[ ص: 409 ] ذكر [
nindex.php?page=treesubj&link=8730_23415_32643معاملتهم ] عند اللقاء وكراهة أن يبدءوا بالسلام وكيف يرد عليهم .
عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350322لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام ، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه " ، رواه
مسلم في " صحيحه " .
وفي " الصحيحين " عن
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350323إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم : السام عليك ، فقل : وعليك " هكذا بالواو .
وفي لفظ : " عليك " بلا واو .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
[ ص: 410 ] قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350324إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم " رواه
أحمد هكذا .
وفي لفظ للإمام
أحمد : " فقولوا : عليكم " بلا واو .
وعن
عائشة رضي الله عنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350325دخل رهط من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : السام عليك ، ففهمتها فقلت : عليكم السام واللعنة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مهلا يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمر كله " ، فقلت : يا رسول الله أولم تسمع ما قالوا ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قد قلت : وعليكم " متفق عليه واللفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري .
وفي لفظ آخر : " قد قلت : عليكم " ولم يذكر
مسلم الواو .
وفي لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350326فقالت عائشة رضي الله عنها : عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم ، قال : " مهلا يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش " ، قالت : أولم تسمع ما قالوا ؟ قال : " أولم تسمعي ما رددت عليهم ؟ فيستجاب لي فيهم ، ولا يستجاب لهم في " .
[ ص: 411 ] وعند
مسلم قلت : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350327بل عليكم السام والذام " .
وعنده أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350328سلم ناس من يهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قالوا : السام عليك يا أبا القاسم ، قال : عليكم ، فقالت عائشة رضي الله عنها وغضبت : ألم تسمع ما قالوا ؟ قال : " بلى قد سمعت فرددت : عليكم ، إنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا " .
وعن
أبي [ بصرة ] رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350329إنا غادون على يهود فلا تبدءوهم بالسلام ، فإن سلموا عليكم فقولوا : وعليكم " رواه الإمام
أحمد .
[ ص: 412 ] وله أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350330إني راكب غدا إلى يهود فلا تبدءوهم بالسلام ، وإذا سلموا عليكم فقولوا : وعليكم " .
[ ص: 413 ] [
nindex.php?page=treesubj&link=18131معنى السلام ]
[ الوجه الأول : ] ولما كان السلام اسما من أسماء الرب تبارك وتعالى ، وهو اسم مصدر في الأصل - كالكلام والعطاء - بمعنى
[ ص: 414 ] السلامة كان الرب تعالى أحق به من كل ما سواه ; لأنه السالم من كل آفة وعيب ونقص وذم ، فإن له الكمال المطلق من جميع الوجوه ، وكماله من لوازم ذاته ، فلا يكون إلا كذلك ، والسلام يتضمن سلامة أفعاله من العبث والظلم وخلاف الحكمة ، وسلامة صفاته من مشابهة صفات المخلوقين ، وسلامة ذاته من كل نقص وعيب ، وسلامة أسمائه من كل ذم ، فاسم السلام يتضمن إثبات جميع الكمالات له وسلب جميع النقائص عنه .
وهذا معنى : سبحان الله والحمد لله ، ويتضمن إفراده بالألوهية وإفراده بالتعظيم ، وهذا معنى : لا إله إلا الله والله أكبر ، فانتظم اسم " السلام " الباقيات الصالحات التي يثنى بها على الرب جل جلاله .
ومن بعض تفاصيل ذلك أنه الحي الذي سلمت حياته من الموت والسنة والنوم والتغير ، القادر الذي سلمت قدرته من اللغوب والتعب والإعياء والعجز عما يريد ، العليم الذي سلم علمه أن يعزب عنه مثقال ذرة أو يغيب عنه معلوم من المعلومات ، وكذلك سائر صفاته على هذا .
[ ص: 415 ] فرضاه سبحانه سلام أن ينازعه الغضب ، وحلمه سلام أن ينازعه الانتقام ، وإرادته سلام أن ينازعها الإكراه ، وقدرته سلام أن ينازعها العجز ومشيئته سلام أن ينازعها خلاف مقتضاها ، وكلامه سلام أن يعرض له كذب أو ظلم ، بل تمت كلماته صدقا وعدلا ، ووعده سلام أن يلحقه خلف ، وهو سلام أن يكون قبله شيء أو بعده شيء أو فوقه شيء أو دونه شيء ، بل هو العالي على كل شيء وفوق كل شيء وقبل كل شيء وبعد كل شيء ، والمحيط بكل شيء ، وعطاؤه ومنعه سلام أن يقع في غير موقعه ، ومغفرته سلام أن يبالي بها أو يضيق بذنوب عباده أو تصدر عن عجز عن أخذ حقه كما تكون مغفرة الناس ، ورحمته وإحسانه ورأفته وبره وجوده وموالاته لأوليائه وتحببه إليهم وحنانه عليهم وذكره لهم وصلاته عليهم سلام أن يكون لحاجة منه إليهم أو تعزز بهم أو تكثر بهم .
وبالجملة فهو السلام من كل ما ينافي كلامه المقدس بوجه من الوجوه .
وأخطأ كل الخطأ من زعم أنه من أسماء السلوب ، فإن السلب المحض لا يتضمن كمالا ، بل اسم السلام متضمن للكمال السالم من كل ما يضاده ، وإذا لم تظلم هذا الاسم ووفيته معناه وجدته مستلزما لإرسال الرسل ، وإنزال الكتب وشرع الشرائع ، وثبوت المعاد وحدوث العالم ، وثبوت القضاء والقدر ، وعلو الرب تعالى على خلقه ورؤيته لأفعالهم وسمعه لأصواتهم واطلاعه على سرائرهم وعلانياتهم ، وتفرده بتدبيرهم وتوحده في كماله المقدس عن شريك بوجه من الوجوه فهو السلام الحق من كل وجه كما هو النزيه البريء عن نقائص البشر من كل وجه .
[ ص: 416 ] ولما كان سبحانه موصوفا بأن له يدين لم يكن فيهما شمال بل كلتا يديه يمين مباركة ، كذلك أسماؤه كلها حسنى وأفعاله كلها
[ ص: 417 ] خير ، وصفاته كلها كمال وقد جعل سبحانه السلام تحية أوليائه في الدنيا وتحيتهم يوم لقائه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350331ولما خلق آدم وكمل خلقه فاستوى قال الله له : اذهب إلى أولئك النفر من الملائكة فاستمع ما يحيونك به فإنها تحيتك وتحية ذريتك من بعدك .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=127لهم دار السلام عند ربهم ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=25والله يدعو إلى دار السلام .
وقد اختلف في تسمية الجنة بدار السلام ، فقيل : السلام هو الله ،
[ ص: 418 ] والجنة داره ، وقيل : السلام هو السلامة ، والجنة دار السلامة من كل آفة وعيب ونقص ، وقيل : سميت دار السلام ; لأن تحيتهم فيها سلام ولا تنافي بين هذه المعاني كلها .
[ الوجه الثاني : ] وأما
nindex.php?page=treesubj&link=18131قول المسلم : السلام عليكم ، فهو إخبار للمسلم عليه بسلامته من غيلة المسلم وغشه ومكره ومكروه يناله منه ، فيرد الراد عليه مثل ذلك أي : فعل الله ذلك بك وأحله عليك .
والفرق بين هذا الوجه وبين الوجه الأول أنه في الأول خبر وفي الثاني طلب .
ووجه ثالث : وهو أن يكون المعنى : اذكر الله الذي عافاك من المكروه وأمنك من المحذور وسلمك مما تخاف وعاملنا من السلامة والأمان بمثل ما عاملك به ، فيرد الراد عليه مثل ذلك ، ويستحب له أن يزيده كما أن من أهدى لك هدية يستحب لك أن تكافئه بزيادة عليها ، ومن دعا لك ينبغي أن تدعو له بأكثر من ذلك .
ووجه رابع : وهو أن يكون معنى سلام المسلم ورد الراد بشارة من الله سبحانه ، جعلها على ألسنة المسلمين لبعضهم بعضا بالسلامة من الشر ،
[ ص: 419 ] وحصول الرحمة والبركة ، وهي دوام ذلك وثباته ، وهذه البشارة أعطوها لدخولهم في دين الإسلام ، فأعظمهم أجرا أحسنهم تحية ، وأسبقهم في هذه البشارة كما في الحديث " وخيرهما الذي يبدأ صاحبه بالسلام " .
واشتق الله سبحانه لأوليائه من تحية بينهم اسما من أسمائه ، واسم دينه الإسلام الذي هو دين أنبيائه ورسله وملائكته .
قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون .
ووجه خامس : وهو أن كل أمة من الأمم لهم تحية بينهم من أقوال وأعمال كالسجود وتقبيل الأيدي وضرب الجوك ، وقول بعضهم : انعم صباحا ، وقول بعضهم : عش ألف عام ونحو ذلك ، فشرع الله تبارك وتعالى لأهل الإسلام " سلام عليكم " وكانت أحسن من جميع تحيات الأمم بينها ، لتضمنها السلامة التي لا حياة ولا فلاح إلا بها ، فهي الأصل المقدم
[ ص: 420 ] على كل شيء .
وانتفاع العبد بحياته إنما يحصل بشيئين : بسلامته من الشر وحصول الخير ، والسلامة من الشر مقدمة على حصول الخير وهي الأصل ، فإن الإنسان ، بل وكل حيوان ، إنما يهتم بسلامته أولا وغنيمته ثانيا ، على أن السلامة المطلقة تتضمن حصول الخير ، فإنه لو فاته حصل له الهلاك والعطب أو النقص ، ففوات الخير يمنع حصول السلامة المطلقة ، فتضمنت السلامة نجاة العبد من الشر ، وفوزه بالخير مع اشتقاقها من اسم الله .
والمقصود أن السلام اسمه ووصفه وفعله ، والتلفظ به ذكر له كما في " السنن "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350332أن رجلا سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يرد عليه حتى تيمم ورد عليه ، وقال : " إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة " .
[ ص: 421 ] فحقيق بتحية هذا شأنها أن تصان عن بذلها لغير أهل الإسلام ، وألا يحيى بها أعداء القدوس السلام .
ولهذا كانت كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ملوك الكفار "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350333سلام على من اتبع الهدى " ولم يكتب لكافر : " سلام عليكم " أصلا ، فلهذا قال في أهل الكتاب : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350334ولا تبدءوهم بالسلام " .
[ ص: 409 ] ذِكْرُ [
nindex.php?page=treesubj&link=8730_23415_32643مُعَامَلَتِهِمْ ] عِنْدَ اللِّقَاءِ وَكَرَاهَةِ أَنْ يُبْدَءُوا بِالسَّلَامِ وَكَيْفَ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ .
عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350322لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ " ، رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " .
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350323إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمُ الْيَهُودُ فَإِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمُ : السَّامُ عَلَيْكَ ، فَقُلْ : وَعَلَيْكَ " هَكَذَا بِالْوَاوِ .
وَفِي لَفْظٍ : " عَلَيْكَ " بِلَا وَاوٍ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[ ص: 410 ] قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350324إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا : وَعَلَيْكُمْ " رَوَاهُ
أَحْمَدُ هَكَذَا .
وَفِي لَفْظٍ لِلْإِمَامِ
أَحْمَدَ : " فَقُولُوا : عَلَيْكُمْ " بِلَا وَاوٍ .
وَعَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350325دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا : السَّامُ عَلَيْكَ ، فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ : عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " مَهْلًا يَا عَائِشَةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ " ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " قَدْ قُلْتُ : وَعَلَيْكُمْ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070لِلْبُخَارِيِّ .
وَفِي لَفْظٍ آخَرَ : " قَدْ قُلْتُ : عَلَيْكُمْ " وَلَمْ يَذْكُرْ
مُسْلِمٌ الْوَاوَ .
وَفِي لَفْظٍ
nindex.php?page=showalam&ids=12070لِلْبُخَارِيِّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350326فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ ، قَالَ : " مَهْلًا يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ " ، قَالَتْ : أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا ؟ قَالَ : " أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ ؟ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ ، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ " .
[ ص: 411 ] وَعِنْدَ
مُسْلِمٍ قُلْتُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350327بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَالذَّامُ " .
وَعِنْدَهُ أَيْضًا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350328سَلَّمَ نَاسٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، قَالُوا : السَّامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ ، قَالَ : عَلَيْكُمْ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَغَضِبَتْ : أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا ؟ قَالَ : " بَلَى قَدْ سَمِعْتُ فَرَدَدْتُ : عَلَيْكُمْ ، إِنَّا نُجَابُ عَلَيْهِمْ وَلَا يُجَابُونَ عَلَيْنَا " .
وَعَنْ
أَبِي [ بَصْرَةَ ] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350329إِنَّا غَادُونَ عَلَى يَهُودَ فَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ ، فَإِنْ سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا : وَعَلَيْكُمْ " رَوَاهُ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ .
[ ص: 412 ] وَلَهُ أَيْضًا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=27عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350330إِنِّي رَاكِبٌ غَدًا إِلَى يَهُودَ فَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ ، وَإِذَا سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا : وَعَلَيْكُمْ " .
[ ص: 413 ] [
nindex.php?page=treesubj&link=18131مَعْنَى السَّلَامِ ]
[ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ : ] وَلَمَّا كَانَ السَّلَامُ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ فِي الْأَصْلِ - كَالْكَلَامِ وَالْعَطَاءِ - بِمَعْنَى
[ ص: 414 ] السَّلَامَةِ كَانَ الرَّبُّ تَعَالَى أَحَقَّ بِهِ مِنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ ; لِأَنَّهُ السَّالِمُ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَعَيْبٍ وَنَقْصٍ وَذَمٍّ ، فَإِنَّ لَهُ الْكَمَالَ الْمُطْلَقَ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ ، وَكَمَالُهُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ ، فَلَا يَكُونُ إِلَّا كَذَلِكَ ، وَالسَّلَامُ يَتَضَمَّنُ سَلَامَةَ أَفْعَالِهِ مِنَ الْعَبَثِ وَالظُّلْمِ وَخِلَافِ الْحِكْمَةِ ، وَسَلَامَةَ صِفَاتِهِ مِنْ مُشَابَهَةِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ ، وَسَلَامَةَ ذَاتِهِ مَنْ كُلِّ نَقْصٍ وَعَيْبٍ ، وَسَلَامَةَ أَسْمَائِهِ مِنْ كُلِّ ذَمٍّ ، فَاسْمُ السَّلَامِ يَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ جَمِيعِ الْكَمَالَاتِ لَهُ وَسَلْبَ جَمِيعِ النَّقَائِصِ عَنْهُ .
وَهَذَا مَعْنَى : سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَيَتَضَمَّنُ إِفْرَادَهُ بِالْأُلُوهِيَّةِ وَإِفْرَادَهُ بِالتَّعْظِيمِ ، وَهَذَا مَعْنَى : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، فَانْتَظَمَ اسْمُ " السَّلَامِ " الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ الَّتِي يُثْنَى بِهَا عَلَى الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ .
وَمِنْ بَعْضِ تَفَاصِيلِ ذَلِكَ أَنَّهُ الْحَيُّ الَّذِي سَلِمَتْ حَيَاتُهُ مِنَ الْمَوْتِ وَالسِّنَةِ وَالنَّوْمِ وَالتَّغَيُّرِ ، الْقَادِرُ الَّذِي سَلِمَتْ قُدْرَتُهُ مِنَ اللُّغُوبِ وَالتَّعَبِ وَالْإِعْيَاءِ وَالْعَجْزِ عَمَّا يُرِيدُ ، الْعَلِيمُ الَّذِي سَلِمَ عِلْمُهُ أَنْ يَعْزُبَ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ أَوْ يَغِيبَ عَنْهُ مَعْلُومٌ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ صِفَاتِهِ عَلَى هَذَا .
[ ص: 415 ] فَرِضَاهُ سُبْحَانَهُ سَلَامٌ أَنْ يُنَازِعَهُ الْغَضَبُ ، وَحِلْمُهُ سَلَامٌ أَنْ يُنَازِعَهُ الِانْتِقَامُ ، وَإِرَادَتُهُ سَلَامٌ أَنْ يُنَازِعَهَا الْإِكْرَاهُ ، وَقُدْرَتُهُ سَلَامٌ أَنْ يُنَازِعَهَا الْعَجْزُ وَمَشِيئَتُهُ سَلَامٌ أَنْ يُنَازِعَهَا خِلَافُ مُقْتَضَاهَا ، وَكَلَامُهُ سَلَامٌ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ كَذِبٌ أَوْ ظُلْمٌ ، بَلْ تَمَّتَ كَلِمَاتُهُ صِدْقًا وَعَدْلًا ، وَوَعْدُهُ سَلَامٌ أَنْ يَلْحَقَهُ خُلْفٌ ، وَهُوَ سَلَامٌ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُ شَيْءٌ أَوْ بَعْدَهُ شَيْءٌ أَوْ فَوْقَهُ شَيْءٌ أَوْ دُونَهُ شَيْءٌ ، بَلْ هُوَ الْعَالِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَفَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَبَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَالْمُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ ، وَعَطَاؤُهُ وَمَنْعُهُ سَلَامٌ أَنْ يَقَعَ فِي غَيْرِ مَوْقِعِهِ ، وَمَغْفِرَتُهُ سَلَامٌ أَنْ يُبَالِيَ بِهَا أَوْ يَضِيقَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ أَوْ تَصْدُرَ عَنْ عَجْزٍ عَنْ أَخْذِ حَقِّهِ كَمَا تَكُونُ مَغْفِرَةُ النَّاسِ ، وَرَحْمَتُهُ وَإِحْسَانُهُ وَرَأْفَتُهُ وَبِرُّهُ وَجُودُهُ وَمُوَالَاتُهُ لِأَوْلِيَائِهِ وَتَحَبُّبُهُ إِلَيْهِمْ وَحَنَانُهُ عَلَيْهِمْ وَذِكْرُهُ لَهُمْ وَصَلَاتُهُ عَلَيْهِمْ سَلَامٌ أَنْ يَكُونَ لِحَاجَةٍ مِنْهُ إِلَيْهِمْ أَوْ تَعَزُّزٍ بِهِمْ أَوْ تَكَثُّرٍ بِهِمْ .
وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ السَّلَامُ مِنْ كُلِّ مَا يُنَافِي كَلَامَهُ الْمُقَدَّسَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ .
وَأَخْطَأَ كُلَّ الْخَطَأِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ السُّلُوبِ ، فَإِنَّ السَّلْبَ الْمَحْضَ لَا يَتَضَمَّنُ كَمَالًا ، بَلِ اسْمُ السَّلَامِ مُتَضَمِّنٌ لِلْكَمَالِ السَّالِمِ مِنْ كُلِّ مَا يُضَادُّهُ ، وَإِذَا لَمْ تَظْلِمْ هَذَا الِاسْمَ وَوَفَّيْتَهُ مَعْنَاهُ وَجَدْتَهُ مُسْتَلْزِمًا لِإِرْسَالِ الرُّسُلِ ، وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ وَشَرْعِ الشَّرَائِعِ ، وَثُبُوتِ الْمَعَادِ وَحُدُوثِ الْعَالَمِ ، وَثُبُوتِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ ، وَعُلُوِّ الرَّبِّ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ وَرُؤْيَتِهِ لِأَفْعَالِهِمْ وَسَمْعِهِ لِأَصْوَاتِهِمْ وَاطِّلَاعِهِ عَلَى سَرَائِرِهِمْ وَعَلَانِيَاتِهِمْ ، وَتَفَرُّدِهِ بِتَدْبِيرِهِمْ وَتَوَحُّدِهِ فِي كَمَالِهِ الْمُقَدَّسِ عَنْ شَرِيكٍ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَهُوَ السَّلَامُ الْحَقُّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا هُوَ النَّزِيهُ الْبَرِيءُ عَنْ نَقَائِصِ الْبَشَرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ .
[ ص: 416 ] وَلَمَّا كَانَ سُبْحَانَهُ مَوْصُوفًا بِأَنَّ لَهُ يَدَيْنِ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا شِمَالٌ بَلْ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ ، كَذَلِكَ أَسْمَاؤُهُ كُلُّهَا حُسْنَى وَأَفْعَالُهُ كُلُّهَا
[ ص: 417 ] خَيْرٌ ، وَصِفَاتُهُ كُلُّهَا كَمَالٌ وَقَدْ جَعَلَ سُبْحَانَهُ السَّلَامَ تَحِيَّةَ أَوْلِيَائِهِ فِي الدُّنْيَا وَتَحِيَّتَهُمْ يَوْمَ لِقَائِهِ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350331وَلَمَّا خَلَقَ آدَمَ وَكَمَّلَ خَلْقَهُ فَاسْتَوَى قَالَ اللَّهُ لَهُ : اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ بِهِ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذَرِّيَّتِكَ مِنْ بَعْدِكَ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=127لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=25وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ .
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَةِ الْجَنَّةِ بِدَارِ السَّلَامِ ، فَقِيلَ : السَّلَامُ هُوَ اللَّهُ ،
[ ص: 418 ] وَالْجَنَّةُ دَارُهُ ، وَقِيلَ : السَّلَامُ هُوَ السَّلَامَةُ ، وَالْجَنَّةُ دَارُ السَّلَامَةِ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَعَيْبٍ وَنَقْصٍ ، وَقِيلَ : سُمِّيَتْ دَارَ السَّلَامِ ; لِأَنَّ تَحِيَّتَهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا .
[ الْوَجْهُ الثَّانِي : ] وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=18131قَوْلُ الْمُسَلِّمِ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، فَهُوَ إِخْبَارٌ لِلْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ بِسَلَامَتِهِ مِنْ غِيلَةِ الْمُسْلِمِ وَغِشِّهِ وَمَكْرِهِ وَمَكْرُوهٍ يَنَالُهُ مِنْهُ ، فَيَرُدُّ الرَّادُّ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْ : فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِكَ وَأَحَلَّهُ عَلَيْكَ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْوَجْهِ وَبَيْنَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ خَبَرٌ وَفِي الثَّانِي طَلَبٌ .
وَوَجْهٌ ثَالِثٌ : وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : اذْكُرِ اللَّهَ الَّذِي عَافَاكَ مِنَ الْمَكْرُوهِ وَأَمَّنَكَ مِنَ الْمَحْذُورِ وَسَلَّمَكَ مِمَّا تَخَافُ وَعَامَلَنَا مِنَ السَّلَامَةِ وَالْأَمَانِ بِمِثْلِ مَا عَامَلَكَ بِهِ ، فَيَرُدُّ الرَّادُّ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَزِيدَهُ كَمَا أَنَّ مَنْ أَهْدَى لَكَ هَدِيَّةً يُسْتَحَبُّ لَكَ أَنْ تُكَافِئَهُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا ، وَمَنْ دَعَا لَكَ يَنْبَغِي أَنْ تَدْعُوَ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ .
وَوَجْهٌ رَابِعٌ : وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى سَلَامِ الْمُسَلِّمِ وَرَدِّ الرَّادِّ بِشَارَةً مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، جَعَلَهَا عَلَى أَلْسِنَةِ الْمُسْلِمِينَ لِبَعْضِهِمْ بَعْضًا بِالسَّلَامَةِ مِنَ الشَّرِّ ،
[ ص: 419 ] وَحُصُولِ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ ، وَهِيَ دَوَامُ ذَلِكَ وَثَبَاتُهُ ، وَهَذِهِ الْبِشَارَةُ أُعْطُوهَا لِدُخُولِهِمْ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ ، فَأَعْظَمُهُمْ أَجْرًا أَحْسَنُهُمْ تَحِيَّةً ، وَأَسْبَقُهُمْ فِي هَذِهِ الْبِشَارَةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ " وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ صَاحِبَهُ بِالسَّلَامِ " .
وَاشْتَقَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ تَحِيَّةِ بَيْنِهِمُ اسْمًا مِنْ أَسْمَائِهِ ، وَاسْمُ دِينِهِ الْإِسْلَامُ الَّذِي هُوَ دِينُ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَمَلَائِكَتِهِ .
قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ .
وَوَجْهٌ خَامِسٌ : وَهُوَ أَنْ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ لَهُمْ تَحِيَّةٌ بَيْنَهُمْ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَعْمَالٍ كَالسُّجُودِ وَتَقْبِيلِ الْأَيْدِي وَضَرْبِ الْجُوكِ ، وَقَوْلِ بَعْضِهِمُ : انْعَمْ صَبَاحًا ، وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ : عِشْ أَلْفَ عَامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَشَرَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ " سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " وَكَانَتْ أَحْسَنَ مِنْ جَمِيعِ تَحِيَّاتِ الْأُمَمِ بَيْنَهَا ، لِتَضَمُّنِهَا السَّلَامَةَ الَّتِي لَا حَيَاةَ وَلَا فَلَاحَ إِلَّا بِهَا ، فَهِيَ الْأَصْلُ الْمُقَدَّمُ
[ ص: 420 ] عَلَى كُلِّ شَيْءٍ .
وَانْتِفَاعُ الْعَبْدِ بِحَيَاتِهِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِشَيْئَيْنِ : بِسَلَامَتِهِ مِنَ الشَّرِّ وَحُصُولِ الْخَيْرِ ، وَالسَّلَامَةُ مِنَ الشَّرِّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى حُصُولِ الْخَيْرِ وَهِيَ الْأَصْلُ ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ ، بَلْ وَكُلُّ حَيَوَانٍ ، إِنَّمَا يَهْتَمُّ بِسَلَامَتِهِ أَوَّلًا وَغَنِيمَتِهِ ثَانِيًا ، عَلَى أَنَّ السَّلَامَةَ الْمُطْلَقَةَ تَتَضَمَّنُ حُصُولَ الْخَيْرِ ، فَإِنَّهُ لَوْ فَاتَهُ حَصَلَ لَهُ الْهَلَاكُ وَالْعَطَبُ أَوِ النَّقْصُ ، فَفَوَاتُ الْخَيْرِ يَمْنَعُ حُصُولَ السَّلَامَةِ الْمُطْلَقَةِ ، فَتَضَمَّنَتِ السَّلَامَةُ نَجَاةَ الْعَبْدِ مِنَ الشَّرِّ ، وَفَوْزَهُ بِالْخَيْرِ مَعَ اشْتِقَاقِهَا مِنِ اسْمِ اللَّهِ .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ السَّلَامَ اسْمُهُ وَوَصْفُهُ وَفِعْلُهُ ، وَالتَّلَفُّظُ بِهِ ذِكْرٌ لَهُ كَمَا فِي " السُّنَنِ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350332أَنَّ رَجُلَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَيَمَّمَ وَرَدَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : " إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ " .
[ ص: 421 ] فَحَقِيقٌ بِتَحِيَّةٍ هَذَا شَأْنُهَا أَنْ تُصَانَ عَنْ بَذْلِهَا لِغَيْرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، وَأَلَّا يُحَيَّى بِهَا أَعْدَاءُ الْقُدُّوسِ السَّلَامِ .
وَلِهَذَا كَانَتْ كُتُبُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى مُلُوكِ الْكُفَّارِ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350333سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى " وَلَمْ يَكْتُبْ لِكَافِرٍ : " سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " أَصْلًا ، فَلِهَذَا قَالَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350334وَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ " .