( 1716 ) مسألة : قال : ( ولا يؤخذ في الصدقة تيس ، ولا هرمة ، ولا ذات عوار ) ذات العوار : المعيبة . وهذه الثلاث لا تؤخذ لدناءتها ، فإن الله تعالى قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } .
[ ص: 243 ] وقال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=42378 : ولا يخرج في الصدقة هرمة ، ولا ذات عوار ، ولا تيس ، إلا ما شاء المصدق } . وقد قيل : لا يؤخذ تيس الغنم ، وهو فحلها لفضيلته .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد يروي الحديث : " إلا ما شاء المصدق " . بفتح الدال . يعني صاحب المال ، فعلى هذا يكون الاستثناء في الحديث راجعا إلى التيس وحده . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أن جميع الرواة يخالفونه في هذا ، فيروونه : " المصدق " بكسر الدال ، أي العامل . وقال : التيس لا يؤخذ ; لنقصه ، وفساد لحمه ، وكونه ذكرا ، وعلى هذا لا يأخذ المصدق ، وهو الساعي ، أحد هذه الثلاثة ، إلا أن يرى ذلك ، بأن يكون جميع النصاب من جنسه فيكون له أن يأخذ من جنس المال فيأخذ هرمة ، وهي الكبيرة من الهرمات ، وذات عوار من أمثالها ، وتيسا من التيوس .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي إن رأى المصدق أن أخذ هذه الثلاثة خير له ، وأنفع للفقراء ، فله أخذه ; لظاهر الاستثناء . ولا يختلف المذهب أنه ليس له
nindex.php?page=treesubj&link=2767_25499_2808_2779_2755أخذ الذكر في شيء من الزكاة ، إذا كان في النصاب إناث ، في غير أتبعة البقر وابن اللبون ، بدلا عن بنت مخاض إذا عدمها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يجوز إخراج الذكر من الغنم الإناث ; لقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25001 : في أربعين شاة شاة } . ولفظ الشاة يقع على الذكر والأنثى ، ولأن الشاة إذا أمر بها مطلقا ، أجزأ فيها الذكر ، كالأضحية والهدي .
ولنا ، أنه حيوان تجب الزكاة في عينه ، فكانت الأنوثة معتبرة في فرضه ، كالإبل ، والمطلق يتقيد بالقياس على سائر النصب ، والأضحية غير معتبرة بالمال ، بخلاف مسألتنا . فإن قيل : فما فائدة تخصيص التيس بالنهي إذا ؟ قلنا : لأنه لا يؤخذ عن الذكور أيضا ، فلو ملك أربعين ذكرا وفيها تيس معد للضراب ، لم يجز أخذه ; إما لفضيلته ، فإنه لا يعد للضراب إلا أفضل الغنم وأعظمها ، وإما لدناءته وفساد لحمه . ويجوز أن يمنع من أخذه للمعنيين جميعا . وإن كان النصاب كله ذكورا ، جاز إخراج الذكر في الغنم وجها واحدا ، وفي البقر في أصح الوجهين ، وفي الإبل وجهان .
والفرق بين النصب الثلاثة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على الأنثى في فرائض الإبل والبقر ، وأطلق الشاة الواجبة ، وقال في الإبل {
nindex.php?page=hadith&LINKID=118945من لم يجد بنت مخاض ، أخرج ابن لبون ذكرا } . ومن حيث المعنى أن الإبل يتغير فرضها بزيادة السن ، فإذا جوزنا إخراج الذكر أفضى إلى التسوية بين الفريضتين ; لأنه يخرج ابن لبون عن خمس وعشرين ، ويخرجه عن ستة وثلاثين ، وهذا المعنى يختص الإبل .
فإن قيل : فالبقر أيضا يأخذ منها تبيعا عن ثلاثين ، وتبيعا عن أربعين إذا كانت أتبعة كلها ، وقلنا : تؤخذ الصغيرة عن الصغار . قلنا : هذا يلزم مثله في إخراج الأنثى ، فلا فرق ، ومن جوز إخراج الذكر في الكل ، قال : يأخذ ابن لبون من خمس وعشرين ، قيمته دون قيمة ابن لبون يأخذه من ستة وثلاثين ، ويكون بينهما في القيمة كما بينهما في العدد ، ويكون الفرض بصفة المال ، وإذا اعتبرنا القيمة لم يؤد إلى التسوية ، كما قلنا في الغنم .
( 1716 ) مَسْأَلَةٌ : قَالَ : ( وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ ، وَلَا هَرِمَةٌ ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ ) ذَاتُ الْعَوَارِ : الْمَعِيبَةُ . وَهَذِهِ الثَّلَاثُ لَا تُؤْخَذُ لِدَنَاءَتِهَا ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ } .
[ ص: 243 ] وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=42378 : وَلَا يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ ، وَلَا تَيْسٌ ، إلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ } . وَقَدْ قِيلَ : لَا يُؤْخَذُ تَيْسُ الْغَنَمِ ، وَهُوَ فَحْلُهَا لِفَضِيلَتِهِ .
وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبُو عُبَيْدٍ يَرْوِي الْحَدِيثَ : " إلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدَّقُ " . بِفَتْحِ الدَّالِ . يَعْنِي صَاحِبَ الْمَالِ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْحَدِيثِ رَاجِعًا إلَى التَّيْسِ وَحْدَهُ . وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14228الْخَطَّابِيُّ أَنَّ جَمِيعَ الرُّوَاةِ يُخَالِفُونَهُ فِي هَذَا ، فَيَرْوُونَهُ : " الْمُصَدِّقُ " بِكَسْرِ الدَّالِ ، أَيْ الْعَامِلُ . وَقَالَ : التَّيْسُ لَا يُؤْخَذُ ; لِنَقْصِهِ ، وَفَسَادِ لَحْمِهِ ، وَكَوْنِهِ ذَكَرًا ، وَعَلَى هَذَا لَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ ، وَهُوَ السَّاعِي ، أَحَدَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ، إلَّا أَنْ يَرَى ذَلِكَ ، بِأَنْ يَكُونَ جَمِيعُ النِّصَابِ مِنْ جِنْسِهِ فَيَكُونَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ فَيَأْخُذَ هَرِمَةً ، وَهِيَ الْكَبِيرَةُ مِنْ الْهَرِمَاتِ ، وَذَاتَ عَوَارٍ مِنْ أَمْثَالِهَا ، وَتَيْسًا مِنْ التُّيُوسِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ إنَّ رَأَى الْمُصَدِّقُ أَنَّ أَخْذَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ خَيْرٌ لَهُ ، وَأَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ ، فَلَهُ أَخْذُهُ ; لِظَاهِرِ الِاسْتِثْنَاءِ . وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=2767_25499_2808_2779_2755أَخْذُ الذَّكَرِ فِي شَيْءٍ مِنْ الزَّكَاةِ ، إذَا كَانَ فِي النِّصَابِ إنَاثٌ ، فِي غَيْرِ أَتْبِعَةِ الْبَقَرِ وَابْنِ اللَّبُونِ ، بَدَلًا عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ إذَا عَدِمَهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ : يَجُوزُ إخْرَاجُ الذَّكَرِ مِنْ الْغَنَمِ الْإِنَاثِ ; لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25001 : فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ } . وَلَفْظُ الشَّاةِ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى ، وَلِأَنَّ الشَّاةَ إذَا أُمِرَ بِهَا مُطْلَقًا ، أَجْزَأَ فِيهَا الذَّكَرُ ، كَالْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ .
وَلَنَا ، أَنَّهُ حَيَوَانٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ ، فَكَانَتْ الْأُنُوثَةُ مُعْتَبَرَةً فِي فَرْضِهِ ، كَالْإِبِلِ ، وَالْمُطْلَقُ يَتَقَيَّدُ بِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ النُّصُبِ ، وَالْأُضْحِيَّةُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ بِالْمَالِ ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا . فَإِنْ قِيلَ : فَمَا فَائِدَةُ تَخْصِيصِ التَّيْسِ بِالنَّهْيِ إذَا ؟ قُلْنَا : لِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ عَنْ الذُّكُورِ أَيْضًا ، فَلَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ ذَكَرًا وَفِيهَا تَيْسٌ مُعَدٌّ لِلضِّرَابِ ، لَمْ يَجُزْ أَخْذُهُ ; إمَّا لِفَضِيلَتِهِ ، فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلضِّرَابِ إلَّا أَفْضَلُ الْغَنَمِ وَأَعْظَمُهَا ، وَإِمَّا لِدَنَاءَتِهِ وَفَسَادِ لَحْمِهِ . وَيَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ أَخْذِهِ لِلْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا . وَإِنْ كَانَ النِّصَابُ كُلُّهُ ذُكُورًا ، جَازَ إخْرَاجُ الذَّكَرِ فِي الْغَنَمِ وَجْهًا وَاحِدًا ، وَفِي الْبَقَرِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَفِي الْإِبِلِ وَجْهَانِ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ النُّصُبِ الثَّلَاثَةِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَّ عَلَى الْأُنْثَى فِي فَرَائِضِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ ، وَأَطْلَقَ الشَّاةَ الْوَاجِبَةَ ، وَقَالَ فِي الْإِبِلِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=118945مَنْ لَمْ يَجِدْ بِنْتَ مَخَاضٍ ، أَخْرَجَ ابْنَ لَبُونٍ ذَكَرًا } . وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ الْإِبِلَ يَتَغَيَّرُ فَرْضُهَا بِزِيَادَةِ السِّنِّ ، فَإِذَا جَوَّزْنَا إخْرَاجَ الذَّكَرِ أَفْضَى إلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ ; لِأَنَّهُ يُخْرِجُ ابْنَ لَبُونٍ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ ، وَيُخْرِجُهُ عَنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَخْتَصُّ الْإِبِلَ .
فَإِنْ قِيلَ : فَالْبَقَرُ أَيْضًا يَأْخُذُ مِنْهَا تَبِيعًا عَنْ ثَلَاثِينَ ، وَتَبِيعًا عَنْ أَرْبَعِينَ إذَا كَانَتْ أَتْبِعَةً كُلُّهَا ، وَقُلْنَا : تُؤْخَذُ الصَّغِيرَةُ عَنْ الصِّغَارِ . قُلْنَا : هَذَا يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي إخْرَاجِ الْأُنْثَى ، فَلَا فَرْقَ ، وَمِنْ جَوَّزَ إخْرَاجَ الذَّكَرِ فِي الْكُلِّ ، قَالَ : يَأْخُذُ ابْنَ لَبُونٍ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ ، قِيمَتُهُ دُونَ قِيمَةِ ابْنِ لَبُونٍ يَأْخُذُهُ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ ، وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا فِي الْقِيمَةِ كَمَا بَيْنَهُمَا فِي الْعَدَدِ ، وَيَكُونُ الْفَرْضُ بِصِفَةِ الْمَالِ ، وَإِذَا اعْتَبَرْنَا الْقِيمَةَ لَمْ يُؤَدِّ إلَى التَّسْوِيَةِ ، كَمَا قُلْنَا فِي الْغَنَمِ .