[ ص: 81 ] كتاب الولاء
( قال ) الشيخ الإمام الأجل الزاهد الأستاذ شمس الأئمة
أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله تعالى : اعلم بأن
nindex.php?page=treesubj&link=26203_27242_7594_7601الولاء نوعان ولاء نعمة وولاء موالاة ، فولاء النعمة ولاء العتاقة ، وإنما اخترنا هذه العبارة اقتداء بكتاب الله {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37إذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه } أي أنعم الله عليه بالإسلام وأنعمت عليه بالعتق ، والآية في
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه ، وأكثر أصحابنا رضي الله عنهم يقولون : سبب هذا الولاء الإعتاق ولكنه ضعيف ، فإن من ورث قريبه فعتق عليه كان مولى له
، ولا إعتاق هنا والأصح أن سببه العتق على ملكه ; لأن الحكم يضاف إلى سببه . يقال
nindex.php?page=treesubj&link=26203_27242 : ولاء العتاقة ، ولا يقال : ولاء العتاقة .
nindex.php?page=treesubj&link=13909وولاء الموالاة ما ثبت بالعقد ، فإن الموالاة عقد يجري بين اثنين والحكم يضاف إلى سببه ، والمطلوب بكل واحد منهما التناصر ، وقد كانوا في الجاهلية يتناصرون بأسباب منها : الحلف والمحالفة .
فالشرع قرر
nindex.php?page=treesubj&link=13913_7630_13661حكم التناصر بالولاء حتى قال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37694مولى القوم من أنفسهم وحليفهم منهم } ، فالمراد بالحليف مولى الموالاة فإنهم كانوا يؤكدون ذلك بالحلف ، ولمعنى التناصر أثبت الشرع
nindex.php?page=treesubj&link=13913_7630_13661حكم التعاقد بالولاء ، وبنى على ذلك حكم الإرث ، وفي حكم الإرث تفاوت بين السببين ، أما ثبوت أصل الميراث بالسببين ففي كتاب الله تعالى إشارة إليه ، فقال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=33 : ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم } . والمراد الموالاة وفيه تحقيق مقابلة الغنم بالغرم من حيث إنه يعقل جنايته ويرث ماله ، إلا أن
nindex.php?page=treesubj&link=7630_13661الإرث بولاء العتاقة أقوى لكونه متفقا عليه ولهذا قلنا
nindex.php?page=treesubj&link=7630_13661_13804مولى العتاقة آخر العصبات مقدم على ذوي الأرحام وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله تعالى عنه ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه يقول : مؤخر عن ذوي الأرحام ; لقوله صلى الله عليه وسلم {
للمعتق في معتقه وإن مات لم يدع وارثا كنت أنت عصبته } ، فقد شرط لتوريثه عدم الوارث وذوو الأرحام من جملة
[ ص: 82 ] الورثة ، وقال صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80418الولاء مشبه بالنسب } وقال : صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15818الولاء لحمة كلحمة النسب } ، وما أشبه الشيء لا يزاحمه ولا يقدم عليه ، بل يخلفه عند عدمه ، ولكنا نحتج بما روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80419أن بنت حمزة رضي الله عنها أعتقت عبدا فمات المعتق وترك بنتا فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف المال للبنت ونصفه لبنت حمزة رضي الله عنها ، والباقي بعد نصيب صاحب الفرض للعصبة } ، فتبين بهذا أن المعتق عصبة ورد الباقي على صاحب الفرض عند عدم العصبة مقدم على حق ذوي الأرحام ، ثم لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي على البنت بل جعله للمعتقة ، عرفنا أنها عصبة مقدم على ذوي الأرحام . وفي حديثه عليه الصلاة والسلام إشارة إلى هذا فإنه قال كنت أنت عصبته ، فتبين بهذا اللفظ أن مراده ولم يدع وارثا هو عصبة .
وقوله : {
والولاء كالنسب } دليلنا عند التحقيق ; لأن العتق يضاف إلى المعتق بالولاء من حيث إنه سبب لإحيائه ، فإن الحرية حياة والرق تلف حكما ، فكان كالأب الذي هو سبب لإيجاد الولد فتستحق العصوبة بهذه الإضافة ، كما تستحق العصوبة بالأبوة ، فأما قرابة ذوي الأرحام لا يستحق بها الإضافة على كل حال ، والإنسان لا يضاف إلى عمته وخالته حقيقة ، فكان مؤخرا عن الولاء ، وكان الولاء خلفا عن الأبوة في حكم الإضافة فتستحق به العصوبة بهذه الإضافة كما تستحق العصوبة بالأبوة ، ثم تقدم الورثة على ذوي الأرحام ، فأما
nindex.php?page=treesubj&link=13661_13804_13913ولاء الموالاة سبب لاستحقاق الإرث عندنا ، ولكنه مؤخر على ذوي الأرحام . وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه ليس بسبب الإرث أصلا ، وهو بناء على أن
nindex.php?page=treesubj&link=14273_14287_14255من أوصى بجميع ماله فيمن لا وارث له عندنا يكون للموصى له جميع المال وعنده يكون له الثلث ; لأن من أصله أن ما زاد على الثلث حق بيت المال عند عدم الورثة العصبة ، فلا يملك إبطال ذلك الحق بعقده بطريق الوصية أو الموالاة وعندنا المال ملكه وحقه ، وإنما يمتنع تصرفه فيما زاد على الثلث لتعلق حق الورثة والصرف إلى بيت المال عند عدم الوارث ; لأنه لا مستحق له لا لأنه مستحق لبيت المال . فإذا انعدم الوارث كان له أن يوجبه بعقده لمن شاء بطريق الوصية أو الموالاة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه : السائبة يضع ماله حيث أحب وتمام هذه المسألة في الوصايا والفرائض إذا عرفنا هذا فنقول : بدأ الكتاب بما رواه عن الصحابة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=91وأبي مسعود الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد رضوان الله عليهم أجمعين أنهم قالوا : الولاء للكبر وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم وبه أخذ علماؤنا رحمهم الله تعالى . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح رحمه الله تعالى يقول الولاء بمنزلة المال ولسنا نأخذ بهذا وفائدة هذا
[ ص: 83 ] الاختلاف أن
nindex.php?page=treesubj&link=13661_7630ميراث المعتق بالولاء بعد المعتق يكون لابن المعتق دون بنته عندنا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح رحمه الله تعالى بين الابن والبنت للذكر مثل حظ الأنثيين .
هو يقول : الولاء أثر من آثار الملك ، وكما أن أصل ملك الأب في هذا العبد بعد موته بين الابن والبنت للذكر مثل حظ الأنثيين ، فكذلك الولاء الذي هو أثر من آثار الملك فكأنه بالعتق يزول بعض الملك ويبقى بعضه ، فهذا معنى قوله الولاء بمنزلة المال . ولكنه ضعيف فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15818الولاء لحمة كلحمة النسب } والنسب لا يورث وإنما يورث به . فكذلك الولاء وهذا لأن ثبوت الولاء للمعتق بإحداث قوة المالكية في المعتق ونفي المملوكية فكيف يكون الولاء جزءا من الملك ؟ ومعنى قول الصحابة رضي الله عنهم الولاء للكبر للقرب والكبر بمعنى العظم وبمعنى القرب ، فدخل كل واحد من المعنيين في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=22ومكروا مكرا كبارا } . وتفسيره ،
nindex.php?page=treesubj&link=7630_26803رجل أعتق عبدا ثم مات وترك ابنين ثم مات أحد الابنين وترك ابنا ، ثم مات المعتق فميراثه لابن المعتق لصلبه دون ابن ابنه ; لأن ابن المعتق لصلبه أقرب إلى المعتق من ابن ابنه ، ولهذا كان أحق بميراثه فكذلك بالإرث بولائه ، وهذا لأن الولاء عينه لم يصر ميراثا بين الابنين حتى يخلف الابن أباه في نصيبه ، ولكنه للأب على حاله ، ألا ترى أن المعتق ينسب بالولاء إلى المعتق دون أولاده فكان استحقاق الإرث بالولاء لمن هو منسوب إليه حقيقة ، ثم يخلفه فيه أقرب عصبته كما يخلفه في ماله لو مات الأب ، فيكون لابنه دون ابن ابنه ، ودون ابنته ; لأن هذا الاستحقاق بطريق العصوبة . والبنت لا تكون عصبة بنفسها إنما تكون عصبة بالابن ، فعند وجوده لا تزاحمه وعند عدمه هي لا تكون عصبة ، وهذا لأن السبب هو النصرة كما بينا .
والنصرة لا تحصل بالنساء ، ألا ترى أن النساء لا يدخلن في العاقلة عند حمل أرش الجناية فكذلك في
nindex.php?page=treesubj&link=7630_13661الإرث بولاء الغير ، وإن كان للمعتق بنت فلها النصف والباقي لابن المعتق لأن الإرث بالولاء طريقه العصوبة ، وحق أصحاب الفرائض مقدم ، فلهذا يعطي نصيب بنت المعتق أولا وكذلك نصيب زوجته إن كانت ، ثم حكم الباقي هنا كحكم جميع المال في المسألة الأولى ، فيكون لابن المعتق دون ابن ابنه فإذا مات هذا الابن بعد ذلك عن ابن ، ثم ماتت بنت المعتق فميراثها لابني المعتق جميعا ; لأنها تابعة لأبيها في الولاء فإن الولاء كالنسب ، والولد منسوب إلى أبيه حقيقة له فكذلك يكون مولى لموالي أبيه فكان ميراثها بهذا الطريق لمعتق الأب يخلفه في ذلك ابنا ابنه كما في ماله لو مات الأب .
وكذلك
[ ص: 84 ] هذا القول في كل عصبة للمعتق وقد طول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله ذلك في الأصل ، وحاصله يرجع إلى ما ذكرنا أن أقرب عصبة المعتق عند موت المعتق يخلفه في ميراث المعتق في ذلك الوقت ، وهو معنى قول الصحابة رضي الله عنهم الولاء للكبر ( قال ) : فإن كان لأحد الابنين ابنان وللآخر ابن واحد فالميراث بينهم على عدد رءوسهم ; لأن الجد لو مات الآن كان ميراثه بينهم بالسوية فكذلك ميراث المعتق وكذلك الحكم في
nindex.php?page=treesubj&link=7607_13661_7630ولاء المدبر وميراثه nindex.php?page=treesubj&link=7608_7603_13661_7630وولاء أم الولد والمكاتب وميراثهما ; لأن المدبر والمكاتب والمستولد استحق ولاءهم لما باشر من السبب ، ولا فرق بين أن يكون نزول العتق بهذا السبب بعد موته أو قبله ، وكذلك في
nindex.php?page=treesubj&link=7446_13661_27247العبد الموصى بعتقه أو بشرائه وبعتقه بعد موته لأنه يستحق الولاء بما أوصى به وفعل وصيته بعد موته كفعله في حياته ، فإن كانت بنت المعتق ماتت عن بنت ثم ماتت ابنتها فليس لابني ابن المعتق من ميراث هذه الأخيرة شيء ; لأن المعتق لو كان حيا لم يرثها لأنه ليس بمولى لها إنما هو مولى لأمها ، وقد بينا أن الولاء كالنسب ، والولد في النسب لا يتبع أمه إذا كان له نسب من جانب الأب فكذلك في الولاء ثم روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=91وأبي مسعود الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد رضوان الله عليهم أجمعين أنهم قالوا : ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم أنه قال : ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو كاتبن أو أعتق من أعتقن ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ليس للنساء من الولاء شيء إلا ما أعتقن أو كاتبن وهذا الحديث مخالف لما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
إبراهيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح رحمهم الله تعالى أن الولاء بمنزلة المال ، وبهذه الآثار نأخذ فقد روي مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33958ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن أو جره ولاء معتق معتقهن } . والحديث وإن كان شاذا فقد تأكد بما اشتهر من أقاويل الكبار من الصحابة رضي الله عنهم وبالحديث المشهور الذي روينا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80421أن بنت حمزة رضي الله عنهما أعتقت مملوكا فمات ، وترك بنتا فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنته النصف وبنت حمزة رضي الله عنهما } النصف ، فبهذا تبين أن المرأة تكون عصبة لمعتقها وهذا ; لأن سبب النسبة للولاء إحداث قوة المالكية بالعتق وقد تحقق ذلك منها كما يتحقق من الرجل ، بخلاف النسب فإن سببه الفراش ، والفراش للرجل على المرأة فلا تكون المرأة صاحبة فراش ; ولأنها أصل في هذا الولاء لمباشرتها سببه وكما أن المرأة في ملك المال تساوي الرجل فكذلك فيما يترتب عليه
[ ص: 85 ] بخلاف النسب فإن سببه وهو الفراش يثبت بالنكاح في الأصل ، والمرأة لا تساوي الرجل في ملك النكاح لأنها بصفة الأنوثة مملوكة نكاحا فلا تكون مالكة نكاحا ، وإذا ثبت أنها أصل في هذا الولاء كان ميراث معتقها لها فكذلك ميراث معتق معتقها لأن معتق المعتق ينسب إلى معتقه بالولاء ، وهي مثل الرجل في الولاء الذي هو الأصل المعتق الأول ; ولأن ميراث معتق المعتق يكون لمعتقه بالعصوبة ومعتقه معتقها في هذا الفصل فتخلفه في استحقاق ذلك المال كما تخلفه في استحقاق المال بالعصوبة لو مات الأب ، وعلى هذا مكاتبها ومكاتب مكاتبها ; لأن الكتابة سبب في استحقاق الولاية كالعتق وعلى هذا جر ولاء معتق معتقها لأن سببه العتق على ما نبينه فتستوي هي بالرجل في استحقاق ذلك
[ ص: 81 ] كِتَابُ الْوَلَاءِ
( قَالَ ) الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الزَّاهِدُ الْأُسْتَاذُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : اعْلَمْ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=26203_27242_7594_7601الْوَلَاءَ نَوْعَانِ وَلَاءُ نِعْمَةٍ وَوَلَاءُ مُوَالَاةٍ ، فَوَلَاءُ النِّعْمَةِ وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ ، وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا هَذِهِ الْعِبَارَةَ اقْتِدَاءً بِكِتَابِ اللَّهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37إذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } أَيْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ ، وَالْآيَةُ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَقُولُونَ : سَبَبُ هَذَا الْوَلَاءِ الْإِعْتَاقُ وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ ، فَإِنَّ مَنْ وَرِثَ قَرِيبَهُ فَعَتَقَ عَلَيْهِ كَانَ مَوْلًى لَهُ
، وَلَا إعْتَاقَ هُنَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ سَبَبَهُ الْعِتْقُ عَلَى مِلْكِهِ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ يُضَافُ إلَى سَبَبِهِ . يُقَالُ
nindex.php?page=treesubj&link=26203_27242 : وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ ، وَلَا يُقَالُ : وَلَاءُ الْعَتَاقَةَ .
nindex.php?page=treesubj&link=13909وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ مَا ثَبَتَ بِالْعَقْدِ ، فَإِنَّ الْمُوَالَاةَ عَقْدٌ يَجْرِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَالْحُكْمُ يُضَافُ إلَى سَبَبِهِ ، وَالْمَطْلُوبُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّنَاصُرُ ، وَقَدْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَنَاصَرُونَ بِأَسْبَابٍ مِنْهَا : الْحَلِفُ وَالْمُحَالَفَةُ .
فَالشَّرْعُ قَرَّرَ
nindex.php?page=treesubj&link=13913_7630_13661حُكْمَ التَّنَاصُرِ بِالْوَلَاءِ حَتَّى قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37694مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَحَلِيفُهُمْ مِنْهُمْ } ، فَالْمُرَادُ بِالْحَلِيفِ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُؤَكِّدُونَ ذَلِكَ بِالْحَلِفِ ، وَلِمَعْنَى التَّنَاصُرِ أَثْبَتَ الشَّرْعُ
nindex.php?page=treesubj&link=13913_7630_13661حُكْمَ التَّعَاقُدِ بِالْوَلَاءِ ، وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ حُكْمَ الْإِرْثِ ، وَفِي حُكْمِ الْإِرْثِ تَفَاوُتٌ بَيْنَ السَّبَبَيْنِ ، أَمَّا ثُبُوتُ أَصْلِ الْمِيرَاثِ بِالسَّبَبَيْنِ فَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى إشَارَةٌ إلَيْهِ ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=33 : وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } . وَالْمُرَادُ الْمُوَالَاةُ وَفِيهِ تَحْقِيقُ مُقَابَلَةِ الْغُنْمِ بِالْغُرْمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَعْقِلُ جِنَايَتَهُ وَيَرِثُ مَالَهُ ، إلَّا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=7630_13661الْإِرْثَ بِوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ أَقْوَى لِكَوْنِهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَلِهَذَا قُلْنَا
nindex.php?page=treesubj&link=7630_13661_13804مَوْلَى الْعَتَاقَةِ آخِرُ الْعَصَبَاتِ مُقَدَّمٌ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : مُؤَخَّرٌ عَنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ ; لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
لِلْمُعْتِقِ فِي مُعْتَقِهِ وَإِنْ مَاتَ لَمْ يَدَعْ وَارِثًا كُنْتَ أَنْتَ عَصَبَتُهُ } ، فَقَدْ شَرَطَ لِتَوْرِيثِهِ عَدَمَ الْوَارِثِ وَذَوُو الْأَرْحَامِ مِنْ جُمْلَةِ
[ ص: 82 ] الْوَرَثَةِ ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80418الْوَلَاءُ مُشَبَّهٌ بِالنَّسَبِ } وَقَالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15818الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ } ، وَمَا أَشْبَهَ الشَّيْءَ لَا يُزَاحِمُهُ وَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ ، بَلْ يَخْلُفُهُ عِنْدَ عَدَمِهِ ، وَلَكِنَّا نَحْتَجُّ بِمَا رُوِيَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80419أَنَّ بِنْتَ حَمْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَعْتَقَتْ عَبْدًا فَمَاتَ الْمُعْتَقُ وَتَرَكَ بِنْتًا فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِصْفَ الْمَالِ لِلْبِنْتِ وَنِصْفَهُ لِبِنْتِ حَمْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَالْبَاقِي بَعْدَ نَصِيبِ صَاحِبِ الْفَرْضِ لِلْعَصَبَةِ } ، فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْمُعْتِقَ عَصَبَةٌ وَرَدَّ الْبَاقِي عَلَى صَاحِبِ الْفَرْضِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ ذَوِي الْأَرْحَامِ ، ثُمَّ لَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَقِيَ عَلَى الْبِنْتِ بَلْ جَعَلَهُ لِلْمُعْتِقَةِ ، عَرَفْنَا أَنَّهَا عَصَبَةٌ مُقَدَّمٌ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ . وَفِي حَدِيثِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إشَارَةٌ إلَى هَذَا فَإِنَّهُ قَالَ كُنْتَ أَنْتَ عَصَبَتُهُ ، فَتَبَيَّنَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَنَّ مُرَادَهُ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا هُوَ عَصَبَةٌ .
وَقَوْلُهُ : {
وَالْوَلَاءُ كَالنَّسَبِ } دَلِيلُنَا عِنْدَ التَّحْقِيقِ ; لِأَنَّ الْعِتْقَ يُضَافُ إلَى الْمُعْتِقِ بِالْوَلَاءِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ سَبَبٌ لِإِحْيَائِهِ ، فَإِنَّ الْحُرِّيَّةَ حَيَاةٌ وَالرِّقُّ تَلَفٌ حُكْمًا ، فَكَانَ كَالْأَبِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِإِيجَادِ الْوَلَدِ فَتُسْتَحَقُّ الْعُصُوبَةُ بِهَذِهِ الْإِضَافَةِ ، كَمَا تُسْتَحَقُّ الْعُصُوبَةُ بِالْأُبُوَّةِ ، فَأَمَّا قَرَابَةُ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا يُسْتَحَقُّ بِهَا الْإِضَافَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَالْإِنْسَانُ لَا يُضَافُ إلَى عَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ حَقِيقَةً ، فَكَانَ مُؤَخَّرًا عَنْ الْوَلَاءِ ، وَكَانَ الْوَلَاءُ خَلَفًا عَنْ الْأُبُوَّةِ فِي حُكْمِ الْإِضَافَةِ فَتُسْتَحَقُّ بِهِ الْعُصُوبَةُ بِهَذِهِ الْإِضَافَةِ كَمَا تُسْتَحَقُّ الْعُصُوبَةُ بِالْأُبُوَّةِ ، ثُمَّ تُقَدَّمُ الْوَرَثَةُ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ ، فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=13661_13804_13913وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ عِنْدَنَا ، وَلَكِنَّهُ مُؤَخَّرٌ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ . وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْسَ بِسَبَبِ الْإِرْثِ أَصْلًا ، وَهُوَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=14273_14287_14255مَنْ أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ فِيمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ عِنْدَنَا يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ جَمِيعُ الْمَالِ وَعِنْدَهُ يَكُونُ لَهُ الثُّلُثُ ; لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حَقُّ بَيْتِ الْمَالِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَرَثَةِ الْعَصَبَةِ ، فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَ ذَلِكَ الْحَقِّ بِعَقْدِهِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْمُوَالَاةِ وَعِنْدَنَا الْمَالُ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ ، وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ تَصَرُّفُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ وَالصَّرْفُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَارِثِ ; لِأَنَّهُ لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ لَا لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ لِبَيْتِ الْمَالِ . فَإِذَا انْعَدَمَ الْوَارِثُ كَانَ لَهُ أَنْ يُوجِبَهُ بِعَقْدِهِ لِمَنْ شَاءَ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْمُوَالَاةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : السَّائِبَةُ يَضَعُ مَالَهُ حَيْثُ أَحَبَّ وَتَمَامُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْوَصَايَا وَالْفَرَائِضِ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ : بَدَأَ الْكِتَابُ بِمَا رَوَاهُ عَنْ الصَّحَابَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ nindex.php?page=showalam&ids=47وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ nindex.php?page=showalam&ids=91وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=111وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا : الْوَلَاءُ لِلْكِبَرِ وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبْرَاهِيمَ وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى . وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ الْوَلَاءُ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِهَذَا وَفَائِدَةُ هَذَا
[ ص: 83 ] الِاخْتِلَافِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=13661_7630مِيرَاثَ الْمُعْتَقِ بِالْوَلَاءِ بَعْدَ الْمُعْتِقِ يَكُونُ لِابْنِ الْمُعْتِقِ دُونَ بِنْتِهِ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الِابْنِ وَالْبِنْتِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ .
هُوَ يَقُولُ : الْوَلَاءُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْمِلْكِ ، وَكَمَا أَنَّ أَصْلَ مِلْكِ الْأَبِ فِي هَذَا الْعَبْدِ بَعْدَ مَوْتِهِ بَيْنَ الِابْنِ وَالْبِنْتِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ الَّذِي هُوَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْمِلْكِ فَكَأَنَّهُ بِالْعِتْقِ يَزُولُ بَعْضُ الْمِلْكِ وَيَبْقَى بَعْضُهُ ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ الْوَلَاءُ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ . وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15818الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ } وَالنَّسَبُ لَا يُورَثُ وَإِنَّمَا يُورَثُ بِهِ . فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ وَهَذَا لِأَنَّ ثُبُوتَ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتَقِ بِإِحْدَاثِ قُوَّةِ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْمُعْتَقِ وَنَفْيِ الْمَمْلُوكِيَّةِ فَكَيْفَ يَكُونُ الْوَلَاءُ جُزْءًا مِنْ الْمِلْكِ ؟ وَمَعْنَى قَوْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الْوَلَاءُ لِلْكِبَرِ لِلْقُرْبِ وَالْكِبَرُ بِمَعْنَى الْعِظَمِ وَبِمَعْنَى الْقُرْبِ ، فَدَخَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=22وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا } . وَتَفْسِيرُهُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=7630_26803رَجُلٌ أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَتَرَكَ ابْنًا ، ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمُعْتِقِ لِصُلْبِهِ دُونَ ابْنِ ابْنِهِ ; لِأَنَّ ابْنَ الْمُعْتِقِ لِصُلْبِهِ أَقْرَبُ إلَى الْمُعْتِقِ مِنْ ابْنِ ابْنِهِ ، وَلِهَذَا كَانَ أَحَقَّ بِمِيرَاثِهِ فَكَذَلِكَ بِالْإِرْثِ بِوَلَائِهِ ، وَهَذَا لِأَنَّ الْوَلَاءَ عَيْنُهُ لَمْ يَصِرْ مِيرَاثًا بَيْنَ الِابْنَيْنِ حَتَّى يَخْلُفَ الِابْنُ أَبَاهُ فِي نَصِيبِهِ ، وَلَكِنَّهُ لِلْأَبِ عَلَى حَالِهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُعْتَقَ يُنْسَبُ بِالْوَلَاءِ إلَى الْمُعْتِقِ دُونَ أَوْلَادِهِ فَكَانَ اسْتِحْقَاقُ الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ لِمَنْ هُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ حَقِيقَةً ، ثُمَّ يَخْلُفُهُ فِيهِ أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ كَمَا يَخْلُفُهُ فِي مَالِهِ لَوْ مَاتَ الْأَبُ ، فَيَكُونُ لِابْنِهِ دُونَ ابْنِ ابْنِهِ ، وَدُونَ ابْنَتِهِ ; لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِحْقَاقَ بِطَرِيقِ الْعُصُوبَةِ . وَالْبِنْتُ لَا تَكُونُ عَصَبَةً بِنَفْسِهَا إنَّمَا تَكُونُ عَصَبَةً بِالِابْنِ ، فَعِنْدَ وُجُودِهِ لَا تُزَاحِمُهُ وَعِنْدَ عَدَمِهِ هِيَ لَا تَكُونُ عَصَبَةً ، وَهَذَا لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ النُّصْرَةُ كَمَا بَيَّنَّا .
وَالنُّصْرَةُ لَا تَحْصُلُ بِالنِّسَاءِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَدْخُلْنَ فِي الْعَاقِلَةِ عِنْدَ حَمْلِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَكَذَلِكَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=7630_13661الْإِرْثِ بِوَلَاءِ الْغَيْرِ ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُعْتِقِ بِنْتٌ فَلَهَا النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِابْنِ الْمُعْتِقِ لِأَنَّ الْإِرْثَ بِالْوَلَاءِ طَرِيقُهُ الْعُصُوبَةُ ، وَحَقُّ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ مُقَدَّمٌ ، فَلِهَذَا يُعْطِي نَصِيبَ بِنْتِ الْمُعْتِقِ أَوَّلًا وَكَذَلِكَ نَصِيبُ زَوْجَتِهِ إنْ كَانَتْ ، ثُمَّ حُكْمُ الْبَاقِي هُنَا كَحُكْمِ جَمِيعِ الْمَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، فَيَكُونُ لِابْنِ الْمُعْتِقِ دُونَ ابْنِ ابْنِهِ فَإِذَا مَاتَ هَذَا الِابْنُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ابْنٍ ، ثُمَّ مَاتَتْ بِنْتُ الْمُعْتِقِ فَمِيرَاثُهَا لِابْنَيْ الْمُعْتِقِ جَمِيعًا ; لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِأَبِيهَا فِي الْوَلَاءِ فَإِنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ ، وَالْوَلَدُ مَنْسُوبٌ إلَى أَبِيهِ حَقِيقَةً لَهُ فَكَذَلِكَ يَكُونُ مَوْلًى لِمَوَالِي أَبِيهِ فَكَانَ مِيرَاثُهَا بِهَذَا الطَّرِيقِ لِمُعْتِقِ الْأَبِ يَخْلُفُهُ فِي ذَلِكَ ابْنَا ابْنِهِ كَمَا فِي مَالِهِ لَوْ مَاتَ الْأَبُ .
وَكَذَلِكَ
[ ص: 84 ] هَذَا الْقَوْلُ فِي كُلِّ عَصَبَةٍ لِلْمُعْتِقِ وَقَدْ طَوَّلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَلِكَ فِي الْأَصْلِ ، وَحَاصِلُهُ يَرْجِعُ إلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ أَقْرَبَ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ عِنْدَ مَوْتِ الْمُعْتَقِ يَخْلُفُهُ فِي مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الْوَلَاءُ لِلْكِبَرِ ( قَالَ ) : فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِ الِابْنَيْنِ ابْنَانِ وَلِلْآخَرِ ابْنٌ وَاحِدٌ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ ; لِأَنَّ الْجَدَّ لَوْ مَاتَ الْآنَ كَانَ مِيرَاثُهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ فَكَذَلِكَ مِيرَاثُ الْمُعْتَقِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=7607_13661_7630وَلَاءِ الْمُدَبَّرِ وَمِيرَاثِهِ nindex.php?page=treesubj&link=7608_7603_13661_7630وَوَلَاءِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَمِيرَاثِهِمَا ; لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ وَالْمُكَاتَبَ وَالْمُسْتَوْلَدَ اسْتَحَقَّ وَلَاءَهُمْ لِمَا بَاشَرَ مِنْ السَّبَبِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ الْعِتْقِ بِهَذَا السَّبَبِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَهُ ، وَكَذَلِكَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=7446_13661_27247الْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ أَوْ بِشِرَائِهِ وَبِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْوَلَاءَ بِمَا أَوْصَى بِهِ وَفِعْلُ وَصِيَّتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَفِعْلِهِ فِي حَيَاتِهِ ، فَإِنْ كَانَتْ بِنْتُ الْمُعْتَقِ مَاتَتْ عَنْ بِنْتٍ ثُمَّ مَاتَتْ ابْنَتُهَا فَلَيْسَ لِابْنَيْ ابْنِ الْمُعْتَقِ مِنْ مِيرَاثِ هَذِهِ الْأَخِيرَةِ شَيْءٌ ; لِأَنَّ الْمُعْتِقَ لَوْ كَانَ حَيًّا لَمْ يَرِثْهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْلًى لَهَا إنَّمَا هُوَ مَوْلًى لِأُمِّهَا ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ ، وَالْوَلَدُ فِي النَّسَبِ لَا يَتْبَعُ أُمَّهُ إذَا كَانَ لَهُ نَسَبٌ مِنْ جَانِبِ الْأَبِ فَكَذَلِكَ فِي الْوَلَاءِ ثُمَّ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ nindex.php?page=showalam&ids=47وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ nindex.php?page=showalam&ids=91وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=111وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا : لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٍ لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ شَيْءٌ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ عَنْ
إبْرَاهِيمَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْوَلَاءَ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ ، وَبِهَذِهِ الْآثَارِ نَأْخُذُ فَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33958لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ أَوْ جَرَّهُ وَلَاءُ مُعْتَقِ مُعْتَقِهِنَّ } . وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ شَاذًّا فَقَدْ تَأَكَّدَ بِمَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَقَاوِيلِ الْكِبَارِ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَبِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ الَّذِي رَوَيْنَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80421أَنَّ بِنْتَ حَمْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَعْتَقَتْ مَمْلُوكًا فَمَاتَ ، وَتَرَكَ بِنْتًا فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنْتَهُ النِّصْفَ وَبِنْتَ حَمْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا } النِّصْفَ ، فَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَكُونُ عَصَبَةً لِمُعْتِقِهَا وَهَذَا ; لِأَنَّ سَبَبَ النِّسْبَةِ لِلْوَلَاءِ إحْدَاثُ قُوَّةِ الْمَالِكِيَّةِ بِالْعِتْقِ وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ مِنْهَا كَمَا يَتَحَقَّقُ مِنْ الرَّجُلِ ، بِخِلَافِ النَّسَبِ فَإِنَّ سَبَبَهُ الْفِرَاشُ ، وَالْفِرَاشُ لِلرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ فَلَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ صَاحِبَةَ فِرَاشٍ ; وَلِأَنَّهَا أَصْلٌ فِي هَذَا الْوَلَاءِ لِمُبَاشَرَتِهَا سَبَبَهُ وَكَمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ فِي مِلْكِ الْمَالِ تُسَاوِي الرَّجُلَ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ
[ ص: 85 ] بِخِلَافِ النَّسَبِ فَإِنَّ سَبَبَهُ وَهُوَ الْفِرَاشُ يَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ فِي الْأَصْلِ ، وَالْمَرْأَةُ لَا تُسَاوِي الرَّجُلَ فِي مِلْكِ النِّكَاحِ لِأَنَّهَا بِصِفَةِ الْأُنُوثَةِ مَمْلُوكَةٌ نِكَاحًا فَلَا تَكُونُ مَالِكَةً نِكَاحًا ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا أَصْلٌ فِي هَذَا الْوَلَاءِ كَانَ مِيرَاثُ مُعْتِقِهَا لَهَا فَكَذَلِكَ مِيرَاثُ مُعْتَقِ مُعْتِقِهَا لِأَنَّ مُعْتَقَ الْمُعْتِقِ يُنْسَبُ إلَى مُعْتِقِهِ بِالْوَلَاءِ ، وَهِيَ مِثْلُ الرَّجُلِ فِي الْوَلَاءِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ الْمُعْتِقُ الْأَوَّلُ ; وَلِأَنَّ مِيرَاثَ مُعْتَقِ الْمُعْتِقِ يَكُونُ لِمُعْتَقِهِ بِالْعُصُوبَةِ وَمُعْتِقُهُ مُعْتِقُهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ فَتَخْلُفُهُ فِي اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ الْمَالِ كَمَا تَخْلُفُهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَالِ بِالْعُصُوبَةِ لَوْ مَاتَ الْأَبُ ، وَعَلَى هَذَا مُكَاتَبُهَا وَمُكَاتَبُ مُكَاتَبِهَا ; لِأَنَّ الْكِتَابَةَ سَبَبٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْوِلَايَةِ كَالْعِتْقِ وَعَلَى هَذَا جَرَّ وَلَاءُ مُعْتَقِ مُعْتِقِهَا لِأَنَّ سَبَبَهُ الْعِتْقُ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فَتَسْتَوِي هِيَ بِالرَّجُلِ فِي اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ