وأما
nindex.php?page=treesubj&link=22677_28833_31277_31276قوله : " إنه زاد الأذان الثاني يوم الجمعة ، وهو بدعة ، فصار
[1] سنة إلى الآن " .
فالجواب : أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا - رضي الله عنه - كان ممن يوافق على ذلك في حياة
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان وبعد مقتله . ولهذا لما صار خليفة لم يأمر بإزالة هذا الأذان ، كما أمر بما أنكره من ولاية طائفة من عمال
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، بل أمر بعزل
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية وغيره . ومعلوم أن إبطال هذه البدعة كان أهون عليه من عزل أولئك [ ومقاتلتهم التي عجز عنها ، فكان على إزالة هذه البدعة من الكوفة ونحوها من أعماله أقدر منه على إزالة أولئك ، ولو أزال ذلك لعلمه الناس ونقلوه ]
[2] .
فإن قيل : كان الناس لا يوافقونه على إزالتها .
قيل : فهذا دليل على أن الناس وافقوا
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان على استحبابها واستحسانها ، حتى الذين قاتلوا مع
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=56كعمار nindex.php?page=showalam&ids=3753وسهل بن حنيف وغيرهما من السابقين الأولين . وإلا فهؤلاء الذين هم أكابر الصحابة لو أنكروا ذلك لم يخالفهم غيرهم ، وإن قدر أن في الصحابة من كان ينكر
[ ص: 291 ] هذا
[3] ومنهم من لا ينكره ، كان ذلك من مسائل الاجتهاد ، ولم يكن
[4] هذا مما يعاب به
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان .
وقول القائل : هي بدعة . إن أراد بذلك أنه لم يكن يفعل قبل ذلك ، فكذلك قتال أهل القبلة بدعة ، فإنه لم يعرف أن إماما قاتل أهل القبلة قبل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي . وأين قتال أهل القبلة من الأذان ؟ !
فإن قيل : بل البدعة ما فعل بغير دليل شرعي .
قيل لهم : فمن أين
[5] لكم أن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان فعل هذا بغير دليل شرعي ؟ وأن
[6] nindex.php?page=showalam&ids=8عليا قاتل أهل القبلة بدليل شرعي ؟
[ وأيضا ] فإن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي [ بن أبي طالب ] - رضي الله عنه -
[7] أحدث في خلافته العيد الثاني بالجامع ، فإن السنة المعروفة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=1وأبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان أنه لا يصلى في المصر إلا جمعة واحدة ، ولا يصلى يوم النحر والفطر إلا عيد واحد . والجمعة كانوا يصلونها في المسجد ، والعيد يصلونه بالصحراء . وكان
[8] النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة وعرفة قبل الصلاة ، وفي العيد بعد الصلاة . واختلف عنه في الاستسقاء .
فلما كان على عهد
nindex.php?page=showalam&ids=8علي قيل له : إن بالبلد
[9] ضعفاء لا يستطيعون
[ ص: 292 ] الخروج إلى المصلى ، فاستخلف عليهم رجلا صلى
[10] بالناس بالمسجد . قيل : إنه صلى ركعتين بتكبير ، وقيل : بل صلى أربعا بلا تكبير .
وأيضا فإن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عرف في خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بالبصرة ، ولم يرو عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي [11] أنه أنكر ذلك .
وما فعله
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان من النداء الأول اتفق عليه الناس بعده : أهل المذاهب الأربعة وغيرهم ، كما اتفقوا على ما سنه أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر من
nindex.php?page=treesubj&link=31221جمع الناس في رمضان على إمام واحد .
وأما ما سنه علي من إقامة عيدين
[12] فتنازع العلماء فيه وفي الجمعة على ثلاثة أقوال . قيل : إنه لا يشرع في المصر إلا جمعة واحدة وعيد واحد ، كقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وبعض أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، لأنه السنة . وقيل : بل يشرع تعدد صلاة العيد في المصر دون الجمعة ، كقول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في إحدى الروايتين . لكن قائل هذا بناه على أن صلاة العيد لا يشترط لها الإقامة والعدد كما يشترط للجمعة . وقالوا : إنها تصلى في الحضر والسفر
[13] . وهذا خلاف المتواتر من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنة خلفائه الراشدين . وقيل : بل يجوز عند الحاجة أن تصلى جمعتان في المصر ، كما صلى علي عيدين للحاجة . وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في المشهور عنه ، وأكثر أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وأكثر المتأخرين من
[ ص: 293 ] أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وهؤلاء يحتجون بفعل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي [ بن أبي طالب ]
[14] لأنه من الخلفاء الراشدين .
وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل جوز التعريف بالأمصار ، واحتج بأن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فعله
بالبصرة . وكان ذلك في خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس نائبه
بالبصرة .
فأحمد بن حنبل وكثير من العلماء يتبعون
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا فيما سنه ، كما يتبعون
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان فيما سناه . وآخرون من العلماء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867كمالك وغيره ، لا يتبعون
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا فيما سنه ، وكلهم متفقون على اتباع
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان فيما سناه . فإن جاز القدح في
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان فيما سناه - وهذا حاله - فلأن يقدح في
nindex.php?page=showalam&ids=8علي فيما سنه - وهذا حاله - بطريق الأولى .
وإن قيل بأن ما فعله علي سائغ لا يقدح فيه ، لأنه باجتهاده ، أو لأنه سنة يتبع فيه ، فلأن يكون ما فعله
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان كذلك بطريق الأولى .
ومن هذا الباب ما يذكر مما فعله
[15] nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، مثل تضعيف الصدقة ، التي هي جزية في المعنى ، على نصارى
بني تغلب ، وأمثال ذلك .
ثم من العجب أن
الرافضة تنكر شيئا فعله
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بمشهد من
الأنصار والمهاجرين ، ولم ينكروه عليه ، واتبعه
[16] المسلمون كلهم عليه في أذان الجمعة ، وهم قد زادوا في الأذان شعارا لم يكن يعرف على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ولا نقل
[17] أحد أن النبي - صلى الله عليه
[ ص: 294 ] وسلم ] -
[18] أمر بذلك في الأذان ، وهو قولهم : " حي على خير العمل " .
وغاية ما ينقل إن صح النقل ، أن بعض الصحابة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12كابن عمر - رضي الله عنهما - ، كان يقول ذلك أحيانا على سبيل التوكيد ، كما كان بعضهم يقول بين النداءين : حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، وهذا يسمى نداء الأمراء ، [ وبعضهم يسميه التثويب ]
[19] ورخص
[20] فيه بعضهم ، وكرهه أكثر العلماء ، ورووا عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وابنه وغيرهما كراهة
[21] ذلك .
ونحن نعلم بالاضطرار أن الأذان ، الذي كان يؤذنه
nindex.php?page=showalam&ids=115بلال [22] nindex.php?page=showalam&ids=100وابن أم مكتوم في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بالمدينة ،
وأبو محذورة [23] بمكة ،
وسعد القرظ في
قباء ، لم يكن فيه هذا الشعار الرافضي . ولو كان فيه لنقله المسلمون ولم يهملوه ، كما نقلوا ما هو أيسر منه . فلما لم يكن في الذين نقلوا الأذان من ذكر هذه الزيادة ، علم
[24] أنها بدعة باطلة .
وهؤلاء الأربعة كانوا يؤذنون بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم ، ومنه تعلموا الأذان ، وكانوا يؤذنون في أفضل المساجد :
مسجد مكة ،
ومسجد المدينة ، ومسجد
قباء . وأذانهم متواتر عند العامة والخاصة .
[ ص: 295 ] ومعلوم أن نقل المسلمين للأذان أعظم من نقلهم إعراب آية ، كقوله : ( وأرجلكم ) ونحو ذلك . ولا شيء أشهر في
[25] شعائر الإسلام من الأذان ، فنقله أعظم من نقل [ سائر ]
[26] شعائر الإسلام .
nindex.php?page=treesubj&link=22686_22677وإن قيل : فقد اختلف في صفته [27] .
قيل : بل كل ما ثبت به النقل فهو صحيح سنة ، ولا ريب أن تعليم [ النبي - صلى الله عليه وسلم - ]
أبا محذورة [28] الأذان
[29] ، وفيه الترجيع ، والإقامة مثناة كالأذان . ولا ريب أن
nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا أمر أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة ، ولم يكن في أذانه ترجيع . فنقل إفراد الإقامة صحيح بلا ريب ، ونقل تثنيتها صحيح بلا ريب ، وأهل العلم بالحديث يصححون هذا وهذا .
وهذا مثل أنواع التشهدات
[30] المنقولات . ولكن اشتهر
بالحجاز آخرا إفراد الإقامة التي علمها النبي - صلى الله عليه وسلم - بلالا
[31] . وأما الترجيع فهو يقال سرا . وبعض الناس يقول : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه
لأبي محذورة ليثبت الإيمان في قلبه ، لا أنه من الأذان . فقد اتفقوا على
[ ص: 296 ] أنه لقنه
أبا محذورة ، فلم يبق بين الناس خلاف في نقل الأذان المعروف .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=22677_28833_31277_31276قَوْلُهُ : " إِنَّهُ زَادَ الْأَذَانَ الثَّانِيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَهُوَ بِدْعَةٌ ، فَصَارَ
[1] سُنَّةً إِلَى الْآنِ " .
فَالْجَوَابُ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مِمَّنْ يُوَافِقُ عَلَى ذَلِكَ فِي حَيَاةِ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ وَبَعْدَ مَقْتَلِهِ . وَلِهَذَا لَمَّا صَارَ خَلِيفَةً لَمْ يَأْمُرْ بِإِزَالَةِ هَذَا الْأَذَانِ ، كَمَا أَمَرَ بِمَا أَنْكَرَهُ مِنْ وِلَايَةِ طَائِفَةٍ مِنْ عُمَّالِ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ ، بَلْ أَمَرَ بِعَزْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ وَغَيْرِهِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ إِبْطَالَ هَذِهِ الْبِدْعَةِ كَانَ أَهْوَنَ عَلَيْهِ مِنْ عَزْلِ أُولَئِكَ [ وَمُقَاتَلَتِهِمُ الَّتِي عَجَزَ عَنْهَا ، فَكَانَ عَلَى إِزَالَةِ هَذِهِ الْبِدْعَةِ مِنَ الْكُوفَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَعْمَالِهِ أَقْدَرَ مِنْهُ عَلَى إِزَالَةِ أُولَئِكَ ، وَلَوْ أَزَالَ ذَلِكَ لَعَلِمَهُ النَّاسُ وَنَقَلُوهُ ]
[2] .
فَإِنْ قِيلَ : كَانَ النَّاسُ لَا يُوَافِقُونَهُ عَلَى إِزَالَتِهَا .
قِيلَ : فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّاسَ وَافَقُوا
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا وَاسْتِحْسَانِهَا ، حَتَّى الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=56كَعَمَّارٍ nindex.php?page=showalam&ids=3753وَسَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ وَغَيْرِهِمَا مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ . وَإِلَّا فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ لَوْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ لَمْ يُخَالِفْهُمْ غَيْرُهُمْ ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ كَانَ يُنْكِرُ
[ ص: 291 ] هَذَا
[3] وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُنْكِرُهُ ، كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ ، وَلَمْ يَكُنْ
[4] هَذَا مِمَّا يُعَابُ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ .
وَقَوْلُ الْقَائِلِ : هِيَ بِدْعَةٌ . إِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُفْعَلُ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَكَذَلِكَ قِتَالُ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِدْعَةٌ ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ إِمَامًا قَاتَلَ أَهْلَ الْقِبْلَةِ قَبْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ . وَأَيْنَ قِتَالُ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مِنَ الْأَذَانِ ؟ !
فَإِنْ قِيلَ : بَلِ الْبِدْعَةُ مَا فُعِلَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ .
قِيلَ لَهُمْ : فَمِنْ أَيْنَ
[5] لَكُمْ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ فَعَلَ هَذَا بِغَيْرِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ ؟ وَأَنَّ
[6] nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا قَاتَلَ أَهْلَ الْقِبْلَةِ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ ؟
[ وَأَيْضًا ] فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيَّ [ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ] - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
[7] أَحْدَثَ فِي خِلَافَتِهِ الْعِيدَ الثَّانِي بِالْجَامِعِ ، فَإِنَّ السُّنَّةَ الْمَعْرُوفَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=showalam&ids=1وَأَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانَ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى فِي الْمِصْرِ إِلَّا جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَلَا يُصَلَّى يَوْمَ النَّحْرِ وَالْفِطْرِ إِلَّا عِيدٌ وَاحِدٌ . وَالْجُمُعَةُ كَانُوا يُصَلُّونَهَا فِي الْمَسْجِدِ ، وَالْعِيدُ يُصَلُّونَهُ بِالصَّحْرَاءِ . وَكَانَ
[8] النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعَرَفَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ ، وَفِي الْعِيدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ . وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ .
فَلَمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ قِيلَ لَهُ : إِنَّ بِالْبَلَدِ
[9] ضُعَفَاءٌ لَا يَسْتَطِيعُونَ
[ ص: 292 ] الْخُرُوجَ إِلَى الْمُصَلَّى ، فَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا صَلَّى
[10] بِالنَّاسِ بِالْمَسْجِدِ . قِيلَ : إِنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِتَكْبِيرٍ ، وَقِيلَ : بَلْ صَلَّى أَرْبَعًا بِلَا تَكْبِيرٍ .
وَأَيْضًا فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ عُرِفَ فِي خِلَافَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ بِالْبَصْرَةِ ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ [11] أَنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ .
وَمَا فَعَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ مِنَ النِّدَاءِ الْأَوَّلِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ النَّاسُ بَعْدَهُ : أَهْلُ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرُهُمْ ، كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى مَا سَنَّهُ أَيْضًا
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=31221جَمْعِ النَّاسِ فِي رَمَضَانَ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ .
وَأَمَّا مَا سَنَّهُ عَلِيٌّ مِنْ إِقَامَةِ عِيدَيْنِ
[12] فَتَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ وَفِي الْجُمُعَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ . قِيلَ : إِنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي الْمِصْرِ إِلَّا جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ وَعِيدٌ وَاحِدٌ ، كَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ، لِأَنَّهُ السُّنَّةُ . وَقِيلَ : بَلْ يُشْرَعُ تَعَدُّدُ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمِصْرِ دُونَ الْجُمُعَةِ ، كَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ . لَكِنَّ قَائِلَ هَذَا بَنَاهُ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ لَا يُشْتَرَطُ لَهَا الْإِقَامَةُ وَالْعَدَدُ كَمَا يُشْتَرَطُ لِلْجُمُعَةِ . وَقَالُوا : إِنَّهَا تُصَلَّى فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ
[13] . وَهَذَا خِلَافُ الْمُتَوَاتِرِ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُنَّةِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ . وَقِيلَ : بَلْ يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ أَنْ تُصَلَّى جُمُعَتَانِ فِي الْمِصْرِ ، كَمَا صَلَّى عَلِيٌّ عِيدَيْنِ لِلْحَاجَةِ . وَهَذَا مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ ، وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ
[ ص: 293 ] أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . وَهَؤُلَاءِ يَحْتَجُّونَ بِفِعْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ [ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ]
[14] لِأَنَّهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ جَوَّزَ التَّعْرِيفَ بِالْأَمْصَارِ ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ فَعَلَهُ
بِالْبَصْرَةِ . وَكَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ نَائِبَهُ
بِالْبَصْرَةِ .
فَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ يَتَّبِعُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا فِيمَا سَنَّهُ ، كَمَا يَتَّبِعُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانَ فِيمَا سَنَّاهُ . وَآخَرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867كَمَالِكٍ وَغَيْرِهِ ، لَا يَتَّبِعُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا فِيمَا سَنَّهُ ، وَكُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى اتِّبَاعِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانَ فِيمَا سَنَّاهُ . فَإِنْ جَازَ الْقَدْحُ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانَ فِيمَا سَنَّاهُ - وَهَذَا حَالُهُ - فَلَأَنْ يُقْدَحَ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ فِيمَا سَنَّهُ - وَهَذَا حَالُهُ - بِطَرِيقِ الْأَوْلَى .
وَإِنْ قِيلَ بِأَنَّ مَا فَعَلَهُ عَلِيٌّ سَائِغٌ لَا يُقْدَحُ فِيهِ ، لِأَنَّهُ بِاجْتِهَادِهِ ، أَوْ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ يُتَّبَعُ فِيهِ ، فَلَأَنْ يَكُونُ مَا فَعَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانُ كَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى .
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا يُذْكَرُ مِمَّا فَعَلَهُ
[15] nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ ، مِثْلُ تَضْعِيفِ الصَّدَقَةِ ، الَّتِي هِيَ جِزْيَةٌ فِي الْمَعْنَى ، عَلَى نَصَارَى
بَنِي تَغْلَبٍ ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ .
ثُمَّ مِنَ الْعَجَبِ أَنَّ
الرَّافِضَةَ تُنْكِرُ شَيْئًا فَعَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ بِمَشْهَدٍ مِنَ
الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ ، وَلَمْ يُنْكِرُوهُ عَلَيْهِ ، وَاتَّبَعَهُ
[16] الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ عَلَيْهِ فِي أَذَانِ الْجُمُعَةِ ، وَهُمْ قَدْ زَادُوا فِي الْأَذَانِ شِعَارًا لَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [ وَلَا نَقَلَ
[17] أَحَدٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
[ ص: 294 ] وَسَلَّمَ ] -
[18] أَمَرَ بِذَلِكَ فِي الْأَذَانِ ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ : " حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ " .
وَغَايَةُ مَا يُنْقَلُ إِنْ صَحَّ النَّقْلُ ، أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12كَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ، كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ أَحْيَانًا عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ ، كَمَا كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ بَيْنَ النِّدَاءَيْنِ : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، وَهَذَا يُسَمَّى نِدَاءُ الْأُمَرَاءِ ، [ وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهِ التَّثْوِيبَ ]
[19] وَرَخَّصَ
[20] فِيهِ بَعْضُهُمْ ، وَكَرِهَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ ، وَرَوَوْا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ وَابْنِهِ وَغَيْرِهِمَا كَرَاهَةَ
[21] ذَلِكَ .
وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الْأَذَانَ ، الَّذِي كَانَ يُؤَذِّنُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=115بِلَالٌ [22] nindex.php?page=showalam&ids=100وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِالْمَدِينَةِ ،
وَأَبُو مَحْذُورَةَ [23] بِمَكَّةَ ،
وَسَعْدِ الْقَرْظِ فِي
قُبَاءَ ، لَمْ يَكُنْ فِيهِ هَذَا الشِّعَارُ الرَّافِضِيُّ . وَلَوْ كَانَ فِيهِ لَنَقَلَهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَمْ يُهْمِلُوهُ ، كَمَا نَقَلُوا مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْهُ . فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الَّذِينَ نَقَلُوا الْأَذَانَ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ ، عُلِمَ
[24] أَنَّهَا بِدْعَةٌ بَاطِلَةٌ .
وَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ كَانُوا يُؤَذِّنُونَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِنْهُ تَعَلَّمُوا الْأَذَانَ ، وَكَانُوا يُؤَذِّنُونَ فِي أَفْضَلِ الْمَسَاجِدِ :
مَسْجِدِ مَكَّةَ ،
وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ ، وَمَسْجِدِ
قُبَاءَ . وَأَذَانُهُمْ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ .
[ ص: 295 ] وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَقْلَ الْمُسْلِمِينَ لِلْأَذَانِ أَعْظَمُ مِنْ نَقْلِهِمْ إِعْرَابَ آيَةٍ ، كَقَوْلِهِ : ( وَأَرْجُلَكُمْ ) وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَلَا شَيْءَ أَشْهَرُ فِي
[25] شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْأَذَانِ ، فَنَقْلُهُ أَعْظَمُ مِنْ نَقْلِ [ سَائِرِ ]
[26] شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ .
nindex.php?page=treesubj&link=22686_22677وَإِنْ قِيلَ : فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي صِفَتِهِ [27] .
قِيلَ : بَلْ كُلُّ مَا ثَبَتَ بِهِ النَّقْلُ فَهُوَ صَحِيحٌ سُنَّةٌ ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَعْلِيمَ [ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ]
أَبَا مَحْذُورَةَ [28] الْأَذَانَ
[29] ، وَفِيهِ التَّرْجِيعُ ، وَالْإِقَامَةَ مُثَنَّاةً كَالْأَذَانِ . وَلَا رَيْبَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=115بِلَالًا أُمِرَ أَنْ يُشَفِّعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي أَذَانِهِ تَرْجِيعٌ . فَنَقْلُ إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ صَحِيحٌ بِلَا رَيْبٍ ، وَنَقْلُ تَثْنِيَتِهَا صَحِيحٌ بِلَا رَيْبٍ ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يُصَحِّحُونَ هَذَا وَهَذَا .
وَهَذَا مِثْلُ أَنْوَاعِ التَّشَهُّدَاتِ
[30] الْمَنْقُولَاتِ . وَلَكِنِ اشْتُهِرَ
بِالْحِجَازِ آخِرًا إِفْرَادُ الْإِقَامَةِ الَّتِي عَلَّمَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا
[31] . وَأَمَّا التَّرْجِيعُ فَهُوَ يُقَالُ سِرًّا . وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ : إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَهُ
لِأَبِي مَحْذُورَةَ لِيُثَبِّتَ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ ، لَا أَنَّهُ مِنَ الْأَذَانِ . فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى
[ ص: 296 ] أَنَّهُ لَقَّنَهُ
أَبَا مَحْذُورَةَ ، فَلَمْ يَبْقَ بَيْنَ النَّاسِ خِلَافٌ فِي نَقْلِ الْأَذَانِ الْمَعْرُوفِ .