(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=17وما علينا إلا البلاغ المبين nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون )
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=17وما علينا إلا البلاغ المبين ) تسلية لأنفسهم ، أي نحن خرجنا عن عهدة ما علينا ، وحثا لهم على النظر ، فإنهم لما قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=17وما علينا إلا البلاغ ) كان ذلك يوجب تفكرهم في أمرهم حيث لم يطلبوا منهم أجرا ولا قصدوا رياسة ، وإنما
nindex.php?page=treesubj&link=32020كان شغلهم التبليغ والذكر ، وذلك مما يحمل العاقل على النظر و (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=17المبين ) يحتمل أمورا :
أحدها : البلاغ المبين للحق عن الباطل ، أي الفارق بالمعجزة والبرهان .
وثانيها : البلاغ المظهر لما أرسلنا للكل ، أي لا يكفي أن نبلغ الرسالة إلى شخص أو شخصين .
وثالثها : البلاغ المظهر للحق بكل ما يمكن ، فإذا تم ذلك ولم يقبلوا يحق هنالك الهلاك .
ثم كان جوابهم بعد هذا أنهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18قالوا إنا تطيرنا بكم ) وذلك أنه لما ظهر من الرسل المبالغة في البلاغ ظهر منهم الغلو في التكذيب ، فلما قال المرسلون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=14إنا إليكم مرسلون ) قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=15إن أنتم إلا تكذبون ) ولما أكد الرسل قولهم باليمين حيث قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=16ربنا يعلم ) أكدوا قولهم بالتطير بهم فكأنهم قالوا في الأول : كنتم كاذبين ، وفي الثاني : صرتم مصرين على الكذب ، حالفين مقسمين عليه ، و "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013596اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع " فتشاءمنا بكم ثانيا ، وفي الأول كما تركتم ففي الثاني لا نترككم لكون الشؤم مدركنا بسببكم ، فقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم ) وقوله : لنرجمنكم يحتمل وجهين :
أحدهما : لنشتمنكم من الرجم بالقول ، وعلى هذا فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18وليمسنكم ) ترق كأنهم قالوا : ولا يكتفي بالشتم ، بل يؤدي ذلك إلى الضرب والإيلام الحسي .
وثانيهما : أن يكون المراد الرجم بالحجارة ، وحينئذ فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18وليمسنكم ) بيان للرجم ، يعني : ولا يكون الرجم رجما قليلا نرجمكم بحجر وحجرين ، بل نديم ذلك عليكم إلى الموت ، وهو عذاب أليم ، ويكون المراد (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18لنرجمنكم وليمسنكم ) بسبب الرجم عذاب منا أليم ، وقد ذكرنا في الأليم أنه بمعنى المؤلم ، والفعيل بمعنى مفعل قليل ، ويحتمل أن يقال : هو من باب قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=21عيشة راضية ) ( الحاقة : 21 ) أي ذات رضا ، فالعذاب الأليم هو ذو ألم ، وحينئذ يكون فعيلا بمعنى فاعل وهو كثير .
ثم أجابهم المرسلون بقولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19قالوا طائركم معكم ) أي شؤمكم معكم ، وهو الكفر .
ثم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19أئن ذكرتم ) جوابا عن قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18لنرجمنكم ) يعني أتفعلون بنا ذلك ، وإن ذكرتم أي بين لكم الأمر بالمعجز والبرهان (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19بل أنتم قوم مسرفون ) حيث تجعلون من يتبرك به كمن يتشاءم به وتقصدون إيلام من يجب في حقه الإكرام أو ( مسرفون ) حيث
nindex.php?page=treesubj&link=30549تكفرون ، ثم تصرون بعد ظهور الحق بالمعجز والبرهان ،
[ ص: 48 ] فإن الكافر مسيء ، فإذا تم عليه الدليل وأوضح له السبيل ويصر يكون مسرفا ،
nindex.php?page=treesubj&link=19247والمسرف هو المجاوز الحد بحيث يبلغ الضد ، وهم كانوا كذلك في كثير من الأشياء ، أما في التبرك والتشاؤم فقد علم ، وكذلك في الإيلام والإكرام ، وأما في الكفر فلأن الواجب اتباع الدليل ، فإن لم يوجد به فلا أقل من أن لا يجزم بنقيضه وهم جزموا بالكفر بعد البرهان على الإيمان ، فإن قيل : بل للإضراب فما الأمر المضرب عنه ؟ نقول : يحتمل أن يقال : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19أئن ذكرتم ) وارد على تكذيبهم ونسبتهم الرسل إلى الكذب بقولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=15إن أنتم إلا تكذبون ) فكأنهم قالوا : أنحن كاذبون وإن جئنا بالبرهان ، لا (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19بل أنتم قوم مسرفون ) ويحتمل أن يقال : أنحن مشؤومون ، وإن جئنا ببيان صحة ما نحن عليه ، لا (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19بل أنتم قوم مسرفون ) ويحتمل أن يقال : أنحن مستحقون للرجم والإيلام ، وإن بينا صحة ما أتينا به ، لا (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19بل أنتم قوم مسرفون ) وأما الحكاية فمشهورة ، وهي أن
عيسى عليه السلام بعث رجلين إلى
أنطاكية فدعيا إلى التوحيد وأظهرا المعجزة من
nindex.php?page=treesubj&link=33951إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى فحبسهما الملك ، فأرسل بعدهما
شمعون فأتى الملك ولم يدع الرسالة ، وقرب نفسه إلى الملك بحسن التدبير ، ثم قال له : إني أسمع أن في الحبس رجلين يدعيان أمرا بديعا ، أفلا يحضران حتى نسمع كلامهما ؟ قال الملك : بلى ، فأحضرا وذكرا مقالتهما الحقة ، فقال لهما
شمعون : فهل لكما بينة ؟ قالا : نعم ، فأبرآ الأكمه والأبرص وأحييا الموتى ، فقال
شمعون : أيها الملك ، إن شئت أن تغلبهم ، فقل للآلهة التي تعبدونها تفعل شيئا من ذلك ، قال الملك : أنت لا يخفى عليك أنها لا تبصر ولا تسمع ولا تقدر ولا تعلم ، فقال
شمعون : فإذن ظهر الحق من جانبهم ، فآمن الملك وقوم ، وكفر آخرون ، وكانت الغلبة للمكذبين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=17وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ )
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=17وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) تَسْلِيَةٌ لِأَنْفُسِهِمْ ، أَيْ نَحْنُ خَرَجْنَا عَنْ عُهْدَةِ مَا عَلَيْنَا ، وَحَثًّا لَهُمْ عَلَى النَّظَرِ ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=17وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ ) كَانَ ذَلِكَ يُوجِبُ تَفَكُّرَهُمْ فِي أَمْرِهِمْ حَيْثُ لَمْ يَطْلُبُوا مِنْهُمْ أَجْرًا وَلَا قَصَدُوا رِيَاسَةً ، وَإِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=32020كَانَ شُغْلُهُمُ التَّبْلِيغَ وَالذِّكْرَ ، وَذَلِكَ مِمَّا يَحْمِلُ الْعَاقِلَ عَلَى النَّظَرِ وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=17الْمُبِينُ ) يَحْتَمِلُ أُمُورًا :
أَحَدُهَا : الْبَلَاغُ الْمُبِينُ لِلْحَقِّ عَنِ الْبَاطِلِ ، أَيِ الْفَارِقُ بِالْمُعْجِزَةِ وَالْبُرْهَانِ .
وَثَانِيهَا : الْبَلَاغُ الْمُظْهِرُ لِمَا أَرْسَلْنَا لِلْكُلِّ ، أَيْ لَا يَكْفِي أَنْ نُبَلِّغَ الرِّسَالَةَ إِلَى شَخْصٍ أَوْ شَخْصَيْنِ .
وَثَالِثُهَا : الْبَلَاغُ الْمُظْهِرُ لِلْحَقِّ بِكُلِّ مَا يُمْكِنُ ، فَإِذَا تَمَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْبَلُوا يَحِقُّ هُنَالِكَ الْهَلَاكُ .
ثُمَّ كَانَ جَوَابُهُمْ بَعْدَ هَذَا أَنَّهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ) وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ مِنَ الرُّسُلِ الْمُبَالَغَةُ فِي الْبَلَاغِ ظَهَرَ مِنْهُمُ الْغُلُوُّ فِي التَّكْذِيبِ ، فَلَمَّا قَالَ الْمُرْسَلُونَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=14إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ) قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=15إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ) وَلَمَّا أَكَّدَ الرُّسُلُ قَوْلَهُمْ بِالْيَمِينِ حَيْثُ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=16رَبُّنَا يَعْلَمُ ) أَكَّدُوا قَوْلَهُمْ بِالتَّطَيُّرِ بِهِمْ فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْأَوَّلِ : كُنْتُمْ كَاذِبِينَ ، وَفِي الثَّانِي : صِرْتُمْ مُصِرِّينَ عَلَى الْكَذِبِ ، حَالِفِينَ مُقْسِمِينَ عَلَيْهِ ، وَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013596الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ " فَتَشَاءَمْنَا بِكُمْ ثَانِيًا ، وَفِي الْأَوَّلِ كَمَا تَرَكْتُمْ فَفِي الثَّانِي لَا نَتْرُكُكُمْ لِكَوْنِ الشُّؤْمِ مُدْرِكَنَا بِسَبَبِكُمْ ، فَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) وَقَوْلُهُ : لَنَرْجُمَنَّكُمْ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : لَنَشْتِمَنَّكُمْ مِنَ الرَّجْمِ بِالْقَوْلِ ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18وَلَيَمَسَّنَّكُمْ ) تَرَقٍّ كَأَنَّهُمْ قَالُوا : وَلَا يَكْتَفِي بِالشَّتْمِ ، بَلْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى الضَّرْبِ وَالْإِيلَامِ الْحِسِّيِّ .
وَثَانِيهِمَا : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الرَّجْمَ بِالْحِجَارَةِ ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18وَلَيَمَسَّنَّكُمْ ) بَيَانٌ لِلرَّجْمِ ، يَعْنِي : وَلَا يَكُونُ الرَّجْمُ رَجْمًا قَلِيلًا نَرْجُمُكُمْ بِحَجَرٍ وَحَجَرَيْنِ ، بَلْ نُدِيمُ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ إِلَى الْمَوْتِ ، وَهُوَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ ) بِسَبَبِ الرَّجْمِ عَذَابٌ مِنَّا أَلِيمٌ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْأَلِيمِ أَنَّهُ بِمَعْنَى الْمُؤْلِمِ ، وَالْفَعِيلُ بِمَعْنَى مُفْعِلٍ قَلِيلٌ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : هُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=21عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ) ( الْحَاقَّةِ : 21 ) أَيْ ذَاتِ رِضًا ، فَالْعَذَابُ الْأَلِيمُ هُوَ ذُو أَلَمٍ ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فَعِيلًا بِمَعْنَى فَاعِلٍ وَهُوَ كَثِيرٌ .
ثُمَّ أَجَابَهُمُ الْمُرْسَلُونَ بِقَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ ) أَيْ شُؤْمُكُمْ مَعَكُمْ ، وَهُوَ الْكُفْرُ .
ثُمَّ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ ) جَوَابًا عَنْ قَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18لَنَرْجُمَنَّكُمْ ) يَعْنِي أَتَفْعَلُونَ بِنَا ذَلِكَ ، وَإِنْ ذُكِّرْتُمْ أَيْ بَيَّنَ لَكُمُ الْأَمْرَ بِالْمُعْجِزِ وَالْبُرْهَانِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ) حَيْثُ تَجْعَلُونَ مَنْ يُتَبَرَّكُ بِهِ كَمَنْ يُتَشَاءَمُ بِهِ وَتَقْصِدُونَ إِيلَامَ مَنْ يَجِبُ فِي حَقِّهِ الْإِكْرَامُ أَوْ ( مُسْرِفُونَ ) حَيْثُ
nindex.php?page=treesubj&link=30549تَكْفُرُونَ ، ثُمَّ تُصِرُّونَ بَعْدَ ظُهُورِ الْحَقِّ بِالْمُعْجِزِ وَالْبُرْهَانِ ،
[ ص: 48 ] فَإِنَّ الْكَافِرَ مُسِيءٌ ، فَإِذَا تَمَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَأُوضِحَ لَهُ السَّبِيلُ وَيُصِرُّ يَكُونُ مُسْرِفًا ،
nindex.php?page=treesubj&link=19247وَالْمُسْرِفُ هُوَ الْمُجَاوِزُ الْحَدَّ بِحَيْثُ يَبْلُغُ الضِّدَّ ، وَهُمْ كَانُوا كَذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ ، أَمَّا فِي التَّبَرُّكِ وَالتَّشَاؤُمِ فَقَدْ عُلِمَ ، وَكَذَلِكَ فِي الْإِيلَامِ وَالْإِكْرَامِ ، وَأَمَّا فِي الْكُفْرِ فَلِأَنَّ الْوَاجِبَ اتِّبَاعُ الدَّلِيلِ ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِهِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ لَا يُجْزَمَ بِنَقِيضِهِ وَهُمْ جَزَمُوا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْبُرْهَانِ عَلَى الْإِيمَانِ ، فَإِنْ قِيلَ : بَلْ لِلْإِضْرَابِ فَمَا الْأَمْرُ الْمُضْرَبُ عَنْهُ ؟ نَقُولُ : يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ ) وَارِدٌ عَلَى تَكْذِيبِهِمْ وَنِسْبَتِهِمُ الرُّسُلَ إِلَى الْكَذِبِ بِقَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=15إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ) فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا : أَنَحْنُ كَاذِبُونَ وَإِنْ جِئْنَا بِالْبُرْهَانِ ، لَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : أَنَحْنُ مَشْؤُومُونَ ، وَإِنْ جِئْنَا بِبَيَانِ صِحَّةِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ ، لَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : أَنَحْنُ مُسْتَحِقُّونَ لِلرَّجْمِ وَالْإِيلَامِ ، وَإِنْ بَيَّنَّا صِحَّةَ مَا أَتَيْنَا بِهِ ، لَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ) وَأَمَّا الْحِكَايَةُ فَمَشْهُورَةٌ ، وَهِيَ أَنَّ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعَثَ رَجُلَيْنِ إِلَى
أَنْطَاكِيَّةَ فَدَعَيَا إِلَى التَّوْحِيدِ وَأَظْهَرَا الْمُعْجِزَةَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=33951إِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى فَحَبَسَهُمَا الْمَلِكُ ، فَأَرْسَلَ بَعْدَهُمَا
شَمْعُونَ فَأَتَى الْمَلِكَ وَلَمْ يَدَعِ الرِّسَالَةَ ، وَقَرَّبَ نَفْسَهُ إِلَى الْمَلِكِ بِحُسْنِ التَّدْبِيرِ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : إِنِّي أَسْمَعُ أَنَّ فِي الْحَبْسِ رَجُلَيْنِ يَدَّعِيَانِ أَمْرًا بَدِيعًا ، أَفَلَا يَحْضُرَانِ حَتَّى نَسْمَعَ كَلَامَهُمَا ؟ قَالَ الْمَلِكُ : بَلَى ، فَأُحْضِرَا وَذَكَرَا مَقَالَتَهُمَا الْحَقَّةَ ، فَقَالَ لَهُمَا
شَمْعُونُ : فَهَلْ لَكَمَا بَيِّنَةٌ ؟ قَالَا : نَعَمْ ، فَأَبْرَآ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأَحْيَيَا الْمَوْتَى ، فَقَالَ
شَمْعُونُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تَغْلِبَهُمْ ، فَقُلْ لِلْآلِهَةِ الَّتِي تَعْبُدُونَهَا تَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ الْمَلِكُ : أَنْتَ لَا يَخْفَى عَلَيْكَ أَنَّهَا لَا تُبْصِرُ وَلَا تَسْمَعُ وَلَا تَقْدِرُ وَلَا تَعْلَمُ ، فَقَالَ
شَمْعُونُ : فَإِذَنْ ظَهَرَ الْحَقُّ مِنْ جَانِبِهِمْ ، فَآمَنَ الْمَلِكُ وَقَوْمٌ ، وَكَفَرَ آخَرُونَ ، وَكَانَتِ الْغَلَبَةُ لِلْمُكَذِّبِينَ .