَذَا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، سَمَّاهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ قُرْآنًا وَفُرْقَانًا وَنُورًا وَهَدًى وَوَحْيًا وَتِبْيَانًا وَذِكْرًا وَكِتَابًا وَكَلَامًا وَأَمْرًا وَتَنْزِيلًا ، وَفِي كُلِّ ذَلِكَ يُعَلِّمُنَا أَنَّهُ كَلَامُهُ مِنْهُ وَمُتَّصِلٌ بِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=2تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=2تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ فَلَكَ فِي أَسْمَائِهِ الَّتِي سَمَّاهُ اللَّهُ بِهَا كِفَايَةٌ ، فَقَدْ جَهِلْتَ وَغَلَوْتَ فِي دِينِ اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ، وَافْتَرَيْتَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَالْبُهْتَانَ حِينَ زَعَمْتَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ ، وَزَعَمْتَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ التَّوْحِيدُ ، وَأَنَّهُ دِينُ اللَّهِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعِبَادِ غَيْرَهُ ، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِمَقَالَتِكَ وَيَتَّبِعْكَ عَلَى إِلْحَادِكَ وَضَلَالَتِكَ فَلَيْسَ بِمُوَحِّدٍ ،
[ ص: 151 ] تُكَفِّرُهُ وَتَسْتَحِلُّ دَمَهُ ، فَكُلُّ مَا قُلْتَهُ وَابْتَدَعْتَهُ أَيُّهَا الْجَهْمِيُّ ، فَقَدْ أَكْذَبَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ ، وَرَدَّهُ عَلَيْكَ هُوَ وَرَسُولُهُ وَالْمُسْلِمُونَ جَمِيعًا مِنْ عِبَادِ غِيَرَةٍ ، وَإِنَّمَا الْتَمَسْنَا دَعْوَاكَ هَذِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَفِي سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفِي إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَصَالِحِي الْمُؤْمِنِينَ ، فَلَمْ نَجِدْ فِي ذَلِكَ شَيْئًا مِمَّا ادَّعَيْتَهُ .
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ، وَلَمْ يَقُلْ : وَأَنْ تَقُولُوا : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ .
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ، وَلَمْ يَقُلْ : وَأَنْ تَقُولُوا : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=77يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ . . . إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ، وَلَمْ يَقُلْ : وَأَنْ تَقُولُوا : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينِ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [ ص: 152 ] وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2أَلَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=12وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=115وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ فَمِثْلُ هَذَا وَشِبْهُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ ، قَدْ قَرَأْنَاهُ وَفَهِمْنَاهُ ، فَلَمْ نَجِدْ لِبِدْعَتِكَ هَذِهِ فِيهِ ذِكْرًا وَلَا أَثَرًا ، وَلَا دَعَا اللَّهُ عِبَادَهُ وَلَا أَمَرَهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا زَعَمْتَ أَنَّهُ تَوْحِيدُهُ وَدِينُهُ
[ ص: 153 ] .
أَفَتَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَغْفَلَ هَذَا أَمْ نَسِيَهُ حَتَّى ذَكَرْتَهُ أَنْتَ وَأَنْبَهْتَهُ عَلَيْهِ ؟ فَقَدْ أَكْذَبَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=64وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ .
أَمْ عَسَاكَ تَزْعُمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَانَ فِي دِينِهِ ، وَكَتَمَ مَا أَمَرَهُ بِتَبْلِيغِهِ ؟ فَإِنَّ فِي جُرْأَتِكَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ مَا قَدْ قُلْتَ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا وَكُلُّ ذَلِكَ فَقَدْ أَكْذَبَكَ اللَّهُ فِيهِ .
فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ . . . إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=158النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=107وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ [ ص: 154 ] رِسَالَتَهُ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=95إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ .
وَقَالَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ : " مَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا مِمَّا أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ ، يَقُولُ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ الْآيَةَ .
ثُمَّ الْتَمَسْنَا هَذِهِ الضَّلَالَةَ الَّتِي اخْتَرَعْتَهَا وَزَعَمْتَ أَنَّهَا الشَّرِيعَةُ الْوَاجِبَةُ وَالدِّينُ الْقَيِّمُ وَالتَّوْحِيدُ اللَّازِمُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنَ الْعِبَادِ غَيْرَهُ بِأَنْ يَقُولُوا : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فِي سُنَّةِ الْمُصْطَفَى ، وَمَا دَعَا إِلَيْهِ أُمَّتَهُ وَقَاتَلَ مَنْ خَالَفَهُ عَلَيْهِ ، فَمَا وَجَدْنَا لِذَلِكَ أَثَرًا وَلَا إِمَارَةً وَلَا دَلَالَةً .
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=657029 " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَحَجِّ الْبَيْتِ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ فَزَعَمْتَ أَيُّهَا الْجَهْمِيُّ أَنَّهَا سِتٌّ بِضَلَالَتِكَ هَذِهِ
[ ص: 155 ] .
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=912704 " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ، حُرِّمَتْ عَلَيَّ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ " وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660183 " لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : الثَّيِّبُ الزَّانِي ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ ، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ " وَقَالَ لِوَفْدِ
عَبْدِ الْقَيْسِ حِينَ قَدِمُوا عَلَيْهِ ، فَأَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=682761 " أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ ؟ " قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ ، وَأَنْ تُعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ " .
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [ ص: 156 ] .
فَهَذَا كِتَابُ اللَّهِ يُكَذِّبُكَ أَيُّهَا الْجَهْمِيُّ ، وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ وَإِجْمَاعُ الْمُؤْمِنِينَ وَسَبِيلُهُمْ تُخَالِفُكَ ، وَتَدُلُّ عَلَى ضَلَالَتِكَ ، وَعَلَى إِبْطَالِ مَا ادَّعَيْتَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَكَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، هُوَ التَّوْحِيدُ وَالدِّينُ ، الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ ، وَبَعَثَ بِهِ رَسُولَهُ .
فَقَدْ بَطَلَ الْآنَ مَا ادَّعَيْتَهَ مِنْ قَوْلِكَ : إِنَّ التَّوْحِيدَ هُوَ أَنْ يُقَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، وَبَانَ كَذِبُكَ وَبُهْتَانُكَ لِلْعُقَلَاءِ .
فَأَخْبَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ خَلْقِ مَا خَلَقَ مِنَ الْأَشْيَاءِ ، فَإِنَّا نَحْنُ قَدْ أَوْجَدْنَاكَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ ، وَأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ وَمِنْهُ ، وَفِيهِ صِفَاتُهُ وَأَسْمَاؤُهُ ، وَأَنَّهُ عِلْمٌ مِنْ عِلْمِهِ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِجَائِزٍ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنَ اللَّهِ وَلَا مِنْ صِفَاتِهِ ، وَلَا مِنْ أَسْمَائِهِ ، وَلَا مِنْ عِلْمِهِ ، وَلَا مِنْ قُدْرَتِهِ ، وَلَا مِنْ عَظَمَتِهِ ، وَلَا مِنْ عِزَّتِهِ مَخْلُوقَةً .
وَرَأَيْنَاكَ أَيُّهَا الْجَهْمِيُّ تَزْعُمُ أَنَّكَ تَنْفِي التَّشْبِيهَ عَنِ اللَّهِ بِقَوْلِكَ : إِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ ، وَرَأَيْنَاكَ شَبَّهْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِأَضْعَفَ ضَعِيفٍ مِنْ خَلْقِهِ .
فَإِنَّ كَلَامَ الْعِبَادِ مَخْلُوقٌ ، وَأَسْمَاءَهُمْ مَخْلُوقَةٌ ، وَعِلْمَ النَّاسِ مَخْلُوقٌ ، وَقُدْرَتَهُمْ وَعِزَّتَهُمْ مَخْلُوقَةٌ ، فَأَنْتَ بِالتَّشْبِيهِ أَحَقُّ وَأَخْلَقُ ، وَأَنْتَ فَلَيْسَ تَجِدُ مَا قُلْتَهُ مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَلَا فِي سُنَّةِ نَبِيِّهِ ، وَلَا مَأْثُورًا عَنْ صَحَابَتِهِ ، وَلَا عَنْ أَحَدِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ .
فَحِينَئِذٍ لَجَأَ الْجَهْمِيُّ إِلَى آيَاتٍ مِنَ الْمُتَشَابِهِ جَهِلَ عِلْمَهَا ، فَقَالَ : قُلْتَ :
[ ص: 157 ] ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مَنْ عِبَادِنَا ، وَزَعَمَ أَنَّ كُلَّ مَجْعُولٍ مَخْلُوقٌ ، فَنَزَعَ بِآيَةٍ مِنَ الْمُتَشَابِهِ يَحْتَجُّ بِهَا مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُلْحِدَ فِي تَنْزِيلِهَا ، وَيَبْتَغِيَ الْفِتْنَةَ فِي تَأْوِيلِهَا .
فَقُلْنَا : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ مَنَعَكَ أَيُّهَا الْجَهْمِيُّ الْفَهْمَ فِي الْقُرْآنِ حِينَ جَعَلْتَ كُلَّ مَجْعُولٍ مَخْلُوقًا ، وَأَنَّ كُلَّ جَعَلَ فِي كِتَابِ اللَّهِ هُوَ بِمَعْنَى خَلَقَ ، فَمِنْ هَاهُنَا بُلِيتَ بِهَذِهِ الضَّلَالَةِ الْقَبِيحَةِ ، حِينَ تَأَوَّلْتَ كِتَابَ اللَّهِ بِجَهْلِكَ وَهَوَى نَفْسِكَ وَمَا زَيَّنَهُ لَكَ شَيْطَانُكَ ، وَأَلْقَاهُ عَلَى لِسَانِكَ إِخْوَانُكَ ، وَذَلِكَ أَنَّا نَجِدُ الْحَرْفَ الْوَاحِدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ وَمَعَانِيهِ مُخْتَلِفَةٌ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ، تَرَكْنَا ذِكْرَهَا لِكَثْرَتِهَا وَقَصَدْنَا لِذِكْرِ الْآيَةِ الَّتِي احْتَجَجْتَ بِهَا .
فَ : ( جَعَلَ ) فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى غَيْرِ مَعْنَى ( خَلَقَ ) ، فَجَعَلَ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ، عَلَى مَعْنَى وَصَفَ مِنْ أَوْصَافِهِمْ ، وَقَسَمَ مِنْ أَقْسَامِهِمْ ، وَ (جَعَلَ) أَيْضًا عَلَى مَعْنَى فَعَلَ مِنْ أَفْعَالِهِمْ لَا يَكُونُ خَلْقًا وَلَا يَقُومُ مَقَامَ الْخَلْقِ ، فَتَفَهَّمُوا الْآنَ ذَلِكَ وَاعْقِلُوهُ .
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ، وَإِنَّمَا جَعَلَ هَاهُنَا بِمَعْنَى : وَصَفُوهُ بِغَيْرِ وَصْفِهِ ، وَنَسَبُوهُ إِلَى غَيْرِ مَعْنَاهُ حِينَ عَضُوهُ وَمَيَّزُوهُ فَقَالُوا :
[ ص: 158 ] إِنَّهُ شِعْرٌ ، وَإِنَّهُ سِحْرٌ ، وَإِنَّهُ قَوْلُ الْبَشَرِ ، وَإِنَّهُ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ .
وَقَالَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=62وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=57وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=224وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ لَا يَعْنِي ذَلِكَ وَلَا تَخْلُقُوا .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=9وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=56وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=33وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ [ ص: 159 ] .
فَهَذَا كُلُّهُ (جَعَلَ) لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَعْنَى : (خَلَقَ) ، وَ (جَعَلَ) مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى فَعَلَ .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ : يَخْلُقُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=96حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ : خَلَقَهُ نَارًا .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=58فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ ، أَفَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَلَقَهُمْ جُذَاذًا ؟
وَ (جَعَلَ) فِي مَعْنَى (خَلَقَ) فِي مَعْنَى مَا كَانَ مِنَ الْخَلْقِ مَوْجُودًا مَحْسُوسًا ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ .
فَجَعَلَ هَاهُنَا فِي مَعْنَى خَلَقَ لَا يَنْصَرِفُ إِلَى غَيْرِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ يَرَاهُمَا النَّاسُ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَهُمَا مَوْجُودَانِ فِي بَنِي آدَمَ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ، يَعْنِي : خُلِقَتَا ، وَهُمَا مَوْجُودَانِ
[ ص: 160 ] مَعْرُوفَانِ بِإِقْبَالِهِمَا وَإِدْبَارِهِمَا ، فَهَلْ يُعْرَفُ الْقُرْآنُ بِإِقْبَالٍ وَإِدْبَارٍ ؟ !
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا مَعْنَاهُ خَلَقَ ، وَالشَّمْسُ نُورٌ وَحَرٌ وَهِيَ تُرَى ، فَهَلْ يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ ؟
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=12وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا ، يَعْنِي : خَلَقْتُ ، وَالْمَالُ مَوْجُودٌ يُوزَنُ وَيُعَدُّ وَيُحْصَى وَيُعْرَفُ ، فَهَلْ يُوزَنُ الْقُرْآنُ ؟
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=19وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا وَهِيَ مَوْجُودَةٌ ، يُمْشَى عَلَيْهَا وَتُحْرَثُ ، فَهَلْ يُمْكِنُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ ؟
فَهَذَا كُلُّهُ عَلَى لَفْظِ (جَعَلَ) وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الْخَلْقِ ، وَقَدْ ذَكَرَ مَعْنَى الْجَعْلِ مِنْهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ عَلَى غَيْرِ مَعْنَى الْخَلْقِ ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=103مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ لَا يَعْنِي : مَا خَلَقَ
[ ص: 161 ] اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ ، لِأَنَّهُ هُوَ خَلَقَ الْبَحِيرَةَ وَالسَّائِبَةَ وَالْوَصِيلَةَ ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرِ النَّاسَ بِاتِّخَاذِ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِ .
فَهَذَا لَفْظُ (جَعَلَ) عَلَى غَيْرِ مَعْنَى (خَلَقَ) ، وَقَالَ تَعَالَى
لِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا لَا يَعْنِي : خَالِقُكَ ، لِأَنَّ خَلْقَهُ قَدْ سَبَقَ إِمَامَتَهُ .
وَقَالَ لِأُمِّ
مُوسَى : nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=7إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ لَا يَعْنِي وَخَالِقُوهُ ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ مَخْلُوقًا ، وَإِنَّمَا جَعَلَهُ مُرْسَلًا بَعْدَ خَلْقِهِ .
وَقَالَ
إِبْرَاهِيمُ : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا لَا يَعْنِي : رَبِّ اخْلُقْ هَذَا الْبَلَدَ ، لِأَنَّ الْبَلَدَ قَدْ كَانَ مَخْلُوقًا ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35هَذَا الْبَلَدَ ؟
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ، لَا يُرِيدُ : حَتَّى خَلَقْنَاهُمْ حَصِيدًا .
وَقَالَ
إِبْرَاهِيمُ : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=40رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي لَا يَعْنِي : رَبِّ اخْلُقْنِي .
وَقَالَ
إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ، وَلَمْ يُرِيدَا : وَاخْلُقْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ لِأَنَّ خَلْقَهُمَا قَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ قَوْلِهِمَا ، فَهَذَا وَنَحْوُهُ فِي الْقُرْآنِ
[ ص: 162 ] كَثِيرٌ ، مِمَّا لَفْظُهُ (جَعَلَ) عَلَى غَيْرِ مَعْنَى (خَلَقَ) .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا إِنَّمَا جَعَلَهُ عَرَبِيًّا لِيُفْهَمَ وَيُبَيَّنَ لِلَّذِينَ نَزَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَرَبِ ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=97فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ ؟
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ، يَقُولُ : أَعَرَبِيٌّ
مُحَمَّدٌ وَعْجَمِيٌّ كَلَامُهُ بِالْقُرْآنِ ؟ فَجَعَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ .
كَذَلِكَ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ؟
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ ، فَإِنَّمَا يَعْنِي : أَنْزَلْنَاهُ نُورًا ، تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=8فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=174يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا [ ص: 163 ] مُبِينًا .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ .
فَقَدْ بُيِّنَ لِمَنْ عَقَلَ وَشَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِيمَانِ أَنَّ (جَعَلَ) فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ مَعْنَى (خَلَقَ) ، وَ (جَعَلَ) أَيْضًا بِمَعْنَى (خَلَقَ) ، وَأَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا هُوَ عَلَى غَيْرِ مَعْنَى (خَلَقَ) .
فَبِأَيِّ حُجَّةٍ وَفِي أَيِّ لُغَةٍ زَعَمَ الْجَهْمِيُّ أَنَّ كُلَّ (جَعَلَ) عَلَى مَعْنَى (خَلَقَ) ؟
أَلَمْ يَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=5وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ ؟
أَفَتَرَى الْجَهْمِيَّ يَظُنُّ أَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=5وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً إِنَّمَا يُرِيدُ : أَنْ نَخْلُقَهُمْ أَئِمَّةً ؟ أَفَتُرَاهُ يَخْلُقُهُمْ خَلْقًا آخَرَ بَعْدَ خَلْقِهِمُ الْأَوَّلِ ؟ فَهَلْ يَكُونُ مَعْنَى (الْجَعْلِ) هَاهُنَا مَعْنَى (الْخَلْقِ) ؟
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=18ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا لَا يَعْنِي :
[ ص: 164 ] ثُمَّ خَلَقْنَا لَهُ جَهَنَّمَ ، لِأَنَّ جَهَنَّمَ قَدْ تَقَدَّمَ خَلْقُهَا ، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهَا تُخْلَقُ حِينَ يَفْعَلُ الْعَبْدُ ذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُ إِذَا فَعَلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ جُعِلَتْ دَارَهُ وَمَسْكَنَهُ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ خَلْقُهَا . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=37لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=21أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=28أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=124إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ ، - يَعْنِي : بَنِي إِسْرَائِيلَ - أَفَيَظُنُّ الْجَهْمِيُّ الْمُلْحِدُ أَنَّمَا أَرَادَ : إِنَّمَا خُلِقَ السَّبْتُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ؟ فَقَدْ عَلِمَ الْعُقَلَاءُ أَنَّ السَّبْتَ مَخْلُوقٌ فِي مُبْتَدَأِ الْخَلْقِ قَبْلَ كَوْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَقَبْلَ
نُوحٍ ، وَقَبْلَ
إِبْرَاهِيمَ ، وَلَكِنْ مَعْنَاهُ : إِنَّمَا جُعِلَ عَلَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَسْبِتُوا السَّبْتَ خَاصَّةً ، فَهَذَا عَلَى غَيْرِ مَعْنَى (خَلَقَ) .
وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ ، وَلَكِنَّ الْجَهْمِيَّ مِنَ الصُّمِّ الْبُكْمِ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ مِنَ الَّذِينَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=75يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=198وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=199فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ [ ص: 165 ] مُؤْمِنِينَ ، فَإِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ، وَأَنْزَلَهُ عَرَبِيًّا لِتَفْقَهَ الْعَرَبُ ، وَلِتُتَّخَذَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ ، فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَلَمْ يُرِدْ عَرَبِيًّا فِي أَصْلِهِ وَلَا نَسَبِهِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ عَرَبِيًّا فِي قِرَاءَتِهِ .