فقالت طائفة : إنه إمام وإن
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية إمام ، وإنه
nindex.php?page=treesubj&link=25548يجوز نصب إمامين [ في وقت ] [1] إذا لم يمكن الاجتماع على إمام واحد ، وهذا يحكى عن الكرامية وغيرهم .
وقالت طائفة : لم يكن في ذلك الزمان إمام عام ، بل كان زمان فتنة ، وهذا قول طائفة من أهل الحديث البصريين وغيرهم . ولهذا لما أظهر
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد التربيع
nindex.php?page=showalam&ids=8بعلي في الخلافة وقال : من لم يربع
nindex.php?page=showalam&ids=8بعلي في الخلافة فهو أضل من حمار أهله ، أنكر ذلك طائفة من هؤلاء ، وقالوا : قد أنكر خلافته من لا يقال : هو أضل من حمار أهله ، يريدون من تخلف عنها من الصحابة . واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره على خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3571سفينة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=849727تكون خلافة النبوة ثلاثين سنة ثم تصير ملكا " ، [ و ]
[2] هذا الحديث قد رواه أهل السنن
nindex.php?page=showalam&ids=11998كأبي داود وغيره
[3] .
وقالت طائفة ثالثة : بل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي هو الإمام ، وهو مصيب في قتاله لمن قاتله ، وكذلك من قاتله من الصحابة
nindex.php?page=showalam&ids=55كطلحة nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير كلهم مجتهدون
[ ص: 538 ] مصيبون . وهذا قول من يقول : كل مجتهد مصيب ، كقول البصريين من
المعتزلة : [
أبي الهذيل ]
[4] وأبي علي ،
وأبي هاشم ، ومن وافقهم من
الأشعرية :
كالقاضي أبي بكر ،
وأبي حامد [5] ، وهو المشهور عن [
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبي الحسن ] الأشعري [6] . وهؤلاء [ أيضا ]
[7] يجعلون
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية مجتهدا مصيبا في قتاله ، كما أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا مصيب .
وهذا قول طائفة [ من الفقهاء ]
[8] من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيرهم ، ذكره [
أبو عبد الله ] [9] بن حامد ، ذكر [ لأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ]
[10] في المقتتلين يوم الجمل
وصفين ثلاثة أوجه : أحدها :
[11] كلاهما مصيب ، والثاني : المصيب واحد لا بعينه ، والثالث : أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا هو المصيب ومن خالفه مخطئ . والمنصوص عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأئمة السلف
[12] أنه لا يذم أحد منهم
[13] وأن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا أولى بالحق [ من غيره ]
[14] . أما تصويب القتال فليس هو قول أئمة السنة ، بل هم يقولون إن تركه كان أولى .
[ ص: 539 ] وطائفة رابعة تجعل
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا هو الإمام ، وكان مجتهدا مصيبا في القتال ، ومن قاتله
[15] كانوا [ مجتهدين ]
[16] مخطئين ، وهذا قول كثير من أهل الرأي والكلام
[17] ، من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وغيرهم .
وطائفة خامسة تقول : إن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا مع كونه كان خليفة وهو أقرب إلى الحق من
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، فكان
[18] ترك القتال أولى ، وينبغي الإمساك عن القتال لهؤلاء وهؤلاء ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=664490ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها [19] خير من الساعي "
[20] . وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال عن
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=942466إن ابني هذا سيد ، [ ص: 440 ] وسيصلح الله به بين فئتين [21] عظيمتين من المسلمين "
[22] . فأثنى على
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن بالإصلاح ، ولو كان القتال واجبا أو مستحبا ، لما مدح تاركه .
قالوا :
nindex.php?page=treesubj&link=9534وقتال البغاة لم يأمر الله به ابتداء ، ولم يأمر بقتال كل باغ ، بل قال [ تعالى ]
[23] nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله [ سورة الحجرات : 9 ] ، فأمر إذا اقتتل المؤمنون بالإصلاح بينهم ، فإن بغت إحداهما [ على الأخرى ]
[24] قوتلت .
قالوا : ولهذا لم يحصل بالقتال مصلحة ، والأمر الذي يأمر الله به لا بد أن تكون مصلحته راجحة على مفسدته . وفي سنن
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود ، حدثنا
الحسن بن علي ، حدثنا
يزيد ، أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=17243هشام ، عن
محمد يعني ابن [ ص: 541 ] سيرين ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675967قال nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة : ما أحد من الناس تدركه الفتنة إلا أنا أخافها عليه إلا nindex.php?page=showalam&ids=80محمد بن مسلمة [25] ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا تضرك الفتنة "
[26] .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود : حدثنا
عمرو بن مرزوق ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
الأشعث بن سليم ، [ عن
أبي بردة ، عن
ثعلبة بن ضبيعة ، قال : دخلنا
[27] على
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة فقال : إني لأعرف رجلا لا تضره الفتن شيئا . قال : فخرجنا فإذا فسطاط مضروب ، فدخلنا
[28] فإذا فيه
nindex.php?page=showalam&ids=80محمد بن مسلمة ]
[29] ، فسألناه عن ذلك ، فقال : ما أريد أن يشتمل علي شيء من أمصاركم
[30] حتى تنجلي عما انجلت
[31] .
فهذا الحديث يبين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن
nindex.php?page=showalam&ids=80محمد بن مسلمة لا تضره الفتنة ، وهو ممن اعتزل في القتال فلم يقاتل لا مع
nindex.php?page=showalam&ids=8علي [ ص: 542 ] ولا مع
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، كما اعتزل
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ،
nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر [32] ،
nindex.php?page=showalam&ids=130وأبو بكرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=40وعمران بن حصين ، وأكثر السابقين الأولين .
وهذا يدل على أنه ليس هناك قتال واجب ولا مستحب ، إذ لو كان كذلك لم يكن ترك ذلك مما يمدح به الرجل ، بل كان من فعل الواجب أو المستحب
[33] أفضل ممن تركه ، ودل ذلك على أن القتال قتال فتنة .
كما ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=682214ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم ، والقائم [ فيها ] [34] خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي ، والساعي خير من الموضع "
[35] - 31 . ، وأمثال ذلك من الأحاديث الصحيحة التي تبين أن ترك القتال كان خيرا من فعله من الجانبين ، وعلى هذا جمهور [ أئمة ]
[36] أهل الحديث والسنة ؛ وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري [37] nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وغيرهم .
[ ص: 543 ] وهذه أقوال من يحسن القول في
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=55وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية ، ومن سوى هؤلاء من
الخوارج والروافض والمعتزلة فمقالاتهم في الصحابة لون آخر ،
فالخوارج تكفر
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان ومن والاهما
[38] ؛
والروافض تكفر جمهور
[39] الصحابة كالثلاثة ومن والاهم وتفسقهم
[40] ، ويكفرون من قاتل
[ ص: 544 ] nindex.php?page=showalam&ids=8عليا ويقولون : هو إمام معصوم
[41] ، وطائفة من
المروانية تفسقه وتقول : إنه ظالم معتد
[42] ، وطائفة من
المعتزلة تقول : قد فسق إما هو وإما من قاتله ، لكن لا يعلم عينه ، وطائفة أخرى منهم تفسق
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرا دون
nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة [43] .
[ ص: 545 ] والمقصود أن
nindex.php?page=treesubj&link=33712الخلاف في خلافة nindex.php?page=showalam&ids=8علي وحروبه [44] كثير منتشر
[45] بين السلف والخلف ، فكيف تكون مبايعة الخلق له أعظم من مبايعتهم للثلاثة قبله ، [ رضي الله عنهم أجمعين ؟ ]
[46] .
فإن قال : أردت بقولي
[47] أن أهل السنة يقولون : إن خلافته انعقدت بمبايعة الخلق له لا بالنص .
فلا ريب أن أهل السنة وإن كانوا يقولون : إن النص على أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا من الخلفاء الراشدين ، لقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=675951خلافة النبوة ثلاثون سنة " ، فهم يروون
[48] النصوص الكثيرة في صحة خلافة غيره .
وهذا أمر معلوم عند أهل العلم بالحديث
[49] ، يروون في صحة خلافة الثلاثة نصوصا كثيرة ، بخلاف خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي فإن نصوصها قليلة ، فإن الثلاثة اجتمعت
[50] الأمة عليهم فحصل بهم مقصود الإمامة ، وقوتل بهم
[ ص: 546 ] الكفار ، وفتحت بهم الأمصار . وخلافة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي لم يقاتل فيها كفار
[51] ، ولا فتح مصر ، وإنما كان السيف بين أهل القبلة .
وأما النص الذي تدعيه
الرافضة ، فهو كالنص الذي تدعيه
الراوندية على
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس [52] ، وكلاهما معلوم الفساد بالضرورة عند أهل العلم ، ولو لم يكن في إثبات خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي إلا هذا لم تثبت له إمامة قط ، كما لم تثبت
nindex.php?page=showalam&ids=18للعباس إمامة بنظيره .
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إِنَّهُ إِمَامٌ وَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ إِمَامٌ ، وَإِنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=25548يَجُوزُ نَصْبُ إِمَامَيْنِ [ فِي وَقْتٍ ] [1] إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الِاجْتِمَاعُ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ ، وَهَذَا يُحْكَى عَنِ الْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ .
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إِمَامٌ عَامٌّ ، بَلْ كَانَ زَمَانَ فِتْنَةٍ ، وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْبَصْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ . وَلِهَذَا لَمَّا أَظْهَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ التَّرْبِيعَ
nindex.php?page=showalam&ids=8بِعَلِيٍّ فِي الْخِلَافَةِ وَقَالَ : مَنْ لَمْ يُرَبِّعْ
nindex.php?page=showalam&ids=8بِعَلِيٍّ فِي الْخِلَافَةِ فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ ، أَنْكَرَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ ، وَقَالُوا : قَدْ أَنْكَرَ خِلَافَتَهُ مَنْ لَا يُقَالُ : هُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ ، يُرِيدُونَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا مِنَ الصَّحَابَةِ . وَاحْتَجَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَلَى خِلَافَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ بِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3571سَفِينَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=849727تَكُونُ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثِينَ سَنَةً ثُمَّ تَصِيرُ مُلْكًا " ، [ وَ ]
[2] هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11998كَأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ
[3] .
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ : بَلْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ هُوَ الْإِمَامُ ، وَهُوَ مُصِيبٌ فِي قِتَالِهِ لِمَنْ قَاتَلَهُ ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَاتَلَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=55كَطَلْحَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15وَالزُّبَيْرِ كُلُّهُمْ مُجْتَهِدُونَ
[ ص: 538 ] مُصِيبُونَ . وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ : كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ ، كَقَوْلِ الْبَصْرِيِّينَ مِنَ
الْمُعْتَزِلَةِ : [
أَبِي الْهُذَيْلِ ]
[4] وَأَبِي عَلِيٍّ ،
وَأَبِي هَاشِمٍ ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ
الْأَشْعَرِيَّةِ :
كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ ،
وَأَبِي حَامِدٍ [5] ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ [
nindex.php?page=showalam&ids=13711أَبِي الْحَسَنِ ] الْأَشْعَرِيِّ [6] . وَهَؤُلَاءِ [ أَيْضًا ]
[7] يَجْعَلُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ مُجْتَهِدًا مُصِيبًا فِي قِتَالِهِ ، كَمَا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا مُصِيبٌ .
وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ [ مِنَ الْفُقَهَاءِ ]
[8] مِنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ ، ذَكَرَهُ [
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ] [9] بْنُ حَامِدٍ ، ذَكَرَ [ لِأَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ ]
[10] فِي الْمُقْتَتِلِينَ يَوْمَ الْجَمَلِ
وَصِفِّينَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا :
[11] كِلَاهُمَا مُصِيبٌ ، وَالثَّانِي : الْمُصِيبُ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ ، وَالثَّالِثُ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا هُوَ الْمُصِيبُ وَمَنْ خَالَفَهُ مُخْطِئٌ . وَالْمَنْصُوصُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ وَأَئِمَّةِ السَّلَفِ
[12] أَنَّهُ لَا يُذَمُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ
[13] وَأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا أَوْلَى بِالْحَقِّ [ مِنْ غَيْرِهِ ]
[14] . أَمَّا تَصْوِيبُ الْقِتَالِ فَلَيْسَ هُوَ قَوْلَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ ، بَلْ هُمْ يَقُولُونَ إِنَّ تَرْكَهُ كَانَ أَوْلَى .
[ ص: 539 ] وَطَائِفَةٌ رَابِعَةٌ تَجْعَلُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا هُوَ الْإِمَامَ ، وَكَانَ مُجْتَهِدًا مُصِيبًا فِي الْقِتَالِ ، وَمَنْ قَاتَلَهُ
[15] كَانُوا [ مُجْتَهِدِينَ ]
[16] مُخْطِئِينَ ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْكَلَامِ
[17] ، مِنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ .
وَطَائِفَةٌ خَامِسَةٌ تَقُولُ : إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا مَعَ كَوْنِهِ كَانَ خَلِيفَةً وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِّ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ ، فَكَانَ
[18] تَرْكُ الْقِتَالِ أَوْلَى ، وَيَنْبَغِي الْإِمْسَاكُ عَنِ الْقِتَالِ لِهَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=664490سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ فِيهَا [19] خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي "
[20] . وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=942466إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ ، [ ص: 440 ] وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ [21] عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ "
[22] . فَأَثْنَى عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنِ بِالْإِصْلَاحِ ، وَلَوْ كَانَ الْقِتَالُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا ، لَمَا مُدِحَ تَارِكُهُ .
قَالُوا :
nindex.php?page=treesubj&link=9534وَقِتَالُ الْبُغَاةِ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِهِ ابْتِدَاءً ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ كُلِّ بَاغٍ ، بَلْ قَالَ [ تَعَالَى ]
[23] nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [ سُورَةُ الْحُجُرَاتِ : 9 ] ، فَأَمَرَ إِذَا اقْتَتَلَ الْمُؤْمِنُونَ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ ، فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا [ عَلَى الْأُخْرَى ]
[24] قُوتِلَتْ .
قَالُوا : وَلِهَذَا لَمْ يَحْصُلْ بِالْقِتَالِ مَصْلَحَةٌ ، وَالْأَمْرُ الَّذِي يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَصْلَحَتُهُ رَاجِحَةً عَلَى مَفْسَدَتِهِ . وَفِي سُنَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا
يَزِيدُ ، أَنْبَأَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17243هِشَامٌ ، عَنْ
مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ [ ص: 541 ] سِيرِينَ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675967قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةُ : مَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ تُدْرِكُهُ الْفِتْنَةُ إِلَّا أَنَا أَخَافُهَا عَلَيْهِ إِلَّا nindex.php?page=showalam&ids=80مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ [25] ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : " لَا تَضُرُّكَ الْفِتْنَةُ "
[26] .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ : حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةُ عَنِ
الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ ، [ عَنْ
أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ
ثَعْلَبَةَ بْنِ ضُبَيْعَةَ ، قَالَ : دَخَلْنَا
[27] عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةَ فَقَالَ : إِنِّي لَأَعْرِفُ رَجُلًا لَا تَضُرُّهُ الْفِتَنُ شَيْئًا . قَالَ : فَخَرَجْنَا فَإِذَا فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ ، فَدَخَلْنَا
[28] فَإِذَا فِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=80مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ ]
[29] ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : مَا أُرِيدُ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ أَمْصَارِكُمْ
[30] حَتَّى تَنْجَلِيَ عَمَّا انْجَلَتْ
[31] .
فَهَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=80مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لَا تَضُرُّهُ الْفِتْنَةُ ، وَهُوَ مِمَّنِ اعْتَزَلَ فِي الْقِتَالِ فَلَمْ يُقَاتِلْ لَا مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ [ ص: 542 ] وَلَا مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ ، كَمَا اعْتَزَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=111وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ [32] ،
nindex.php?page=showalam&ids=130وَأَبُو بَكْرَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=40وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ ، وَأَكْثَرُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ .
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ قِتَالٌ وَاجِبٌ وَلَا مُسْتَحَبٌّ ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَرْكُ ذَلِكَ مِمَّا يُمْدَحُ بِهِ الرَّجُلُ ، بَلْ كَانَ مَنْ فَعَلَ الْوَاجِبَ أَوِ الْمُسْتَحَبَّ
[33] أَفْضَلَ مِمَّنْ تَرَكَهُ ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقِتَالَ قِتَالُ فِتْنَةٍ .
كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=682214سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ [ فِيهَا ] [34] خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي ، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي ، وَالسَّاعِي خَيْرٌ مِنَ الْمُوضِعِ "
[35] - 31 . ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّ تَرْكَ الْقِتَالِ كَانَ خَيْرًا مِنْ فِعْلِهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ ، وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ [ أَئِمَّةِ ]
[36] أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ ؛ وَهَذَا مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيِّ [37] nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ .
[ ص: 543 ] وَهَذِهِ أَقْوَالُ مَنْ يُحْسِنُ الْقَوْلَ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=55وَطَلْحَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15وَالزُّبَيْرِ nindex.php?page=showalam&ids=33وَمُعَاوِيَةَ ، وَمَنْ سِوَى هَؤُلَاءِ مِنَ
الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فَمَقَالَاتُهُمْ فِي الصَّحَابَةِ لَوْنٌ آخَرُ ،
فَالْخَوَارِجُ تُكَفِّرُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانَ وَمَنْ وَالَاهُمَا
[38] ؛
وَالرَّوَافِضُ تُكَفِّرُ جُمْهُورَ
[39] الصَّحَابَةِ كَالثَّلَاثَةِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَتُفَسِّقُهُمْ
[40] ، وَيُكَفِّرُونَ مَنْ قَاتَلَ
[ ص: 544 ] nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا وَيَقُولُونَ : هُوَ إِمَامٌ مَعْصُومٌ
[41] ، وَطَائِفَةٌ مِنَ
الْمَرْوَانِيَّةِ تُفَسِّقُهُ وَتَقُولُ : إِنَّهُ ظَالِمٌ مُعْتَدٍ
[42] ، وَطَائِفَةٌ مِنَ
الْمُعْتَزِلَةِ تَقُولُ : قَدْ فَسَقَ إِمَّا هُوَ وَإِمَّا مَنْ قَاتَلَهُ ، لَكِنْ لَا يُعْلَمُ عَيْنُهُ ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْهُمْ تُفَسِّقُ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ nindex.php?page=showalam&ids=59وَعَمْرًا دُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=55طَلْحَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15وَالزُّبَيْرِ nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةَ [43] .
[ ص: 545 ] وَالْمَقْصُودُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33712الْخِلَافَ فِي خِلَافَةِ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَحُرُوبِهِ [44] كَثِيرٌ مُنْتَشِرٌ
[45] بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، فَكَيْفَ تَكُونُ مُبَايَعَةُ الْخَلْقِ لَهُ أَعْظَمَ مِنْ مُبَايَعَتِهِمْ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ ، [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ ؟ ]
[46] .
فَإِنْ قَالَ : أَرَدْتُ بِقَوْلِي
[47] أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَقُولُونَ : إِنَّ خِلَافَتَهُ انْعَقَدَتْ بِمُبَايَعَةِ الْخَلْقِ لَهُ لَا بِالنَّصِّ .
فَلَا رَيْبَ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ : إِنَّ النَّصَّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ، لِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=675951خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً " ، فَهُمْ يَرْوُونَ
[48] النُّصُوصَ الْكَثِيرَةَ فِي صِحَّةِ خِلَافَةِ غَيْرِهِ .
وَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ
[49] ، يَرْوُونَ فِي صِحَّةِ خِلَافَةِ الثَّلَاثَةِ نُصُوصًا كَثِيرَةً ، بِخِلَافِ خِلَافَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ فَإِنَّ نُصُوصَهَا قَلِيلَةٌ ، فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ اجْتَمَعَتْ
[50] الْأُمَّةُ عَلَيْهِمْ فَحَصَلَ بِهِمْ مَقْصُودُ الْإِمَامَةِ ، وَقُوتِلَ بِهِمُ
[ ص: 546 ] الْكُفَّارُ ، وَفُتِحَتْ بِهِمُ الْأَمْصَارُ . وَخِلَافَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ لَمْ يُقَاتَلْ فِيهَا كُفَّارٌ
[51] ، وَلَا فُتِحَ مِصْرٌ ، وَإِنَّمَا كَانَ السَّيْفُ بَيْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ .
وَأَمَّا النَّصُّ الَّذِي تَدَّعِيهِ
الرَّافِضَةُ ، فَهُوَ كَالنَّصِّ الَّذِي تَدَّعِيهِ
الرَّاوَنْدِيَّةُ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسِ [52] ، وَكِلَاهُمَا مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِالضَّرُورَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي إِثْبَاتِ خِلَافَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ إِلَّا هَذَا لَمْ تَثْبُتْ لَهُ إِمَامَةٌ قَطُّ ، كَمَا لَمْ تَثْبُتْ
nindex.php?page=showalam&ids=18لِلْعَبَّاسِ إِمَامَةٌ بِنَظِيرِهِ .