سورة
لقمان
أخرج
ابن الضريس، nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الدلائل، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: أنزلت سورة
لقمان بمكة ، ولا استثناء في هذه الرواية. وفي رواية
النحاس في تاريخه عنه استثناء ثلاث آيات منها، وهي:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام [لقمان: 27]، إلى تمام الثلاث، فإنها نزلن
بالمدينة، وذلك
أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لما هاجر قال له أحبار اليهود: بلغنا أنك تقول: nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وما أوتيتم من العلم إلا قليلا [الإسراء: 85]، أعنيتنا أم قومك؟ قال: كلا عنيت، فقالوا: إنك تعلم أننا أوتينا التوراة وفيها بيان كل شيء، فقال عليه الصلاة والسلام: ذلك في علم الله تعالى قليل، فأنزل الآيات.
ونقل
الداني عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء، وأبو حيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أنهما قالا: هي مكية إلا آيتين هما
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27ولو أنما في الأرض إلى آخر الآيتين، وقيل: هي مكية، إلا آية وهي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=4الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة [لقمان: 4]، فإن إيجابهما
بالمدينة، وأنت تعلم أن الصلاة فرضت
بمكة ليلة الإسراء كما في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره، فما ذكر من أن إيجابها
بالمدينة غير مسلم، ولو سلم فيكفي كونهم مأمورين بها
بمكة ، ولو ندبا فلا يتم التقريب فيها، نعم المشهور أن الزكاة إيجابها
بالمدينة، فلعل ذلك القائل أراد أن إيجابهما معا تحقق
بالمدينة لا أن إيجاب كل منهما تحقق فيها، ولا يضر في ذلك أن إيجاب الصلاة كان
بمكة ، وقيل: إن الزكاة إيجابها كان
بمكة كالصلاة، وتقدير الأنصباء هو الذي كان
بالمدينة، وعليه لا تقريب فيهما، وآيها ثلاث وثلاثون في المكي والمدني، وأربع وثلاثون في عدد الباقين.
[ ص: 65 ] وسبب نزولها على ما في البحر: أن
قريشا سألت عن قصة
لقمان مع ابنه وعن بر والديه، فنزلت. ووجه مناسبتها لما قبلها على ما فيه أيضا أنه قال تعالى فيما قبل:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل [الروم: 58]، وأشار إلى ذلك في مفتتح هذه السورة، وأنه كان في آخر ما قبلها
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58ولئن جئتهم بآية )، [الروم: 58]، وفيها:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=7وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا [لقمان: 7]، وقال
الجلال السيوطي : ظهر لي في اتصالها بما قبلها مع المؤاخاة في الافتتاح – بـ (الم ) إن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=3هدى ورحمة للمحسنين nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=4الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون [لقمان: 3-4] متعلق بقوله تعالى فيما قبل:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=56وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث [الروم: 56]، الآية، فهذا عين إيقانهم بالآخرة، وهم المحسنون الموصوفون بما ذكر، وأيضا ففي كلتا السورتين جملة من الآيات وابتداء الخلق.
وذكر في السابقة:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=15في روضة يحبرون [الروم: 15]، وقد فسر بالسماع، وذكر هنا:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=6ومن الناس من يشتري لهو الحديث [لقمان: 6]، وقد فسر بالغناء وآلات الملاهي اهـ. وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام في ذلك، وأقول في الاتصال أيضا: إنه قد ذكر فيما تقدم قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه [الروم: 27]، وهنا قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=28ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة [لقمان: 28]، وكلاهما يفيد سهولة البعث، وقرر ذلك هنا بقوله عز وجل قائلا:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=28إن الله سميع بصير وذكر سبحانه هناك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=33وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون [الروم: 33]، وقال عز وجل هنا:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد [لقمان: 32]، فذكر سبحانه في كل من الآيتين قسما لم يذكره في الأخرى إلى غير ذلك.
وما ألطف هذا الاتصال من حيث إن السورة الأولى ذكر فيها مغلوبية الروم وغلبتهم المبنيتين على المحاربة بين ملكين عظيمين من ملوك الدنيا تحاربا عليها، وخرج بذلك عن مقتضى الحكمة فإن الحكيم لا يحارب على دنيا دنية لا تعدل عند الله تعالى جناح بعوضة، وهذه ذكر فيها قصة عبد مملوك على كثير من الأقوال حكيم زاهد في الدنيا غير مكترث بها، ولا ملتفت إليها، أوصى ابنه بما يأبى المحاربة، ويقتضي الصبر والمسالمة، وبين الأمرين من التقابل ما لا يخفى.
بسم الله الرحمن الرحيم )،
nindex.php?page=treesubj&link=32450_34237_29002nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=1الم nindex.php?page=treesubj&link=34225_29002nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=2تلك آيات الكتاب الحكيم أي ذي الحكمة، ووصف الكتاب بذلك عند بعض المغاربة مجاز، لأن الوصف بذلك للتملك، وهو لا يملك الحكمة بل يشتمل عليها، ويتضمنها، فلأجل ذلك وصف بالحكيم بمعنى ذي الحكمة، واستظهر
الطيبي أنه على ذلك من الاستعارة المكنية. والحق أنه من باب
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=21عيشة راضية [الحاقة: 21]، على حد لابن وتامر.
نعم يجوز أن يكون هناك استعارة بالكناية أي الناطق بالحكمة كالحي، ويجوز أن يكون الحكيم من صفاته عز وجل ووصف الكتاب به من باب الإسناد المجازي، فإنه منه سبحانه بدا، وقد يوصف الشيء بصفة مبدئه كما في قول
الأعشى: وغريبة تأتي الملوك حكيمة قد قلتها ليقال من ذا قالها
وأن يكون الأصل الحكيم منزله أو قائله فحذف المضاف إلى الضمير المجرور وأقيم المضاف إليه مقامه
[ ص: 66 ] فانقلب مرفوعا، ثم استسكن في الصفة المشبهة، وأن يكون ( الحكيم ) فعيلا بمعنى مفعل كما قالوا: عقدت العسل فهو عقيد أي معقد، وهذا قليل، وقيل: هو بمعنى حاكم، وتمام الكلام في هذه الآية قد تقدم في الكلام على نظيرها.
سُورَةُ
لُقْمَانَ
أَخْرَجَ
ابْنُ الضُّرَيْسِ، nindex.php?page=showalam&ids=13508وَابْنُ مَرْدُوَيْهِ، nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: أُنْزِلَتْ سُورَةُ
لُقْمَانَ بِمَكَّةَ ، وَلَا اسْتِثْنَاءَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ. وَفِي رِوَايَةِ
النَّحَّاسِ فِي تَارِيخِهِ عَنْهُ اسْتِثْنَاءُ ثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْهَا، وَهِيَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ [لُقْمَانُ: 27]، إِلَى تَمَامِ الثَّلَاثِ، فَإِنَّهَا نَزَلْنَ
بِالْمَدِينَةِ، وَذَلِكَ
أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا هَاجَرَ قَالَ لَهُ أَحْبَارُ الْيَهُودِ: بَلَغَنَا أَنَّكَ تَقُولُ: nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا [الْإِسْرَاءُ: 85]، أَعَنَيْتَنَا أَمْ قَوْمَكَ؟ قَالَ: كَلَّا عَنَيْتُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّنَا أُوتِينَا التَّوْرَاةَ وَفِيهَا بَيَانُ كُلِّ شَيْءٍ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ذَلِكَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى قَلِيلٌ، فَأَنْزَلَ الْآيَاتِ.
وَنَقَلَ
الدَّانِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ، وَأَبُو حَيَّانَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ أَنَّهُمَا قَالَا: هِيَ مَكِّيَّةٌ إِلَّا آيَتَيْنِ هُمَا
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ، وَقِيلَ: هِيَ مَكِّيَّةٌ، إِلَّا آيَةً وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=4الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [لُقْمَانُ: 4]، فَإِنَّ إِيجَابَهُمَا
بِالْمَدِينَةِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ
بِمَكَّةَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ كَمَا فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ، فَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ إِيجَابَهَا
بِالْمَدِينَةِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَلَوْ سُلِّمَ فَيَكْفِي كَوْنُهُمْ مَأْمُورِينَ بِهَا
بِمَكَّةَ ، وَلَوْ نَدْبًا فَلَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ فِيهَا، نَعَمِ الْمَشْهُورُ أَنَّ الزَّكَاةَ إِيجَابُهَا
بِالْمَدِينَةِ، فَلَعَلَّ ذَلِكَ الْقَائِلَ أَرَادَ أَنَّ إِيجَابَهُمَا مَعًا تَحَقَّقَ
بِالْمَدِينَةِ لَا أَنَّ إِيجَابَ كُلٍّ مِنْهُمَا تَحَقَّقَ فِيهَا، وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ إِيجَابَ الصَّلَاةِ كَانَ
بِمَكَّةَ ، وَقِيلَ: إِنَّ الزَّكَاةَ إِيجَابُهَا كَانَ
بِمَكَّةَ كَالصَّلَاةِ، وَتَقْدِيرُ الْأَنْصِبَاءِ هُوَ الَّذِي كَانَ
بِالْمَدِينَةِ، وَعَلَيْهِ لَا تَقْرِيبَ فِيهِمَا، وَآيُهَا ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ فِي الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ فِي عَدَدِ الْبَاقِينَ.
[ ص: 65 ] وَسَبَبُ نُزُولِهَا عَلَى مَا فِي الْبَحْرِ: أَنَّ
قُرَيْشًا سَأَلَتْ عَنْ قِصَّةِ
لُقْمَانَ مَعَ ابْنِهِ وَعَنْ بِرِّ وَالِدَيْهِ، فَنَزَلَتْ. وَوَجْهُ مُنَاسَبَتِهَا لِمَا قَبْلَهَا عَلَى مَا فِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ تَعَالَى فِيمَا قَبْلُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ [الرُّومُ: 58]، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي مُفْتَتَحِ هَذِهِ السُّورَةِ، وَأَنَّهُ كَانَ فِي آخِرِ مَا قَبْلَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ )، [الرُّومُ: 58]، وَفِيهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=7وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا [لُقْمَانُ: 7]، وَقَالَ
الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ : ظَهَرَ لِي فِي اتِّصَالِهَا بِمَا قَبْلَهَا مَعَ الْمُؤَاخَاةِ فِي الِافْتِتَاحِ – بِـ (الم ) إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=3هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=4الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [لُقْمَانُ: 3-4] مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِيمَا قَبْلُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=56وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ [الرُّومُ: 56]، الْآيَةَ، فَهَذَا عَيْنُ إِيقَانِهِمْ بِالْآخِرَةِ، وَهُمُ الْمُحْسِنُونَ الْمَوْصُوفُونَ بِمَا ذُكِرَ، وَأَيْضًا فَفِي كِلْتَا السُّورَتَيْنِ جُمْلَةٌ مِنَ الْآيَاتِ وَابْتِدَاءِ الْخَلْقِ.
وَذَكَرَ فِي السَّابِقَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=15فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ [الرُّومُ: 15]، وَقَدْ فُسِّرَ بِالسَّمَاعِ، وَذَكَرَ هُنَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=6وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ [لُقْمَانُ: 6]، وَقَدْ فُسِّرَ بِالْغِنَاءِ وَآلَاتِ الْمَلَاهِي اهـ. وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ، وَأَقُولُ فِي الِاتِّصَالِ أَيْضًا: إِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِيمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الرُّومُ: 27]، وَهُنَا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=28مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ [لُقْمَانُ: 28]، وَكِلَاهُمَا يُفِيدُ سُهُولَةَ الْبَعْثِ، وَقَرَّرَ ذَلِكَ هُنَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ قَائِلًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=28إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ وَذَكَرَ سُبْحَانَهُ هُنَاكَ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=33وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ [الرُّومُ: 33]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ هُنَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ [لُقْمَانُ: 32]، فَذَكَرَ سُبْحَانَهُ فِي كُلٍّ مِنَ الْآيَتَيْنِ قِسْمًا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْأُخْرَى إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
وَمَا أَلْطَفَ هَذَا الِاتِّصَالَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ السُّورَةَ الْأُولَى ذَكَرَ فِيهَا مَغْلُوبِيَّةَ الرُّومِ وَغَلَبَتَهُمُ الْمَبْنِيَّتَيْنِ عَلَى الْمُحَارَبَةِ بَيْنَ مَلِكَيْنِ عَظِيمَيْنِ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا تَحَارَبَا عَلَيْهَا، وَخَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ فَإِنَّ الْحَكِيمَ لَا يُحَارِبُ عَلَى دُنْيَا دَنِيَّةٍ لَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَهَذِهِ ذُكِرَ فِيهَا قِصَّةُ عَبْدٍ مَمْلُوكٍ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْأَقْوَالِ حَكِيمٍ زَاهِدٍ فِي الدُّنْيَا غَيْرِ مُكْتَرِثٍ بِهَا، وَلَا مُلْتَفِتٍ إِلَيْهَا، أَوْصَى ابْنَهُ بِمَا يَأْبَى الْمُحَارَبَةَ، وَيَقْتَضِي الصَّبْرَ وَالْمُسَالَمَةَ، وَبَيْنَ الْأَمْرَيْنِ مِنَ التَّقَابُلِ مَا لَا يَخْفَى.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )،
nindex.php?page=treesubj&link=32450_34237_29002nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=1الم nindex.php?page=treesubj&link=34225_29002nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=2تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ أَيْ ذِي الْحِكْمَةِ، وَوَصْفُ الْكِتَابِ بِذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِ الْمَغَارِبَةِ مَجَازٌ، لِأَنَّ الْوَصْفَ بِذَلِكَ لِلتَّمَلُّكِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْحِكْمَةَ بَلْ يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا، وَيَتَضَمَّنُهَا، فَلِأَجْلِ ذَلِكَ وُصِفَ بِالْحَكِيمِ بِمَعْنَى ذِي الْحِكْمَةِ، وَاسْتَظْهَرَ
الطِّيبِيُّ أَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الِاسْتِعَارَةِ الْمَكْنِيَّةِ. وَالْحَقُّ أَنَّهُ مِنْ بَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=21عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ [الْحَاقَّةُ: 21]، عَلَى حَدِّ لَابِنٍ وَتَامِرٍ.
نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ أَيِ النَّاطِقُ بِالْحِكْمَةِ كَالْحَيِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَكِيمُ مِنْ صِفَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَوَصْفُ الْكِتَابِ بِهِ مِنْ بَابِ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ، فَإِنَّهُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ بَدَا، وَقَدْ يُوصَفُ الشَّيْءُ بِصِفَةِ مَبْدَئِهِ كَمَا فِي قَوْلِ
الْأَعْشَى: وَغَرِيبَةٍ تَأْتِي الْمُلُوكَ حَكِيمَةٍ قَدْ قُلْتُهَا لِيُقَالَ مَنْ ذَا قَالَهَا
وَأَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ الْحَكِيمُ مُنَزِّلَهُ أَوْ قَائِلَهُ فَحُذِفَ الْمُضَافُ إِلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ
[ ص: 66 ] فَانْقَلَبَ مَرْفُوعًا، ثُمَّ اسْتَسْكَنَ فِي الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ، وَأَنْ يَكُونَ ( الْحَكِيمُ ) فَعِيلًا بِمَعْنَى مُفْعَلٍ كَمَا قَالُوا: عَقَدْتُ الْعَسَلَ فَهُوَ عَقِيدٌ أَيْ مُعْقَدٍ، وَهَذَا قَلِيلٌ، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى حَاكِمٍ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى نَظِيرِهَا.