وقوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=18669_29786_30549_29010nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين جواب من الله عز وجل لما تضمنه قول القائل
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57لو أن الله هداني من نفي أن يكون الله تعالى هداه ورد عليه ، ولا يشترط في الجواب ببلى تقدم النفي صريحا وقد وقع في موقعه اللائق به لأنه لو قدم على القرينة الأخيرة أعني
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=58أو تقول حين ترى العذاب .. إلخ . وأوقع بعده غير مفصول بينهما بها لم يحسن لتبتير النظم الجليل . فإن القرائن الثلاثة متناسبة متناسقة متلاصقة ، والتناسب بينهن أتم من التناسب بين القرينة الثانية وجوابها ، ولو أخرت القرينة الثانية وجعلت الثالثة ثانية لم يحسن أيضا لأن رعاية الترتيب المعنوي وهي أهم تفوت إذ ذاك ، وذلك لأن التحسر على التفريط عند تطاير الصحف على ما يدل عليه مواضع من القرآن العظيم ، والتعلل بعدم الهداية إنما يكون بعد مشاهدة حال المتقين واغتباطهم ، ولأنه للتسلي عن بعض التحسر أو من باب تمسك الغريق فهو لاحق وتمنى الرجوع بعد ذوق النار ، ألا ترى إلى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=27إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب [الأنعام : 27] وكذلك لو حمل الوقوف على الحبس على شفيرها أو مشاهدتها ، وكل بعد مشاهدة حال المتقين وما لقوا من خفة الحساب والتكريم في الموقف ، ولأن اللجأ إلى التمني بعد تحقق أن لا جدوى للتعليل . وقال
الطيبي : إن النفس عند رؤية أهوال يوم القيامة يرى الناس مجزيين بأعمالهم فيتحسر على تفويت الأعمال عليها ثم قد يتعلل بأن التقصير لم يكن مني فإذا نظر وعلم أن التقصير كان منه تمنى الرجوع ، ثم الظاهر من السياق أن النفوس جمعت بين الأقوال الثلاثة - فأو - لمنع الخلو ، وجيء بها تنبيها على أن كل واحد يكفي صارفا عن إيثار الكفر وداعيا إلى الإنابة واتباع أحسن ما أنزل وتذكير الخطاب في
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59جاءتك .. إلخ . على المعنى
[ ص: 19 ] لأن المراد بالنفس الشخص وإن كان لفظها مؤنثا سماعيا .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17344ابن يعمر والجحدري وأبو حيوة nindex.php?page=showalam&ids=14418والزعفراني nindex.php?page=showalam&ids=13548وابن مقسم ومسعود بن صالح nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ومحمد بن عيسى في اختياره .
والعبسي «جاءتك ».. إلخ . بكسر الكاف والتاء ، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق وابنته
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنهما ، وروتها
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج «جأتك » بالهمز من غير مد بوزن فعتك ، وهو على ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان : مقلوب من جاءتك قدمت لام الكلمة وأخرت العين فسقطت الألف واستدل
المعتزلة بالآية على أن العبد خالق لأفعاله . وأجاب
الأشاعرة بأن إسناد الأفعال إلى العبد باعتبار قدرته الكاسبة . وحقق
الكوراني أنه باعتبار قدرته المؤثرة بإذن الله عز وجل لا كما ذهب إليه
المعتزلة من أنه باعتبار قدرته المؤثرة أذن الله تعالى أم لم يأذن .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=18669_29786_30549_29010nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ جَوَابٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُ الْقَائِلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي مِنْ نَفْيِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى هَدَاهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَوَابِ بِبِلَى تَقَدُّمُ النَّفْيِ صَرِيحًا وَقَدْ وَقَعَ فِي مَوْقِعِهِ اللَّائِقِ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّمَ عَلَى الْقَرِينَةِ الْأَخِيرَةِ أَعْنِي
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=58أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ .. إِلَخْ . وَأَوْقَعَ بَعْدَهُ غَيْرَ مَفْصُولٍ بَيْنَهُمَا بِهَا لَمْ يَحْسُنْ لِتَبْتِيرِ النَّظْمِ الْجَلِيلِ . فَإِنَّ الْقَرَائِنَ الثَّلَاثَةَ مُتَنَاسِبَةٌ مُتَنَاسِقَةٌ مُتَلَاصِقَةٌ ، وَالتَّنَاسُبُ بَيْنَهُنَّ أَتَمُّ مِنَ التَّنَاسُبِ بَيْنَ الْقَرِينَةِ الثَّانِيَةِ وَجَوَابِهَا ، وَلَوْ أُخِّرَتِ الْقَرِينَةُ الثَّانِيَةُ وَجُعِلَتِ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً لَمْ يَحْسُنْ أَيْضًا لِأَنَّ رِعَايَةَ التَّرْتِيبِ الْمَعْنَوِيِّ وَهِيَ أَهَمُّ تَفُوتُ إِذْ ذَاكَ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّحَسُّرَ عَلَى التَّفْرِيطِ عِنْدَ تَطَايُرِ الصُّحُفِ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَوَاضِعُ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَالتَّعَلُّلُ بِعَدَمِ الْهِدَايَةِ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مُشَاهَدَةِ حَالِ الْمُتَّقِينَ وَاغْتِبَاطِهِمْ ، وَلِأَنَّهُ لِلتَّسَلِّي عَنْ بَعْضِ التَّحَسُّرِ أَوْ مِنْ بَابِ تَمَسُّكِ الْغَرِيقِ فَهُوَ لَاحِقٌ وَتَمَنَّى الرُّجُوعَ بَعْدَ ذَوْقِ النَّارِ ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=27إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ [الْأَنْعَامَ : 27] وَكَذَلِكَ لَوْ حُمِلَ الْوُقُوفُ عَلَى الْحَبْسِ عَلَى شَفِيرِهَا أَوْ مُشَاهَدَتِهَا ، وَكُلٌّ بَعْدَ مُشَاهَدَةِ حَالِ الْمُتَّقِينَ وَمَا لَقُوا مِنْ خِفَّةِ الْحِسَابِ وَالتَّكْرِيمِ فِي الْمَوْقِفِ ، وَلِأَنَّ اللَّجَأَ إِلَى التَّمَنِّي بَعْدَ تَحَقُّقِ أَنْ لَا جَدْوَى لِلتَّعْلِيلِ . وَقَالَ
الطَّيِّبِيُّ : إِنَّ النَّفْسَ عِنْدَ رُؤْيَةِ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَرَى النَّاسَ مَجْزِيِّينَ بِأَعْمَالِهِمْ فَيَتَحَسَّرُ عَلَى تَفْوِيتِ الْأَعْمَالِ عَلَيْهَا ثُمَّ قَدْ يَتَعَلَّلُ بِأَنَّ التَّقْصِيرَ لَمْ يَكُنْ مِنِّي فَإِذَا نَظَرَ وَعَلِمَ أَنَّ التَّقْصِيرَ كَانَ مِنْهُ تَمَنَّى الرُّجُوعَ ، ثُمَّ الظَّاهِرُ مِنَ السِّيَاقِ أَنَّ النُّفُوسَ جَمَعَتْ بَيْنَ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ - فَأَوْ - لِمَنْعِ الْخُلُوِّ ، وَجِيءَ بِهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ يَكْفِي صَارِفًا عَنْ إِيثَارِ الْكُفْرِ وَدَاعِيًا إِلَى الْإِنَابَةِ وَاتِّبَاعِ أَحْسَنِ مَا أُنْزِلَ وَتَذْكِيرُ الْخِطَابِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59جَاءَتْكَ .. إِلَخْ . عَلَى الْمَعْنَى
[ ص: 19 ] لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْسِ الشَّخْصُ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهَا مُؤَنَّثًا سَمَاعِيًّا .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17344ابْنُ يَعْمُرَ وَالْجَحْدَرِيُّ وَأَبُو حَيْوَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14418وَالزَّعْفَرَانِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13548وَابْنُ مُقْسِمٍ وَمَسْعُودُ بْنُ صَالِحٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنِ كَثِيرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى فِي اخْتِيَارِهِ .
وَالْعَبْسِيُّ «جَاءَتِكِ ».. إِلَخْ . بِكَسْرِ الْكَافِ وَالتَّاءِ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَابْنَتِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَرَوَتْهَا
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمُّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ «جَأَتْكَ » بِالْهَمْزِ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ بِوَزْنِ فَعَتْكَ ، وَهُوَ عَلَى مَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ : مَقْلُوبٌ مِنْ جَاءَتْكَ قُدِّمَتْ لَامُ الْكَلِمَةِ وَأُخِّرَتِ الْعَيْنُ فَسَقَطَتِ الْأَلِفُ وَاسْتَدَلَّ
الْمُعْتَزِلَةُ بِالْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ خَالِقٌ لِأَفْعَالِهِ . وَأَجَابَ
الْأَشَاعِرَةُ بِأَنَّ إِسْنَادَ الْأَفْعَالِ إِلَى الْعَبْدِ بِاعْتِبَارِ قُدْرَتِهِ الْكَاسِبَةِ . وَحَقَّقَ
الْكُورَانِيُّ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ قُدْرَتِهِ الْمُؤَثِّرَةِ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
الْمُعْتَزِلَةُ مِنْ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ قُدْرَتِهِ الْمُؤَثِّرَةِ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْ لَمْ يَأْذَنْ .