ومن باب الإشارة في الآيات:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52فلما أحس أي شاهد
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52عيسى بواسطة النور الإلهي المشرق عليه
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52منهم الكفر أي ظلمته، أو نفسه، فإن المعاني تظهر للكمل على صور مختلفة باختلافها فيرونها.
وحكي عن
الباز قدس سره أنه قال: إن الليل والنهار يأتياني فيخبراني بما يحدث فيهما، وعن بعض العارفين أنه يشاهد أعمال العباد كيف تصعد إلى السماء، ويرى البلاء النازل منها.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52قال من أنصاري في حال دعوتي
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52إلى الله سبحانه بأن يلتفت إلى الاشتغال بتكميل نفسه وتهذيب أخلاقها حتى يصلح لتربية الناقصين فينصرني ويعينني في تكميل الناقص وإرشاد الضال
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52قال الحواريون المبيضون ثياب وجودهم بمياه العبادة ومطرقة المجاهدة وشمس المراقبة
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52نحن أنصار الله أي أعوان الفانين فيه الباقين به، ومنهم
عيسى عليه السلام
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52آمنا بالله الإيمان الكامل
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52واشهد بأنا مسلمون أي منقادون لأمرك حيث إنه أمر الله سبحانه
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=53ربنا آمنا بما أنزلت وهو ما نورت به قلوب أصفيائك من علوم غيبك
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=53واتبعنا الرسول فيما أظهر من أوامرك ونواهيك رجاء أن يوصلنا ذلك إلى محبتك
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=53فاكتبنا مع الشاهدين أي مع من يشهدك ولا يشهد معك سواك، أو الحاضرين لك المراقبين لأمرك
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54ومكروا أي الذين أحس منهم الكفر، واحتالوا مع أهل الله بتدبير النفس، فكان مكرهم مكر الحق عليهم لأنه المزين ذلك لهم، كما قال سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=108كذلك زينا لكل أمة عملهم فهو الماكر
[ ص: 192 ] في الحقيقة، وهذا معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54ومكر الله عند بعض، والأولى القول باختلاف المكرين على ما يقتضيه مقام الفرق، وقد سئل بعضهم كيف يمكر الله؟ فصاح وقال: لا علة لصنعه وأنشأ يقول:
فديتك قد جبلت على هواكا ونفسي لا تنازعني سواكا أحبك لا ببعضي بل بكلي
وإن لم يبق حبك لي حراكا ويقبح من سواك الفعل عندي
وتفعله فيحسن منك ذاكا
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك عن رسم الحدوثية
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55ورافعك إلي بنعت الربوبية
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55ومطهرك من الذين كفروا بشغل سرك عن مطالعة الأغيار، أو متوفيك عنك، وقابضك منك، ورافعك عن نعوت البشرية، ومطهرك من إرادتك بالكلية، وقيل: إن
عيسى عليه الصلاة والسلام لما أحس منهم الكفر وعلم أنهم بعثوا من يقتله قال للحواريين: إني ذاهب إلى أبي وأبيكم السماوي، أي متصل بروح القدس ومتطهر من علاقة عالم الرجس فأمدكم بالفيض كي تستجاب دعوتكم الخلق بعدي، فشبه للقوم صورة جسدانية هي مظهر
عيسى روح الله تعالى بصورة حقيقة
عيسى فظنوها هو فصلبوها ولم يعلموا أن الله تعالى رفعه إلى السماء الرابعة التي هي فلك الشمس، وحكمة رفعه إلى ذلك أن روحانيته عبارة عن
إسرافيل عليه الصلاة والسلام ويشاركه
المسيح في سر النفخ، ومن قال: إنه رفع إلى السماء الدنيا بين الحكمة بأن إفاضة روحه كانت بواسطة
جبريل عليه السلام، وهو عبارة عن روحانية فلك القمر، وبأن القمر في السماء الدنيا وهو آية ليلية تناسب علم الباطن الذي أوتيه
المسيح عليه السلام.
ولم يعتبر الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم القول: بأنه يدور حول العرش لأن ذلك مقام النهاية في الكمال، ولهذا لم يعرج إليه سوى صاحب المقام المحمود صلى الله عليه وسلم الجامع بين الظاهر والباطن
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=59إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم في أن كلا منهما خارق للعادة خارج عن دائرتها وإن افترقا في أن
عيسى عليه الصلاة والسلام بلا ذكر بل من نطفة أنثى فقط كان في بعضها قوة العقد وفي البعض الآخر قوة الانعقاد كسائر النطف المركبة من منيين في أحدهما القوة العاقدة وفي الأخرى المنعقدة، وأن
آدم عليه الصلاة والسلام بلا ذكر ولا أنثى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=59خلقه من تراب أي صور قالبه من ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=59ثم قال له كن فيكون إشارة إلى نفخ الروح فيه وكونه من عالم الأمر نظرا إلى روحه المقدسة التي لم ترتكض في رحم
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فمن حاجك فيه أي الحق، أو في
عيسى عليه السلام بالحجج الباطلة
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فقل تعالوا الخ أي فادعه إلى المباهلة بالهيئة المذكورة.
قال بعض العارفين: اعلم أن لمباهلة الأنبياء عليهم السلام تأثيرا عظيما سببه اتصال نفوسهم بروح القدس وتأييد الله تعالى إياهم به وهو المؤثر بإذن الله تعالى في العالم العنصري فيكون انفعال العالم العنصري منه كانفعال أبداننا من روحنا بالعوارض الواردة عليه كالغضب والخوف والفكر في أحوال المعشوق وغير ذلك، وانفعال النفوس البشرية منه كانفعال حواسنا وسائر قوانا من عوارض أرواحنا، فإذا اتصل نفس قدسي به، أو ببعض أرواح الأجرام السماوية والنفوس الملكوتية كان تأثيرها في العالم عند التوجه الاتصالي تأثير ما يتصل به فينفعل أجرام العناصر والنفوس الناقصة الإنسانية منه بما أراد حسب ذلك الاتصال ولذا انفعلت نفوس النصارى من نفسه عليه الصلاة والسلام بالخوف وأحجمت عن المباهلة وطلبت الموادعة بقبول الجزية انتهى.
وادعى بعضهم أن لكل نفس تأثيرا لكنه يختلف حسب اختلاف مراتب النفوس وتفاوت مراتب التوجهات إلى عام التجرد، وفيه كلام طويل ولعل النوبة تفضي إلى تحقيقه، هذا وتطبيق ما في الآفاق على
[ ص: 193 ] ما في الأنفس ظاهر لمن أحاط خبرا بما قدمناه في الآيات الأول، والله تعالى الموفق.
وَمِنْ بَابِ الْإِشَارَةِ فِي الْآيَاتِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52فَلَمَّا أَحَسَّ أَيْ شَاهَدَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52عِيسَى بِوَاسِطَةِ النُّورِ الْإِلَهِيِّ الْمُشْرِقِ عَلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52مِنْهُمُ الْكُفْرَ أَيْ ظُلْمَتَهُ، أَوْ نَفْسَهُ، فَإِنَّ الْمَعَانِيَ تَظْهَرُ لِلْكُمَّلِ عَلَى صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ بِاخْتِلَافِهَا فَيَرَوْنَهَا.
وَحُكِيَ عَنِ
الْبَازِ قُدِّسَ سِرُّهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ يَأْتِيَانِي فَيُخْبِرَانِي بِمَا يَحْدُثُ فِيهِمَا، وَعَنْ بَعْضِ الْعَارِفِينَ أَنَّهُ يُشَاهِدُ أَعْمَالَ الْعِبَادِ كَيْفَ تَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَرَى الْبَلَاءَ النَّازِلَ مِنْهَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52قَالَ مَنْ أَنْصَارِي فِي حَالِ دَعْوَتِي
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِأَنْ يَلْتَفِتَ إِلَى الِاشْتِغَالِ بِتَكْمِيلِ نَفْسِهِ وَتَهْذِيبِ أَخْلَاقِهَا حَتَّى يَصْلُحَ لِتَرْبِيَةِ النَّاقِصِينَ فَيَنْصُرُنِي وَيُعِينُنِي فِي تَكْمِيلِ النَّاقِصِ وَإِرْشَادِ الضَّالِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52قَالَ الْحَوَارِيُّونَ الْمُبَيِّضُونَ ثِيَابَ وَجُودِهِمْ بِمِيَاهِ الْعِبَادَةِ وَمِطْرَقَةِ الْمُجَاهَدَةِ وَشَمْسِ الْمُرَاقَبَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ أَيْ أَعْوَانُ الْفَانِينَ فِيهِ الْبَاقِينَ بِهِ، وَمِنْهُمْ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52آمَنَّا بِاللَّهِ الْإِيمَانَ الْكَامِلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ أَيْ مُنْقَادُونَ لِأَمْرِكَ حَيْثُ إِنَّهُ أَمْرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=53رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَهُوَ مَا نَوَّرَتْ بِهِ قُلُوبَ أَصْفِيَائِكَ مِنْ عُلُومِ غَيْبِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=53وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فِيمَا أَظْهَرَ مِنْ أَوَامِرِكَ وَنَوَاهِيكَ رَجَاءَ أَنْ يُوصِلَنَا ذَلِكَ إِلَى مَحَبَّتِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=53فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ أَيْ مَعَ مَنْ يَشْهَدُكَ وَلَا يَشْهَدُ مَعَكَ سِوَاكَ، أَوِ الْحَاضِرِينَ لَكَ الْمُرَاقَبِينَ لِأَمْرِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54وَمَكَرُوا أَيِ الَّذِينَ أَحَسَّ مِنْهُمُ الْكُفْرَ، وَاحْتَالُوا مَعَ أَهْلِ اللَّهِ بِتَدْبِيرِ النَّفْسِ، فَكَانَ مَكْرُهُمْ مَكْرَ الْحَقِّ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ الْمُزَيِّنُ ذَلِكَ لَهُمْ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=108كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ فَهُوَ الْمَاكِرُ
[ ص: 192 ] فِي الْحَقِيقَةِ، وَهَذَا مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54وَمَكَرَ اللَّهُ عِنْدَ بَعْضٍ، وَالْأَوْلَى الْقَوْلُ بِاخْتِلَافِ الْمَكْرَيْنِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ مَقَامُ الْفَرْقِ، وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُهُمْ كَيْفَ يَمْكُرُ اللَّهُ؟ فَصَاحَ وَقَالَ: لَا عِلَّةَ لِصُنْعِهِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
فَدَيْتُكَ قَدْ جُبِلْتُ عَلَى هَوَاكَا وَنَفْسِي لَا تُنَازِعُنِي سِوَاكَا أُحِبُّكَ لَا بِبَعْضِي بَلْ بِكُلِّي
وَإِنْ لَمْ يُبْقِ حُبُّكَ لِي حِرَاكَا وَيَقْبُحُ مَنْ سِوَاكَ الْفِعْلُ عِنْدِي
وَتَفْعَلُهُ فَيَحْسُنُ مِنْكَ ذَاكَا
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ عَنْ رَسْمِ الْحُدُوثِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55وَرَافِعُكَ إِلَيَّ بِنَعْتِ الرُّبُوبِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِشَغْلِ سِرِّكَ عَنْ مُطَالَعَةِ الْأَغْيَارِ، أَوْ مُتَوَفِّيكَ عَنْكَ، وَقَابِضُكَ مِنْكَ، وَرَافِعُكَ عَنْ نُعُوتِ الْبَشَرِيَّةِ، وَمُطَهِّرُكَ مِنْ إِرَادَتِكَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَقِيلَ: إِنَّ
عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمَّا أَحَسَّ مِنْهُمُ الْكُفْرَ وَعَلِمَ أَنَّهُمْ بَعَثُوا مَنْ يَقْتُلُهُ قَالَ لِلْحَوَارِيِّينَ: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمُ السَّمَاوِيِّ، أَيْ مُتَّصِلٌ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَمُتَطَهِّرٌ مِنْ عَلَاقَةِ عَالَمِ الرِّجْسِ فَأَمُدُّكُمْ بِالْفَيْضِ كَيْ تُسْتَجَابَ دَعْوَتُكُمُ الْخَلْقَ بَعْدِي، فَشُبِّهَ لِلْقَوْمِ صُورَةٌ جَسَدَانِيَّةٌ هِيَ مَظْهَرُ
عِيسَى رُوحِ اللَّهِ تَعَالَى بِصُورَةِ حَقِيقَةِ
عِيسَى فَظَنُّوهَا هُوَ فَصَلَبُوهَا وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ الَّتِي هِيَ فَلَكُ الشَّمْسِ، وَحِكْمَةُ رَفْعِهِ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ رُوحَانِيَّتَهُ عِبَارَةٌ عَنْ
إِسْرَافِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَيُشَارِكُهُ
الْمَسِيحُ فِي سِرِّ النَّفْخِ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا بَيَّنَ الْحِكْمَةَ بِأَنَّ إِفَاضَةَ رُوحِهِ كَانَتْ بِوَاسِطَةِ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ رُوحَانِيَّةِ فَلَكِ الْقَمَرِ، وَبِأَنَّ الْقَمَرَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَهُوَ آيَةٌ لَيْلِيَّةٌ تُنَاسِبُ عِلْمَ الْبَاطِنِ الَّذِي أُوتِيَهُ
الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَلَمْ يَعْتَبِرِ الصُّوفِيَّةُ قَدَّسَ اللَّهُ تَعَالَى أَسْرَارَهُمُ الْقَوْلَ: بِأَنَّهُ يَدُورُ حَوْلَ الْعَرْشِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَقَامُ النِّهَايَةِ فِي الْكَمَالِ، وَلِهَذَا لَمْ يُعَرِّجْ إِلَيْهِ سِوَى صَاحِبُ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَامِعُ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=59إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَارِقٌ لِلْعَادَةِ خَارِجٌ عَنْ دَائِرَتِهَا وَإِنِ اِفْتَرَقَا فِي أَنَّ
عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِلَا ذَكَرٍ بَلْ مِنْ نُطْفَةِ أُنْثَى فَقَطْ كَانَ فِي بَعْضِهَا قُوَّةُ الْعَقْدِ وَفِي الْبَعْضِ الْآخَرِ قُوَّةُ الِانْعِقَادِ كَسَائِرِ النُّطَفِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ مَنِيَّيْنِ فِي أَحَدِهِمَا الْقُوَّةُ الْعَاقِدَةُ وَفِي الْأُخْرَى الْمُنْعَقِدَةُ، وَأَنَّ
آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِلَا ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=59خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ أَيْ صَوَّرَ قَالَبَهُ مِنْ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=59ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ إِشَارَةً إِلَى نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ وَكَوْنِهِ مِنْ عَالَمِ الْأَمْرِ نَظَرًا إِلَى رُوحِهِ الْمُقَدَّسَةِ الَّتِي لَمْ تَرْتَكِضُ فِي رَحِمٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ أَيِ الْحَقِّ، أَوْ فِي
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْحُجَجِ الْبَاطِلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فَقُلْ تَعَالَوْا الخ أَيْ فَادْعُهُ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ بِالْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ.
قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: اِعْلَمْ أَنَّ لِمُبَاهَلَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ تَأْثِيرًا عَظِيمًا سَبَبُهُ اِتِّصَالُ نُفُوسِهِمْ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَتَأْيِيدُ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُمْ بِهِ وَهُوَ الْمُؤَثِّرُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعَالَمِ الْعُنْصُرِيِّ فَيَكُونُ اِنْفِعَالُ الْعَالَمِ الْعُنْصُرِيِّ مِنْهُ كَانْفِعَالِ أَبْدَانِنَا مِنْ رُوحِنَا بِالْعَوَارِضِ الْوَارِدَةِ عَلَيْهِ كَالْغَضَبِ وَالْخَوْفِ وَالْفِكْرِ فِي أَحْوَالِ الْمَعْشُوقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَانْفِعَالُ النُّفُوسِ الْبَشَرِيَّةِ مِنْهُ كَانْفِعَالِ حَوَاسِّنَا وَسَائِرِ قُوَانَا مِنْ عَوَارِضِ أَرْوَاحِنَا، فَإِذَا اِتَّصَلَ نَفْسٌ قُدْسِيٌّ بِهِ، أَوْ بِبَعْضِ أَرْوَاحِ الْأَجْرَامِ السَّمَاوِيَّةِ وَالنُّفُوسِ الْمَلَكُوتِيَّةِ كَانَ تَأْثِيرُهَا فِي الْعَالَمِ عِنْدَ التَّوَجُّهِ الِاتِّصَالِيِّ تَأْثِيرَ مَا يَتَّصِلُ بِهِ فَيَنْفَعِلُ أَجْرَامُ الْعَنَاصِرِ وَالنُّفُوسِ النَّاقِصَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ مِنْهُ بِمَا أَرَادَ حَسَبَ ذَلِكَ الِاتِّصَالِ وَلِذَا اِنْفَعَلَتْ نُفُوسُ النَّصَارَى مِنْ نَفْسِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالْخَوْفِ وَأَحْجَمَتْ عَنِ الْمُبَاهَلَةِ وَطَلَبَتِ الْمُوَادَعَةَ بِقَبُولِ الْجِزْيَةِ اِنْتَهَى.
وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ تَأْثِيرًا لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ حَسَبَ اِخْتِلَافِ مَرَاتِبِ النُّفُوسِ وَتَفَاوُتِ مَرَاتِبِ التَّوَجُّهَاتِ إِلَى عَامِّ التَّجَرُّدِ، وَفِيهِ كَلَامٌ طَوِيلٌ وَلَعَلَّ النَّوْبَةَ تُفْضِي إِلَى تَحْقِيقِهِ، هَذَا وَتَطْبِيقُ مَا فِي الْآفَاقِ عَلَى
[ ص: 193 ] مَا فِي الْأَنْفُسِ ظَاهِرٌ لِمَنْ أَحَاطَ خَبَرًا بِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْآيَاتِ الْأُوَلِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.