nindex.php?page=treesubj&link=25875_30457_32410_34091_7860_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216كتب عليكم القتال أي: قتال الكفار، وهو فرض عين إن دخلوا بلادنا، وفرض كفاية إن كانوا ببلادهم، وقرئ بالبناء للفاعل، وهو الله - عز وجل - ونصب (القتال)، وقرئ أيضا: (كتب عليكم القتل) أي: قتل الكفرة.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وهو كره لكم عطف على كتب وعطف الاسمية على الفعلية جائز كما نص عليه، وقيل: الواو للحال، والجملة حال ورد بأن الحال المؤكدة لا تجيء بالواو والمنتقلة لا فائدة فيها، (والكره) بالضم كـ(الكره) بالفتح، وبهما قرئ: (الكراهة)، وقيل: المفتوح المشقة التي تنال الإنسان من خارج والمضموم ما يناله من ذاته، وقيل: المفتوح اسم بمعنى الإكراه والمضموم بمعنى (الكراهة)، وعلى كل حال، فإن كان مصدرا فمؤول أو محمول على المبالغة أو هو صفة كـ(خبز مخبوز)، وإن كان بمعنى الإكراه، وحمل على الكره عليه، فهو على التشبيه البليغ كأنهم أكرهوا عليه لشدته وعظم مشقته ثم كون القتل مكروها لا ينافي الإيمان؛ لأن تلك الكراهية طبيعية لما فيه من القتل والأسر وإفناء البدن وتلف المال، وهي لا تنافي الرضا بما كلف به كالمريض الشارب للدواء البشع يكرهه لما فيه من البشاعة ويرضى به من جهة أخرى.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وهو جميع ما كلفوا به، فإن الطبع يكرهه، وهو مناط صلاحهم، ومنه القتال، فإن فيه الظفر والغنيمة والشهادة التي هي السبب الأعظم للفوز بغاية الكرامة.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم وهو جميع ما نهوا عنه، فإن النفس تحبه وتهواه وهو يفضي بها إلى
[ ص: 107 ] الردى، ومن ذلك ترك قتال الأعداء، فإن فيه الذل وضعف الأمر وسبي الذراري ونهب الأموال وملك البلاد وحرمان الحظ الأوفر من النعيم الدائم، والجملتان الاسميتان حالان من النكرة وهو قليل، ونص
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه على جوازه كما في البحر، وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء أن يكونا صفة لها وساغ دخول الواو لما أن صورة الجملة هنا كصورتها إذا كانت حالا.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وعسى الأولى للإشفاق والثانية للترجي على ما ذهب إليه البعض، وإنما ذكر عسى الدالة على عدم القطع؛ لأن النفس إذا ارتاضت وصفت انعكس عليها الأمر الحاصل لها قبل ذلك، فيكون محبوبها مكروها ومكروهها محبوبا، فلما كانت قابلة بالارتياض لمثل هذا الانعكاس لم يقطع بأنها تكره ما هو خير لها وتحب ما هو شر لها، فلا حاجة إلى أن يقال إنها هنا مستعملة في التحقيق كما في سائر القرآن، ما عدا قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5عسى ربه إن طلقكن .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216والله يعلم ما هو خير لكم وما هو شر لكم وحذف المفعول للإيجاز.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وأنتم لا تعلمون 216 ذلك فبادروا إلى ما يأمركم به؛ لأنه لا يأمركم إلا بما علم فيه خيرا لكم، وانتهوا عما نهاكم عنه؛ لأنه لا ينهاكم إلا عما هو شر لكم، ومناسبة هذه الآية لما قبلها ظاهرة؛ لأن فيها الجهاد، وهو بذل النفس الذي هو فوق بذل المال.
nindex.php?page=treesubj&link=25875_30457_32410_34091_7860_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَيْ: قِتَالِ الْكَفَّارِ، وَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ إِنْ دَخَلُوا بِلَادَنَا، وَفَرْضُ كِفَايَةٍ إِنْ كَانُوا بِبِلَادِهِمْ، وَقُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، وَهُوَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَنَصْبِ (الْقِتَالِ)، وَقُرِئَ أَيْضًا: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقَتْلُ) أَيْ: قَتْلِ الْكَفَرَةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ عَطْفٌ عَلَى كُتِبَ وَعَطْفُ الِاسْمِيَّةِ عَلَى الْفِعْلِيَّةِ جَائِزٌ كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ وَرَدَ بِأَنَّ الْحَالَ الْمُؤَكِّدَةَ لَا تَجِيءُ بِالْوَاوِ وَالْمُنْتَقِلَةُ لَا فَائِدَةَ فِيهَا، (وَالْكُرْهُ) بِالضَّمِّ كَـ(الْكَرْهِ) بِالْفَتْحِ، وَبِهِمَا قُرِئَ: (الْكَرَاهَةُ)، وَقِيلَ: الْمَفْتُوحُ الْمَشَقَّةُ الَّتِي تَنَالُ الْإِنْسَانَ مِنْ خَارِجٍ وَالْمَضْمُومُ مَا يَنَالُهُ مِنْ ذَاتِهِ، وَقِيلَ: الْمَفْتُوحُ اسْمٌ بِمَعْنَى الْإِكْرَاهِ وَالْمَضْمُومُ بِمَعْنَى (الْكَرَاهَةِ)، وَعَلَى كُلٍّ حَالٌ، فَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا فَمُؤَوَّلٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ أَوْ هُوَ صِفَةٌ كَـ(خُبْزٍ مَخْبُوزٍ)، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْإِكْرَاهِ، وَحُمِلَ عَلَى الْكُرْهِ عَلَيْهِ، فَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ كَأَنَّهُمْ أُكْرِهُوا عَلَيْهِ لِشَدَّتِهِ وَعِظَمِ مَشَقَّتِهِ ثُمَّ كَوْنُ الْقَتْلِ مَكْرُوهًا لَا يُنَافِي الْإِيمَانَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْكَرَاهِيَةَ طَبِيعِيَّةٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ وَإِفْنَاءِ الْبَدَنِ وَتَلَفِ الْمَالِ، وَهِيَ لَا تُنَافِي الرِّضَا بِمَا كُلِّفَ بِهِ كَالْمَرِيضِ الشَّارِبِ لِلدَّوَاءِ الْبَشِعِ يَكْرَهُهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْبَشَاعَةِ وَيَرْضَى بِهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَهُوَ جَمِيعُ مَا كُلِّفُوا بِهِ، فَإِنَّ الطَّبْعَ يَكْرَهُهُ، وَهُوَ مَنَاطُ صَلَاحِهِمْ، وَمِنْهُ الْقِتَالُ، فَإِنَّ فِيهِ الظَّفْرَ وَالْغَنِيمَةَ وَالشَّهَادَةَ الَّتِي هِيَ السَّبَبُ الْأَعْظَمُ لِلْفَوْزِ بِغَايَةِ الْكَرَامَةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَهُوَ جَمِيعُ مَا نُهُوا عَنْهُ، فَإِنَّ النَّفْسَ تُحِبُّهُ وَتَهْوَاهُ وَهُوَ يُفْضِي بِهَا إِلَى
[ ص: 107 ] الرَّدَى، وَمِنْ ذَلِكَ تَرْكُ قِتَالِ الْأَعْدَاءِ، فَإِنَّ فِيهِ الذُّلَّ وَضَعْفَ الْأَمْرِ وَسَبْيَ الذَّرَارِي وَنَهْبَ الْأَمْوَالِ وَمِلْكَ الْبِلَادِ وَحِرْمَانَ الْحَظِّ الْأَوْفَرِ مِنَ النَّعِيمِ الدَّائِمِ، وَالْجُمْلَتَانِ الِاسْمِيَّتَانِ حَالَانِ مِنَ النَّكِرَةِ وَهُوَ قَلِيلٌ، وَنَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ عَلَى جَوَازِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَجَوَّزَ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَا صِفَةً لَهَا وَسَاغَ دُخُولُ الْوَاوِ لِمَا أَنَّ صُورَةَ الْجُمْلَةِ هُنَا كَصُورَتِهَا إِذَا كَانَتْ حَالًا.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وَعَسَى الْأُولَى لِلْإِشْفَاقِ وَالثَّانِيَةُ لِلتَّرَجِّي عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْبَعْضُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ عَسَى الدَّالَّةَ عَلَى عَدَمِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ إِذَا ارْتَاضَتْ وَصَفَتِ انْعَكَسَ عَلَيْهَا الْأَمْرُ الْحَاصِلُ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ مَحْبُوبُهَا مَكْرُوهًا وَمَكْرُوهَهَا مَحْبُوبًا، فَلَمَّا كَانَتْ قَابِلَةً بِالِارْتِيَاضِ لِمِثْلِ هَذَا الِانْعِكَاسِ لَمْ يَقْطَعْ بِأَنَّهَا تَكْرَهُ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهَا وَتُحِبُّ مَا هُوَ شَرٌّ لَهَا، فَلَا حَاجَةَ إِلَى أَنْ يُقَالَ إِنَّهَا هُنَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي التَّحْقِيقِ كَمَا فِي سَائِرِ الْقُرْآنِ، مَا عَدَا قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَمَا هُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَحُذِفَ الْمَفْعُولُ لِلْإِيجَازِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ 216 ذَلِكَ فَبَادِرُوا إِلَى مَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمُرُكُمْ إِلَّا بِمَا عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا لَكُمْ، وَانْتَهُوا عَمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْهَاكُمْ إِلَّا عَمَّا هُوَ شَرٌّ لَكُمْ، وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا الْجِهَادَ، وَهُوَ بَذْلُ النَّفْسِ الَّذِي هُوَ فَوْقَ بَذْلِ الْمَالِ.