nindex.php?page=treesubj&link=25031_28723_29694_34230_34300_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني ذهب عامة المتكلمين إلى أن المحبة نوع من الإرادة وهي لا تتعلق حقيقة إلا بالمعاني والمنافع فيستحيل تعلقها بذاته تعالى وصفاته فهي هنا بمعنى إرادة العبد اختصاصه تعالى بالعبادة وذلك إما من باب إطلاق الملزوم وإرادة اللازم أو من باب الاستعارة التبعية بأن شبه إرادة العبد ذلك ورغبته فيه بميل قلب المحب إلى المحبوب ميلا لا يلتفت معه إلا إليه أو من باب مجاز النقص أي إن كنتم تحبون طاعة الله تعالى أو ثوابه فاتبعوني فيما آمركم به وأنهاكم عنه كذا قيل، وهو خلاف مذهب العارفين من أهل السنة والجماعة فإنهم قالوا: المحبة تتعلق حقيقة بذات الله تعالى وينبغي للكامل أن يحب الله سبحانه لذاته وأما محبة ثوابه فدرجة نازلة، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي عليه الرحمة في «الإحياء»: ((الحب عبارة عن ميل الطبع إلى الشيء الملذ فإن تأكد ذلك الميل وقوي يسمى عشقا، والبغض عبارة عن نفرة الطبع عن المؤلم المتعب فإذا قوي سمي مقتا، ولا يظن أن الحب مقصور على مدركات الحواس الخمس حتى يقال: إنه سبحانه لا يدرك بالحواس ولا يتمثل بالخيال فلا يحب، لأنه صلى الله عليه وسلم سمى الصلاة قرة عين وجعلها أبلغ المحبوبات، ومعلوم أنه ليس للحواس الخمس فيها حظ بل حس سادس مظنته القلب والبصيرة الباطنة أقوى من البصر الظاهر، والقلب أشد إدراكا من العين وجمال المعاني المدركة بالعقل أعظم من جمال الصور الظاهرة للأبصار، فتكون لا محالة لذة القلوب بما تدركه من الأمور الشريفة الإلهية التي تجل أن تدركها الحواس أتم وأبلغ فيكون ميل الطبع السليم والعقل الصحيح إليه أقوى، ولا معنى للحب إلا الميل إلى ما في إدراكه لذة فلا ينكر إذا حب الله تعالى إلا من قعد به القصور في درج البهائم فلم يجز إدراكه الحواس أصلا))، نعم هذا الحب يستلزم الطاعة كما قال
الوراق: تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمري في القياس بديع لو كان حبك صادقا لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع
والقول بأن المحبة تقتضي الجنسية بين المحب والمحبوب فلا يمكن أن تتعلق بالله تعالى ساقط من القول لأنها قد تتعلق بالأعراض بلا شبهة ولا جنسية بين العرض والجوهر.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31يحببكم الله جواب الأمر وهو رأي
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل، وأكثر المتأخرين على أن مثل ذلك جواب شرط مقدر، أي إن تتبعوني يحببكم أي يقربكم، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة، وقيل: يرض عنكم، وعبر عن ذلك بالمحبة على طريق المجاز المرسل أو الاستعارة أو المشاكلة، وجعل بعضهم نسبة المحبة لله تعالى من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله تعالى.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31ويغفر لكم ذنوبكم أي يتجاوز لكم عنها
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31والله غفور رحيم [ 31 ] أي لمن تحبب إليه بطاعته وتقرب إليه باتباع نبيه صلى الله عليه وسلم، والجملة تذييل مقرر لما سبق مع زيادة وعد الرحمة، ووضع الاسم الجليل مع الإضمار لما مر وللإشعار باستتباع وصف الألوهية للمغفرة والرحمة، وقرئ (تحبوني) ، و (يحبكم) ، و (يحببكم) من حبه يحبه، ومنه قوله:
أحب أبا ثروان من حب تمره وأعلم أن الرفق بالجار أرفق
ووالله لولا تمره ما حببته ولا كان أدنى من عبيد ومشرق
[ ص: 130 ] ومناسبة الآية لما قبلها كما قال
الطيبي: أنه سبحانه لما عظم ذاته وبين جلالة سلطانه بقوله جل وعلا:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26قل اللهم مالك الملك الخ تعلق قلب العبد المؤمن بمولى عظيم الشأن ذي الملك والملكوت والجلال والجبروت، ثم لما ثنى بنهي المؤمنين عن موالاة أعدائه وحذر عن ذلك غاية التحذير بقوله عز قائلا:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء الخ; ونبه على استئصال تلك الموالاة بقوله عز شأنه:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=29إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه الآية، وأكد ذلك بالوعيد الشديد زاد ذلك التعلق أقصى غايته فاستأنف قوله جل جلاله:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31قل إن كنتم تحبون الله ليشير إلى طريق الوصول إلى هذا المولى جل وعلا فكأن قائلا يقول: بأي شيء ينال كمال المحبة وموالاة الرب؟ فقيل: بعد قطع موالاة أعدائنا تنال تلك الدرجة بالتوجه إلى متابعة حبيبنا إذ كل طريق سوى طريقه مسدود وكل عمل سوى ما أذن به مردود.
واختلف في سبب نزولها فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج: زعم أقوام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم يحبون الله تعالى فقالوا يا محمد: إنا نحب ربنا فأنزل الله تعالى هذه الآية، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال:
«وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قريش في المسجد الحرام وقد نصبوا أصنامهم وعلقوا عليها بيض النعام وجعلوا في آذانها الشنوف وهم يسجدون لها، فقال يا معشر قريش لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل، ولقد كانا على الإسلام، فقالت قريش: يا محمد إنما نعبد هذه حبا لله تعالى لتقربنا إلى الله سبحانه زلفى، فأنزل الله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31قل إن كنتم تحبون الخ، وفي رواية
أبي صالح «إن اليهود لما قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه أنزل هذه الآية فلما نزلت عرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليهود فأبوا أن يقبلوها»، وروى
محمد بن إسحق عن
محمد بن جعفر بن الزبير قال: «نزلت في نصارى
نجران وذلك أنهم قالوا: إنما نعظم
المسيح ونعبده حبا لله تعالى وتعظيما له فأنزل الله هذه الآية ردا عليهم»، يروى أنها لما نزلت قال
عبد الله بن أبي: إن
محمدا يجعل طاعته كطاعة الله تعالى ويأمرنا أن نحبه كما أحب النصارى
عيسى فنزل قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=25031_28723_29694_34230_34300_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي ذَهَبَ عَامَّةُ الْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى أَنَّ الْمَحَبَّةَ نَوْعٌ مِنَ الْإِرَادَةِ وَهِيَ لَا تَتَعَلَّقُ حَقِيقَةً إِلَّا بِالْمَعَانِي وَالْمَنَافِعِ فَيَسْتَحِيلُ تَعَلُّقُهَا بِذَاتِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ فَهِيَ هُنَا بِمَعْنَى إِرَادَةِ الْعَبْدِ اِخْتِصَاصَهُ تَعَالَى بِالْعِبَادَةِ وَذَلِكَ إِمَّا مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةِ اللَّازِمِ أَوْ مِنْ بَابِ الِاسْتِعَارَةِ التَّبَعِيَّةِ بِأَنْ شَبَّهَ إِرَادَةَ الْعَبْدِ ذَلِكَ وَرَغْبَتَهُ فِيهِ بِمَيْلِ قَلْبِ الْمُحِبِّ إِلَى الْمَحْبُوبِ مَيْلًا لَا يُلْتَفَتُ مَعَهُ إِلَّا إِلَيْهِ أَوْ مِنْ بَابِ مَجَازِ النَّقْصِ أَيْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ طَاعَةَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ ثَوَابَهُ فَاتَّبَعُونِي فِيمَا آمُرُكُمْ بِهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنْهُ كَذَا قِيلَ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْعَارِفِينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: الْمَحَبَّةُ تَتَعَلَّقُ حَقِيقَةً بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَنْبَغِي لِلْكَامِلِ أَنْ يُحِبَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لِذَاتِهِ وَأَمَّا مَحَبَّةُ ثَوَابِهِ فَدَرَجَةٌ نَازِلَةٌ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ فِي «اَلْإِحْيَاءِ»: ((اَلْحُبُّ عِبَارَةٌ عَنْ مَيْلِ الطَّبْعِ إِلَى الشَّيْءِ الْمُلِذِّ فَإِنْ تَأَكَّدَ ذَلِكَ الْمَيْلُ وَقَوِيَ يُسَمَّى عِشْقًا، وَالْبُغْضُ عِبَارَةٌ عَنْ نَفْرَةِ الطَّبْعِ عَنِ الْمُؤْلِمِ الْمُتْعِبِ فَإِذَا قَوِيَ سُمِّيَ مَقْتًا، وَلَا يُظَنَّ أَنَّ الْحُبَّ مَقْصُورٌ عَلَى مُدْرَكَاتِ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يُدْرِكُ بِالْحَوَاسِّ وَلَا يَتَمَثَّلُ بِالْخَيَالِ فَلَا يُحِبُّ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّى الصَّلَاةَ قُرَّةَ عَيْنٍ وَجَعَلَهَا أَبْلَغَ الْمَحْبُوبَاتِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَوَاسِّ الْخَمْسِ فِيهَا حَظٌّ بَلْ حِسٌّ سَادِسٌ مَظِنَّتُهُ الْقَلْبُ وَالْبَصِيرَةُ الْبَاطِنَةُ أَقْوَى مِنَ الْبَصَرِ الظَّاهِرِ، وَالْقَلْبُ أَشَدُّ إِدْرَاكًا مِنَ الْعَيْنِ وَجَمَالُ الْمَعَانِي الْمُدْرَكَةِ بِالْعَقْلِ أَعْظَمُ مِنْ جَمَالِ الصُّوَرِ الظَّاهِرَةِ لِلْأَبْصَارِ، فَتَكُونُ لَا مَحَالَةَ لَذَّةُ الْقُلُوبِ بِمَا تُدْرِكُهُ مِنَ الْأُمُورِ الشَّرِيفَةِ الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي تَجِلُّ أَنْ تُدْرِكَهَا الْحَوَاسُّ أَتَمَّ وَأَبْلَغَ فَيَكُونُ مَيْلُ الطَّبْعِ السَّلِيمِ وَالْعَقْلِ الصَّحِيحِ إِلَيْهِ أَقْوَى، وَلَا مَعْنَى لِلْحُبِّ إِلَّا الْمَيْلُ إِلَى مَا فِي إِدْرَاكِهِ لَذَّةٌ فَلَا يُنْكِرُ إِذًا حُبَّ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا مَنْ قَعَدَ بِهِ الْقُصُورُ فِي دَرَجِ الْبَهَائِمِ فَلَمْ يُجِزْ إِدْرَاكَهُ الْحَوَاسَّ أَصْلًا))، نَعَمْ هَذَا الْحُبُّ يَسْتَلْزِمُ الطَّاعَةَ كَمَا قَالَ
الْوَرَّاقُ: تَعْصِي الْإِلَهَ وَأَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ هَذَا لَعَمْرِي فِي الْقِيَاسِ بَدِيعُ لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لَأَطَعْتَهُ
إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمَحَبَّةَ تَقْتَضِي الْجِنْسِيَّةَ بَيْنَ الْمُحِبِّ وَالْمَحْبُوبِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِاَللَّهِ تَعَالَى سَاقِطٌ مِنَ الْقَوْلِ لِأَنَّهَا قَدْ تَتَعَلَّقُ بِالْأَعْرَاضِ بِلَا شُبْهَةٍ وَلَا جِنْسِيَّةٍ بَيْنَ الْعَرَضِ وَالْجَوْهَرِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ وَهُوَ رَأْيُ
nindex.php?page=showalam&ids=14248الْخَلِيلِ، وَأَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٌ، أَيْ إِنْ تَتْبَعُونِي يُحْبِبْكُمْ أَيْ يُقَرِّبْكُمْ، رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11970اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَقِيلَ: يَرْضَ عَنْكُمْ، وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْمَحَبَّةِ عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ الْمُرْسَلِ أَوِ الِاسْتِعَارَةِ أَوِ الْمُشَاكَلَةِ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ نِسْبَةَ الْمُحِبَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ أَيْ يَتَجَاوَزُ لَكُمْ عَنْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [ 31 ] أَيْ لِمَنْ تَحَبَّبَ إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ وَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِاتِّبَاعِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْجُمْلَةُ تَذْيِيلٌ مُقَرِّرٌ لِمَا سَبَقَ مَعَ زِيَادَةِ وَعْدِ الرَّحْمَةِ، وَوَضْعُ الِاسْمِ الْجَلِيلِ مَعَ الْإِضْمَارِ لِمَا مَرَّ وَلِلْإِشْعَارِ بِاسْتِتْبَاعِ وَصْفِ الْأُلُوهِيَّةِ لِلْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَقُرِئَ (تُحِبُّونِي) ، وَ (يُحِبَّكُمْ) ، وَ (يُحْبِبْكُمْ) مِنْ حَبَّهُ يُحِبُّهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
أُحِبُّ أَبَا ثَرْوَانَ مِنْ حُبِّ تَمْرِهِ وَأَعْلَمُ أَنَّ الرِّفْقَ بِالْجَارِ أَرْفَقُ
وَوَاللَّهِ لَوْلَا تَمْرُهُ مَا حَبَبْتُهُ وَلَا كَانَ أَدْنَى مِنْ عَبِيدٍ وَمَشْرِقِ
[ ص: 130 ] وَمُنَاسَبَةُ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا كَمَا قَالَ
الطِّيبِيُّ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا عَظَّمَ ذَاتَهُ وَبَيَّنَ جَلَالَةِ سُلْطَانِهِ بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ الخ تَعَلَّقَ قَلْبُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ بِمَوْلًى عَظِيمِ الشَّأْنِ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْجَلَالِ وَالْجَبَرُوتِ، ثُمَّ لَمَّا ثَنَّى بِنَهْيِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مُوَالَاةِ أَعْدَائِهِ وَحَذَّرَ عَنْ ذَلِكَ غَايَةَ التَّحْذِيرِ بِقَوْلِهِ عَزَّ قَائِلًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ الخ; وَنَبَّهَ عَلَى اِسْتِئْصَالِ تِلْكَ الْمُوَالَاةِ بِقَوْلِهِ عَزَّ شَأْنُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=29إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ الْآيَةَ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ زَادَ ذَلِكَ التَّعَلُّقُ أَقْصَى غَايَتَهُ فَاسْتَأْنَفَ قَوْلَهُ جَلَّ جَلَالُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ لِيُشِيرَ إِلَى طَرِيقِ الْوُصُولِ إِلَى هَذَا الْمَوْلَى جَلَّ وَعَلَا فَكَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ: بِأَيِّ شَيْءٍ يُنَالُ كَمَالُ الْمُحِبَّةِ وَمُوَالَاةُ الرَّبِّ؟ فَقِيلَ: بَعْدَ قَطْعِ مُوَالَاةِ أَعْدَائِنَا تُنَالُ تِلْكَ الدَّرَجَةُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى مُتَابَعَةِ حَبِيبِنَا إِذْ كُلُّ طَرِيقٍ سِوَى طَرِيقِهِ مَسْدُودٌ وَكُلُّ عَمَلٍ سِوَى مَا أَذِنَ بِهِ مَرْدُودٌ.
وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ: زَعَمَ أَقْوَامٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ اللَّهَ تَعَالَى فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ: إِنَّا نُحِبُّ رَبَّنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ:
«وَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قُرَيْشٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَدْ نَصَبُوا أَصْنَامَهُمْ وَعَلَّقُوا عَلَيْهَا بَيْضَ النَّعَامِ وَجَعَلُوا فِي آذَانِهَا الشُّنُوفُ وَهُمْ يَسْجُدُونَ لَهَا، فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَقَدْ خَالَفْتُمْ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، وَلَقَدْ كَانَا عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّمَا نَعْبُدُ هَذِهِ حُبًّا لِلَّهِ تَعَالَى لِتُقَرِّبَنَا إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ زُلْفَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الخ، وَفِي رِوَايَةِ
أَبِي صَالِحٍ «إِنَّ الْيَهُودَ لَمَّا قَالُوا: نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ فَلَمَّا نَزَلَتْ عَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْيَهُودِ فَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوهَا»، وَرَوَى
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «نَزَلَتْ فِي نَصَارَى
نَجْرَانَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّمَا نُعَظِّمُ
الْمَسِيحَ وَنَعْبُدُهُ حُبًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمًا لَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ رَدًّا عَلَيْهِمْ»، يُرْوَى أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: إِنَّ
مُحَمَّدًا يَجْعَلُ طَاعَتَهُ كَطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَأْمُرُنَا أَنْ نُحِبَّهُ كَمَا أَحَبَّ النَّصَارَى
عِيسَى فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: