nindex.php?page=treesubj&link=28723_32412_32413_34275_34277_34383_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70ولقد كرمنا بني آدم أي: جعلناهم قاطبة برهم وفاجرهم ذوي كرم أي شرف ومحاسن جمة لا يحيط بها نطاق الحصر، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كرمهم سبحانه بالعقل، وفي رواية بتناولهم الطعام بأيديهم لا بأفواههم كسائر الحيوانات.
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك بالنطق، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بتعديل القامة وامتدادها، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم بالمطاعم واللذات، وعن
يمان بحسن
[ ص: 118 ] الصورة، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير بالتسلط على غيرهم من الخلق وتسخيره لهم، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب بجعل
محمد صلى الله عليه وسلم منهم.
وقيل: بخلق الله تعالى أباهم
آدم بيديه، وقيل: بتدبير المعاش والمعاد، وقيل: بالخط، وقيل: باللحية للرجل والذؤابة للمرأة، وقيل وقيل والكل في الحقيقة على سبيل التمثيل ومن ادعى الحصر في واحد
كابن عطية حيث قال:
إنما التكريم بالعقل لا غير، فقد ادعى غلطا ورام شططا وخالف صريح العقل وصحيح النقل؛ ولذا استدل الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بالآية على
nindex.php?page=treesubj&link=22662عدم نجاسة الآدمي بالموت nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70وحملناهم في البر والبحر على أكباد رطبة وأعواد يابسة من الدواب والسفن فهو من حملته على كذا إذا أعطيته ما يركبه ويحمله فالمحمول عليه مقدر بقرينة المقام.
وقيل: المراد من حملهم في البر والبحر جعلهم قارين فيهما بأن لم يخسف بهم الأرض ولم يغرقهم بالماء، والأول أنسب بالتكريم؛ إذ لا يثبت لشيء من الحيوانات سواهم بخلاف الثاني
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70ورزقناهم من الطيبات أي فنون النعم وضروب المستلذات مما يحصل بصنعهم وبغير صنعهم من المأكولات والملبوسات والمفروشات والمقتنيات وغير ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70وفضلناهم قيل: أي بالتكريم المذكور
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70على كثير ممن خلقنا تفضيلا عظيما، والمراد أن ذلك مخصوص بهم بالنسبة إلى الكثير فلم يكرم الكثير كما كرموا، وبحث الإمام في هذا المقام بأنه تعالى قال أولا:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70ولقد كرمنا بني آدم وقال سبحانه هنا:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70وفضلناهم فلا بد من فرق بين التكريم والتفضيل لئلا يلزم التكرار.
والأقرب في ذلك أن يقال: إنه تعالى
nindex.php?page=treesubj&link=32412فضل الإنسان على سائر الحيوانات بأمور خلقية طبيعية ذاتية مثل العقل والنطق والخط والصورة الحسنة والقامة المديدة ثم إنه عز وجل عرضه بواسطة العقل والفهم لاكتساب العقائد الحقة والأخلاق الفاضلة فالأول هو التكريم والثاني هو التفضيل فكأنه قيل: فضلناهم بالتعريض لاكتساب ما فيه النجاة والزلفى بواسطة ما كرمناهم به من مبادئ ذلك فعليهم أن يشكروا ويصرفوا ما خلق لهم لما خلق له فيوحدوا الله تعالى ولا يشركوا به شيئا ويرفضوا ما هم عليه من عبادة غيره عز وجل، ويقال نحو هذا على ما سبق أيضا بقليل تغيير.
وقال
الطيبي: قد كرر في الآية ما ينبئ عن غاية المدح من ذكر الكرامة والتفضيل وتسخير الأشياء على سبيل الترقي كأنه قيل: ولقد كرمنا بني
آدم بكرامة أبيهم عليه السلام ثم سخرنا لهم الأشياء ورزقناهم من الطيبات ثم فضلناهم تفضيلا أي تفضيل؛ ولذا عقب بها قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=61وإذ قلنا للملائكة اسجدوا إلخ وهو لبيان كرامة أبيهم وما توسط بينهما من الآيات كالاستطراد والاعتراض إلى آخر ما قال، ويعلم منه دفع التكرار وإن لم يسقه لذلك الغرض، وفيه تخصيص التكريم، وكذا فيما قيل: إن التكريم بالنعم التي يصح بها التكليف والتفضيل بالتكليف الذي عرضهم به للمنازلة الرفيعة، والمراد بالكثير من عدا الملائكة عليهم السلام عند الكثير ومنهم
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وزعم أن الآية صريحة في تفضيل الملك على البشر وشنع على
أهل السنة تشنيعا أقذع فيه.
والحق أنها لا تصلح للاحتجاج على التفضيل المتنازع فيه، ففي الكشف أن الظاهر من سياق الآية أنه حث للإنسان على الشكر وعلى أن لا يشرك به تعالى حيث ذكر ما في البر والبحر من حسن كلاءته سبحانه له وضمن فيه أنه جل وعلا هداهم إلى الفلك وصنعته وما يترتب عليه من الفوائد في قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=66ربكم الذي يزجي لكم الفلك الآيات. فقال عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70ولقد كرمنا بني آدم أي: هذا النوع من بين سائر الأنواع باصطناعات خصصناهم بها فذكر تعالى منها حملهم في البر والبحر ورزقهم من الطيبات وتفضيلهم على كثير من المخلوقات وهذا التفضيل لا يراد منه عظم الدرجة وزيادة القربة عند الله تعالى وهو المتنازع فيه لأن الحكم للنوع من حيث هو، وذكر
[ ص: 119 ] الله تعالى لذلك موجبات تعم الصالح والطالح فسواء دخل في هذا الكثير الملائكة أو لم يدخل لم يدل على الأفضلية بالمعنى المذكور فلا يصلح لاحتجاج إحدى الطائفتين اه.
ثم إنه على فرض أن
nindex.php?page=treesubj&link=28809التفضيل بالمعنى المتنازع فيه لا تدل الآية على أن الملك أفضل من البشر إلا بطريق المفهوم وفي حجيته خلاف،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رضي الله تعالى عنه لا يقول به على أنه يدل على أنهم فضلوا على الكثير ولم يفضلوا على مقابله وهو يحتمل المساواة وتفضيل المقابل فليس نصا في مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري.
وجعل
الطيبي «من» بيانية كما في قولك: بذلت له العريض من جاهي، أي: فضلناهم على الكثيرين الذين خلقناهم من ذوي العقول كما هو الظاهر من (من) وهم منحصرون في الملك والجن والبشر فحيث خرج البشر لأن الشيء لا يفضل على نفسه بقي الملك والجن فيكون المراد بيان تفضيل البشر عليهم جميعا وهو الذي يقتضيه مقام المدح؛ فإن الآية مسوقة له، وإذا جعلت للتبعيض كان
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70ممن خلقنا بدلا؛ أي: فضلناهم على بعض المخلوقين.
وذكر البعض في هذا المقام يدل على تعظيم المفضل عليه كما قرر في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=253ورفع بعضهم درجات وأي مدح لبني آدم وإثبات للفضل والكرامة بالجملة القسمية إذا جعلوا مفضلين على الجن والشياطين على أن صفة الكثرة إذا جعلت مخصصة لإخراج البعض كانت الملائكة أولى من الجن والشياطين لأنهم هم الموصوفون بالكثرة كما تدل عليه الأخبار الكثيرة كخبر أطيط السماء وخبر نزول قطرات المطر وخبر ما يدخل البيت المعمور في كل يوم من الملائكة إلى غير ذلك، وإليه ينظر قول صاحب التقريب إنه يحتمل أن يراد بكثير ممن خلقنا الملائكة إذ هم كثير من العقلاء المخلوقين اه.
وتعقب بأن ما ذكره من حمل
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=11من خلقنا على تعميم ذوي العقول مقبول؛ فإن تفضيلهم على غير ذوي العقول حينئذ آت من طريق مفهوم الموافقة فلا حاجة إلى ارتكاب خلاف الظاهر واعتبار تغليبهم ليعمهم وغيرهم لكن حمل من على البيان غير مقبول؛ فإنه بعيد جدا لأن قيد الكثرة يضيع عليه حمل من على التعميم التغليبي أو الوضعي ولأن استعماله في التبعيض شائع أينما وقع في التنزيل واستعمالات الفصحاء وهو أكثر تعسفا من حمله على الغاية في قوله تعالى: فامسحوا برءوسكم وأرجلكم منه، على ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري فيه وأنه إذا قوبل بشيء آخر دل على القلة في المقابل كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=26فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون فإنه صرح بأنه يدل على أن الغلبة للفساق للمقابلة أما ورد ابتداء فربما كان الأكثر خلاف ذلك كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=15فضلنا على كثير من عباده المؤمنين فقوله إن صفة الكثرة إذا جعلت مخصصة إلخ كلام لم يصدر عن ثبت، ولهذه النكتة قال صاحب التقريب: يحتمل دلالة على أنه مرجوح.
هذا ثم إن مسألة التفضيل مختلف فيها بين
أهل السنة، فمنهم من ذهب إلى تفضيل الملائكة وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما واختيار
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج على ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي في البسيط، ومنهم من فصل فقال: إن الرسل من البشر أفضل مطلقا ثم الرسل من الملائكة على من سواهم من البشر والملائكة ثم عموم الملائكة على عموم البشر وهذا ما عليه أصحاب الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة عليه الرحمة وكثير من الشافعية
والأشعرية، ومنهم من عمم
[ ص: 120 ] تفضيل الكمل من نوع الإنسان نبيا كان أو وليا، ومنهم من فضل الكروبيين من الملائكة مطلقا ثم الرسل من البشر ثم الكمل منهم ثم عموم الملائكة على عموم البشر.
وهذا ما عليه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=11943الرازي وبه يشعر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في مواضع عديدة في كتبه، ومن هذا يعلم أن إطلاق القول بأن
أهل السنة يفضلون البشر على الملك ليس على ما ينبغي، وهذه المسألة ومسألة تفضيل الأئمة ليستا مما يبدع الذاهب إلى أحد طرفيهما على ما في الكشف؛ إذ لا يرجع إلى أصل في الاعتقاد ولا يستند إلى قطعي بعد أن يسلم من الطعن وما يخل بتعظيم في المسألتين لكن المشهور في مسألة تفضيل الأئمة أن القول بخلاف ما استقر عليه رأي
أهل السنة ابتداع، ومن أنصف قال بما في الكشف فهذر
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري على من خالفه محض جهالة إذا لم يكن بتلك الغاية فكيف وهو قد بلغ فيه من السفاهة غايتها ومن البذاذة نهايتها وسيرى جزاء ذلك.
nindex.php?page=treesubj&link=28723_32412_32413_34275_34277_34383_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ أَيْ: جَعَلْنَاهُمْ قَاطِبَةً بَرَّهُمْ وَفَاجِرَهُمْ ذَوِي كَرَمٍ أَيْ شَرَفٍ وَمَحَاسِنَ جَمَّةٍ لَا يُحِيطُ بِهَا نِطَاقُ الْحَصْرِ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا كَرَّمَهُمْ سُبْحَانَهُ بِالْعَقْلِ، وَفِي رِوَايَةٍ بِتَنَاوُلِهِمُ الطَّعَامَ بِأَيْدِيهِمْ لَا بِأَفْوَاهِهِمْ كَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ.
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكِ بِالنُّطْقِ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ بِتَعْدِيلِ الْقَامَةِ وَامْتِدَادِهَا، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِالْمَطَاعِمِ وَاللَّذَّاتِ، وَعَنْ
يَمَانٍ بِحُسْنِ
[ ص: 118 ] الصُّورَةِ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنِ جَرِيرٍ بِالتَّسَلُّطِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْخَلْقِ وَتَسْخِيرِهِ لَهُمْ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ بِجَعْلِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ.
وَقِيلَ: بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى أَبَاهُمْ
آدَمَ بِيَدَيْهِ، وَقِيلَ: بِتَدْبِيرِ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَقِيلَ: بِالْخَطِّ، وَقِيلَ: بِاللِّحْيَةِ لِلرَّجُلِ وَالذُّؤَابَةِ لِلْمَرْأَةِ، وَقِيلَ وَقِيلَ وَالْكُلُّ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ وَمَنِ ادَّعَى الْحَصْرَ فِي وَاحِدٍ
كَابْنِ عَطِيَّةَ حَيْثُ قَالَ:
إِنَّمَا التَّكْرِيمُ بِالْعَقْلِ لَا غَيْرُ، فَقَدِ ادَّعَى غَلَطًا وَرَامَ شَطَطًا وَخَالَفَ صَرِيحَ الْعَقْلِ وَصَحِيحَ النَّقْلِ؛ وَلِذَا اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ بِالْآيَةِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=22662عَدَمِ نَجَاسَةِ الْآدَمِيِّ بِالْمَوْتِ nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ عَلَى أَكْبَادٍ رَطْبَةٍ وَأَعْوَادٍ يَابِسَةٍ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسُّفُنِ فَهُوَ مِنْ حَمَلْتُهُ عَلَى كَذَا إِذَا أَعْطَيْتَهُ مَا يَرْكَبُهُ وَيَحْمِلُهُ فَالْمَحْمُولُ عَلَيْهِ مُقَدَّرٌ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنْ حَمْلِهِمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ جَعْلُهُمْ قَارِّينَ فِيهِمَا بِأَنْ لَمْ يَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ وَلَمْ يُغْرِقْهُمْ بِالْمَاءِ، وَالْأَوَّلُ أَنْسَبُ بِالتَّكْرِيمِ؛ إِذْ لَا يَثْبُتُ لِشَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ سِوَاهُمْ بِخِلَافِ الثَّانِي
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَيْ فُنُونِ النِّعَمِ وَضُرُوبِ الْمُسْتَلَذَّاتِ مِمَّا يَحْصُلُ بِصُنْعِهِمْ وَبِغَيْرِ صُنْعِهِمْ مِنَ الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَلْبُوسَاتِ وَالْمَفْرُوشَاتِ وَالْمُقْتَنَيَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70وَفَضَّلْنَاهُمْ قِيلَ: أَيْ بِالتَّكْرِيمِ الْمَذْكُورِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا عَظِيمًا، وَالْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكَثِيرِ فَلَمْ يُكَرَّمِ الْكَثِيرُ كَمَا كُرِّمُوا، وَبَحَثَ الْإِمَامُ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ أَوَّلًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَقَالَ سُبْحَانَهُ هُنَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70وَفَضَّلْنَاهُمْ فَلَا بُدَّ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَ التَّكْرِيمِ وَالتَّفْضِيلِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ.
وَالْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=treesubj&link=32412فَضَّلَ الْإِنْسَانَ عَلَى سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ بِأُمُورٍ خِلْقِيَّةٍ طَبِيعِيَّةٍ ذَاتِيَّةٍ مِثْلَ الْعَقْلِ وَالنُّطْقِ وَالْخَطِّ وَالصُّورَةِ الْحَسَنَةِ وَالْقَامَةِ الْمَدِيدَةِ ثُمَّ إِنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَرَّضَهُ بِوَاسِطَةِ الْعَقْلِ وَالْفَهْمِ لِاكْتِسَابِ الْعَقَائِدِ الْحَقَّةِ وَالْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ فَالْأَوَّلُ هُوَ التَّكْرِيمُ وَالثَّانِي هُوَ التَّفْضِيلُ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: فَضَّلْنَاهُمْ بِالتَّعْرِيضِ لِاكْتِسَابِ مَا فِيهِ النَّجَاةُ وَالزُّلْفَى بِوَاسِطَةِ مَا كَرَّمْنَاهُمْ بِهِ مِنْ مَبَادِئِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَشْكُرُوا وَيَصْرِفُوا مَا خُلِقَ لَهُمْ لِمَا خُلِقَ لَهُ فَيُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَيَرْفُضُوا مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيُقَالُ نَحْوُ هَذَا عَلَى مَا سَبَقَ أَيْضًا بِقَلِيلِ تَغْيِيرٍ.
وَقَالَ
الطِّيبِيُّ: قَدْ كَرَّرَ فِي الْآيَةِ مَا يُنْبِئُ عَنْ غَايَةِ الْمَدْحِ مِنْ ذِكْرِ الْكَرَامَةِ وَالتَّفْضِيلِ وَتَسْخِيرِ الْأَشْيَاءِ عَلَى سَبِيلِ التَّرَقِّي كَأَنَّهُ قِيلَ: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي
آدَمَ بِكَرَامَةِ أَبِيهِمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ سَخَّرْنَا لَهُمُ الْأَشْيَاءَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ثُمَّ فَضَّلْنَاهُمْ تَفْضِيلًا أَيَّ تَفْضِيلٍ؛ وَلِذَا عَقَّبَ بِهَا قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=61وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا إِلَخْ وَهُوَ لِبَيَانِ كَرَامَةِ أَبِيهِمْ وَمَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْآيَاتِ كَالِاسْتِطْرَادِ وَالِاعْتِرَاضِ إِلَى آخِرِ مَا قَالَ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ دَفْعُ التَّكْرَارِ وَإِنْ لَمْ يَسُقْهُ لِذَلِكَ الْغَرَضِ، وَفِيهِ تَخْصِيصُ التَّكْرِيمِ، وَكَذَا فِيمَا قِيلَ: إِنَّ التَّكْرِيمَ بِالنِّعَمِ الَّتِي يَصِحُّ بِهَا التَّكْلِيفُ وَالتَّفْضِيلَ بِالتَّكْلِيفِ الَّذِي عَرَّضَهُمْ بِهِ لِلْمُنَازَلَةِ الرَّفِيعَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مِنْ عَدَا الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عِنْدَ الْكَثِيرِ وَمِنْهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَزَعَمَ أَنَّ الْآيَةَ صَرِيحَةٌ فِي تَفْضِيلِ الْمَلَكِ عَلَى الْبَشَرِ وَشَنَّعَ عَلَى
أَهْلِ السُّنَّةِ تَشْنِيعًا أَقْذَعَ فِيهِ.
وَالْحَقُّ أَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ عَلَى التَّفْضِيلِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، فَفِي الْكَشْفِ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ سِيَاقِ الْآيَةِ أَنَّهُ حَثٌّ لِلْإِنْسَانِ عَلَى الشُّكْرِ وَعَلَى أَنْ لَا يُشْرِكَ بِهِ تَعَالَى حَيْثُ ذَكَرَ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ مِنْ حُسْنِ كِلَاءَتِهِ سُبْحَانَهُ لَهُ وَضَمَّنَ فِيهِ أَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا هَدَاهُمْ إِلَى الْفُلْكِ وَصَنْعَتِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْفَوَائِدِ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=66رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ الْآيَاتِ. فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ أَيْ: هَذَا النَّوْعَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَنْوَاعِ بِاصْطِنَاعَاتٍ خَصَصْنَاهُمْ بِهَا فَذَكَرَ تَعَالَى مِنْهَا حَمْلَهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرِزْقَهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَتَفْضِيلَهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ وَهَذَا التَّفْضِيلُ لَا يُرَادُ مِنْهُ عِظَمُ الدَّرَجَةِ وَزِيَادَةُ الْقُرْبَةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلنَّوْعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَذَكَرَ
[ ص: 119 ] اللَّهُ تَعَالَى لِذَلِكَ مُوجِبَاتٍ تَعُمُّ الصَّالِحَ وَالطَّالِحَ فَسَوَاءٌ دَخَلَ فِي هَذَا الْكَثِيرِ الْمَلَائِكَةُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَلَا يَصْلُحُ لِاحْتِجَاجِ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ اه.
ثُمَّ إِنَّهُ عَلَى فَرْضِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28809التَّفْضِيلَ بِالْمَعْنَى الْمُتَنَازَعِ فِيهِ لَا تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْمَلَكَ أَفْضَلُ مِنَ الْبَشَرِ إِلَّا بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ وَفِي حُجِّيَّتِهِ خِلَافٌ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا يَقُولُ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ فُضِّلُوا عَلَى الْكَثِيرِ وَلَمْ يُفَضَّلُوا عَلَى مُقَابِلِهِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْمُسَاوَاةَ وَتَفْضِيلَ الْمُقَابِلِ فَلَيْسَ نَصًّا فِي مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ.
وَجَعَلَ
الطِّيبِيُّ «مِنْ» بَيَانِيَّةً كَمَا فِي قَوْلِكَ: بَذَلْتُ لَهُ الْعَرِيضَ مِنْ جَاهِي، أَيْ: فَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْكَثِيرِينَ الَّذِينَ خَلَقْنَاهُمْ مِنْ ذَوِي الْعُقُولِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ (مِنْ) وَهُمْ مُنْحَصِرُونَ فِي الْمَلَكِ وَالْجِنِّ وَالْبَشَرِ فَحَيْثُ خَرَجَ الْبَشَرُ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُفَضَّلُ عَلَى نَفْسِهِ بَقِيَ الْمَلَكُ وَالْجِنُّ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بَيَانَ تَفْضِيلِ الْبَشَرِ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَقَامُ الْمَدْحِ؛ فَإِنَّ الْآيَةَ مَسُوقَةٌ لَهُ، وَإِذَا جُعِلَتْ لِلتَّبْعِيضِ كَانَ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70مِمَّنْ خَلَقْنَا بَدَلًا؛ أَيْ: فَضَّلْنَاهُمْ عَلَى بَعْضِ الْمَخْلُوقِينَ.
وَذِكْرُ الْبَعْضِ فِي هَذَا الْمَقَامِ يَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِ الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ كَمَا قُرِّرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=253وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَأَيُّ مَدْحٍ لِبَنِي آدَمَ وَإِثْبَاتٍ لِلْفَضْلِ وَالْكَرَامَةِ بِالْجُمْلَةِ الْقَسَمِيَّةِ إِذَا جُعِلُوا مُفَضَّلِينَ عَلَى الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ عَلَى أَنَّ صِفَةَ الْكَثْرَةِ إِذَا جُعِلَتْ مُخَصِّصَةً لِإِخْرَاجِ الْبَعْضِ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ أَوْلَى مِنَ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمَوْصُوفُونَ بِالْكَثْرَةِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ الْكَثِيرَةُ كَخَبَرِ أَطِيطِ السَّمَاءِ وَخَبَرِ نُزُولِ قَطَرَاتِ الْمَطَرِ وَخَبَرِ مَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِلَيْهِ يُنْظَرُ قَوْلُ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ إِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِكَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةُ إِذْ هُمْ كَثِيرٌ مِنَ الْعُقَلَاءِ الْمَخْلُوقِينَ اه.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ حَمْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=11مَنْ خَلَقْنَا عَلَى تَعْمِيمِ ذَوِي الْعُقُولِ مَقْبُولٌ؛ فَإِنَّ تَفْضِيلَهُمْ عَلَى غَيْرِ ذَوِي الْعُقُولِ حِينَئِذٍ آتٍ مِنْ طَرِيقِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى ارْتِكَابِ خِلَافِ الظَّاهِرِ وَاعْتِبَارِ تَغْلِيبِهِمْ لِيَعُمَّهُمْ وَغَيْرَهَمْ لَكِنَّ حَمْلَ مِنْ عَلَى الْبَيَانِ غَيْرُ مَقْبُولٍ؛ فَإِنَّهُ بَعِيدٌ جِدًّا لِأَنَّ قَيْدَ الْكَثْرَةِ يَضِيعُ عَلَيْهِ حَمْلُ مِنْ عَلَى التَّعْمِيمِ التَّغْلِيبِيِّ أَوِ الْوَضْعِيِّ وَلِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي التَّبْعِيضِ شَائِعٌ أَيْنَمَا وَقَعَ فِي التَّنْزِيلِ وَاسْتِعْمَالَاتِ الْفُصَحَاءِ وَهُوَ أَكْثَرُ تَعَسُّفًا مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْغَايَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ مِنْهُ، عَلَى مَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِيهِ وَأَنَّهُ إِذَا قُوبِلَ بِشَيْءٍ آخَرَ دَلَّ عَلَى الْقِلَّةِ فِي الْمُقَابِلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=26فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغَلَبَةَ لِلْفُسَّاقِ لِلْمُقَابَلَةِ أَمَّا وَرَدَ ابْتِدَاءً فَرُبَّمَا كَانَ الْأَكْثَرُ خِلَافَ ذَلِكَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=15فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَوْلُهُ إِنَّ صِفَةَ الْكَثْرَةِ إِذَا جُعِلَتْ مُخَصِّصَةً إِلَخْ كَلَامٌ لَمْ يَصْدُرْ عَنْ ثَبْتٍ، وَلِهَذِهِ النُّكْتَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ: يُحْتَمَلُ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُ مَرْجُوحٌ.
هَذَا ثُمَّ إِنَّ مَسْأَلَةَ التَّفْضِيلِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ
أَهْلِ السُّنَّةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى تَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَاخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ عَلَى مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15466الْوَاحِدِيُّ فِي الْبَسِيطِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ فَقَالَ: إِنَّ الرُّسُلَ مِنَ الْبَشَرِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا ثُمَّ الرُّسُلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْبَشَرِ وَالْمَلَائِكَةِ ثُمَّ عُمُومُ الْمَلَائِكَةِ عَلَى عُمُومِ الْبَشَرِ وَهَذَا مَا عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ وَكَثِيرٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ
وَالْأَشْعَرِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَمَّمَ
[ ص: 120 ] تَفْضِيلَ الْكُمَّلِ مِنْ نَوْعِ الْإِنْسَانِ نَبِيًّا كَانَ أَوْ وَلِيًّا، وَمِنْهُمْ مَنْ فَضَّلَ الْكُرُوبِيِّينَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُطْلَقًا ثُمَّ الرُّسُلَ مِنَ الْبَشَرِ ثُمَّ الْكُمَّلَ مِنْهُمْ ثُمَّ عُمُومَ الْمَلَائِكَةِ عَلَى عُمُومِ الْبَشَرِ.
وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=11943الرَّازِيُّ وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيِّ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ فِي كُتُبِهِ، وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ إِطْلَاقَ الْقَوْلِ بِأَنَّ
أَهْلَ السُّنَّةِ يُفَضِّلُونَ الْبَشَرَ عَلَى الْمَلَكِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَسْأَلَةُ تَفْضِيلِ الْأَئِمَّةِ لَيْسَتَا مِمَّا يُبَدَّعُ الذَّاهِبُ إِلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِمَا عَلَى مَا فِي الْكَشْفِ؛ إِذْ لَا يَرْجِعُ إِلَى أَصْلٍ فِي الِاعْتِقَادِ وَلَا يَسْتَنِدُ إِلَى قَطْعِيٍّ بَعْدَ أَنْ يَسْلَمَ مِنَ الطَّعْنِ وَمَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ فِي مَسْأَلَةِ تَفْضِيلِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْقَوْلَ بِخِلَافِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ
أَهْلِ السُّنَّةِ ابْتِدَاعٌ، وَمَنْ أَنْصَفَ قَالَ بِمَا فِي الْكَشْفِ فَهَذْرُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ مَحْضُ جَهَالَةٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الْغَايَةِ فَكَيْفَ وَهُوَ قَدْ بَلَغَ فِيهِ مِنَ السَّفَاهَةِ غَايَتَهَا وَمِنَ الْبَذَاذَةِ نِهَايَتَهَا وَسَيَرَى جَزَاءَ ذَلِكَ.