(ومن باب الإشارة في الآيات)
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=175واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها إشارة إلى من ابتلي بالحور بعد الكور بأن سلك حتى ظهر له ما ظهر ثم رجع من الطريق لسوء استعداده وغلبة الشقاوة والعياذ بالله تعالى عليه، وفي التعبير بانسلخ ما لا يخفى.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176ولو شئنا لرفعناه بها إلى حظيرة القدس
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176ولكنه أخلد إلى الأرض أي: مال إلى أرض الطبيعة السفلية
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176واتبع هواه في إيثار السوء
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176فمثله كمثل الكلب في أخس أحواله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176إن تحمل عليه بالزجر
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176يلهث يدلع لسانه مع التنفس الشديد.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176أو تتركه يلهث أيضا. والمراد أنه يلهث دائما وكأنه إشارة إلى أن هذا المنسلخ لا يزال يطلق لسانه في أهل الكمال سواء زجر عن ذلك أو لم يزجر.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس وهم مظاهر القهر.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179لهم قلوب لا يفقهون بها الأسرار.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ولهم أعين لا يبصرون بها الحجج الكونية.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ولهم آذان لا يسمعون بها الآيات التنزيلية؛ فهم صم بكم عمي.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179أولئك كالأنعام ليس لهم هم إلا الأكل والشرب.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179بل هم أضل منها لأنهم لا ينزجرون إذا زجروا ولا يهتدون إذا أرشدوا.
ومما يستبعد من طريق العقل ما نقله
الإمام الشعراني عن شيخه
علي الخواص -قدس سره- أن البهائم مكلفون محتجا بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم مع قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=24وإن من أمة إلا خلا فيها نذير وبما ورد عنه صلى الله تعالى عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=911411«إنه ليؤخذ للشاة الجماء من الشاة القرناء».
وهذا وإن كان في الشاة لكن لا قائل بالفرق، ونقل عنه القول بأن كل ما في الوجود من حيوان ونبات وجماد حي دراك، ثم قال: فقلت له: فهل تشبيه الحق تعالى من ضل من عباده بالأنعام بيان لنقص الأنعام عن الإنسان أم لكمالها في العلم بالله تعالى؟ فقال رضي الله تعالى عنه: لا أعلم، ولكني سمعت بعضهم يقول: ليس تشبيههم بالأنعام نقصا وإنما هو: لبيان كمال مرتبتها في العلم بالله عز وجل حتى حارت فيه، فالتشبيه في الحقيقة واقع في الحيرة لا في المحار فيه، فلا أشد حيرة من العلماء بالله تعالى، فأعلى ما يصل إليه العلماء في العلم بربهم سبحانه وتعالى مبتدأ البهائم الذي لم تنتقل عن أصله وإن كانت منتقلة في شؤونه بتنقل الشؤون الإلهية لأنها لا تثبت على حال، ولذلك كان من وصفهم سبحانه وتعالى من هؤلاء القوم أضل سبيلا من الأنعام لأنهم يريدون الخروج من الحيرة من طريق فكرهم ونظرهم ولا يمكن لهم ذلك، والبهائم علمت ذلك ووقفت عنده ولم تطلب الخروج عنه لشدة علمها بالله تعالى، وذكر أنها ما سميت بهائم إلا لأن أمرها قد أبهم على غالب الخلق فلم يعرفوه كما عرفه أهل الكشف. انتهى.
وهو كلام يورث المؤمن به حسدا للبهائم، نفعنا الله تعالى بها وأعاذنا من الحسد.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180ولله الأسماء الحسنى التي يدبر كل أمر باسم منها.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180فادعوه بها حسب المراتب وأعلاها الدعاء بلسان الفعل وهو التحلي بمعانيها بقدر ما يتصور في حق العبد وذلك حظ المقربين منها، وذكر
حجة الإسلام الغزالي قدس سره أن حظوظهم من معاني أسمائه تعالى ثلاثة: الأول معرفتها على سبيل المكاشفة والمشاهدة حتى يتضح لهم حقائقها بالبرهان الذي لا يجوز فيه الخطأ وينكشف لهم اتصاف الله تعالى بها انكشافا يجري الوضوح والبيان مجرى اليقين الحاصل للإنسان بصفاته الباطنة التي يدركها بمشاهدة باطنة لا بإحساس ظاهره، وكم بين هذا وبين الاعتقاد المأخوذ من الآباء والمعلمين
[ ص: 131 ] تقليدا والتصميم عليه وإن كان مقرونا بأدلة جدلية كلامية.
الثاني: استعظامهم ما يكشف لهم من صفات الجلال والكمال على وجه ينبعث منه شوقهم إلى الاتصاف بما يمكنهم من تلك الصفات ليقربوا بها من الحق قربا بالصفة لا بالمكان فيأخذوا من الاتصاف بها شبها بالملائكة المقربين عند الله تعالى، والخلو من هذا الشوق لا يكون إلا لأحد أمرين؛ إما لضعف المعرفة، وإما لكون القلب ممتلئا بشوق آخر مستغرقا به. والثالث السعي في اكتساب الممكن من تلك الصفات والتخلق بها والتحلي بمحاسنها، وبذلك يصير العبد ربانيا رفيقا للملأ الأعلى من الملائكة شبيها بهم، وحينئذ لا يؤثر القرب والبعد في إدراكه بل لا يقتصر إدراكه على ما يتصور فيه ذلك ويكون مقدسا عن الشهوة والغضب؛ فلا تكون أفعاله بمقتضاها بل الداعي إليها حينئذ طلب التقرب إلى الله تعالى، ولا يلزم من هذا إثبات المماثلة بين الله سبحانه وتعالى وبين العبد، وقد قال جل وعلا:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء لأن المماثلة هي المشاركة في النوع والماهية لا مطلق المشاركة؛ فالفرس الكيس وإن كان بالغا في الكياسة ما بلغ لا يكون مماثلا للإنسان لمخالفته له بالنوع وإن شابهه بالكياسة التي هي عارضة خارجة عن المقومات الإنسانية وأنت تعلم بأدنى التفات أنه لا يتصور الشركة بين الله تعالى الحي العليم المريد القادر المتكلم السميع البصير وبين العبد المتصف بالحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر إلا في إطلاق الاسم لا غير، والكلام في خبر:
nindex.php?page=hadith&LINKID=843031«لا زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل» إلخ.
يستدعي الخوض في بحر لا ساحل له، فخذ ما آتيناك وذر الذين يلحدون في أسمائه يطلبون معانيها من غيره سبحانه وتعالى ويضيفونها إليه وهؤلاء مما ذرأهم سبحانه وتعالى لجهنم
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180سيجزون ما كانوا يعملون من الإلحاد
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=181وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون وهم المرشدون الكاملون
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=182والذين كذبوا بآياتنا كالمنكرين على هؤلاء الأمة
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=182سنستدرجهم من حيث لا يعلمون إنا سنستدرجهم
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=183وأملي لهم أمهلهم.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=183إن كيدي أخذي
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=183متين شديد، وقد جرت عادة الله تعالى في المنكرين على أوليائه أن يأخذهم أشد أخذ، وقد شاهدنا ذلك كثيرا نعوذ بالله تعالى من مكره،
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وهي الآيات التكوينية، وقد تقدم معنى الملكوت وهو في مصطلح الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم عبارة عن عالم الغيب المختص بالأرواح والنفوس، وفسروا الملك بعالم الشهادة من المحسوسات الطبيعية كالعرش والكرسي وغيرهما، وكل جسم يتركب من الاستقصاءات.
(وَمِنْ بَابِ الْإِشَارَةِ فِي الْآيَاتِ)
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=175وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا إِشَارَةٌ إِلَى مَنِ ابْتُلِيَ بِالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ بِأَنْ سَلَكَ حَتَّى ظَهَرَ لَهُ مَا ظَهَرَ ثُمَّ رَجَعَ مِنَ الطَّرِيقِ لِسُوءِ اسْتِعْدَادِهِ وَغَلَبَةِ الشَّقَاوَةِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَفِي التَّعْبِيرِ بِانْسَلَخَ مَا لَا يَخْفَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا إِلَى حَظِيرَةِ الْقُدُسِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ أَيْ: مَالَ إِلَى أَرْضِ الطَّبِيعَةِ السُّفْلِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فِي إِيثَارِ السُّوءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ فِي أَخَسِّ أَحْوَالِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ بِالزَّجْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176يَلْهَثْ يُدْلِعُ لِسَانَهُ مَعَ التَّنَفُّسِ الشَّدِيدِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ أَيْضًا. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَلْهَثُ دَائِمًا وَكَأَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ هَذَا الْمُنْسَلِخَ لَا يَزَالُ يُطْلِقُ لِسَانَهُ فِي أَهْلِ الْكَمَالِ سَوَاءٌ زُجِرَ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُزْجَرْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَهُمْ مَظَاهِرُ الْقَهْرِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا الْأَسْرَارَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا الْحُجَجَ الْكَوْنِيَّةَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا الْآيَاتِ التَّنْزِيلِيَّةَ؛ فَهُمْ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ لَيْسَ لَهُمْ هَمٌّ إِلَّا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179بَلْ هُمْ أَضَلُّ مِنْهَا لِأَنَّهُمْ لَا يَنْزَجِرُونَ إِذَا زُجِرُوا وَلَا يَهْتَدُونَ إِذَا أُرْشِدُوا.
وَمِمَّا يُسْتَبْعَدُ مِنْ طَرِيقِ الْعَقْلِ مَا نَقَلَهُ
الْإِمَامُ الشَّعَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ
عَلِيٍّ الْخَوَّاصِ -قُدِّسَ سِرُّهُ- أَنَّ الْبَهَائِمَ مُكَلَّفُونَ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=24وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ وَبِمَا وَرَدَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=911411«إِنَّهُ لَيُؤْخَذُ لِلشَّاةِ الْجَمَّاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ».
وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي الشَّاةِ لَكِنْ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ، وَنُقِلَ عَنْهُ الْقَوْلُ بِأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْوُجُودِ مِنْ حَيَوَانٍ وَنَبَاتٍ وَجَمَادٍ حَيٌّ دِرَاكٌ، ثُمَّ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَهَلْ تَشْبِيهُ الْحَقِّ تَعَالَى مَنْ ضَلَّ مِنْ عِبَادِهِ بِالْأَنْعَامِ بَيَانٌ لِنَقْصِ الْأَنْعَامِ عَنِ الْإِنْسَانِ أَمْ لِكَمَالِهَا فِي الْعِلْمِ بِاللَّهِ تَعَالَى؟ فَقَالَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: لَا أَعْلَمُ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ بَعْضَهُمْ يَقُولُ: لَيْسَ تَشْبِيهُهُمْ بِالْأَنْعَامِ نَقْصًا وَإِنَّمَا هُوَ: لِبَيَانِ كَمَالِ مَرْتَبَتِهَا فِي الْعِلْمِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى حَارَتْ فِيهِ، فَالتَّشْبِيهُ فِي الْحَقِيقَةِ وَاقِعٌ فِي الْحَيْرَةِ لَا فِي الْمُحَارِ فِيهِ، فَلَا أَشَدَّ حَيْرَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ بِاللَّهِ تَعَالَى، فَأَعْلَى مَا يَصِلُ إِلَيْهِ الْعُلَمَاءُ فِي الْعِلْمِ بِرَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُبْتَدَأُ الْبَهَائِمِ الَّذِي لَمْ تَنْتَقِلْ عَنْ أَصْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُنْتَقِلَةً فِي شُؤُونِهِ بِتَنَقُّلِ الشُّؤُونِ الْإِلَهِيَّةِ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ عَلَى حَالٍ، وَلِذَلِكَ كَانَ مَنْ وَصَفَهُمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَضَلَّ سَبِيلًا مِنَ الْأَنْعَامِ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْخُرُوجَ مِنَ الْحَيْرَةِ مِنْ طَرِيقِ فِكْرِهِمْ وَنَظَرِهِمْ وَلَا يُمْكِنُ لَهُمْ ذَلِكَ، وَالْبَهَائِمُ عَلِمَتْ ذَلِكَ وَوَقَفَتْ عِنْدَهُ وَلَمْ تَطْلُبِ الْخُرُوجَ عَنْهُ لِشِدَّةِ عِلْمِهَا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَذُكِرَ أَنَّهَا مَا سُمِّيَتْ بَهَائِمَ إِلَّا لِأَنَّ أَمْرَهَا قَدْ أُبْهِمَ عَلَى غَالِبِ الْخَلْقِ فَلَمْ يَعْرِفُوهُ كَمَا عَرَفَهُ أَهْلُ الْكَشْفِ. انْتَهَى.
وَهُوَ كَلَامٌ يُورِثُ الْمُؤْمِنَ بِهِ حَسَدًا لِلْبَهَائِمِ، نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهَا وَأَعَاذَنَا مِنَ الْحَسَدِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى الَّتِي يُدَبَّرُ كُلُّ أَمْرٍ بِاسْمٍ مِنْهَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180فَادْعُوهُ بِهَا حَسْبَ الْمَرَاتِبِ وَأَعْلَاهَا الدُّعَاءُ بِلِسَانِ الْفِعْلِ وَهُوَ التَّحَلِّي بِمَعَانِيهَا بِقَدْرِ مَا يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّ الْعَبْدِ وَذَلِكَ حَظُّ الْمُقَرَّبِينَ مِنْهَا، وَذَكَرَ
حُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ قُدِّسَ سِرُّهُ أَنَّ حُظُوظَهُمْ مِنْ مَعَانِي أَسْمَائِهِ تَعَالَى ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ مَعْرِفَتُهَا عَلَى سَبِيلِ الْمُكَاشَفَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ حَتَّى يَتَّضِحَ لَهُمْ حَقَائِقُهَا بِالْبُرْهَانِ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِيهِ الْخَطَأُ وَيَنْكَشِفَ لَهُمُ اتِّصَافُ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا انْكِشَافًا يُجْرِي الْوُضُوحَ وَالْبَيَانَ مَجْرَى الْيَقِينِ الْحَاصِلِ لِلْإِنْسَانِ بِصِفَاتِهِ الْبَاطِنَةِ الَّتِي يُدْرِكُهَا بِمُشَاهَدَةٍ بَاطِنَةٍ لَا بِإِحْسَاسِ ظَاهِرِهِ، وَكَمْ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الِاعْتِقَادِ الْمَأْخُوذِ مِنَ الْآبَاءِ وَالْمُعَلِّمِينَ
[ ص: 131 ] تَقْلِيدًا وَالتَّصْمِيمِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَقْرُونًا بِأَدِلَّةٍ جَدَلِيَّةٍ كَلَامِيَّةٍ.
الثَّانِي: اسْتِعْظَامُهُمْ مَا يُكْشَفُ لَهُمْ مِنْ صِفَاتِ الْجَلَالِ وَالْكَمَالِ عَلَى وَجْهٍ يَنْبَعِثُ مِنْهُ شَوْقُهُمْ إِلَى الِاتِّصَافِ بِمَا يُمْكِنُهُمْ مِنْ تِلْكَ الصِّفَاتِ لِيَقْرُبُوا بِهَا مِنَ الْحَقِّ قُرْبًا بِالصِّفَةِ لَا بِالْمَكَانِ فَيَأْخُذُوا مِنَ الِاتِّصَافِ بِهَا شَبَهًا بِالْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْخُلُوُّ مِنْ هَذَا الشَّوْقِ لَا يَكُونُ إِلَّا لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ؛ إِمَّا لِضَعْفِ الْمَعْرِفَةِ، وَإِمَّا لِكَوْنِ الْقَلْبِ مُمْتَلِئًا بِشَوْقٍ آخَرَ مُسْتَغْرِقًا بِهِ. وَالثَّالِثُ السَّعْيُ فِي اكْتِسَابِ الْمُمْكِنِ مِنْ تِلْكَ الصِّفَاتِ وَالتَّخَلُّقِ بِهَا وَالتَّحَلِّي بِمَحَاسِنِهَا، وَبِذَلِكَ يَصِيرُ الْعَبْدُ رَبَّانِيًّا رَفِيقًا لِلْمَلَأِ الْأَعْلَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ شَبِيهًا بِهِمْ، وَحِينَئِذٍ لَا يُؤَثِّرُ الْقُرْبُ وَالْبُعْدُ فِي إِدْرَاكِهِ بَلْ لَا يَقْتَصِرُ إِدْرَاكُهُ عَلَى مَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ وَيَكُونُ مُقَدَّسًا عَنِ الشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ؛ فَلَا تَكُونُ أَفْعَالُهُ بِمُقْتَضَاهَا بَلِ الدَّاعِي إِلَيْهَا حِينَئِذٍ طَلَبُ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا إِثْبَاتُ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَبَيْنَ الْعَبْدِ، وَقَدْ قَالَ جَلَّ وَعَلَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ هِيَ الْمُشَارَكَةُ فِي النَّوْعِ وَالْمَاهِيَّةِ لَا مُطْلَقَ الْمُشَارَكَةِ؛ فَالْفَرَسُ الْكَيِّسُ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا فِي الْكِيَاسَةِ مَا بَلَغَ لَا يَكُونُ مُمَاثِلًا لِلْإِنْسَانِ لِمُخَالَفَتِهِ لَهُ بِالنَّوْعِ وَإِنْ شَابَهَهُ بِالْكِيَاسَةِ الَّتِي هِيَ عَارِضَةٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْمُقَوِّمَاتِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ بِأَدْنَى الْتِفَاتٍ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الشَّرِكَةُ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى الْحَيِّ الْعَلِيمِ الْمُرِيدِ الْقَادِرِ الْمُتَكَلِّمِ السَّمِيعِ الْبَصِيرِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ الْمُتَّصِفِ بِالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ إِلَّا فِي إِطْلَاقِ الِاسْمِ لَا غَيْرُ، وَالْكَلَامُ فِي خَبَرِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=843031«لَا زَالَ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ» إِلَخْ.
يَسْتَدْعِي الْخَوْضَ فِي بَحْرٍ لَا سَاحِلَ لَهُ، فَخُذْ مَا آتَيْنَاكَ وَذَرِ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ يَطْلُبُونَ مَعَانِيَهَا مِنْ غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَيُضِيفُونَهَا إِلَيْهِ وَهَؤُلَاءِ مِمَّا ذَرَأَهُمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِجَهَنَّمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ مِنَ الْإِلْحَادِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=181وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ وَهُمُ الْمُرْشَدُونَ الْكَامِلُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=182وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كَالْمُنْكِرِينَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأُمَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=182سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ إِنَّا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=183وَأُمْلِي لَهُمْ أُمْهِلُهُمْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=183إِنَّ كَيْدِي أَخْذِي
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=183مَتِينٌ شَدِيدٌ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمُنْكِرِينَ عَلَى أَوْلِيَائِهِ أَنْ يَأْخُذَهُمْ أَشَدَّ أَخْذٍ، وَقَدْ شَاهَدْنَا ذَلِكَ كَثِيرًا نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ مَكْرِهِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَهِيَ الْآيَاتُ التَّكْوِينِيَّةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْمَلَكُوتِ وَهُوَ فِي مُصْطَلَحِ الصُّوفِيَّةِ قَدَّسَ اللَّهُ تَعَالَى أَسْرَارَهُمْ عِبَارَةٌ عَنْ عَالَمِ الْغَيْبِ الْمُخْتَصِّ بِالْأَرْوَاحِ وَالنُّفُوسِ، وَفَسَّرُوا الْمُلْكَ بِعَالَمِ الشَّهَادَةِ مِنَ الْمَحْسُوسَاتِ الطَّبِيعِيَّةِ كَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَكُلُّ جِسْمٍ يَتَرَكَّبُ مِنَ الِاسْتِقْصَاءَاتِ.