مسألة :
"
nindex.php?page=treesubj&link=22662_531وكل ميتة نجسة إلا الآدمي " .
أما نجاسة الحيوان بالموت في الجملة فإجماع ، وقد دل على ذلك قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة ) وذلك يعم أكلها والانتفاع بها وغير ذلك ، لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014291إن الله حرم nindex.php?page=treesubj&link=33558_33556_17213بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ، فقيل : يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ، ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس . فقال : لا هو حرام ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه " . رواه الجماعة .
[ ص: 130 ] والكلام في فصلين في أجزاء الميتة وفي أجناسها ؛ أما أجزاؤها فاللحم نجس وكذلك الجلد ، وقد تقدم القول في العظم والشعر . وأما
nindex.php?page=treesubj&link=26406_26981ما لا يموت بموتها كالبيض واللبن فإنه لا ينجس بالموت لكن هل ينجس بنجاسة وعائه ؟ أما البيض فإذا كان قد تصلب قشره فهو طاهر مباح ؛ لأنه لا يصل إليه شيء من النجاسة كما لو غمس في ماء نجس ، وكما لو طبخ في خمر أو ماء نجس ؛ وكذلك لو سلقه في ماء ملح أو مر لم يتغير طعمه ، وقال
ابن عقيل : هو طاهر مباح وإن لم يتصلب ؛ لأن جمودها وغشاءها الذي هو كالجلد مع لينه يمنع نفوذ النجاسة إليها .
كما لو وقعت في مائع نجس ، والمشهور أنها تتنجس إذا لم تتصلب ؛ لأنها في النمو ، والحاجز غير حصين فلا ينفك غالبا من أن يشرب أجزاء عقيب الموت قبل ذهاب حرارة الحياة . وأما اللبن والإنفحة فطاهر في إحدى الروايتين ؛ لأن الصحابة فتحوا بلاد
المجوس وأكلوا من جبنهم مع علمهم بنجاسة ذبائحهم ، وأن الجبن إنما يصنع بالإنفحة ، وأن اللبن لم ينجس بالموت ؛ إذ لا حياة فيه ولا بملاقاة وعائه ؛ لأن الملاقاة في الباطن لا حكم لها ؛ إذ الحكم بالتنجيس إنما يتسلط على الأجسام الظاهرة .
ولذلك لم ينجس المني ، والنجاسة تخرج من مخرج المني ، وعلى هذه الرواية فجلد الإنفحة نجس كجلد الضرع ، وإنما الكلام فيما فيهما ، والرواية الأخرى هما نجس وهي المنصورة ؛ ولأنه مائع في وعاء نجس فأشبه ما لو أعيد في
[ ص: 131 ] الضرع بعد الحلب أو حلبت في إناء نجس ، وما عللوا به ينتقض بالمخ في العظم فإنه نجس . وأما المني والنجاسة فميز له اللبن الخارج في الحياة ؛ لأنه لو نجس ما خلق طاهرا في الباطن بما يلاقيه لنجس أبدا ، بخلاف ما بعد الموت فإنه خروجه نادر كما لو خرج المني والنجاسة بعد الموت .
وما ذكر عن الصحابة لا يصح لأنهم وإن أكلوا من جبن
بلاد فارس ؛ فلأنه كان بينهم
يهود ونصارى يذبحون لهم فحينئذ لا تتحقق نجاسة الجبن ، ولهذا كتب
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري إلى
عمر يذكر أن
المجوس لما رأوا أن المسلمين لا يشترون جبنهم ، وإنما يشترون جبن أهل الكتاب عمد
المجوس وصلبوا على الجبن كما يصلب أهل الكتاب ليشترى جبنهم ، فكتب إليه
عمر ما تبين لكم أنه من صنعتهم فلا تأكلوه ، وما لم يتبين لكم فكلوه ولا تحرموا على أنفسكم ما أحل الله لكم . رواه
عبد الملك بن حبيب .
وقال : قد تورع
عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في خاصة أنفسهم من أكل الجبن إلا ما أيقنوا أنه من جبن المسلمين أو أهل الكتاب ؛ خيفة أن يكون من جبن
المجوس ، وقيل
nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر : إنا نخاف أن يجبن الجبن بإنفحة الميتة ، فقال ما علمت أنه ميتة فلا تأكل . وأما أجناس الميت فكل ميت نجس إلا ما يباح أكله ميتا وما ليس له دم سائل وما حرم لشرفه وقد استثناها الشيخ رحمه الله كذلك لعموم الآية والقياس ، سواء كان طاهرا في الحياة أو نجسا لكن يبقى نجسا لسببين كما حرم السببين .
[ ص: 132 ] أما الإنسان فلا ينجس في ظاهر المذهب ، وعنه رواية أخرى ينجس لعموم الآية ، ووقع زنجي في
بئر زمزم فمات فأمر
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بها تنزح . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ؛ ولأنه ذو نفس سائلة لا تباح ميتته فنجس بالموت كالشاة ، والأول أصح ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014292nindex.php?page=treesubj&link=25644المؤمن لا ينجس " . متفق عليه . وفي لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014293المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا " . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014294ليس عليكم في ميتكم غسل إذا غسلتموه فإنه ليس بنجس " .
ولأن ذلك منقول عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة في قضايا متعددة ولم يعرف لهم مخالف ؛ ولأنه آدمي مسلم فلم ينجس بالموت كالشهيد ؛ فإنه
[ ص: 133 ] مسلم على القولين ؛ ولأنه لو نجس لم يطهر بالغسل ؛ ولأن الموجب لطهارته شرفه ، وكذلك لا حيا ولا ميتا ، وإن قلنا ينجس بالموت بحسب أعضائه بالانفصال كسائر الحيوان ، فأما الشعر فهو طاهر في أصح الروايتين ؛ لأنه ليس بمحل للحياة . وفي رواية أخرى أنه نجس بناء على أنه من الجملة كاليد ، سواء جز أو تساقط بخلاف شعر المأكول فإنه لما احتيج إليه كان جزه كتذكية .
وهذا ضعيف كما سبق ويطهر بالغسل في أصح الروايتين
nindex.php?page=treesubj&link=22662_25561ولا ينجس الشهيد كما لا ينجس دمه ، وإن قلنا : لا ينجس بالموت فكذلك أعضاؤه على الأصح ، وقيل تنجس وإن لم ينجس في الجملة ؛ لأن الحرمة إنما تثبت لها إذا كانت تابعة ، وهو ضعيف ؛ لأن حرمة الأعضاء كحرمة الجملة ، وهذا يختص بالمسلم . وأما الكافر فينجس على الروايتين ؛ لأن المقتفي للطهارة من الأثر والقياس مفقود فيه ، وسبب التنجيس موجود فعمل عمله ، وعموم كلام بعض أصحابنا يقتفي التسوية كما في الحياة .
مَسْأَلَةٌ :
"
nindex.php?page=treesubj&link=22662_531وَكُلُّ مَيْتَةٍ نَجِسَةٌ إِلَّا الْآدَمِيَّ " .
أَمَّا نَجَاسَةُ الْحَيَوَانِ بِالْمَوْتِ فِي الْجُمْلَةِ فَإِجْمَاعٌ ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) وَذَلِكَ يَعُمُّ أَكْلَهَا وَالِانْتِفَاعَ بِهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ ، لِمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014291إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ nindex.php?page=treesubj&link=33558_33556_17213بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ ، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ . فَقَالَ : لَا هُوَ حَرَامٌ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ : قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَّلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ " . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ .
[ ص: 130 ] وَالْكَلَامُ فِي فَصْلَيْنِ فِي أَجْزَاءِ الْمَيْتَةِ وَفِي أَجْنَاسِهَا ؛ أَمَّا أَجْزَاؤُهَا فَاللَّحْمُ نَجِسٌ وَكَذَلِكَ الْجِلْدُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْعَظْمِ وَالشَّعْرِ . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=26406_26981مَا لَا يَمُوتُ بِمَوْتِهَا كَالْبَيْضِ وَاللَّبَنِ فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ لَكِنْ هَلْ يَنْجُسُ بِنَجَاسَةِ وِعَائِهِ ؟ أَمَّا الْبَيْضُ فَإِذَا كَانَ قَدْ تَصَلَّبَ قِشْرُهُ فَهُوَ طَاهِرٌ مُبَاحٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ النَّجَاسَةِ كَمَا لَوْ غُمِسَ فِي مَاءٍ نَجِسٍ ، وَكَمَا لَوْ طُبِخَ فِي خَمْرٍ أَوْ مَاءٍ نَجِسٍ ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ سَلَقَهُ فِي مَاءِ مِلْحٍ أَوْ مُرٍّ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ، وَقَالَ
ابْنُ عَقِيلٍ : هُوَ طَاهِرٌ مُبَاحٌ وَإِنْ لَمْ يَتَصَلَّبْ ؛ لِأَنَّ جُمُودَهَا وَغِشَاءَهَا الَّذِي هُوَ كَالْجِلْدِ مَعَ لِينِهِ يَمْنَعُ نُفُوذَ النَّجَاسَةِ إِلَيْهَا .
كَمَا لَوْ وَقَعَتْ فِي مَائِعٍ نَجِسٍ ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَتَنَجَّسُ إِذَا لَمْ تَتَصَلَّبْ ؛ لِأَنَّهَا فِي النُّمُوِّ ، وَالْحَاجِزُ غَيْرُ حَصِينٍ فَلَا يَنْفَكُّ غَالِبًا مِنْ أَنْ يَشْرَبَ أَجْزَاءً عَقِيبَ الْمَوْتِ قَبْلَ ذَهَابِ حَرَارَةِ الْحَيَاةِ . وَأَمَّا اللَّبَنُ وَالْإِنْفَحَةُ فَطَاهِرٌ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ فَتَحُوا بِلَادَ
الْمَجُوسِ وَأَكَلُوا مِنْ جُبْنِهِمْ مَعَ عِلْمِهِمْ بِنَجَاسَةِ ذَبَائِحِهِمْ ، وَأَنَّ الْجُبْنَ إِنَّمَا يُصْنَعُ بِالْإِنْفَحَةِ ، وَأَنَّ اللَّبَنَ لَمْ يَنْجُسْ بِالْمَوْتِ ؛ إِذْ لَا حَيَاةَ فِيهِ وَلَا بِمُلَاقَاةِ وِعَائِهِ ؛ لِأَنَّ الْمُلَاقَاةَ فِي الْبَاطِنِ لَا حُكْمَ لَهَا ؛ إِذِ الْحُكْمُ بِالتَّنْجِيسِ إِنَّمَا يَتَسَلَّطُ عَلَى الْأَجْسَامِ الظَّاهِرَةِ .
وَلِذَلِكَ لَمْ يَنْجُسِ الْمَنِيُّ ، وَالنَّجَاسَةُ تَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجِ الْمَنِيِّ ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَجِلْدُ الْإِنْفَحَةِ نَجِسٌ كَجِلْدِ الضَّرْعِ ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيمَا فِيهِمَا ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى هُمَا نَجِسٌ وَهِيَ الْمَنْصُورَةُ ؛ وَلِأَنَّهُ مَائِعٌ فِي وِعَاءٍ نَجِسٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أُعِيدَ فِي
[ ص: 131 ] الضَّرْعِ بَعْدَ الْحَلْبِ أَوْ حَلَبْتَ فِي إِنَاءٍ نَجِسٍ ، وَمَا عَلَّلُوا بِهِ يُنْتَقَضُ بِالْمُخِّ فِي الْعَظْمِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ . وَأَمَّا الْمَنِيُّ وَالنَّجَاسَةُ فَمَيَّزَ لَهُ اللَّبَنُ الْخَارِجُ فِي الْحَيَاةِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَجُسَ مَا خَلَقَ طَاهِرًا فِي الْبَاطِنِ بِمَا يُلَاقِيهِ لِنَجِسٍ أَبَدًا ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ خُرُوجُهُ نَادِرٌ كَمَا لَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ وَالنَّجَاسَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ .
وَمَا ذُكِرَ عَنِ الصَّحَابَةِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ أَكَلُوا مِنْ جُبْنِ
بِلَادِ فَارِسَ ؛ فَلِأَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمْ
يَهُودُ وَنَصَارَى يَذْبَحُونَ لَهُمْ فَحِينَئِذٍ لَا تَتَحَقَّقُ نَجَاسَةُ الْجُبْنِ ، وَلِهَذَا كَتَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ إِلَى
عُمَرَ يَذْكُرُ أَنَّ
الْمَجُوسَ لَمَّا رَأَوْا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يَشْتَرُونَ جُبْنَهُمْ ، وَإِنَّمَا يَشْتَرُونَ جُبْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ عَمَدَ
الْمَجُوسُ وَصَلَّبُوا عَلَى الْجُبْنِ كَمَا يُصَلِّبُ أَهْلُ الْكِتَابِ لِيُشْتَرَى جُبْنُهُمْ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ
عُمَرُ مَا تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّهُ مِنْ صَنْعَتِهِمْ فَلَا تَأْكُلُوهُ ، وَمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَكُمْ فَكُلُوهُ وَلَا تُحَرِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ . رَوَاهُ
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ .
وَقَالَ : قَدْ تَوَرَّعَ
عُمَرُ nindex.php?page=showalam&ids=10وابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي خَاصَّةِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ أَكْلِ الْجُبْنِ إِلَّا مَا أَيْقَنُوا أَنَّهُ مِنْ جُبْنِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَهْلِ الْكِتَابِ ؛ خِيفَةَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُبْنِ
الْمَجُوسِ ، وَقِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12لِابْنِ عُمَرَ : إِنَّا نَخَافُ أَنْ يَجْبُنَ الْجُبْنُ بِإِنْفَحَةِ الْمَيْتَةِ ، فَقَالَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ مَيْتَةٌ فَلَا تَأْكُلْ . وَأَمَّا أَجْنَاسُ الْمَيِّتِ فَكُلُّ مَيِّتٍ نَجِسٌ إِلَّا مَا يُبَاحُ أَكْلُهُ مَيِّتًا وَمَا لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ وَمَا حُرِّمَ لِشَرَفِهِ وَقَدِ اسْتَثْنَاهَا الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَذَلِكَ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْقِيَاسِ ، سَوَاءٌ كَانَ طَاهِرًا فِي الْحَيَاةِ أَوْ نَجِسًا لَكِنْ يَبْقَى نَجِسًا لِسَبَبَيْنِ كَمَا حَرَّمَ السَّبَبَيْنِ .
[ ص: 132 ] أَمَّا الْإِنْسَانُ فَلَا يَنْجُسُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى يَنْجُسُ لِعُمُومِ الْآيَةِ ، وَوَقَعَ زِنْجِيٌّ فِي
بِئْرِ زَمْزَمَ فَمَاتَ فَأَمَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ بِهَا تُنْزَحُ . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ ؛ وَلِأَنَّهُ ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ لَا تُبَاحُ مَيْتَتُهُ فَنَجُسَ بِالْمَوْتِ كَالشَّاةِ ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014292nindex.php?page=treesubj&link=25644الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ " . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَفِي لَفْظِ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيِّ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014293الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا " . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014294لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ إِذَا غَسَّلْتُمُوهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِنَجِسٍ " .
وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَنْقُولٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةَ فِي قَضَايَا مُتَعَدِّدَةٍ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ ؛ وَلِأَنَّهُ آدَمِيٌّ مُسْلِمٌ فَلَمْ يَنْجُسْ بِالْمَوْتِ كَالشَّهِيدِ ؛ فَإِنَّهُ
[ ص: 133 ] مُسْلِمٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ نَجُسَ لَمْ يَطْهُرْ بِالْغُسْلِ ؛ وَلِأَنَّ الْمُوجِبَ لِطَهَارَتِهِ شَرَفُهُ ، وَكَذَلِكَ لَا حَيًّا وَلَا مَيِّتًا ، وَإِنْ قُلْنَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ بِحَسَبِ أَعْضَائِهِ بِالِانْفِصَالِ كَسَائِرِ الْحَيَوَانِ ، فَأَمَّا الشَّعْرُ فَهُوَ طَاهِرٌ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْحَيَاةِ . وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ نَجِسٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْجُمْلَةِ كَالْيَدِ ، سَوَاءٌ جُزَّ أَوْ تَسَاقَطَ بِخِلَافِ شَعْرِ الْمَأْكُولِ فَإِنَّهُ لَمَّا احْتِيجَ إِلَيْهِ كَانَ جَزُّهُ كَتَذْكِيَةٍ .
وَهَذَا ضَعِيفٌ كَمَا سَبَقَ وَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
nindex.php?page=treesubj&link=22662_25561وَلَا يَنْجُسُ الشَّهِيدُ كَمَا لَا يَنْجُسُ دَمُهُ ، وَإِنْ قُلْنَا : لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ فَكَذَلِكَ أَعْضَاؤُهُ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ تَنْجُسُ وَإِنْ لَمْ يَنْجُسْ فِي الْجُمْلَةِ ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ إِنَّمَا تَثْبُتُ لَهَا إِذَا كَانَتْ تَابِعَةً ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْأَعْضَاءِ كَحُرْمَةِ الْجُمْلَةِ ، وَهَذَا يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمِ . وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَنْجُسُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَفِيَ لِلطَّهَارَةِ مِنَ الْأَثَرِ وَالْقِيَاسِ مَفْقُودٌ فِيهِ ، وَسَبَبُ التَّنْجِيسِ مَوْجُودٌ فَعَمِلَ عَمَلَهُ ، وَعُمُومُ كَلَامِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا يَقْتَفِي التَّسْوِيَةَ كَمَا فِي الْحَيَاةِ .