حي وقيوم فلا ينام وجل أن يشبهه الأنام لا تبلغ الأوهام كنه ذاته
ولا يكيف الحجا صفاته
nindex.php?page=treesubj&link=29713_29683_29682 ( حي ) لا يموت ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58وتوكل على الحي الذي لا يموت ) ، ( الفرقان : 58 ) ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=65هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين ) ، فهو الحي الذي لم تسبق حياته بالعدم ، ولم تعقب بالفناء ، هو الأول فليس قبله شيء ، والآخر فليس بعده شيء ، وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1024152أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت ، الذي لا يموت والجن والإنس يموتون .
( وقيوم ) فهو القيوم بنفسه ، القيم لغيره ، فجميع الموجودات مفتقرة إليه ، وهو غني عنها ، ولا قوام لها إلا به ، ولا قوام لها بدون أمره ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره )
[ ص: 208 ] ، وهو القائم على كل شيء ، والقائم بجميع أمور عباده ، والقائم على كل نفس بما كسبت .
وفي الصحيحين من دعائه - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الليل :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1024153اللهم لك الحمد أنت رب السماوات والأرض ، ولك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض . الحديث .
وقد جمع - تعالى - بين هذين الاسمين " الحي القيوم " في ثلاثة مواضع من كتابه :
الأول : آية الكرسي من سورة البقرة (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم ) ، ( البقرة : 255 ) .
الثاني : أول سورة آل عمران (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=2الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) ، ( آل عمران 1 - 2 ) .
الثالث : في سورة طه (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=111وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ) ، ( طه : 111 ) ، وروى
ابن مردويه ، عن
أبي أمامة مرفوعا قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1024154اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث سور : سورة البقرة ، وآل عمران ، وطه . ( فلا ينام ) أي لا يعتريه
[ ص: 209 ] نقص ولا غفلة ولا ذهول عن خلقه ، فإن ذلك نقص في حياته وقيوميته ، ولهذا أردف هذين الاسمين بنفي السنة والنوم ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ) ، ( البقرة : 255 ) ، أي لا تغلبه سنة وهو الوسن والنعاس ولا نوم ، ونفيه من باب أولى ; لأنه أقوى من السنة ، بل هو قائم على كل نفس بما كسبت ، شهيد على كل شيء ، ولا يغيب عنه شيء ، ولا تخفى عليه خافية .
وفي الصحيحين عن
أبي موسى - رضي الله عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1024155قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربع كلمات ، فقال : إن الله لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل عمل الليل ، حجابه النور أو النار ، لو كشفت لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه .
( وجل ) عن ( أن يشبهه الأنام ) في ذاته أو أسمائه أو صفاته أو أفعاله ; لأن الصفات تابعة لموصوفها ، فكما أن ذاته لا تشبه الذوات ، فكذلك صفاته لا تشبه صفات المخلوقات ، ولو اهتدى المتكلمون لهذا المعنى الذي هدى الله إليه
أهل السنة والجماعة ، لما نفوا عن الله ما وصف به نفسه ، ووصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولما عطلوه عن صفات كماله ونعوت جلاله فرارا بزعمهم من التشبيه ، فوقعوا في أعظم من ذلك ، ولزمهم أضداد ما نفوه من الصفات الثابتة بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة ، وسبب ضلالهم أنهم تقدموا بين يدي الله ورسوله ، واتهموا الوحيين فيما نطقا به ، ووزنوهما بعقولهم السخيفة وأذهانهم البعيدة ، وقوانينهم الفاسدة التي هي ليست من الله في شيء ، ولا من علوم الإسلام في ظل ولا فيء ، وإنما هي أوضاع مختلفة ، أدخلها الأعادي على أهل الإسلام ; لقصد إظهار الفساد ، ولغرس شجرة الإلحاد ، المثمرة تعطيل الباري - عز وجل - عن صفات كماله وعلوه واعتقاد الحلول والاتحاد .
جاءوا بها في قالب التنزيه لله كي يغوون كل سفيه
قالوا صفات كماله منفية عنه مخافة موجب التشبيه
[ ص: 210 ] تعطيلهم سموه تنزيها له ليروجوا فاعجب لذا التمويه
والوحي قالوا نصه لا يوجب العلم اليقين فأي دين فيه
ما الدين إلا ما عن اليونان قد جئنا به طوبى لمن يحويه
نبذوا كتاب الله خلف ظهورهم وبقوا حيارى في ضلال التيه
فسموا النور الذي أنزله الله - عز وجل - على رسوله - صلى الله عليه وسلم - تفصيل كل شيء ، وتبيانا لكل شيء ، ولم يفرط فيه من شيء ، وبيان النبي - صلى الله عليه وسلم - من جوامع كلمه التي اختصه الله بها ، فسموا ذلك كله " آحادا ظنية لا تفيد اليقين " ، وسموا زخارف أذهانهم ووساوس شيطانهم " قواطع عقلية " ، لا والله ما هي إلا خيالات وهمية ووساوس شيطانية ، هي من الدين بريئة وعن الحق أجنبية ، توجب الحيرة وتعقب الحسرة ، كثيرة المباني قليلة المعاني ، كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء ، ويا ليته إذا جاءه لم يجده شيئا ، لكن وجده السم النقيع ، والداء العضال ، فخاخ هلكة نصبها الأعداء ; لاصطياد الأغبياء ، وخدعة ماكر في صورة ناصح ، فعل عدو الله اللعين في قصته مع الأبوين - عليهما السلام - في دلالتهما على الشجرة التي نهاهما ربهما عنها (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=21وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22فدلاهما بغرور ) ، ( الأعراف : 21 - 22 ) . . . إلى آخر الآيات .
وكذلك كتب الكلام والمنطق اليوناني ، أدخله الأعداء علينا وسموه علم التوحيد تلبيسا وتمويها ، وما هو إلا سلم الإلحاد والزندقة ، وجحدوا صفات الباري عز وجل ، وسموا ذلك تنزيها ; ليغروا الجهال بذلك ، وإنما هو محض التعطيل ، وسموا أولياء المؤمنين الذين عرفوه بأسمائه وصفاته مشبهة ; لينفروا الناس عنهم مكرا وخديعة ، فأصبح المغرور بقولهم المخدوع بمكرهم حائرا مخذولا ; لأنهم لما عزلوا كتاب الله عن البيان ، وحكموا عقولهم السخيفة في نصوص صفات الديان ، لم يفهموا منها إلا ما يقوم بالمخلوق من الجوارح والأدوات التي منحه الله إياها ، ومتى شاء سلبه ، ولم ينظروا المتصف بها من هو ، فلذلك نفوها عن الله - عز وجل - لئلا يلزم من إثباتها التشبيه ، فشبهوا أولا وعطلوا ثانيا ، فلما نفوا عن الله صفات كماله ، لزمهم إثبات ضدها وهو النقائص ، فمن نفى عن الله كونه سميعا بصيرا ، فقد شبهه بما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني شيئا ، وكذلك سائر الصفات ، وماذا عليهم لو أثبتوا لله - عز وجل - ما أثبته لنفسه ، وأثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما شاء الله - تعالى -
[ ص: 211 ] وعلى الوجه الذي أراد ، فجميع صفاته صفات كمال وجلال ، تليق بعظمة ذاته ، ونفيها ضد ذلك ، ولا يلزم من اتفاق التسمية اتفاق المسميات ، فإن الله - تعالى - قد سمى نفسه سميعا بصيرا ، وأخبرنا أنه جعل الإنسان سميعا بصيرا ، وسمى نفسه الرءوف الرحيم ، وأخبر أن نبيه - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128بالمؤمنين رءوف رحيم ، وسمى نفسه الملك ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مالك يوم الدين -
nindex.php?page=tafseer&surano=114&ayano=2ملك الناس ) ، وسمى بعض خلقه ملكا ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=54وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي ) ، ( يوسف : 54 ) وهو العزيز ، وسمى بعض عباده عزيزا وغير ذلك ، فلا يلزم من اتفاق التسمية اتفاق الأسماء ومقتضياتها ، فليس السمع كالسمع ، ولا البصر كالبصر ، ولا الرأفة كالرأفة ، ولا الرحمة كالرحمة ، ولا العزة كالعزة ، كما أنه ليس المخلوق كالخالق ، ولا المحدث الكائن بعد أن لم يكن كالأول الآخر الظاهر الباطن ، وليس الفقير العاجز عن القيام بنفسه ، كالحي القيوم الغني عما سواه وكل ما سواه فقير إليه ،
nindex.php?page=treesubj&link=29682فصفات الخالق الحي القيوم قائمة به لائقة بجلاله ، أزلية بأزليته دائمة بديموميته ، لم يزل متصفا بها ولا يزال كذلك ، لم تسبق بضد ولم تعقب به ، بل له - تعالى - الكمال المطلق أولا وأبدا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ، ( الشورى : 42 ) ،
nindex.php?page=treesubj&link=29682_28718_29443_28717فمن شبه الله - تعالى - بخلقه ، فقد كفر ، ومن نفى عنه ما وصف به نفسه ، فقد كفر ، وليس فيما وصف الله به نفسه ورسوله تشبيه .
( لا تبلغ الأوهام كنه ذاته ) أي نهاية حقيقتها ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=110يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما ) ، ( طه : 20 ) ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) ، ( البقرة : 255 ) ، وإنما نعرفه - تعالى - بما وصف به نفسه في كتبه المنزلة على رسله بأنه أحد صمد (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لم يلد ولم يولد nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4ولم يكن له كفوا أحد ) ، ( الإخلاص : 3 - 4 ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ) ، ( البقرة : 255 ) . . . إلى آخر الآية ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=22هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم ) ، ( الحشر : 22 ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=23هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون ) ، ( الحشر : 23 ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=24هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) ، ( الحشر : 24 ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=3هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم )
[ ص: 212 ] ( الحديد : 3 ) ، إلى غير ذلك من آيات الأسماء والصفات .
( ولا يكيف الحجا ) أي العقل ( صفاته ) ; لأنه لا يعلم كيف هو إلا هو ، فالواجب علينا أيها العبيد
nindex.php?page=treesubj&link=29443الإيمان بالله وأسمائه وصفاته ، وإمرارها كما جاءت واعتقاد أنها حق ، كما أخبر الله - عز وجل - وأخبر رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعدم التكييف والتمثيل ; لأن الله - عز وجل - أخبرنا بأسمائه وصفاته وأفعاله ولم يبين كيفيتها ، فنصدق الخبر ونؤمن به ، ونكل الكيفية إلى الله - عز وجل - .
فصفات ذاته - تعالى - من الحياة والعلم ، والسمع والبصر ، والقدرة والإرادة وغيرها ، وكذلك صفات أفعاله من الاستواء على العرش ، والنزول إلى سماء الدنيا ، والمجيء لفصل القضاء بين عباده ، وغير ذلك كلها حق على حقيقتها ، علمنا اتصافه - تعالى - بها بما علمنا في كتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وغاب عن جميع المخلوقين كيفيتها ، ولم يحيطوا بها علما ، كما قالت
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة - رضي الله عنها -
nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة الرأي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بن أنس ، وغيرهم - رحمهم الله تعالى : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، ومن الله الرسالة ، وعلى الرسول البلاغ ، وعلينا التصديق والتسليم . وكذلك القول في جميع صفاته عز وجل ، وإنا والله لكالون حائرون في كيفية سراية الدم في أعضائنا ، وجريان الطعام والشراب فينا ، وكيف يدبر الله - تعالى - قوت كل عضو فيه بحسب حاجته ، وفي استقرار الروح التي هي بين جنبينا ، وكيف يتوفاها الله في منامها ، وتعرج إلى حيث شاء الله - عز وجل - ويردها إذا شاء ، وكيفية إقعاد الميت في القبر ، وعذابه ونعيمه ، وكيفية قيام الأموات من القبور حفاة عراة غرلا ، وكيفية الملائكة وعظم خلقهم ، فكيف العرش الذي لا يقدر قدره إلا الله عز وجل ، كل ذلك نجهل كيفيته ونحن مؤمنون به ، كما أخبرنا الله - عز وجل - عنه على ألسنة رسله - عليهم الصلاة والسلام - إيمانا بالغيب ، وإن لم نعلم الكيفية ، فكيف بالخالق - عز وجل - وأسمائه الحسنى وصفاته العلى ،
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وله المثل الأعلى في السماوات والأرض ،
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=70له الحمد في الأولى والآخرة nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=70وله الحكم وإليه ترجعون ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7آمنا به كل من عند ربنا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=53ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين .
حَيٌّ وَقَيُّومٌ فَلَا يَنَامُ وَجَلَّ أَنْ يُشْبِهَهُ الْأَنَامُ لَا تَبْلُغُ الْأَوْهَامُ كُنْهَ ذَاتِهِ
وَلَا يُكَيِّفُ الْحِجَا صِفَاتِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=29713_29683_29682 ( حَيٌّ ) لَا يَمُوتُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ) ، ( الْفُرْقَانِ : 58 ) ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=65هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) ، فَهُوَ الْحَيُّ الَّذِي لَمْ تُسْبَقُ حَيَاتُهُ بِالْعَدَمِ ، وَلَمْ تُعْقَبْ بِالْفَنَاءِ ، هُوَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ ، وَالْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1024152أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، الَّذِي لَا يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ .
( وَقَيُّومٌ ) فَهُوَ الْقَيُّومُ بِنَفْسِهِ ، الْقَيِّمُ لِغَيْرِهِ ، فَجَمِيعُ الْمَوْجُودَاتِ مُفْتَقِرَةٌ إِلَيْهِ ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهَا ، وَلَا قِوَامَ لَهَا إِلَّا بِهِ ، وَلَا قِوَامَ لَهَا بِدُونِ أَمْرِهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ )
[ ص: 208 ] ، وَهُوَ الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، وَالْقَائِمُ بِجَمِيعِ أُمُورِ عِبَادِهِ ، وَالْقَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ دُعَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1024153اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . الْحَدِيثَ .
وَقَدْ جَمَعَ - تَعَالَى - بَيْنَ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ " الْحَيِّ الْقَيُّومِ " فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ :
الْأَوَّلُ : آيَةُ الْكُرْسِيِّ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) ، ( الْبَقَرَةِ : 255 ) .
الثَّانِي : أَوَّلُ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=2اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) ، ( آلِ عِمْرَانَ 1 - 2 ) .
الثَّالِثُ : فِي سُورَةِ طه (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=111وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ) ، ( طه : 111 ) ، وَرَوَى
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1024154اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ فِي ثَلَاثِ سُوَرٍ : سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَآلِ عِمْرَانَ ، وَطه . ( فَلَا يَنَامُ ) أَيْ لَا يَعْتَرِيهِ
[ ص: 209 ] نَقْصٌ وَلَا غَفْلَةٌ وَلَا ذُهُولٌ عَنْ خَلْقِهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ فِي حَيَاتِهِ وَقَيُّومِيَّتِهِ ، وَلِهَذَا أَرْدَفَ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ بِنَفْيِ السِّنَةِ وَالنَّوْمِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ) ، ( الْبَقَرَةِ : 255 ) ، أَيْ لَا تَغْلِبُهُ سِنَةٌ وَهُوَ الْوَسَنُ وَالنُّعَاسُ وَلَا نَوْمٌ ، وَنَفْيُهُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنَ السِّنَةِ ، بَلْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ، شَهِيدٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، وَلَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ ، وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1024155قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ ، حِجَابُهُ النُّورُ أَوِ النَّارُ ، لَوْ كُشِفَتْ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ .
( وَجَلَّ ) عَنْ ( أَنْ يُشْبِهَهُ الْأَنَامُ ) فِي ذَاتِهِ أَوْ أَسْمَائِهِ أَوْ صِفَاتِهِ أَوْ أَفْعَالِهِ ; لِأَنَّ الصِّفَاتِ تَابِعَةٌ لِمَوْصُوفِهَا ، فَكَمَا أَنَّ ذَاتَهُ لَا تُشْبِهُ الذَّوَاتِ ، فَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ لَا تُشْبِهُ صِفَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ ، وَلَوِ اهْتَدَى الْمُتَكَلِّمُونَ لِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي هَدَى اللَّهُ إِلَيْهِ
أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ، لَمَا نَفَوْا عَنِ اللَّهِ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ ، وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمَا عَطَّلُوهُ عَنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ وَنُعُوتِ جَلَالِهِ فِرَارًا بِزَعْمِهِمْ مِنَ التَّشْبِيهِ ، فَوَقَعُوا فِي أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَزِمَهُمْ أَضْدَادُ مَا نَفَوْهُ مِنَ الصِّفَاتِ الثَّابِتَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ ، وَسَبَبُ ضَلَالِهِمْ أَنَّهُمْ تَقَدَّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَاتَّهَمُوا الْوَحْيَيْنِ فِيمَا نَطَقَا بِهِ ، وَوَزَنُوهُمَا بِعُقُولِهِمُ السَّخِيفَةِ وَأَذْهَانِهِمُ الْبَعِيدَةِ ، وَقَوَانِينِهِمُ الْفَاسِدَةِ الَّتِي هِيَ لَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ، وَلَا مِنْ عُلُومِ الْإِسْلَامِ فِي ظِلٍّ وَلَا فَيْءٍ ، وَإِنَّمَا هِيَ أَوْضَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ ، أَدْخَلَهَا الْأَعَادِي عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ ; لِقَصْدِ إِظْهَارِ الْفَسَادِ ، وَلِغَرْسِ شَجَرَةِ الْإِلْحَادِ ، الْمُثْمِرَةِ تَعْطِيلَ الْبَارِي - عَزَّ وَجَلَّ - عَنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ وَعُلُوِّهِ وَاعْتِقَادِ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ .
جَاءُوا بِهَا فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ لِلَّهِ كَيْ يُغْوُونَ كُلَّ سَفِيهِ
قَالُوا صِفَاتُ كَمَالِهِ مَنْفِيَّةٌ عَنْهُ مَخَافَةَ مُوجَبِ التَّشْبِيهِ
[ ص: 210 ] تَعْطِيلُهُمْ سَمَّوْهُ تَنْزِيهًا لَهُ لِيُرَوِّجُوا فَاعْجَبْ لِذَا التَّمْوِيهِ
وَالْوَحْيُ قَالُوا نَصُّهُ لَا يُوجِبُ الْعِلْمَ الْيَقِينَ فَأَيُّ دِينٍ فِيهِ
مَا الدِّينُ إِلَّا مَا عَنِ الْيُونَانَ قَدْ جِئْنَا بِهِ طُوبَى لِمَنْ يَحْوِيهِ
نَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ خَلْفَ ظُهُورِهِمْ وَبَقُوا حَيَارَى فِي ضَلَالِ التِّيهِ
فَسَمَّوُا النُّورَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَتِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ، وَلَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ ، وَبَيَانُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جَوَامِعِ كَلِمِهِ الَّتِي اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِهَا ، فَسَمَّوْا ذَلِكَ كُلَّهُ " آحَادًا ظَنِّيَّةً لَا تُفِيدُ الْيَقِينَ " ، وَسَمَّوْا زَخَارِفَ أَذْهَانِهِمْ وَوَسَاوِسَ شَيْطَانِهِمْ " قَوَاطِعَ عَقْلِيَّةً " ، لَا وَاللَّهِ مَا هِيَ إِلَّا خَيَالَاتٌ وَهْمِيَّةٌ وَوَسَاوِسُ شَيْطَانِيَّةٌ ، هِيَ مِنَ الدِّينِ بَرِيئَةٌ وَعَنِ الْحَقِّ أَجْنَبِيَّةٌ ، تُوجِبُ الْحَيْرَةَ وَتُعْقِبُ الْحَسْرَةَ ، كَثِيرَةُ الْمَبَانِي قَلِيلَةُ الْمَعَانِي ، كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً ، وَيَا لَيْتَهُ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ، لَكِنْ وَجَدَهُ السُّمَّ النَّقِيعَ ، وَالدَّاءَ الْعُضَالَ ، فِخَاخَ هَلَكَةٍ نَصَبَهَا الْأَعْدَاءُ ; لِاصْطِيَادِ الْأَغْبِيَاءِ ، وَخُدْعَةَ مَاكِرٍ فِي صُورَةِ نَاصِحٍ ، فِعْلَ عَدُوِّ اللَّهِ اللَّعِينِ فِي قِصَّتِهِ مَعَ الْأَبَوَيْنِ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - فِي دَلَالَتِهِمَا عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتِي نَهَاهُمَا رَبُّهُمَا عَنْهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=21وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ) ، ( الْأَعْرَافِ : 21 - 22 ) . . . إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ .
وَكَذَلِكَ كُتُبُ الْكَلَامِ وَالْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ ، أَدْخَلَهُ الْأَعْدَاءُ عَلَيْنَا وَسَمَّوْهُ عِلْمَ التَّوْحِيدِ تَلْبِيسًا وَتَمْوِيهًا ، وَمَا هُوَ إِلَّا سُلَّمُ الْإِلْحَادِ وَالزَّنْدَقَةِ ، وَجَحَدُوا صِفَاتِ الْبَارِي عَزَّ وَجَلَّ ، وَسَمَّوْا ذَلِكَ تَنْزِيهًا ; لِيُغْرُوا الْجُهَّالَ بِذَلِكَ ، وَإِنَّمَا هُوَ مَحْضُ التَّعْطِيلِ ، وَسَمَّوْا أَوْلِيَاءَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ عَرَفُوهُ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ مُشَبِّهَةً ; لِيُنَفِّرُوا النَّاسَ عَنْهُمْ مَكْرًا وَخَدِيعَةً ، فَأَصْبَحَ الْمَغْرُورُ بِقَوْلِهِمُ الْمَخْدُوعُ بِمَكْرِهِمْ حَائِرًا مَخْذُولًا ; لِأَنَّهُمْ لَمَّا عَزَلُوا كِتَابَ اللَّهِ عَنِ الْبَيَانِ ، وَحَكَّمُوا عُقُولَهُمُ السَّخِيفَةَ فِي نُصُوصِ صِفَاتِ الدَّيَّانِ ، لَمْ يَفْهَمُوا مِنْهَا إِلَّا مَا يَقُومُ بِالْمَخْلُوقِ مِنَ الْجَوَارِحِ وَالْأَدَوَاتِ الَّتِي مَنَحَهُ اللَّهُ إِيَّاهَا ، وَمَتَى شَاءَ سَلَبَهُ ، وَلَمْ يَنْظُرُوا الْمُتَّصِفَ بِهَا مَنْ هُوَ ، فَلِذَلِكَ نَفَوْهَا عَنِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - لِئَلَّا يَلْزَمَ مِنْ إِثْبَاتِهَا التَّشْبِيهُ ، فَشَبَّهُوا أَوَّلًا وَعَطَّلُوا ثَانِيًا ، فَلَمَّا نَفَوْا عَنِ اللَّهِ صِفَاتِ كَمَالِهِ ، لَزِمَهُمْ إِثْبَاتُ ضِدِّهَا وَهُوَ النَّقَائِصُ ، فَمَنْ نَفَى عَنِ اللَّهِ كَوْنَهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ، فَقَدْ شَبَّهَهُ بِمَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي شَيْئًا ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الصِّفَاتِ ، وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ أَثْبَتُوا لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ ، وَأَثْبَتَهُ لَهُ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -
[ ص: 211 ] وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرَادَ ، فَجَمِيعُ صِفَاتِهِ صِفَاتُ كَمَالٍ وَجَلَالٍ ، تَلِيقُ بِعَظَمَةِ ذَاتِهِ ، وَنَفْيُهَا ضِدُّ ذَلِكَ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنَ اتِّفَاقِ التَّسْمِيَةِ اتِّفَاقُ الْمُسَمَّيَاتِ ، فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - قَدْ سَمَّى نَفْسَهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ، وَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ جَعَلَ الْإِنْسَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ، وَسَمَّى نَفْسَهُ الرَّءُوفَ الرَّحِيمَ ، وَأَخْبَرَ أَنَّ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ، وَسَمَّى نَفْسَهُ الْمَلِكَ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ -
nindex.php?page=tafseer&surano=114&ayano=2مَلِكِ النَّاسِ ) ، وَسَمَّى بَعْضَ خَلْقِهِ مَلِكًا ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=54وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ) ، ( يُوسُفَ : 54 ) وَهُوَ الْعَزِيزُ ، وَسَمَّى بَعْضَ عِبَادِهِ عَزِيزًا وَغَيْرَ ذَلِكَ ، فَلَا يَلْزَمُ مِنَ اتِّفَاقِ التَّسْمِيَةِ اتِّفَاقُ الْأَسْمَاءِ وَمُقْتَضَيَاتِهَا ، فَلَيْسَ السَّمْعُ كَالسَّمْعِ ، وَلَا الْبَصَرُ كَالْبَصَرِ ، وَلَا الرَّأْفَةُ كَالرَّأْفَةِ ، وَلَا الرَّحْمَةُ كَالرَّحْمَةِ ، وَلَا الْعِزَّةُ كَالْعِزَّةِ ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمَخْلُوقُ كَالْخَالِقِ ، وَلَا الْمُحْدَثُ الْكَائِنُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَالْأَوَّلِ الْآخِرِ الظَّاهِرِ الْبَاطِنِ ، وَلَيْسَ الْفَقِيرُ الْعَاجِزُ عَنِ الْقِيَامِ بِنَفْسِهِ ، كَالْحَيِّ الْقَيُّومِ الْغَنِيِّ عَمَّا سِوَاهُ وَكُلُّ مَا سِوَاهُ فَقِيرٌ إِلَيْهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29682فَصِفَاتُ الْخَالِقِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ قَائِمَةٌ بِهِ لَائِقَةٌ بِجَلَالِهِ ، أَزَلِيَّةٌ بِأَزَلِيَّتِهِ دَائِمَةٌ بِدَيْمُومِيَّتِهِ ، لَمْ يَزَلْ مُتَّصِفًا بِهَا وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ ، لَمْ تُسْبَقْ بِضِدٍّ وَلَمْ تُعْقَبْ بِهِ ، بَلْ لَهُ - تَعَالَى - الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ أَوَّلًا وَأَبَدًا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ، ( الشُّورَى : 42 ) ،
nindex.php?page=treesubj&link=29682_28718_29443_28717فَمَنْ شَبَّهَ اللَّهَ - تَعَالَى - بِخَلْقِهِ ، فَقَدْ كَفَرَ ، وَمَنْ نَفَى عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ ، فَقَدْ كَفَرَ ، وَلَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَرَسُولُهُ تَشْبِيهٌ .
( لَا تَبْلُغُ الْأَوْهَامُ كُنْهَ ذَاتِهِ ) أَيْ نِهَايَةَ حَقِيقَتِهَا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=110يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) ، ( طه : 20 ) ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ) ، ( الْبَقَرَةِ : 255 ) ، وَإِنَّمَا نَعْرِفُهُ - تَعَالَى - بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كُتُبِهِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى رُسُلِهِ بِأَنَّهُ أَحَدٌ صَمَدٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) ، ( الْإِخْلَاصِ : 3 - 4 ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ) ، ( الْبَقَرَةِ : 255 ) . . . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=22هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) ، ( الْحَشْرِ : 22 ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=23هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ، ( الْحَشْرِ : 23 ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=24هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ، ( الْحَشْرِ : 24 ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=3هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )
[ ص: 212 ] ( الْحَدِيدِ : 3 ) ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ .
( وَلَا يُكَيِّفُ الْحِجَا ) أَيِ الْعَقْلُ ( صِفَاتِهِ ) ; لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إِلَّا هُوَ ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا أَيُّهَا الْعَبِيدُ
nindex.php?page=treesubj&link=29443الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ ، وَإِمْرَارُهَا كَمَا جَاءَتْ وَاعْتِقَادُ أَنَّهَا حَقٌّ ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَأَخْبَرَ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَدَمُ التَّكْيِيفِ وَالتَّمْثِيلِ ; لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَخْبَرَنَا بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّتَهَا ، فَنُصَدِّقُ الْخَبَرَ وَنُؤْمِنُ بِهِ ، وَنَكِلُ الْكَيْفِيَّةَ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - .
فَصِفَاتُ ذَاتِهِ - تَعَالَى - مِنَ الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ ، وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ ، وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَغَيْرِهَا ، وَكَذَلِكَ صِفَاتُ أَفْعَالِهِ مِنَ الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ ، وَالنُّزُولِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ، وَالْمَجِيءِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ كُلُّهَا حَقٌّ عَلَى حَقِيقَتِهَا ، عَلِمْنَا اتِّصَافَهُ - تَعَالَى - بِهَا بِمَا عَلِمْنَا فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَابَ عَنْ جَمِيعِ الْمَخْلُوقِينَ كَيْفِيَّتُهَا ، وَلَمْ يُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا ، كَمَا قَالَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمُّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -
nindex.php?page=showalam&ids=15885وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَغَيْرُهُمْ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى : الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ ، وَمِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ ، وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلَاغُ ، وَعَلَيْنَا التَّصْدِيقُ وَالتَّسْلِيمُ . وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِنَّا وَاللَّهِ لَكَالُّونَ حَائِرُونَ فِي كَيْفِيَّةِ سِرَايَةِ الدَّمِ فِي أَعْضَائِنَا ، وَجَرَيَانِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِينَا ، وَكَيْفَ يُدَبِّرُ اللَّهُ - تَعَالَى - قُوتَ كُلِّ عُضْوٍ فِيهِ بِحَسَبِ حَاجَتِهِ ، وَفِي اسْتِقْرَارِ الرُّوحِ الَّتِي هِيَ بَيْنَ جَنْبَيْنَا ، وَكَيْفَ يَتَوَفَّاهَا اللَّهُ فِي مَنَامِهَا ، وَتَعْرُجُ إِلَى حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَيَرُدُّهَا إِذَا شَاءَ ، وَكَيْفِيَّةِ إِقْعَادِ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ ، وَعَذَابِهِ وَنَعِيمِهِ ، وَكَيْفِيَّةِ قِيَامِ الْأَمْوَاتِ مِنَ الْقُبُورِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ، وَكَيْفِيَّةِ الْمَلَائِكَةِ وَعِظَمِ خَلْقِهِمْ ، فَكَيْفَ الْعَرْشُ الَّذِي لَا يُقَدِّرُ قَدْرَهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، كُلُّ ذَلِكَ نَجْهَلُ كَيْفِيَّتَهُ وَنَحْنُ مُؤْمِنُونَ بِهِ ، كَمَا أَخْبَرَنَا اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَنْهُ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إِيمَانًا بِالْغَيْبِ ، وَإِنْ لَمْ نَعْلَمِ الْكَيْفِيَّةَ ، فَكَيْفَ بِالْخَالِقِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى ،
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=70لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=70وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=53رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ .