ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10وسيصلون سعيرا ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
ابن عامر وأبو بكر عن
عاصم ( وسيصلون ) بضم الياء ، أي يدخلون النار على ما لم يسم فاعله ، والباقون بفتح الياء قال
أبو زيد يقال : صلي الرجل النار يصلاها صلى وصلاء ، وهو صالي النار ، وقوم صالون وصلاء قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=163إلا من هو صالي الجحيم ) [ الصافات : 163 ] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=70أولى بها صليا ) ( مريم : 70 ] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=29جهنم يصلونها ) ( إبراهيم : 29 ] قال
الفراء : الصلى : اسم الوقود وهو الصلاء إذا كسرت مدت ، وإذا فتحت قصرت ، ومن ضم الياء فهو من قولهم : أصلاه الله حر النار إصلاء . قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30فسوف نصليه نارا ) [ النساء : 30 ] وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=26سأصليه سقر ) [ المدثر : 26 ] قال صاحب " الكشاف " : قرئ ( سيصلون ) بضم الياء وتخفيف اللام وتشديدها .
المسألة الثانية : السعير : هو النار المستعرة يقال : سعرت النار أسعرها سعرا فهي مسعورة وسعير ، والسعير معدول عن مسعورة كما عدل كف خضيب عن مخضوبة ، وإنما قال : ( سعيرا ) ؛ لأن المراد نار من النيران مبهمة لا يعرف غاية شدتها إلا الله تعالى .
المسألة الثالثة : روي أنه لما نزلت هذه الآية ثقل ذلك على الناس فاحترزوا عن مخالطة اليتامى بالكلية ، فصعب الأمر على اليتامى فنزل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وإن تخالطوهم فإخوانكم ) [ البقرة : 220 ] ومن الجهال من قال : صارت هذه الآية منسوخة بتلك ، وهو بعيد ؛ لأن هذه الآية في المنع من الظلم وهذا لا يصير منسوخا ، بل المقصود أن
nindex.php?page=treesubj&link=33308_33654_30523مخالطة أموال اليتامى إن كان على سبيل الظلم فهو من أعظم أبواب الإثم كما في هذه الآية ، وإن كان على سبيل التربية والإحسان فهو من أعظم أبواب البر ، كما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وإن تخالطوهم فإخوانكم ) [ البقرة : 220 ] . والله أعلم .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ
عَاصِمٍ ( وَسَيُصْلَوْنَ ) بِضَمِّ الْيَاءِ ، أَيْ يُدْخَلُونَ النَّارَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ، وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ قَالَ
أَبُو زَيْدٍ يُقَالُ : صَلِيَ الرَّجُلُ النَّارَ يَصْلَاهَا صَلًى وَصِلَاءً ، وَهُوَ صَالِي النَّارِ ، وَقَوْمٌ صَالُونَ وَصَلَاءٌ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=163إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ ) [ الصَّافَّاتِ : 163 ] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=70أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا ) ( مَرْيَمَ : 70 ] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=29جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا ) ( إِبْرَاهِيمَ : 29 ] قَالَ
الْفَرَّاءُ : الصَّلَى : اسْمُ الْوَقُودِ وَهُوَ الصِّلَاءُ إِذَا كَسَرْتَ مَدَتَّ ، وَإِذَا فَتَحْتَ قَصَرْتَ ، وَمَنْ ضَمَّ الْيَاءَ فَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ : أَصْلَاهُ اللَّهُ حَرَّ النَّارِ إِصْلَاءً . قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ) [ النِّسَاءِ : 30 ] وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=26سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ) [ الْمُدَّثِّرِ : 26 ] قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : قُرِئَ ( سَيُصْلَوْنَ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِهَا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : السَّعِيرُ : هُوَ النَّارُ الْمُسْتَعِرَةُ يُقَالُ : سَعَرْتُ النَّارَ أَسْعَرُهَا سَعْرًا فَهِي مَسْعُورَةٌ وَسَعِيرٌ ، وَالسَّعِيرُ مَعْدُولٌ عَنْ مَسْعُورَةٍ كَمَا عُدِلَ كَفٌّ خَضِيبٌ عَنْ مَخْضُوبَةٍ ، وَإِنَّمَا قَالَ : ( سَعِيرًا ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ نَارٌ مِنَ النِّيرَانِ مُبْهَمَةٌ لَا يَعْرِفُ غَايَةَ شِدَّتِهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ثَقُلَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فَاحْتَرَزُوا عَنْ مُخَالَطَةِ الْيَتَامَى بِالْكُلِّيَّةِ ، فَصَعُبَ الْأَمْرُ عَلَى الْيَتَامَى فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ) [ الْبَقَرَةِ : 220 ] وَمِنَ الْجُهَّالِ مَنْ قَالَ : صَارَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةً بِتِلْكَ ، وَهُوَ بَعِيدٌ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي الْمَنْعِ مِنَ الظُّلْمِ وَهَذَا لَا يَصِيرُ مَنْسُوخًا ، بَلِ الْمَقْصُودُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33308_33654_30523مُخَالَطَةَ أَمْوَالِ الْيَتَامَى إِنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الظُّلْمِ فَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَبْوَابِ الْإِثْمِ كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، وَإِنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّرْبِيَةِ وَالْإِحْسَانِ فَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَبْوَابِ الْبِرِّ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ) [ الْبَقَرَةِ : 220 ] . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .