وأما
nindex.php?page=treesubj&link=33936_28833قوله : " إن nindex.php?page=showalam&ids=14592الشهرستاني من أشد المتعصبين على الإمامية " .
فليس كذلك ، بل يميل كثيرا إلى أشياء من أمورهم ، بل يذكر أحيانا أشياء
[1] من كلام
الإسماعيلية الباطنية منهم ويوجهه
[2] . ولهذا اتهمه بعض الناس [ بأنه ]
[3] من
الإسماعيلية ، وإن لم يكن الأمر كذلك ، وقد ذكر من اتهمه شواهد من كلامه وسيرته . وقد يقال : هو مع
الشيعة بوجه ، ومع أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري بوجه .
[ ص: 306 ] وقد وقع في هذا كثير من أهل الكلام والوعاظ ، وكانوا يدعون بالأدعية المأثورة في صحيفة
nindex.php?page=showalam&ids=16600علي بن الحسين ، وإن كان أكثرها كذبا على
nindex.php?page=showalam&ids=16600علي بن الحسين .
وبالجملة
فالشهرستاني يظهر الميل إلى
الشيعة ، إما بباطنه وإما مداهنة لهم ، فإن هذا الكتاب - كتاب " الملل والنحل " صنفه لرئيس من رؤسائهم ، وكانت له ولاية ديوانيه . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=14592للشهرستاني مقصود في استعطافه له . وكذلك
[4] صنف له كتاب " المصارعة " بينه وبين
nindex.php?page=showalam&ids=13251ابن سينا [5] ، لميله إلى التشيع والفلسفة . وأحسن أحواله أن يكون من
الشيعة ، إن لم يكن من
الإسماعيلية ، أعني المصنف له . ولهذا تحامل فيه
للشيعة [6] تحاملا بينا .
[ ص: 307 ] وإذا كان في غير ذلك من كتبه يبطل مذهب
الإمامية ، فهذا يدل على المداهنة لهم في هذا الكتاب لأجل من صنفه له .
وأيضا فهذه الشبهة التي حكاها
nindex.php?page=showalam&ids=14592الشهرستاني في أول كتاب " الملل والنحل " عن إبليس في مناظرته للملائكة لا تعلم إلا بالنقل ، وهو لم يذكر لها إسنادا ، بل لا إسناد لها أصلا . فإن هذه لم تنقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة ولا عن أئمة المسلمين المشهورين ، ولا هي أيضا مما هو معلوم عند أهل الكتاب
[7] .
وهذه لا تعلم إلا بالنقل عن الأنبياء ، وإنما توجد في شيء من كتب المقالات وبعض كتب
النصارى .
nindex.php?page=showalam&ids=14592والشهرستاني أكثر ما ينقله من المقالات من كتب
المعتزلة ، وهم يكذبون بالقدر . فيشبه - والله أعلم - أن يكون بعض المكذبين بالقدر وضع هذه الحكاية ليجعلها حجة على المثبتين للقدر ، كما يضعون شعرا على لسان يهودي وغير ذلك ، فإنا رأينا كثيرا من
nindex.php?page=treesubj&link=30239القدرية يضعون على لسان الكفار ما فيه حجة على الله ، ومقصودهم بذلك التكذيب بالقدر ،
[ ص: 308 ] وأن من صدق به فقد جعل للخلق حجة على الخالق ، كما وجدنا كثيرا من
الشيعة يضع حججا لهم على لسان بعض
اليهود ، ليقال لأهل السنة : أجيبوا هذا اليهودي ، ويخاطب بذلك من لا يحسن أن يبين فساد تلك الحجة من جهال العامة .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=33936_28833قَوْلُهُ : " إِنَّ nindex.php?page=showalam&ids=14592الشَّهْرَسْتَانِيَّ مِنْ أَشَدِّ الْمُتَعَصِّبِينَ عَلَى الْإِمَامِيَّةِ " .
فَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ يَمِيلُ كَثِيرًا إِلَى أَشْيَاءَ مِنْ أُمُورِهِمْ ، بَلْ يَذْكُرُ أَحْيَانًا أَشْيَاءً
[1] مِنْ كَلَامِ
الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ الْبَاطِنِيَّةِ مِنْهُمْ وَيُوَجِّهُهُ
[2] . وَلِهَذَا اتَّهَمَهُ بَعْضُ النَّاسِ [ بِأَنَّهُ ]
[3] مِنَ
الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، وَقَدْ ذَكَرَ مَنِ اتَّهَمَهُ شَوَاهِدَ مِنْ كَلَامِهِ وَسِيرَتِهِ . وَقَدْ يُقَالُ : هُوَ مَعَ
الشِّيعَةِ بِوَجْهٍ ، وَمَعَ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيِّ بِوَجْهٍ .
[ ص: 306 ] وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْوُعَّاظِ ، وَكَانُوا يَدْعُونَ بِالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ فِي صَحِيفَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16600عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهَا كَذِبًا عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16600عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ .
وَبِالْجُمْلَةِ
فَالشَّهْرَسْتَانِيُّ يُظْهِرُ الْمَيْلَ إِلَى
الشِّيعَةِ ، إِمَّا بِبَاطِنِهِ وَإِمَّا مُدَاهَنَةً لَهُمْ ، فَإِنَّ هَذَا الْكِتَابَ - كِتَابَ " الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ " صَنَّفَهُ لِرَئِيسٍ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ ، وَكَانَتْ لَهُ وِلَايَةُ دِيوَانَيْهِ . وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=14592لِلشَّهْرَسْتَانِيِّ مَقْصُودٌ فِي اسْتِعْطَافِهِ لَهُ . وَكَذَلِكَ
[4] صَنَّفَ لَهُ كِتَابَ " الْمُصَارَعَةِ " بَيْنَهُ وَبَيْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=13251ابْنِ سِينَا [5] ، لِمَيْلِهِ إِلَى التَّشَيُّعِ وَالْفَلْسَفَةِ . وَأَحْسَنُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ مِنَ
الشِّيعَةِ ، إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ
الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ ، أَعْنِي الْمُصَنِّفَ لَهُ . وَلِهَذَا تَحَامَلَ فِيهِ
لِلشِّيعَةِ [6] تَحَامُلًا بَيِّنًا .
[ ص: 307 ] وَإِذَا كَانَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِهِ يُبْطِلُ مَذْهَبَ
الْإِمَامِيَّةِ ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْمُدَاهَنَةِ لَهُمْ فِي هَذَا الْكِتَابِ لِأَجْلِ مَنْ صَنَّفَهُ لَهُ .
وَأَيْضًا فَهَذِهِ الشُّبْهَةُ الَّتِي حَكَاهَا
nindex.php?page=showalam&ids=14592الشَّهْرَسْتَانِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ " الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ " عَنْ إِبْلِيسَ فِي مُنَاظَرَتِهِ لِلْمَلَائِكَةِ لَا تُعْلَمُ إِلَّا بِالنَّقْلِ ، وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ لَهَا إِسْنَادًا ، بَلْ لَا إِسْنَادَ لَهَا أَصْلًا . فَإِنَّ هَذِهِ لَمْ تُنْقَلْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا عَنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْهُورِينَ ، وَلَا هِيَ أَيْضًا مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ
[7] .
وَهَذِهِ لَا تُعْلَمُ إِلَّا بِالنَّقْلِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَإِنَّمَا تُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمَقَالَاتِ وَبَعْضِ كُتُبِ
النَّصَارَى .
nindex.php?page=showalam&ids=14592وَالشَّهْرَسْتَانِيُّ أَكْثَرُ مَا يَنْقُلُهُ مِنَ الْمَقَالَاتِ مِنْ كُتُبِ
الْمُعْتَزِلَةِ ، وَهُمْ يُكَذِّبُونَ بِالْقَدَرِ . فَيُشْبِهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ وَضَعَ هَذِهِ الْحِكَايَةَ لِيَجْعَلَهَا حُجَّةً عَلَى الْمُثْبِتِينِ لِلْقَدَرِ ، كَمَا يَضَعُونَ شِعْرًا عَلَى لِسَانِ يَهُودِيٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَإِنَّا رَأَيْنَا كَثِيرًا مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=30239الْقَدَرِيَّةِ يَضَعُونَ عَلَى لِسَانِ الْكُفَّارِ مَا فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى اللَّهِ ، وَمَقْصُودُهُمْ بِذَلِكَ التَّكْذِيبِ بِالْقَدَرِ ،
[ ص: 308 ] وَأَنَّ مَنْ صَدَّقَ بِهِ فَقَدْ جَعَلَ لِلْخَلْقِ حُجَّةً عَلَى الْخَالِقِ ، كَمَا وَجَدْنَا كَثِيرًا مِنَ
الشِّيعَةِ يَضَعُ حُجَجًا لَهُمْ عَلَى لِسَانِ بَعْضِ
الْيَهُودِ ، لِيُقَالَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ : أَجِيبُوا هَذَا الْيَهُودِيَّ ، وَيُخَاطِبُ بِذَلِكَ مَنْ لَا يُحْسِنُ أَنْ يُبَيِّنَ فَسَادَ تِلْكَ الْحُجَّةِ مِنْ جُهَّالِ الْعَامَّةِ .