nindex.php?page=treesubj&link=31577_31848_33010_33177_34189_34513_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35وإذ قال إبراهيم مفعول لفعل محذوف أي اذكر ذلك الوقت
[ ص: 233 ] والمقصود تذكير ما وقع فيه على نهج ما قيل في أمثاله
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35رب اجعل هذا البلد يعني
مكة شرفها الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35آمنا أي ذا أمن فصيغة فاعل للنسب كلابن وتامر لأن الآمن في الحقيقة أهل البلد ويجوز أن يكون الإسناد مجازيا من إسناد ما للحال إلى المحل كنهر جار والفرق بين ما هنا وما في البقرة من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126رب اجعل هذا بلدا آمنا أنه عليه السلام سأل في الأول أن يجعله من جملة البلاد التي يأمن أهلها ولا يخافون وفي الثاني أن يخرجه من صفة كان عليها من الخوف إلى ضدها من الأمن كأنه قال : هو بلد مخوف فاجعله آمنا كذا في الكشاف وتحقيقه أنك إذا قلت : اجعل هذا خاتما حسنا فقد أشرت إلى المادة طالبا أن يسبك منها خاتم حسن وإذا قلت : اجعل هذا الخاتم حسنا فقد قصدت الحسن دون الخاتمية وذلك لأن محط الفائدة هو المفعول الثاني لأنه بمنزلة الخبر وإلى هذا يرجع ما قيل في الفرق أن في الأول سؤال أمرين البلدية والأمن وها هنا سؤال أمر واحد وهو الأمن واستشكل هذا التفسير بأنه يقتضي أن يكون سؤال البلدية سابقا على السؤال المحكي في هذه السورة وأنه يلزم أن تكون الدعوة الأولى غير مستجابة .
قال في الكشف : والتفصي عن ذلك إما بأن المسؤول أولا صلوحه للسكنى بأن يؤمن فيه أهله في أكثر الأحوال على المستمر في البلاد فقد كان غير صالح لها بوجه على ما هو المشهور في القصة وثانيا إزالة خوف عرض كما يعتري البلاد الآمنة أحيانا وأما بالحمل على الاستدامة وتنزيله منزلة العاري عنه مبالغة أو بأن أحدهما أمن الدنيا والآخر أمن الآخرة أو أن الدعاء الثاني صدر قبل استجابة الأول وذكر بهذه العبارة إيماء إلى أن المسؤول الحقيقي هو الأمن والبلدية توطئة لا أنه بعد الاستجابة عراه خوف وكأنه بنى الكلام على الترقي فطلب أولا أن يكون بلدا آمنا من جملة البلاد التي هي كذلك ثم لتأكيد الطلب جعله مخوفا حقيقة فطلب الأمن لأن دعاء المضطر أقرب إلى الإجابة ولذا ذيله عليه السلام بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37إني أسكنت .. إلخ . اهـ .
وهو مبني على تعدد السؤال وإن حمل على وحدته وتكرير الحكاية كما استظهره بعضهم واستظهر آخرون الأول لتغاير التعبير في المحلين فالظاهر أن المسؤول كلا الأمرين وقد حكى أولا واقتصر ها هنا على حكاية سؤال الأمن لأن سؤال البلدية قد حكي بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم إذ المسؤول هويها إليهم المساكنة كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لا للحج فقط وهو عين سؤال البلادية وقد حكي بعبارة أخرى على ما اختاره بعض الأجلة أو لأن نعمة الأمن أدخل في استيجاب الشكر فذكره أنسب بمقام تقريع الكفرة على إغفاله على ما قيل وهذه الآية وما تلاها أعني قصة
إبراهيم عليه السلام على ما نص عليه صاحب الكشف واردة على سبيل الاعتراض مقررة لما حث عليه من الشكر بالإيمان والعمل الصالح وزجر عنه من مقابلهما مدمجا فيها دعوة هؤلاء النافرين بلسان اللطف والتقريب مؤكدة لجميع ما سلف أشد التأكيد .
وفي إرشاد العقل السليم أن المراد منها تأكيد ما سلف من تعجيبه صلى الله تعالى عليه وسلم ببيان فن آخر من جنايات القوم حيث كفروا بالنعم الخاصة بهم بعد ما كفروا بالنعم العامة وعصوا أباهم
إبراهيم عليه السلام حيث أسكنهم
مكة زادها الله تعالى شرفا فالإقامة الصلاة والاجتناب عن عبادة الأصنام والشكر لنعم الله تعالى وسأله أن يجعله بلدا آمنا ويرزقهم من الثمرات ويهوي قلوب الناس إليهم فاستجاب الله تعالى دعاءه وجعله حرما آمنا تجبى إليه ثمرات كل شيء فكفروا بتلك النعم العظام واستبدلوا دار البوار
بالبلد الحرام وجعلوا لله
[ ص: 234 ] تعالى أندادا وفعلوا ما فعلوا من القبائح الجسام
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35واجنبني وبني أي بعدني وإياهم
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35أن نعبد الأصنام . (53) . أي عن عبادتها وقرأ
الجحدري nindex.php?page=showalam&ids=16748وعيسى الثقفي ( وأجنبني ) بقطع الهمزة وكسر النون بوزن أكرمني وهما لغة أهل نجد يقولون : جنبه مخففا وأجنبه رباعيا وأما أهل
الحجاز فيقولون : جنبه مشددا وأصل التجنب أن يكون الرجل في جانب غير ما عليه غيره ثم استعمل بمعنى البعد والمراد هنا على ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج طلب الثبات والدوام على ذلك أي ثبتنا على ما نحن عليه من التوحيد وملة الإسلام والبعد عن عبادة الأصنام وإلا فالأنبياء معصومون عن الكفر وعبادة غير الله تعالى وتعقب ذلك
الإمام بأنه لما كان من المعلوم أنه سبحانه يثبت الأنبياء عليهم السلام على الاجتناب فما الفائدة في سؤال التثبيت ثم قال : والصحيح عندي في الجواب وجهان : الأول أنه عليه السلام وإن كان يعلم أن الله تعالى يعصمه من عبادة الأصنام إلا أنه ذكر ذلك هضما لنفسه وإظهارا للحاجة والفاقة إلى فضل الله سبحانه وتعالى في كل المطالب والثاني أن الصوفية يقولون :
nindex.php?page=treesubj&link=29436_28675الشرك نوعان ظاهر وهو الذي يقول به المشركون وخفي وهو تعلق القلب بالوسائط والأسباب الظاهرة والتوحيد المحض قطع النظر عما سوى الله تعالى فيحتمل أن يكون مراده عليه السلام من هذا الدعاء العصمة عن هذا الشرك انتهى ويرد على هذا الأخير أنه يعود السؤال عليه فيما أظن لأن النظر إلى السوى يحاكي الشرك الذي يقول به المشركون عند الصوفية فقد قال قائلهم : .
ولو خطرت لي في سواك إرادة على خاطري سهوا حكمت بردتي
ولا أظن أنهم يجوزون ذلك للأنبياء عليهم السلام وحيث بني الكلام على ما قرروه يقال : ما فائدة سؤال العصمة عن ذلك والأنبياء عليهم السلام معصومون عنه والجواب الصحيح عندي ما قيل : إن
nindex.php?page=treesubj&link=21377عصمة الأنبياء عليهم السلام ليست لأمر طبيعي فيهم بل بمحض توفيق الله تعالى إياهم وتفضله عليهم ولذلك صح طلبها وفي بعض الآثار أن الله سبحانه قال
لموسى عليه السلام : يا
موسى لا تأمن مكري حتى تجوز الصراط .
وأنت تعلم أن المبشرين بالجنة على لسان الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام كانوا كثيرا ما يسألون الله تعالى الجنة مع أنهم مقطوع لهم بها ولعل منشأ ذلك ما قيل
لموسى عليه السلام فتدبر والمتبادر من بنيه عليه السلام من كان من صلبه فلا يتوهم أن الله تعالى لم يستجب دعاءه لعبادة
قريش الأصنام وهم من ذريته عليه السلام حتى يجاب بما قاله بعضهم من أن المراد كل من كان موجودا حال الدعاء من أبنائه ولا شك أن دعوته عليه السلام مجابة فيهم أو بأن دعاءه استجيب في بعض دون بعض ولا نقص فيه كما قال
الإمام .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة : إن المراد ببنيه ما يشمل جميع ذريته عليه السلام وزعم أنه لم يعبد أحد من أولاد
إسماعيل عليه السلام الصنم وإنما كان لكل قوم حجر نصبوه وقالوا هذا حجر والبيت حجر وكانوا يدورون به ويسمونه الدوار ولهذا كره غير واحد أن يقال دار بالبيت بل يقال طاف به وعلى ذلك أيضا حمل
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد البنين وقال : لم يعبد أحد من ولد
إبراهيم عليه السلام صنما وإنما عبد بعضهم الوثن وفرق بينهما بأن الصنم هو التمثال المصور والوثن هو التمثال الغير المصور وليت شعري كيف ذهبت على هذين
[ ص: 235 ] الجليلين ما في القرآن من قوارع تنعى على
قريش عبادة الأصنام وقال
الإمام بعد نقله كلام
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : إن هذا ليس بقوي لأنه عليه السلام لم يرد بهذا الدعاء إلا عبادة غير الله تعالى والصنم كالوثن في ذلك ويرد مثله على
ابن عيينة ومن هنا قيل عليه : إن فيما ذكره كرا على ما فر منه لأن ما كانوا يصنعونه عبادة لغير الله تعالى أيضا : واستدل بعض أصحابنا بالآية على أن التبعيد من الكفر والتقريب من الإيمان ليس إلا من الله تعالى لأنه عليه السلام إنما طلب التبعيد عن عبادة الأصنام منه تعالى وحمل ذلك على الإلطاف فيه ما فيه
nindex.php?page=treesubj&link=31577_31848_33010_33177_34189_34513_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيِ اذْكُرْ ذَلِكَ الْوَقْتَ
[ ص: 233 ] وَالْمَقْصُودُ تَذْكِيرُ مَا وَقَعَ فِيهِ عَلَى نَهْجِ مَا قِيلَ فِي أَمْثَالِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ يَعْنِي
مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35آمِنًا أَيْ ذَا أَمْنٍ فَصِيغَةُ فَاعِلٍ لِلنَّسَبِ كَلَابِنٍ وَتَامِرٍ لِأَنَّ الْآمِنَ فِي الْحَقِيقَةِ أَهْلُ الْبَلَدِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْإِسْنَادُ مَجَازِيًّا مِنْ إِسْنَادِ مَا لِلْحَالِ إِلَى الْمَحَلِّ كَنَهْرٍ جَارٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا فِي الْبَقَرَةِ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَأَلَ فِي الْأَوَّلِ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْبِلَادِ الَّتِي يَأْمَنُ أَهْلُهَا وَلَا يَخَافُونَ وَفِي الثَّانِي أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ صِفَةٍ كَانَ عَلَيْهَا مِنَ الْخَوْفِ إِلَى ضِدِّهَا مِنَ الْأَمْنِ كَأَنَّهُ قَالَ : هُوَ بَلَدٌ مُخَوَّفٌ فَاجْعَلْهُ آمِنًا كَذَا فِي الْكَشَّافِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ : اجْعَلْ هَذَا خَاتَمًا حَسَنًا فَقَدْ أَشَرْتَ إِلَى الْمَادَّةِ طَالِبًا أَنْ يُسْبَكَ مِنْهَا خَاتَمٌ حَسَنٌ وَإِذَا قُلْتَ : اجْعَلْ هَذَا الْخَاتَمَ حَسَنًا فَقَدْ قَصَدْتَ الْحُسْنَ دُونَ الْخَاتِمِيَّةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَحَطَّ الْفَائِدَةِ هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَبَرِ وَإِلَى هَذَا يَرْجِعُ مَا قِيلَ فِي الْفَرْقِ أَنَّ فِي الْأَوَّلِ سُؤَالَ أَمْرَيْنِ الْبَلَدِيَّةِ وَالْأَمْنِ وَهَا هُنَا سُؤَالُ أَمْرٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْأَمْنُ وَاسْتَشْكَلَ هَذَا التَّفْسِيرُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ سُؤَالُ الْبَلَدِيَّةِ سَابِقًا عَلَى السُّؤَالِ الْمَحْكِيِّ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَةُ الْأُولَى غَيْرَ مُسْتَجَابَةٍ .
قَالَ فِي الْكَشْفِ : وَالتَّفَصِّي عَنْ ذَلِكَ إِمَّا بِأَنَّ الْمَسْؤُولَ أَوَّلًا صُلُوحُهُ لِلسُّكْنَى بِأَنْ يُؤَمِّنَ فِيهِ أَهْلَهُ فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ عَلَى الْمُسْتَمِرِّ فِي الْبِلَادِ فَقَدْ كَانَ غَيْرَ صَالِحٍ لَهَا بِوَجْهٍ عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْقِصَّةِ وَثَانِيًا إِزَالَةُ خَوْفٍ عَرَضٍ كَمَا يَعْتَرِي الْبِلَادَ الْآمِنَةَ أَحْيَانًا وَأَمَّا بِالْحَمْلِ عَلَى الِاسْتِدَامَةِ وَتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْعَارِي عَنْهُ مُبَالَغَةً أَوْ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَمْنُ الدُّنْيَا وَالْآخَرَ أَمْنُ الْآخِرَةِ أَوْ أَنَّ الدُّعَاءَ الثَّانِيَ صَدَرَ قَبْلَ اسْتِجَابَةِ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ الْمَسْؤُولَ الْحَقِيقِيَّ هُوَ الْأَمْنُ وَالْبَلَدِيَّةُ تَوْطِئَةً لَا أَنَّهُ بَعْدَ الِاسْتِجَابَةِ عَرَاهُ خَوْفٌ وَكَأَنَّهُ بَنَى الْكَلَامَ عَلَى التَّرَقِّي فَطَلَبَ أَوَّلًا أَنْ يَكُونَ بَلَدًا آمِنًا مِنْ جُمْلَةِ الْبِلَادِ الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ ثُمَّ لِتَأْكِيدِ الطَّلَبِ جَعَلَهُ مُخَوَّفًا حَقِيقَةً فَطَلَبَ الْأَمْنَ لِأَنَّ دُعَاءَ الْمُضْطَرِّ أَقْرَبُ إِلَى الْإِجَابَةِ وَلِذَا ذَيَّلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37إِنِّي أَسْكَنْتُ .. إِلَخْ . اهَـ .
وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعَدُّدِ السُّؤَالِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى وَحْدَتِهِ وَتَكْرِيرِ الْحِكَايَةِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ وَاسْتَظْهَرَ آخَرُونَ الْأَوَّلَ لِتَغَايُرِ التَّعْبِيرِ فِي الْمَحَلَّيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسْؤُولَ كِلَا الْأَمْرَيْنِ وَقَدْ حَكَى أَوَّلًا وَاقْتَصَرَ هَا هُنَا عَلَى حِكَايَةِ سُؤَالِ الْأَمْنِ لِأَنَّ سُؤَالَ الْبَلَدِيَّةِ قَدْ حُكِيَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ إِذِ الْمَسْؤُولُ هَوْيُهَا إِلَيْهِمُ الْمُسَاكَنَةُ كَمَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَا لِلْحَجِّ فَقَطْ وَهُوَ عَيْنُ سُؤَالِ الْبِلَادِيَّةِ وَقَدْ حُكِيَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى عَلَى مَا اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَجِلَّةِ أَوْ لِأَنَّ نِعْمَةَ الْأَمْنِ أَدْخَلُ فِي اسْتِيجَابِ الشُّكْرِ فَذَكَرَهُ أَنْسَبَ بِمَقَامِ تَقْرِيعِ الْكَفَرَةِ عَلَى إِغْفَالِهِ عَلَى مَا قِيلَ وَهَذِهِ الْآيَةُ وَمَا تَلَاهَا أَعْنِي قِصَّةَ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْكَشْفِ وَارِدَةٌ عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِرَاضِ مُقَرِّرَةٌ لِمَا حَثَّ عَلَيْهِ مِنَ الشُّكْرِ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَزَجَرَ عَنْهُ مِنْ مُقَابِلِهِمَا مُدْمِجًا فِيهَا دَعْوَةَ هَؤُلَاءِ النَّافِرِينَ بِلِسَانِ اللُّطْفِ وَالتَّقْرِيبِ مُؤَكِّدَةٌ لِجَمِيعِ مَا سَلَفَ أَشَدَّ التَّأْكِيدِ .
وَفِي إِرْشَادِ الْعَقْلِ السَّلِيمِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا تَأْكِيدُ مَا سَلَفَ مِنْ تَعْجِيبِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَيَانِ فَنٍّ آخَرَ مِنْ جِنَايَاتِ الْقَوْمِ حَيْثُ كَفَرُوا بِالنِّعَمِ الْخَاصَّةِ بِهِمْ بَعْدَ مَا كَفَرُوا بِالنِّعَمِ الْعَامَّةِ وَعَصَوْا أَبَاهُمْ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ أَسْكَنَهُمْ
مَكَّةَ زَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى شَرَفًا فَالْإِقَامَةُ الصَّلَاةُ وَالِاجْتِنَابُ عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالشُّكْرُ لِنِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَسَأَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ بَلَدًا آمِنًا وَيَرْزُقَهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ وَيُهْوِيَ قُلُوبَ النَّاسِ إِلَيْهِمْ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى دُعَاءَهُ وَجَعَلَهُ حَرَمًا آمِنًا تُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ فَكَفَرُوا بِتِلْكَ النِّعَمِ الْعِظَامِ وَاسْتَبْدَلُوا دَارَ الْبَوَارِ
بِالْبَلَدِ الْحَرَامِ وَجَعَلُوا لِلَّهِ
[ ص: 234 ] تَعَالَى أَنْدَادًا وَفَعَلُوا مَا فَعَلُوا مِنَ الْقَبَائِحِ الْجِسَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَيْ بَعِّدْنِي وَإِيَّاهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ . (53) . أَيْ عَنْ عِبَادَتِهَا وَقَرَأَ
الْجَحْدَرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16748وَعِيسَى الثَّقَفِيُّ ( وَأَجْنِبْنِي ) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ النُّونِ بِوَزْنِ أَكْرِمْنِي وَهُمَا لُغَةُ أَهْلِ نَجْدٍ يَقُولُونَ : جَنَّبَهُ مُخَفَّفًا وَأَجْنَبَهُ رُبَاعِيًّا وَأَمَّا أَهْلُ
الْحِجَازِ فَيَقُولُونَ : جَنَّبَهُ مُشَدَّدًا وَأَصْلُ التَّجَنُّبِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فِي جَانِبٍ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى الْبُعْدِ وَالْمُرَادُ هُنَا عَلَى مَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ طَلَبُ الثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ عَلَى ذَلِكَ أَيْ ثَبِّتْنَا عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَمِلَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْبَعْدِ عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَإِلَّا فَالْأَنْبِيَاءُ مَعْصُومُونَ عَنِ الْكُفْرِ وَعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَعَقَّبَ ذَلِكَ
الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُثَبِّتُ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَلَى الِاجْتِنَابِ فَمَا الْفَائِدَةُ فِي سُؤَالِ التَّثْبِيتِ ثُمَّ قَالَ : وَالصَّحِيحُ عِنْدِي فِي الْجَوَابِ وَجْهَانِ : الْأَوَّلُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْصِمُهُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ هَضْمًا لِنَفْسِهِ وَإِظْهَارًا لِلْحَاجَةِ وَالْفَاقَةِ إِلَى فَضْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كُلِّ الْمَطَالِبِ وَالثَّانِي أَنَّ الصُّوفِيَّةَ يَقُولُونَ :
nindex.php?page=treesubj&link=29436_28675الشِّرْكُ نَوْعَانِ ظَاهِرٌ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ وَخَفِيٌّ وَهُوَ تَعَلُّقُ الْقَلْبِ بِالْوَسَائِطِ وَالْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ وَالتَّوْحِيدُ الْمَحْضُ قَطْعُ النَّظَرِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ هَذَا الدُّعَاءِ الْعِصْمَةَ عَنْ هَذَا الشِّرْكِ انْتَهَى وَيَرُدُّ عَلَى هَذَا الْأَخِيرِ أَنَّهُ يَعُودُ السُّؤَالُ عَلَيْهِ فِيمَا أَظُنُّ لِأَنَّ النَّظَرَ إِلَى السِّوَى يُحَاكِي الشِّرْكَ الَّذِي يَقُولُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ عِنْدَ الصُّوفِيَّةِ فَقَدْ قَالَ قَائِلُهُمْ : .
وَلَوْ خَطَرَتْ لِي فِي سِوَاكَ إِرَادَةٌ عَلَى خَاطِرِي سَهْوًا حَكَمْتُ بِرِدَّتِي
وَلَا أَظُنُّ أَنَّهُمْ يُجَوِّزُونَ ذَلِكَ لِلْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَحَيْثُ بُنِيَ الْكَلَامُ عَلَى مَا قَرَّرُوهُ يُقَالُ : مَا فَائِدَةُ سُؤَالِ الْعِصْمَةِ عَنْ ذَلِكَ وَالْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مَعْصُومُونَ عَنْهُ وَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ عِنْدِي مَا قِيلَ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21377عِصْمَةَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَيْسَتْ لِأَمْرٍ طَبِيعِيٍّ فِيهِمْ بَلْ بِمَحْضِ تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُمْ وَتَفَضُّلِهِ عَلَيْهِمْ وَلِذَلِكَ صَحَّ طَلَبُهَا وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ
لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَا
مُوسَى لَا تَأْمَنْ مَكْرِي حَتَّى تَجُوزَ الصِّرَاطَ .
وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ عَلَى لِسَانِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانُوا كَثِيرًا مَا يَسْأَلُونَ اللَّهَ تَعَالَى الْجَنَّةَ مَعَ أَنَّهُمْ مَقْطُوعٌ لَهُمْ بِهَا وَلَعَلَّ مَنْشَأَ ذَلِكَ مَا قِيلَ
لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَتَدَبَّرْ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ بَنِيهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ كَانَ مِنْ صُلْبِهِ فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَسْتَجِبْ دُعَاءَهُ لِعِبَادَةِ
قُرَيْشٍ الْأَصْنَامَ وَهُمْ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى يُجَابَ بِمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ كُلُّ مَنْ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الدُّعَاءِ مِنْ أَبْنَائِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ دَعْوَتَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُجَابَةٌ فِيهِمْ أَوْ بِأَنَّ دُعَاءَهُ اسْتُجِيبَ فِي بَعْضٍ دُونِ بَعْضٍ وَلَا نَقْصَ فِيهِ كَمَا قَالَ
الْإِمَامُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ : إِنَّ الْمُرَادَ بِبَنِيهِ مَا يَشْمَلُ جَمِيعَ ذُرِّيَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَعْبُدْ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ
إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الصَّنَمَ وَإِنَّمَا كَانَ لِكُلِّ قَوْمٍ حَجَرٌ نَصَبُوهُ وَقَالُوا هَذَا حَجَرٌ وَالْبَيْتُ حَجَرٌ وَكَانُوا يَدُورُونَ بِهِ وَيُسَمُّونَهُ الدَّوَّارَ وَلِهَذَا كَرِهَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنْ يُقَالَ دَارَ بِالْبَيْتِ بَلْ يُقَالُ طَافَ بِهِ وَعَلَى ذَلِكَ أَيْضًا حَمَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ الْبَنِينَ وَقَالَ : لَمْ يَعْبُدْ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَنَمًا وَإِنَّمَا عَبَدَ بَعْضُهُمُ الْوَثَنَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الصَّنَمَ هُوَ التِّمْثَالُ الْمُصَوَّرُ وَالْوَثَنَ هُوَ التِّمْثَالُ الْغَيْرُ الْمُصَوَّرِ وَلَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ عَلَى هَذَيْنِ
[ ص: 235 ] الْجَلِيلَيْنِ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ قَوَارِعَ تَنْعَى عَلَى
قُرَيْشٍ عِبَادَةَ الْأَصْنَامِ وَقَالَ
الْإِمَامُ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ : إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُرِدْ بِهَذَا الدُّعَاءِ إِلَّا عِبَادَةَ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّنَمُ كَالْوَثَنِ فِي ذَلِكَ وَيُرَدُّ مِثْلُهُ عَلَى
ابْنِ عُيَيْنَةَ وَمِنْ هُنَا قِيلَ عَلَيْهِ : إِنَّ فِيمَا ذَكَرَهُ كَرًّا عَلَى مَا فَرٍّ مِنْهُ لِأَنَّ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَهُ عِبَادَةً لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا : وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِالْآيَةِ عَلَى أَنَّ التَّبْعِيدَ مِنَ الْكُفْرِ وَالتَّقْرِيبَ مِنَ الْإِيمَانِ لَيْسَ إِلَّا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا طَلَبَ التَّبْعِيدَ عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ مِنْهُ تَعَالَى وَحَمَلَ ذَلِكَ عَلَى الْإِلْطَافِ فِيهِ مَا فِيهِ