( 7943 ) فصل : ويكره
nindex.php?page=treesubj&link=24898_16472الإفراط في الحلف بالله تعالى ; لقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=10ولا تطع كل حلاف [ ص: 387 ] مهين } . وهذا ذم له يقتضي كراهة فعله . فإن لم يخرج إلى حد الإفراط ، فليس بمكروه ، إلا أن يقترن به ما يوجب كراهته . ومن الناس من قال : الأيمان كلها مكروهة ; لقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=224ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم } .
ولنا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحلف كثيرا ، وقد كان يحلف في الحديث الواحد أيمانا كثيرة ، وربما كرر اليمين الواحدة ثلاثا ، فإنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25950قال في خطبة الكسوف : والله يا أمة محمد ، ما أحد أغير من الله أن يزني عبده ، أو تزني أمته ، يا أمة محمد ، والله لو تعلمون ما أعلم ، لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا . ولقيته امرأة من الأنصار ، معها أولادها ، فقال : والذي نفسي بيده ، إنكم لأحب الناس إلي . ثلاث مرات . وقال : والله لأغزون قريشا ، والله لأغزون قريشا ، والله لأغزون قريشا } .
ولو كان هذا مكروها ، لكان النبي صلى الله عليه وسلم أبعد الناس منه . ولأن الحلف بالله تعظيم له ، وربما ضم إلى يمينه وصف الله - تعالى - بتعظيمه وتوحيده ، فيكون مثابا على ذلك . وقد روي {
أن رجلا حلف على شيء ، فقال : والله الذي لا إله إلا هو ، ما فعلت كذا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما إنه قد كذب ، ولكن قد غفر له بتوحيده } . وأما الإفراط في الحلف ، فإنما كره ; لأنه لا يكاد يخلو من الكذب . والله أعلم .
فأما قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=224ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم } . فمعناه لا تجعلوا أيمانكم بالله مانعة لكم من البر والتقوى والإصلاح بين الناس ، وهو أن يحلف بالله أن لا يفعل برا ولا تقوى ولا يصلح بين الناس ، ثم يمتنع من فعله ، ليبر في يمينه ، ولا يحنث فيها ، فنهوا عن المضي فيها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وذكر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بإسناده ، في قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=224ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم } : الرجل يحلف أن لا يصل قرابته ، وقد جعل الله له مخرجا في التكفير ، فأمره أن لا يعتل بالله ، فليكفر ، وليبر .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29599لأن يستلج أحدكم في يمينه ، آثم له عند الله من أن يؤدي الكفارة التي فرض الله عليه } . متفق عليه . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9887إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها ، فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك . وقال : إني والله لا أحلف على يمين ، فأرى غيرها خيرا منها ، إلا أتيت الذي هو خير ، وتحللتها } . متفق عليهما . وإن كان النهي عاد إلى اليمين ، فالمنهي عنه الحلف على ترك البر والتقوى والإصلاح بين الناس ، لا على كل يمين ، فلا حجة فيها لهم إذا .
( 7943 ) فَصْلٌ : وَيُكْرَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=24898_16472الْإِفْرَاطُ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى ; لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=10وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ [ ص: 387 ] مَهِينٍ } . وَهَذَا ذَمٌّ لَهُ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ فِعْلِهِ . فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى حَدِّ الْإِفْرَاطِ ، فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ ، إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ مَا يُوجِبُ كَرَاهَتَهُ . وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ : الْأَيْمَانُ كُلُّهَا مَكْرُوهَةٌ ; لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=224وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ } .
وَلَنَا ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْلِفُ كَثِيرًا ، وَقَدْ كَانَ يَحْلِفُ فِي الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ أَيْمَانًا كَثِيرَةً ، وَرُبَّمَا كَرَّرَ الْيَمِينَ الْوَاحِدَةَ ثَلَاثًا ، فَإِنَّهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25950قَالَ فِي خُطْبَةِ الْكُسُوفِ : وَاَللَّهِ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، مَا أَحَدٌ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، وَاَللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا . وَلَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ ، مَعَهَا أَوْلَادُهَا ، فَقَالَ : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إنَّكُمْ لَأَحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ . ثَلَاثَ مَرَّاتٍ . وَقَالَ : وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ، وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ، وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا } .
وَلَوْ كَانَ هَذَا مَكْرُوهًا ، لَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ . وَلِأَنَّ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ تَعْظِيمٌ لَهُ ، وَرُبَّمَا ضَمَّ إلَى يَمِينِهِ وَصْفَ اللَّهِ - تَعَالَى - بِتَعْظِيمِهِ وَتَوْحِيدِهِ ، فَيَكُونُ مُثَابًا عَلَى ذَلِكَ . وَقَدْ رُوِيَ {
أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ ، فَقَالَ : وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ ، مَا فَعَلْت كَذَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَا إنَّهُ قَدْ كَذَبَ ، وَلَكِنْ قَدْ غُفِرَ لَهُ بِتَوْحِيدِهِ } . وَأَمَّا الْإِفْرَاطُ فِي الْحَلِفِ ، فَإِنَّمَا كُرِهَ ; لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْ الْكَذِبِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَأَمَّا قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=224وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ } . فَمَعْنَاهُ لَا تَجْعَلُوا أَيْمَانَكُمْ بِاَللَّهِ مَانِعَةً لَكُمْ مِنْ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ ، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ بِرًّا وَلَا تَقْوَى وَلَا يُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ ، ثُمَّ يَمْتَنِعَ مِنْ فِعْلِهِ ، لِيَبَرَّ فِي يَمِينِهِ ، وَلَا يَحْنَثَ فِيهَا ، فَنُهُوا عَنْ الْمُضِيِّ فِيهَا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ ، وَذَكَرَ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادِهِ ، فِي قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=224وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ } : الرَّجُلُ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَصِلَ قَرَابَتَهُ ، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهَ لَهُ مَخْرَجًا فِي التَّكْفِيرِ ، فَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَعْتَلَّ بِاَللَّهِ ، فَلِيُكَفِّرْ ، وَلْيَبَرَّ .
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29599لَأَنْ يَسْتَلِجَّ أَحَدُكُمْ فِي يَمِينِهِ ، آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُؤَدِّيَ الْكَفَّارَةَ الَّتِي فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ } . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9887إذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْت غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا ، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك . وَقَالَ : إنِّي وَاَللَّهِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا ، إلَّا أَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ ، وَتَحَلَّلْتهَا } . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا . وَإِنْ كَانَ النَّهْيُ عَادَ إلَى الْيَمِينِ ، فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ ، لَا عَلَى كُلِّ يَمِينٍ ، فَلَا حُجَّةَ فِيهَا لَهُمْ إذًا .