فصل
قال الرافضي
[1] : " الثاني : أنه
nindex.php?page=treesubj&link=28833_31309كان أعبد الناس : يصوم النهار ، ويقوم الليل ، ومنه تعلم الناس صلاة الليل ، ونوافل النهار ، وأكثر العبادات والأدعية المأثورة عنه تستوعب الوقت ، وكان يصلي في ليله ونهاره
[2] ألف ركعة ، ولم يخل في صلاة
[3] الليل - حتى في ليلة الهرير - وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : رأيته في حربه وهو يرقب الشمس ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، ماذا تصنع ؟ قال : أنظر إلى الزوال لأصلي ، فقلت : في هذا الوقت ؟ فقال : إنما نقاتلهم على الصلاة
[4] . فلم يغفل عن فعل العبادات
[5] في أول وقتها في أصعب الأوقات .
وكان إذا أريد إخراج الحديد
[6] من جسده يترك إلى أن يدخل
[ ص: 495 ] في الصلاة فيبقى متوجها إلى الله غافلا عما سواه غير مدرك للآلام التي تفعل به .
وجمع بين الصلاة والزكاة ، وتصدق
[7] وهو راكع ، فأنزل الله تعالى فيه
[8] قرآنا يتلى ، وتصدق بقوته وقوت عياله ثلاثة أيام حتى أنزل الله فيهم
[9] : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هل أتى على الإنسان ) ( سورة الإنسان : 1 ) ، وتصدق ليلا ونهارا ، وسرا وعلانية
[10] ، وناجى الرسول فقدم بين يدي نجواه صدقة
[11] ، فأنزل الله فيه قرآنا ، وأعتق ألف عبد من كسب يده ، وكان يؤجر نفسه وينفق على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب ، وإذا كان أعبد الناس كان أفضل ، فيكون هو الإمام " .
والجواب أن يقال : هذا الكلام فيه من
nindex.php?page=treesubj&link=28833_31309الأكاذيب المختلفة ما لا يخفى إلا على أجهل الناس بأحوال القوم ، ومع أنه كذب ولا
[12] مدح فيه ولا في عامة الأكاذيب ، فقوله : " إنه كان يصوم النهار ويقوم الليل كذب عليه ، وقد تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=659495لكني أصوم وأفطر ، وأقوم وأنام ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني " .
[ ص: 496 ] وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=651840أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " ألم أخبر أنك تقول : لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت ؟ " قال : بلى . قال : " فلا تفعل " . وفي رواية
[13] : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=654666ألم أخبر أنك تصوم الدهر ، وتقرأ القرآن كل ليلة ؟ " فقلت : يا نبي الله ، لم أرد بذلك إلا الخير . قال : " فإن حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام " ، فقلت : يا نبي الله ، إني أطيق أكثر من ذلك ، قال : " فإن لزوجك عليك حقا ، ولزورك عليك حقا ، ولجسدك عليك حقا " .
قال : " فصم صوم داود نبي الله ، فإنه كان أعبد الناس ، كان يصوم يوما ويفطر يوما ، واقرأ القرآن في كل شهر " قلت : إني أطيق أكثر من ذلك ، قال : " اقرأه في عشرين " إلى أن قال : " في سبع ، ولا تزد على ذلك " وقال في الصوم : إني أطيق أفضل من ذلك "
[14] .
وفي الصحيحين
nindex.php?page=hadith&LINKID=651059عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، قال : طرقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاطمة ، فقال : " ألا تقومان فتصليان ؟ " فقلت : يا رسول الله ، إنما أنفسنا بيد الله : إذا شاء أن يبعثنا بعثنا ، قال : " فولى وهو يضرب فخذه ويقول : ( nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=54وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ) ( سورة الكهف : 54 )
[15] فهذا
[ ص: 497 ] الحديث دليل على نومه في الليل
[16] مع إيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم ، ومجادلته حتى ولى وهو يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=54وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ) ( سورة الكهف : 54 ) .
وقول القائل : " ومنه تعلم الناس صلاة الليل ونوافل النهار " .
إن أراد بذلك : أن بعض المسلمين تعلم ذلك منه ، فهكذا كل من الصحابة علم بعض الناس .
وإن أراد بذلك أن بعض المسلمين تعلموا ذلك منه ، فهذا من الكذب البارد
[17] ، فأكثر المسلمين ما رأوه ، وقد كانوا يقومون الليل ويتطوعون بالنهار ، فأكثر بلاد المسلمين التي فتحت في خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان رضي الله عنهما ،
كالشام ومصر والمغرب وخراسان ، ما رأوه ، فكيف يتعلمون منه ؟ والصحابة كانوا كذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنه تعلموا ذلك ، ولا يمكن أن يدعى ذلك إلا في أهل
[18] الكوفة .
ومعلوم أنهم كانوا تعلموا
[19] ذلك من
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه وغيره قبل أن يقدم إليهم * ، وكانوا من أكمل الناس علما
[20] ودينا قبل قدوم
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه إليهم ، والصحابة كانوا كذلك ، وأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود كانوا كذلك قبل أن يقدم إليهم *
[21] العراق .
[ ص: 998 ] وأما قوله : "
nindex.php?page=treesubj&link=28833_31309الأدعية المأثورة عنه تستوعب الوقت " .
فعامتها كذب عليه ، وهو كان أجل قدرا من أن يدعو بهذه الأدعية التي لا تليق بحاله وحال الصحابة ، وليس لشيء من هذه إسناد ، والأدعية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هي أفضل ما دعا به أحد ، وبها يدعو خيار هذه الأمة من الأولين والآخرين .
وكذلك قوله : " إنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة " .
من الكذب الذي لا مدح فيه ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان مجموع صلاته في اليوم والليلة أربعين ركعة : فرضا ونفلا ، والزمان لا يتسع لألف ركعة لمن ولي أمر المسلمين مع سياسة الناس وأهله ، إلا أن تكون صلاته نقرا كنقر الغراب ، وهي صلاة المنافقين التي نزه الله عنها
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا .
وأما ليالي
صفين ، فالذي ثبت في الصحيح أنه قال الذكر الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=129لفاطمة : قال : ما تركته منذ سمعته عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قيل : ولا ليلة
[22] صفين ؟ قال : ولا ليلة
صفين ، ذكرته من السحر فقلته
[23] .
وما ذكر من إخراج الحديد من جسده فكذب ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا لم يعرف أنه
[ ص: 499 ] دخل فيه حديد ، وما ذكره من جمعه بين الصلاة والزكاة ، فهذا كذب كما تقدم ولا مدح فيه ، فإن هذا لو كان مستحبا لشرع للمسلمين ، ولو كان يستحب للمسلمين أن يتصدقوا وهم في الصلاة لتصدقوا ، فلما لم يستحب هذا أحد من المسلمين علمنا أنه ليس عبادة بل مكروها .
وكذلك ما ذكره من أمر النذر والدراهم الأربعة قد تقدم أن هذا كله كذب ، وليس فيه كبير
[24] مدح .
وقوله : " أعتق ألف عبد من كسب يده " .
من الكذب الذي لا يروج إلا على أجهل الناس ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا لم يعتق ألف عبد ، بل
[25] ولا مائة ، ولم يكن له كسب بيده يقوم بعشر هذا ، فإنه لم تكن له صناعة يعملها ، وكان مشغولا : إما بجهاد وإما بغيره .
وكذلك قوله : " كان يؤجر نفسه وينفق على النبي صلى الله عليه وسلم في الشعب " .
كذب بين من وجوه :
أحدها : أنهم لم يكونوا يخرجون من الشعب ، ولم يكن في الشعب من يستأجره .
والثاني : أن أباه
أبا طالب كان معهم في الشعب ، وكان ينفق عليه .
والثالث : أن
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة كانت موسرة تنفق من مالها .
والرابع : أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا لم يؤجر نفسه
بمكة قط ، وكان صغيرا حين كان في الشعب : إما مراهقا ، وإما
[26] محتلما ، فكان
nindex.php?page=showalam&ids=8علي في الشعب ممن ينفق
[ ص: 500 ] عليه : إما النبي صلى الله عليه وسلم وإما أبوه ، لم يكن ممن يمكنه أن ينفق على نفسه ، فكيف ينفق على غيره ؟
فإن دخوله في الشعب كان في حياة
أبي طالب بالنقل المتواتر ،
وأبو طالب مات قبل ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى
الطائف باتفاق الناس ، وكان موته وموت
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة متقاربين ، فدخوله في الشعب كان في أول الإسلام .
فإنه قد ثبت أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ولد وهم في الشعب ، ومات النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس مراهق ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي عاش بعد الهجرة أربعين سنة باتفاق الناس ، والمبعث قبل ذلك بثلاث عشرة ، وأقصى ما قيل في موته : إنه كان ابن ثلاث وستين ، فغايته أن يكون حين الإسلام كان له عشر سنين .
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ
[1] : " الثَّانِي : أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28833_31309كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ : يَصُومُ النَّهَارَ ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ ، وَمِنْهُ تَعَلَّمَ النَّاسُ صَلَاةَ اللَّيْلِ ، وَنَوَافِلَ النَّهَارِ ، وَأَكْثَرُ الْعِبَادَاتِ وَالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ عَنْهُ تَسْتَوْعِبُ الْوَقْتَ ، وَكَانَ يُصَلِّي فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ
[2] أَلْفَ رَكْعَةٍ ، وَلَمْ يُخِلَّ فِي صَلَاةِ
[3] اللَّيْلِ - حَتَّى فِي لَيْلَةِ الْهَرِيرِ - وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : رَأَيْتُهُ فِي حَرْبِهِ وَهُوَ يَرْقُبُ الشَّمْسَ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَاذَا تَصْنَعُ ؟ قَالَ : أَنْظُرُ إِلَى الزَّوَالِ لِأُصَلِّيَ ، فَقُلْتُ : فِي هَذَا الْوَقْتِ ؟ فَقَالَ : إِنَّمَا نُقَاتِلُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ
[4] . فَلَمْ يَغْفُلْ عَنْ فِعْلِ الْعِبَادَاتِ
[5] فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فِي أَصْعَبِ الْأَوْقَاتِ .
وَكَانَ إِذَا أُرِيدَ إِخْرَاجُ الْحَدِيدِ
[6] مِنْ جَسَدِهِ يُتْرَكُ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ
[ ص: 495 ] فِي الصَّلَاةِ فَيَبْقَى مُتَوَجِّهًا إِلَى اللَّهِ غَافِلًا عَمَّا سِوَاهُ غَيْرَ مُدْرِكٍ لِلْآلَامِ الَّتِي تُفْعَلُ بِهِ .
وَجَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ، وَتَصَدَّقَ
[7] وَهُوَ رَاكِعٌ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ
[8] قُرْآنًا يُتْلَى ، وَتَصَدَّقَ بِقُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ
[9] : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ ) ( سُورَةِ الْإِنْسَانِ : 1 ) ، وَتَصَدَّقَ لَيْلًا وَنَهَارًا ، وَسِرًّا وَعَلَانِيَةً
[10] ، وَنَاجَى الرَّسُولَ فَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاهُ صَدَقَةً
[11] ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ قُرْآنًا ، وَأَعْتَقَ أَلْفَ عَبْدٍ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ ، وَكَانَ يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ وَيُنْفِقُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْبِ ، وَإِذَا كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ كَانَ أَفْضَلَ ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ " .
وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ : هَذَا الْكَلَامُ فِيهِ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28833_31309الْأَكَاذِيبِ الْمُخْتَلِفَةِ مَا لَا يَخْفَى إِلَّا عَلَى أَجْهَلِ النَّاسِ بِأَحْوَالِ الْقَوْمِ ، وَمَعَ أَنَّهُ كَذِبٌ وَلَا
[12] مَدْحَ فِيهِ وَلَا فِي عَامَّةِ الْأَكَاذِيبِ ، فَقَوْلُهُ : " إِنَّهُ كَانَ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ كَذِبٌ عَلَيْهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=659495لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأَقُومُ وَأَنَامُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي " .
[ ص: 496 ] وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=651840أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : " أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُولُ : لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ ؟ " قَالَ : بَلَى . قَالَ : " فَلَا تَفْعَلْ " . وَفِي رِوَايَةٍ
[13] : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=654666أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ الدَّهْرَ ، وَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ ؟ " فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ إِلَّا الْخَيْرَ . قَالَ : " فَإِنَّ حَسْبَكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ " ، فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : " فَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا " .
قَالَ : " فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ نَبِيِّ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا ، وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ " قُلْتُ : إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : " اقْرَأْهُ فِي عِشْرِينَ " إِلَى أَنْ قَالَ : " فِي سَبْعٍ ، وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ " وَقَالَ فِي الصَّوْمِ : إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ "
[14] .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=651059عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، قَالَ : طَرَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَاطِمَةَ ، فَقَالَ : " أَلَا تَقُومَانِ فَتُصَلِّيَانِ ؟ " فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ : إِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا ، قَالَ : " فَوَلَّى وَهُوَ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=54وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ) ( سُورَةِ الْكَهْفِ : 54 )
[15] فَهَذَا
[ ص: 497 ] الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى نَوْمِهِ فِي اللَّيْلِ
[16] مَعَ إِيقَاظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمُجَادَلَتِهِ حَتَّى وَلَّى وَهُوَ يَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=54وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ) ( سُورَةِ الْكَهْفِ : 54 ) .
وَقَوْلُ الْقَائِلِ : " وَمِنْهُ تَعَلَّمَ النَّاسُ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَنَوَافِلَ النَّهَارِ " .
إِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ : أَنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ تَعَلَّمَ ذَلِكَ مِنْهُ ، فَهَكَذَا كُلٌّ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَّمَ بَعْضَ النَّاسِ .
وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ تَعَلَّمُوا ذَلِكَ مِنْهُ ، فَهَذَا مِنَ الْكَذِبِ الْبَارِدِ
[17] ، فَأَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ مَا رَأَوْهُ ، وَقَدْ كَانُوا يَقُومُونَ اللَّيْلَ وَيَتَطَوَّعُونَ بِالنَّهَارِ ، فَأَكْثَرُ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي فُتِحَتْ فِي خِلَافَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ،
كَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ وَخُرَاسَانَ ، مَا رَأَوْهُ ، فَكَيْفَ يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ ؟ وَالصَّحَابَةُ كَانُوا كَذَلِكَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِنْهُ تَعَلَّمُوا ذَلِكَ ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُدَّعَى ذَلِكَ إِلَّا فِي أَهْلِ
[18] الْكُوفَةِ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ كَانُوا تَعَلَّمُوا
[19] ذَلِكَ مِنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ إِلَيْهِمْ * ، وَكَانُوا مِنْ أَكْمَلِ النَّاسِ عَلِمَا
[20] وَدِينًا قَبْلَ قُدُومِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَيْهِمْ ، وَالصَّحَابَةُ كَانُوا كَذَلِكَ ، وَأَصْحَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ كَانُوا كَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ إِلَيْهِمُ *
[21] الْعِرَاقَ .
[ ص: 998 ] وَأَمَّا قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=treesubj&link=28833_31309الْأَدْعِيَةُ الْمَأْثُورَةُ عَنْهُ تَسْتَوْعِبُ الْوَقْتَ " .
فَعَامَّتُهَا كَذِبٌ عَلَيْهِ ، وَهُوَ كَانَ أَجَلَّ قَدْرًا مِنْ أَنْ يَدْعُوَ بِهَذِهِ الْأَدْعِيَةِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِحَالِهِ وَحَالِ الصَّحَابَةِ ، وَلَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ إِسْنَادٌ ، وَالْأَدْعِيَةُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ أَفْضَلُ مَا دَعَا بِهِ أَحَدٌ ، وَبِهَا يَدْعُو خِيَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : " إِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ " .
مِنَ الْكَذِبِ الَّذِي لَا مَدْحَ فِيهِ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَجْمُوعُ صَلَاتِهِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَرْبَعِينَ رَكْعَةً : فَرْضًا وَنَفْلًا ، وَالزَّمَانُ لَا يَتَّسِعُ لِأَلْفِ رَكْعَةٍ لِمَنْ وَلِيَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ مَعَ سِيَاسَةِ النَّاسِ وَأَهْلِهِ ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ نَقْرًا كَنَقْرِ الْغُرَابِ ، وَهِيَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ الَّتِي نَزَّهَ اللَّهُ عَنْهَا
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا .
وَأَمَّا لَيَالِي
صِفِّينَ ، فَالَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ الذِّكْرَ الَّذِي عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=showalam&ids=129لِفَاطِمَةَ : قَالَ : مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ سَمِعْتُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قِيلَ : وَلَا لَيْلَةَ
[22] صِفِّينَ ؟ قَالَ : وَلَا لَيْلَةَ
صِفِّينَ ، ذَكَرْتُهُ مِنَ السِّحْرِ فَقُلْتُهُ
[23] .
وَمَا ذَكَرَ مِنْ إِخْرَاجِ الْحَدِيدِ مِنْ جَسَدِهِ فَكَذِبٌ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ
[ ص: 499 ] دَخَلَ فِيهِ حَدِيدٌ ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَمْعِهِ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ، فَهَذَا كَذِبٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا مَدْحَ فِيهِ ، فَإِنَّ هَذَا لَوْ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَشُرِّعَ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَلَوْ كَانَ يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَصَدَّقُوا وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ لَتَصَدَّقُوا ، فَلَمَّا لَمْ يَسْتَحِبَّ هَذَا أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ عِبَادَةً بَلْ مَكْرُوهًا .
وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَمْرِ النَّذْرِ وَالدَّرَاهِمِ الْأَرْبَعَةِ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ كَذِبٌ ، وَلَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ
[24] مَدْحٍ .
وَقَوْلُهُ : " أَعْتَقَ أَلْفَ عَبْدٍ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ " .
مِنَ الْكَذِبِ الَّذِي لَا يَرُوجُ إِلَّا عَلَى أَجْهَلِ النَّاسِ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا لَمْ يُعْتِقْ أَلْفَ عَبْدٍ ، بَلْ
[25] وَلَا مِائَةً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ بِيَدِهِ يَقُومُ بِعُشْرِ هَذَا ، فَإِنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ صِنَاعَةٌ يَعْمَلُهَا ، وَكَانَ مَشْغُولًا : إِمَّا بِجِهَادٍ وَإِمَّا بِغَيْرِهِ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : " كَانَ يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ وَيُنْفِقُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْبِ " .
كَذِبٌ بَيِّنٌ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَخْرُجُونَ مِنَ الشِّعْبِ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الشِّعْبِ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ .
وَالثَّانِي : أَنَّ أَبَاهُ
أَبَا طَالِبٍ كَانَ مَعَهُمْ فِي الشِّعْبِ ، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ كَانَتْ مُوسِرَةً تُنْفِقُ مِنْ مَالِهَا .
وَالرَّابِعُ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا لَمْ يُؤَجِّرْ نَفْسَهُ
بِمَكَّةَ قَطُّ ، وَكَانَ صَغِيرًا حِينَ كَانَ فِي الشِّعْبِ : إِمَّا مُرَاهِقًا ، وَإِمَّا
[26] مُحْتَلِمًا ، فَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ فِي الشِّعْبِ مِمَّنْ يُنْفِقُ
[ ص: 500 ] عَلَيْهِ : إِمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِمَّا أَبُوهُ ، لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ ، فَكَيْفَ يُنْفِقُ عَلَى غَيْرِهِ ؟
فَإِنَّ دُخُولَهُ فِي الشِّعْبِ كَانَ فِي حَيَاةِ
أَبِي طَالِبٍ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ ،
وَأَبُو طَالِبٍ مَاتَ قَبْلَ ذَهَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى
الطَّائِفِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ ، وَكَانَ مَوْتُهُ وَمَوْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ مُتَقَارِبَيْنِ ، فَدُخُولُهُ فِي الشِّعْبِ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ .
فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ وُلِدَ وَهُمْ فِي الشِّعْبِ ، وَمَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ مُرَاهِقٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٌّ عَاشَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً بِاتِّفَاقِ النَّاسِ ، وَالْمَبْعَثُ قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ ، وَأَقْصَى مَا قِيلَ فِي مَوْتِهِ : إِنَّهُ كَانَ ابْنَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ ، فَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ حِينَ الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ .