وهؤلاء
nindex.php?page=treesubj&link=31309_21385الإمامية يدعون ثبوت إمامته بالنص ، وأنه كان معصوما هو وكثير من ذريته ، وأن القوم ظلموه وغصبوه .
ودعوى العصمة تضاهي المشاركة في النبوة . فإن المعصوم يجب
[ ص: 188 ] اتباعه في [ كل ] ما يقول
[1] ، لا يجوز أن يخالف في شيء . وهذه خاصة الأنبياء ، ولهذا أمرنا أن نؤمن بما أنزل إليهم فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=136قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ) [ سورة البقرة : 136 ] ، فأمرنا أن نقول : آمنا بما أوتي النبيون .
وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) [ سورة البقرة : 285 ] .
وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين ) [ سورة البقرة : 177 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=30172_28739_29786فالإيمان بما جاء به النبيون مما أمرنا أن نقوله ونؤمن به . وهذا مما اتفق عليه المسلمون : أنه يجب الإيمان بكل نبي ، ومن كفر بنبي واحد فهو كافر ، ومن سبه وجب قتله باتفاق العلماء .
وليس كذلك من سوى الأنبياء ، سواء سموا أولياء أو أئمة [ أو حكماء ]
[2] أو علماء أو غير ذلك .
nindex.php?page=treesubj&link=21385فمن جعل بعد الرسول معصوما يجب الإيمان بكل ما يقوله فقد أعطاه معنى النبوة ، وإن لم يعطه لفظها .
ويقال لهذا : ما الفرق بين هذا وبين
أنبياء بني إسرائيل الذين كانوا
[ ص: 189 ] مأمورين باتباع شريعة التوراة ؟
وكثير من الغلاة في المشايخ يعتقد أحدهم في شيخه نحو ذلك . ويقولون
[3] : الشيخ محفوظ ، ويأمرون باتباع الشيخ في كل ما يفعل ، لا يخالف في شيء أصلا . وهذا من جنس غلو
الرافضة والنصارى والإسماعيلية : تدعي في أئمتها أنهم كانوا معصومين .
وأصحاب
ابن تومرت [4] الذي ادعى أنه المهدي يقولون : إنه معصوم ، ويقولون في خطبة الجمعة : الإمام المعصوم والمهدي المعلوم ، ويقال : إنهم قتلوا بعض من أنكر أن يكون معصوما .
ومعلوم أن كل هذه الأقوال مخالفة لدين الإسلام : للكتاب
[5] والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها . فإن الله تعالى يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) الآية [ سورة النساء : 59 ]
[ ص: 190 ] ، فلم يأمرنا بالرد عند التنازع إلا إلى الله والرسول
[6] ،
nindex.php?page=treesubj&link=21385فمن أثبت شخصا معصوما غير الرسول أوجب رد ما تنازعوا فيه
[7] إليه ؛ لأنه لا يقول عنده إلا الحق كالرسول . وهذا خلاف القرآن .
وأيضا فإن المعصوم تجب طاعته مطلقا بلا قيد ، ومخالفه يستحق الوعيد . والقرآن إنما أثبت هذا في حق الرسول خاصة . قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=69ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) [ سورة النساء : 69 ] . وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=23ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا ) [ سورة الجن : 23 ] . فدل القرآن في غير موضع على أن من أطاع الرسول كان من أهل السعادة ، ولم يشترط في ذلك طاعة معصوم آخر .
ومن عصى الرسول كان من أهل الوعيد ، وإن قدر أنه أطاع من ظن أنه معصوم ، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذي فرق الله به بين أهل الجنة وأهل النار ، وبين الأبرار والفجار ، وبين الحق والباطل ، وبين الغي والرشاد ، والهدى والضلال ، وجعله القسيم الذي قسم الله به عباده إلى شقي وسعيد ، فمن اتبعه فهو السعيد ، ومن خالفه فهو الشقي . وليست هذه المرتبة لغيره .
ولهذا اتفق أهل العلم - أهل الكتاب والسنة - على أن
nindex.php?page=treesubj&link=21385_22356_22363كل شخص [ ص: 191 ] سوى الرسول فإنه [8] يؤخذ من قوله ويترك ، إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه يجب تصديقه في كل ما أخبر ، وطاعته في كل ما أمر ، فإنه المعصوم الذي
[9] لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، وهو الذي يسأل الناس عنه يوم القيامة كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=6فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين ) [ سورة الأعراف : 6 ] .
وهو الذي يمتحن به الناس
[10] في قبورهم ، فيقال لأحدهم : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ ويقال : ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ، فيقول : هو عبد الله ورسوله ، جاءنا بالبينات والهدى فآمنا به واتبعناه . ولو ذكر بدل الرسول من ذكره من الصحابة والأئمة
[11] والتابعين والعلماء لم ينفعه ذلك ، ولا يمتحن في قبره بشخص غير الرسول .
والمقصود هنا أن ما يعتذر به عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي فيما أنكر عليه يعتذر بأقوى
[12] منه عن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا قاتل على الولاية ، وقتل بسبب ذلك خلق كثير [ عظيم ]
[13] ، ولم يحصل في ولايته لا قتال للكفار ، ولا فتح لبلادهم ، ولا كان المسلمون في زيادة خير ، وقد ولى من أقاربه من ولاه ، فولاية الأقارب مشتركة ، ونواب
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان كانوا أطوع من نواب
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وأبعد عن
[ ص: 192 ] الشر .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=28833_31277_33711_33707الأموال التي تأول فيها [ عثمان ] [14] ، فكما تأول علي في الدماء . وأمر الدماء أخطر وأعظم .
ويقال : ثانيا : هذا النص الذي تدعونه أنتم فيه مختلفون اختلافا يوجب العلم الضروري بأنه ليس عندكم ما يعتمد عليه فيه ، بل كل قوم منكم يفترون ما شاءوا .
وأيضا فجماهير المسلمين يقولون : إنا نعلم علما يقينا
[15] ، بل ضروريا كذب هذا النص ، بطرق كثيرة مبسوطة في مواضعها .
ويقال
[16] : ثالثا : إذا كان كذلك ظهرت حجة
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ؛ فإن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان يقول : إن
بني أمية كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعملهم في حياته ، واستعملهم بعده من لا يتهم بقرابة : فيهم
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر - رضي الله عنه - . ولا نعرف قبيلة من قبائل
قريش فيها عمال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من
بني عبد شمس ؛ لأنهم كانوا كثيرين ، وكان فيهم شرف وسؤدد ، فاستعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - في عزة الإسلام على أفضل الأرض
مكة عتاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية ، واستعمل على
نجران nindex.php?page=showalam&ids=12026أبا سفيان بن حرب بن أمية ، واستعمل [ أيضا ]
[17] nindex.php?page=showalam&ids=2467خالد بن سعيد بن العاص على صدقات
بني مذحج [ ص: 193 ] وعلى صنعاء
اليمن ، فلم يزل عليها
[18] حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستعمل
عثمان بن سعيد بن العاص على تيماء
وخيبر وقرى عرينة ، واستعمل
nindex.php?page=showalam&ids=11786أبان بن سعيد بن العاص على بعض السرايا ، ثم استعمله على
البحرين فلم يزل عليها بعد
nindex.php?page=showalam&ids=386العلاء بن الحضرمي حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم ، واستعمل
[19] الوليد بن عقبة بن أبي معيط حتى أنزل [ الله ] فيه :
[20] (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=6إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ) الآية [ سورة الحجرات : 6 ] .
فيقول
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان : أنا لم أستعمل إلا من استعمله
[21] النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم
[22] ومن جنسهم ومن قبيلتهم ، وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بعده ، [ فقد ولى
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر يزيد بن أبي سفيان بن حرب في فتوح
الشام ، وأقره
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، ثم ولى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بعده أخاه
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ]
[23] .
وهذا النقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في استعمال هؤلاء ثابت مشهور [ عنه ]
[24] ، بل متواتر عند
[25] أهل العلم ، ومنه متواتر عند علماء الحديث
[26] ، ومنه ما يعرفه العلماء منهم ، ولا ينكره أحد منهم .
فكان الاحتجاج على جواز الاستعمال من
بني أمية بالنص الثابت عن
[ ص: 194 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - أظهر عند كل عاقل من دعوى كون الخلافة في واحد معين من
بني هاشم بالنص ؛ لأن هذا كذب باتفاق أهل العلم بالنقل ، [ وذاك صدق باتفاق أهل العلم بالنقل
[27] .
وأما
بنو هاشم فلم يستعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم إلا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - على
اليمن . وولى أيضا على
اليمن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل nindex.php?page=showalam&ids=110وأبا موسى الأشعري ، وولى
nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب على قتال
مؤتة ، وولى قبل
جعفر nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة [28] [ مولاه ]
[29] ، وقيل :
nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة . فهذا
nindex.php?page=treesubj&link=30897_31621_31624رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقدم في الولاية nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة مولاه ، وهو من كلب ، على nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب . وقد روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس سأله ولاية فلم يوله إياها .
وليس في
بني هاشم بعد علي أفضل من
nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة وجعفر [
وعبيدة بن الحارث بن المطلب الذي قتل يوم
بدر ]
[30] ، فحمزة
[31] لم يتول شيئا ، فإنه قتل يوم
أحد شهيدا - رضي الله عنه - .
وما ينقله بعض الترك ، بل وشيوخهم ، من سيرة حمزة ويتداولونها بينهم ، ويذكرون له حروبا وحصارات وغير ذلك ، فكله
[32] كذب ، من جنس ما يذكره الذاكرون
[33] من الغزوات المكذوبة على
علي بن أبي [ ص: 195 ] طالب ، بل وعلى النبي صلى الله عليه وسلم ، [ من جنس ما يذكره
أبو الحسن البكري صاحب " تنقلات الأنوار " فيما وضعه من السيرة
[34] ، فإنه من جنس ما يفتريه الكذابون من سيرة داهمة والبطالين
[35] والعيارين ونحو ذلك ]
[36] .
فإن مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معروفة مضبوطة عند أهل العلم ، وكانت بضعا وعشرين غزوة ، لكن لم يكن القتال منها إلا في تسع مغاز :
بدر ،
وأحد ،
والخندق ،
وبني المصطلق ،
والغابة ، وفتح
خيبر ، وفتح
مكة ،
وحنين ،
والطائف ، وهي آخر غزوات القتال . لكن لما حاصر
الطائف [37] ، وكان بعدها غزوة
تبوك ، وهي آخر المغازي وأكثرها عددا وأشقها على الناس ، وفيها أنزل الله سورة براءة ، لكن لم يكن فيها قتال .
وما يذكره جهال الحجاج من حصار
تبوك كذب لا أصل له ، فلم يكن
بتبوك حصن ولا مقاتلة . وقد أقام بها رسول الله
[38] - صلى الله عليه وسلم -
[ ص: 196 ] عشرين ليلة ، ثم رجع إلى
المدينة النبوية .
وإذا كان
جعفر أفضل
بني هاشم بعد
nindex.php?page=showalam&ids=8علي في حياته ، ثم مع هذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة - وهو من
كلب - عليه
[39] ، علم أن التقديم بفضيلة الإيمان والتقوى ، وبحسب أمور أخر ، بحسب المصلحة لا بالنسب . ولهذا
nindex.php?page=treesubj&link=31137_31139_31201قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر على أقاربه ؛ لأن رسول الله يأمر بأمر الله ، ليس من الملوك الذين يقدمون بأهوائهم لأقاربهم ومواليهم وأصدقائهم . وكذلك كان
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر - رضي الله عنهما - حتى قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : "
nindex.php?page=treesubj&link=34059من أمر رجلا لقرابة أو صداقة بينهما ، وهو يجد في المسلمين خيرا منه ، فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين " .
وَهَؤُلَاءِ
nindex.php?page=treesubj&link=31309_21385الْإِمَامِيَّةُ يَدَّعُونَ ثُبُوتَ إِمَامَتِهِ بِالنَّصِّ ، وَأَنَّهُ كَانَ مَعْصُومًا هُوَ وَكَثِيرٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ، وَأَنَّ الْقَوْمَ ظَلَمُوهُ وَغَصَبُوهُ .
وَدَعْوَى الْعِصْمَةِ تُضَاهِي الْمُشَارَكَةَ فِي النُّبُوَّةِ . فَإِنَّ الْمَعْصُومَ يَجِبُ
[ ص: 188 ] اتِّبَاعُهُ فِي [ كُلِّ ] مَا يَقُولُ
[1] ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَالَفَ فِي شَيْءٍ . وَهَذِهِ خَاصَّةُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَلِهَذَا أُمِرْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=136قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 136 ] ، فَأَمَرَنَا أَنْ نَقُولَ : آمَنَّا بِمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ .
وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 285 ] .
وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ) [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 177 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=30172_28739_29786فَالْإِيمَانُ بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّونَ مِمَّا أُمِرْنَا أَنْ نَقُولَهُ وَنُؤْمِنَ بِهِ . وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ : أَنَّهُ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِكُلِّ نَبِيٍّ ، وَمَنْ كَفَرَ بِنَبِيٍّ وَاحِدٍ فَهُوَ كَافِرٌ ، وَمَنْ سَبَّهُ وَجَبَ قَتْلُهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ .
وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَنْ سِوَى الْأَنْبِيَاءِ ، سَوَاءٌ سُمُّوا أَوْلِيَاءَ أَوْ أَئِمَّةً [ أَوْ حُكَمَاءَ ]
[2] أَوْ عُلَمَاءَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ .
nindex.php?page=treesubj&link=21385فَمَنْ جَعَلَ بَعْدَ الرَّسُولِ مَعْصُومًا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِكُلِّ مَا يَقُولُهُ فَقَدْ أَعْطَاهُ مَعْنَى النُّبُوَّةِ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ لَفْظَهَا .
وَيُقَالُ لِهَذَا : مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ
أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا
[ ص: 189 ] مَأْمُورِينَ بِاتِّبَاعِ شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ ؟
وَكَثِيرٌ مِنَ الْغُلَاةِ فِي الْمَشَايِخِ يَعْتَقِدُ أَحَدُهُمْ فِي شَيْخِهِ نَحْوَ ذَلِكَ . وَيَقُولُونَ
[3] : الشَّيْخُ مَحْفُوظٌ ، وَيَأْمُرُونَ بِاتِّبَاعِ الشَّيْخِ فِي كُلِّ مَا يَفْعَلُ ، لَا يُخَالَفُ فِي شَيْءٍ أَصْلًا . وَهَذَا مِنْ جِنْسِ غُلُوِّ
الرَّافِضَةِ وَالنَّصَارَى وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ : تَدَّعِي فِي أَئِمَّتِهَا أَنَّهُمْ كَانُوا مَعْصُومِينَ .
وَأَصْحَابُ
ابْنِ تُومَرْتَ [4] الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ يَقُولُونَ : إِنَّهُ مَعْصُومٌ ، وَيَقُولُونَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ : الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ وَالْمَهْدِيُّ الْمَعْلُومُ ، وَيُقَالُ : إِنَّهُمْ قَتَلُوا بَعْضَ مَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ مُخَالِفَةٌ لِدِينِ الْإِسْلَامِ : لِلْكِتَابِ
[5] وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا . فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ) الْآيَةَ [ سُورَةُ النِّسَاءِ : 59 ]
[ ص: 190 ] ، فَلَمْ يَأْمُرْنَا بِالرَّدِّ عِنْدَ التَّنَازُعِ إِلَّا إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ
[6] ،
nindex.php?page=treesubj&link=21385فَمَنْ أَثْبَتَ شَخْصًا مَعْصُومًا غَيْرَ الرَّسُولِ أَوْجَبَ رَدَّ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ
[7] إِلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ عِنْدَهُ إِلَّا الْحَقَّ كَالرَّسُولِ . وَهَذَا خِلَافُ الْقُرْآنِ .
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَعْصُومَ تَجِبُ طَاعَتُهُ مُطْلَقًا بِلَا قَيْدٍ ، وَمُخَالِفُهُ يَسْتَحِقُّ الْوَعِيدَ . وَالْقُرْآنُ إِنَّمَا أَثْبَتَ هَذَا فِي حَقِّ الرَّسُولِ خَاصَّةً . قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=69وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ) [ سُورَةُ النِّسَاءِ : 69 ] . وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=23وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) [ سُورَةُ الْجِنِّ : 23 ] . فَدَلَّ الْقُرْآنُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ مَنْ أَطَاعَ الرَّسُولَ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي ذَلِكَ طَاعَةَ مَعْصُومٍ آخَرَ .
وَمَنْ عَصَى الرَّسُولَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَعِيدِ ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ أَطَاعَ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مَعْصُومٌ ، فَالرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الَّذِي فَرَّقَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ ، وَبَيْنَ الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ ، وَبَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ، وَبَيْنَ الْغَيِّ وَالرَّشَادِ ، وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ ، وَجَعَلَهُ الْقَسِيمَ الَّذِي قَسَّمَ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ إِلَى شَقِيٍّ وَسَعِيدٍ ، فَمَنِ اتَّبَعَهُ فَهُوَ السَّعِيدُ ، وَمَنْ خَالَفَهُ فَهُوَ الشَّقِيُّ . وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَرْتَبَةُ لِغَيْرِهِ .
وَلِهَذَا اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ - أَهْلُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ - عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21385_22356_22363كُلَّ شَخْصٍ [ ص: 191 ] سِوَى الرَّسُولِ فَإِنَّهُ [8] يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ ، إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ يَجِبُ تَصْدِيقُهُ فِي كُلِّ مَا أَخْبَرَ ، وَطَاعَتُهُ فِي كُلِّ مَا أَمَرَ ، فَإِنَّهُ الْمَعْصُومُ الَّذِي
[9] لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ، وَهُوَ الَّذِي يُسْأَلُ النَّاسُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=6فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ) [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ : 6 ] .
وَهُوَ الَّذِي يُمْتَحَنُ بِهِ النَّاسُ
[10] فِي قُبُورِهِمْ ، فَيُقَالُ لِأَحَدِهِمْ : مَنْ رَبُّكَ ؟ وَمَا دِينُكَ ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ ؟ وَيُقَالُ : مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ، فَيَقُولُ : هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ . وَلَوْ ذَكَرَ بَدَلَ الرَّسُولِ مَنْ ذَكَرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالْأَئِمَّةِ
[11] وَالتَّابِعِينَ وَالْعُلَمَاءِ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ ، وَلَا يُمْتَحَنُ فِي قَبْرِهِ بِشَخْصٍ غَيْرِ الرَّسُولِ .
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مَا يُعْتَذَرُ بِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ فِيمَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ يُعْتَذَرُ بِأَقْوَى
[12] مِنْهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا قَاتَلَ عَلَى الْوِلَايَةِ ، وَقُتِلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ [ عَظِيمٌ ]
[13] ، وَلَمْ يَحْصُلْ فِي وِلَايَتِهِ لَا قِتَالٌ لِلْكُفَّارِ ، وَلَا فَتْحٌ لِبِلَادِهِمْ ، وَلَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي زِيَادَةِ خَيْرٍ ، وَقَدْ وَلَّى مِنْ أَقَارِبِهِ مَنْ وَلَّاهُ ، فَوِلَايَةُ الْأَقَارِبِ مُشْتَرَكَةٌ ، وَنُوَّابُ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ كَانُوا أَطْوَعَ مِنْ نُوَّابِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَأَبْعَدَ عَنْ
[ ص: 192 ] الشَّرِّ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28833_31277_33711_33707الْأَمْوَالُ الَّتِي تَأَوَّلَ فِيهَا [ عُثْمَانُ ] [14] ، فَكَمَا تَأَوَّلَ عَلِيٌّ فِي الدِّمَاءِ . وَأَمْرُ الدِّمَاءِ أَخْطَرُ وَأَعْظَمُ .
وَيُقَالُ : ثَانِيًا : هَذَا النَّصُّ الَّذِي تَدَّعُونَهُ أَنْتُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ اخْتِلَافًا يُوجِبُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَكُمْ مَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِيهِ ، بَلْ كُلُّ قَوْمٍ مِنْكُمْ يَفْتَرُونَ مَا شَاءُوا .
وَأَيْضًا فَجَمَاهِيرُ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَ : إِنَّا نَعْلَمُ عِلْمًا يَقِينًا
[15] ، بَلْ ضَرُورِيًّا كَذِبَ هَذَا النَّصِّ ، بِطُرُقٍ كَثِيرَةٍ مَبْسُوطَةٍ فِي مَوَاضِعِهَا .
وَيُقَالُ
[16] : ثَالِثًا : إِذَا كَانَ كَذَلِكَ ظَهَرَتْ حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ ؛ فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ يَقُولُ : إِنَّ
بَنِي أُمَيَّةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي حَيَاتِهِ ، وَاسْتَعْمَلَهُمْ بَعْدَهُ مَنْ لَا يُتَّهَمُ بِقَرَابَةٍ : فِيهِمْ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - . وَلَا نَعْرِفُ قَبِيلَةً مِنْ قَبَائِلِ
قُرَيْشٍ فِيهَا عُمَّالٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرُ مِنْ
بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا كَثِيرِينَ ، وَكَانَ فِيهِمْ شَرَفٌ وَسُؤْدُدٌ ، فَاسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عِزَّةِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَفْضَلِ الْأَرْضِ
مَكَّةَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى
نَجْرَانَ nindex.php?page=showalam&ids=12026أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ ، وَاسْتَعْمَلَ [ أَيْضًا ]
[17] nindex.php?page=showalam&ids=2467خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَلَى صَدَقَاتِ
بَنِي مَذْحِجٍ [ ص: 193 ] وَعَلَى صَنْعَاءَ
الْيَمَنِ ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا
[18] حَتَّى مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَعْمَلَ
عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَلَى تَيْمَاءَ
وَخَيْبَرَ وَقُرَى عُرَيْنَةَ ، وَاسْتَعْمَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=11786أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَلَى بَعْضِ السَّرَايَا ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى
الْبَحْرِينِ فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا بَعْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=386الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ حَتَّى تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَعْمَلَ
[19] الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ حَتَّى أَنْزَلَ [ اللَّهُ ] فِيهِ :
[20] (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=6إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ) الْآيَةَ [ سُورَةُ الْحُجُرَاتِ : 6 ] .
فَيَقُولُ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ : أَنَا لَمْ أَسْتَعْمِلْ إِلَّا مَنِ اسْتَعْمَلَهُ
[21] النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ
[22] وَمِنْ جِنْسِهِمْ وَمِنْ قَبِيلَتِهِمْ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرُ بَعْدَهُ ، [ فَقَدْ وَلَّى
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ فِي فُتُوحِ
الشَّامِ ، وَأَقَرَّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ ، ثُمَّ وَلَّى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بَعْدَهُ أَخَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ ]
[23] .
وَهَذَا النَّقْلُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اسْتِعْمَالِ هَؤُلَاءِ ثَابِتٌ مَشْهُورٌ [ عَنْهُ ]
[24] ، بَلْ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ
[25] أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَمِنْهُ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ
[26] ، وَمِنْهُ مَا يَعْرِفُهُ الْعُلَمَاءُ مِنْهُمْ ، وَلَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ .
فَكَانَ الِاحْتِجَاجُ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ
بَنِي أُمَيَّةَ بِالنَّصِّ الثَّابِتِ عَنِ
[ ص: 194 ] النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَظْهَرَ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ مِنْ دَعْوَى كَوْنِ الْخِلَافَةِ فِي وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ
بَنِي هَاشِمٍ بِالنَّصِّ ؛ لِأَنَّ هَذَا كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ ، [ وَذَاكَ صِدْقٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ
[27] .
وَأَمَّا
بَنُو هَاشِمٍ فَلَمْ يَسْتَعْمِلِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى
الْيَمَنِ . وَوَلَّى أَيْضًا عَلَى
الْيَمَنِ nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ nindex.php?page=showalam&ids=110وَأَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ ، وَوَلَّى
nindex.php?page=showalam&ids=315جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى قِتَالِ
مُؤْتَةَ ، وَوَلَّى قَبْلَ
جَعْفَرٍ nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ [28] [ مَوْلَاهُ ]
[29] ، وَقِيلَ :
nindex.php?page=showalam&ids=82عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ . فَهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=30897_31621_31624رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَدِّمُ فِي الْوِلَايَةِ nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مَوْلَاهُ ، وَهُوَ مِنْ كَلْبٍ ، عَلَى nindex.php?page=showalam&ids=315جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسَ سَأَلَهُ وِلَايَةً فَلَمْ يُولِّهِ إِيَّاهَا .
وَلَيْسَ فِي
بَنِي هَاشِمٍ بَعْدَ عَلِيٍّ أَفْضَلُ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=135حَمْزَةَ وَجَعْفَرٍ [
وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الَّذِي قُتِلَ يَوْمَ
بَدْرٍ ]
[30] ، فَحَمْزَةُ
[31] لَمْ يَتَوَلَّ شَيْئًا ، فَإِنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ
أُحُدٍ شَهِيدًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - .
وَمَا يَنْقُلُهُ بَعْضُ التُّرْكِ ، بَلْ وَشُيُوخُهُمْ ، مِنْ سِيرَةِ حَمْزَةَ وَيَتَدَاوَلُونَهَا بَيْنَهُمْ ، وَيَذْكُرُونَ لَهُ حُرُوبًا وَحِصَارَاتٍ وَغَيْرَ ذَلِكَ ، فَكُلُّهُ
[32] كَذِبٌ ، مِنْ جِنْسِ مَا يَذْكُرُهُ الذَّاكِرُونَ
[33] مِنَ الْغَزَوَاتِ الْمَكْذُوبَةِ عَلَى
عَلِيِّ بْنِ أَبِي [ ص: 195 ] طَالِبٍ ، بَلْ وَعَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، [ مِنْ جِنْسِ مَا يَذْكُرُهُ
أَبُو الْحَسَنِ الْبَكْرِيُّ صَاحِبُ " تَنَقُّلَاتِ الْأَنْوَارِ " فِيمَا وَضَعَهُ مِنَ السِّيرَةِ
[34] ، فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يَفْتَرِيهِ الْكَذَّابُونَ مِنْ سِيرَةِ دَاهِمَةٍ وَالْبَطَّالِينَ
[35] وَالْعَيَّارِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ ]
[36] .
فَإِنَّ مَغَازِيَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعْرُوفَةٌ مَضْبُوطَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَكَانَتْ بِضْعًا وَعِشْرِينَ غَزْوَةً ، لَكِنْ لَمْ يَكُنِ الْقِتَالُ مِنْهَا إِلَّا فِي تِسْعِ مُغَازٍ :
بَدْرٍ ،
وَأُحُدٍ ،
وَالْخَنْدَقِ ،
وَبَنِي الْمُصْطَلَقِ ،
وَالْغَابَةِ ، وَفَتْحِ
خَيْبَرَ ، وَفَتْحِ
مَكَّةَ ،
وَحُنَيْنٍ ،
وَالطَّائِفِ ، وَهِيَ آخِرُ غَزَوَاتِ الْقِتَالِ . لَكِنْ لَمَّا حَاصَرَ
الطَّائِفَ [37] ، وَكَانَ بَعْدَهَا غَزْوَةُ
تَبُوكَ ، وَهِيَ آخِرُ الْمَغَازِي وَأَكْثَرُهَا عَدَدًا وَأَشَقُّهَا عَلَى النَّاسِ ، وَفِيهَا أَنْزَلَ اللَّهُ سُورَةَ بَرَاءَةَ ، لَكِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قِتَالٌ .
وَمَا يَذْكُرُهُ جُهَّالُ الْحُجَّاجِ مِنْ حِصَارِ
تَبُوكَ كَذِبٌ لَا أَصْلَ لَهُ ، فَلَمْ يَكُنْ
بِتَبُوكَ حِصْنٌ وَلَا مُقَاتِلَةٌ . وَقَدْ أَقَامَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ
[38] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[ ص: 196 ] عِشْرِينَ لَيْلَةً ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى
الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ .
وَإِذَا كَانَ
جَعْفَرٌ أَفْضَلَ
بَنِي هَاشِمٍ بَعْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ فِي حَيَاتِهِ ، ثُمَّ مَعَ هَذَا أَمَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ - وَهُوَ مِنْ
كَلْبٍ - عَلَيْهِ
[39] ، عُلِمَ أَنَّ التَّقْدِيمَ بِفَضِيلَةِ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى ، وَبِحَسْبِ أُمُورٍ أُخَرَ ، بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ لَا بِالنَّسَبِ . وَلِهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=31137_31139_31201قَدَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ عَلَى أَقَارِبِهِ ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَأْمُرُ بِأَمْرِ اللَّهِ ، لَيْسَ مِنَ الْمُلُوكِ الَّذِينَ يُقَدِّمُونَ بِأَهْوَائِهِمْ لِأَقَارِبِهِمْ وَمَوَالِيهِمْ وَأَصْدِقَائِهِمْ . وَكَذَلِكَ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حَتَّى قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ : "
nindex.php?page=treesubj&link=34059مَنْ أَمَّرَ رَجُلًا لِقَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ بَيْنَهُمَا ، وَهُوَ يَجِدُ فِي الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا مِنْهُ ، فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَخَانَ الْمُؤْمِنِينَ " .