nindex.php?page=treesubj&link=23271_28723_29694_30578_32344_32385_34401_29029nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2الذين يظاهرون منكم من نسائهم شروع في بيان شأن الظهار في نفسه وحكمه المترتب عليه شرعا ، وفي ذلك تحقيق قبول تضرع تلك المرأة وإشكاؤها بطريق الاستئناف .
والظهار لغة مصدر ظاهر وهو مفاعلة من الظهر ، ويراد به معان مختلفة راجعة إلى الظهر معنى ولفظا باختلاف الأغراض ، فيقال : ظاهر زيد عمرا أي قابل ظهره بظهره حقيقة وكذا إذا غايظه ، وإن لم يقابل حقيقة باعتبار أن المغايظة تقتضي هذه المقابلة ، وظاهره إذا نصره باعتبار أنه يقال : قوى ظهره إذا نصره ، وظاهر بين ثوبين إذا لبس أحدهما فوق الآخر باعتبار جعل ما يلي به كل منهما الآخر ظهرا للثوب وظاهرمن امرأته إذا قال لها : أنت علي كظهر أمي ، وغاية ما يلزم كون لفظ الظهر في بعض هذه التراكيب مجازا ، وهو لا يمنع الاشتقاق منه ويكون المشتق مجازا أيضا ، وهذا الأخير هو المعنى الذي نزلت فيه الآيات .
وعرفه الحنفية شرعا بأنه تشبيه المنكوحة أو عضوا منها يعبر به عن الكل كالرأس أو جزء شائع منها كالثلث بقريب محرم عليه على التأييد أو بعضو منه يحرم عليه النظر إليه .
وحكي عن الشافعية أنه تشبيهها أو عضو منها بمحرم من نسب أو رضاع أو مصاهرة أو عضو منه لا يذكر للكرامة كاليد والصدر ، وكذا العضو الذي يذكر لها كالعين والرأس إن قصد معنى الظهار ، وهو التشبيه بتحريم نحو الأم لا أن قصد الكرامة أو أطلق في الأصح ، وتخصيص المحرم بالأم قول قديم
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي عليه الرحمة ، وتفصيل ذلك في كتب الفقه للفريقين ، وكان الظهاربالمعنى السابق طلاقا في الجاهلية قيل : وأول الإسلام .
وحكى بعضهم أنه كان طلاقا يوجب حرمة مؤبدة لا رجعة فيه ، وقيل : لم يكن طلاقا من كل وجه بل لتبقى معلقة لا ذات زوج ولا خلية تنكح غيره ، وذكر بعض الأجلة أنهم كانوا يعدونه طلاقا مؤكدا باليمين على الاجتناب ، ولذا قال الشافعية : إن فيه الشائبتين ، وسيأتي إن شاء الله تعالى الإشارة إلى حكمه الشرعي وعدي بمن مع أنه يتعدى بنفسه لتضمنه معنى التبعيد ولما سمعت أنه كان طلاقا وهو مبعد ، والظهر في قولهم : أنت علي كظهر أمي قيل : مجاز عن البطن لأنه إنما يركب البطن - فكظهر أمي - أي كبطنها بعلاقة المجاورة ، ولأنه عموده لكن لا يظهر ما هو الصارفعن الحقيقة من النكات ، وقيل : خص الظهر لأنه محل الركوب والمرأة مركوب الزوج ، ومن ثم سمي المركوب ظهرا ، وقيل : خص ذلك لأن إتيان المرأة من ظهرها في قبلها كان حراما فإتيانه أمه من ظهرها أحرم فكثر التغليظ ، وإقحام
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2منكم في الآية للتصوير والتهجين لأن الظهار كان مخصوصا
بالعرب ، ومنه يعلم أنه ليس من مفهوم الصفة ليستدل به على عدم صحة ظهار الذمي كما حكي عن المالكية ، ومن هنا قال الشافعية : يصح من الذمي والحربي لعموم الآية ، وكذا الحنابلة والحنفية
[ ص: 5 ]
يقولون : لا يصح منهما ، وفي رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة صحته من الذمي ، والرواية المعول عليها عدم الصحة لأنه ليس من أهل الكفارة ، وشنع على الشافعية في قولهم بصحته منه مع اشتراطهم النية في الكفارة والأيمان في الرقبة ، وتعذر ملكه لها لأن الكافر لا يملك المؤمن ، وقال بعض أجلتهم إن في الكفارة شائبة الغرامات ونيتها في كافر كفر بالإعتاق للتمييز كما في قضاء الديون لا الصوم لأنه لا يصح منه لأنه عبادة بدنية لا ينتقل عنه للإطعام لقدرته عليه بالإسلام فإن عجز انتقل ونوى للتمييز أيضا ، ويتصور ملكه للمسلم بنحو إرث أو إسلام قنه ، أو يقول لمسلم : أعتق قنك عن كفارتي ، فيجيب فإن لم يمكنه شيء من ذلك وهو مظاهر موسر منع من الوطء لقدرته على ملكه بأن يسلم فيشتريه . انتهى .
وفي كتاب بعض الأصحاب كالبحر وغيره كلام مع الشافعية في هذه المسألة فيه نقض وإبرام لا يخلو عن شيء والسبب في ذلك قلة تتبع معتبرات كتبهم ، وقرأ
الحرميان nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو - يظهرون - بشد الظاء والهاء ،
والأخوان nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر «يظاهرون » مضارع اظاهر ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي «يتظاهرون » مضارع تظاهر ، وعنه أيضا - يتظهرون - مضارع تظهر ، والموصول مبتدأ خبره محذوف أي مخطئون ، وأقيم دليله وهو قوله تعالى : ما
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2هن أمهاتهم مقامه أو هو الخبر نفسه أي ما نساؤهم أمهاتهم على الحقيقة فهو كذب بحت .
وقرأ
المفضل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم «أمهاتهم » بالرفع على لغة
تميم ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - بأمهاتهم - بزيادة الباء ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : في لغة من ينصب أي بما الخبر - وهم الحجازيون - يعني أنهم الذين يزيدون الباء دون التميميين وقد تبع في ذلك
أبا علي الفارسي ، ورد بأنه سمع خلافه كقول
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق وهو تميمي :
لعمرك ما معن بتارك حقه ولا منسئ معن ولا متيسر
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2إن أمهاتهم أي ما أمهاتهم على الحقيقة
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2إلا اللائي ولدنهم فلا يشبه بهن من الحرمة إلا من ألحقها الله تعالى بهن كالمرضعات ومنكوحات الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فدخلن في حكم الأمهات ، وأما الزوجات فأبعد شيء من الأمومة " إنهم ليقولون منكرا من القول " ينكره الشرع والعقل والطبع أيضا كما يشعر به التنكير ، ومناط التأكيد كونه منكرا ، وإلا فصدور القول عنهم أمر محقق
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2وزورا أي وكذبا باطلا منحرفا عن الحق ، ووجه كون الظهار كذلك عند من جعله إخبارا كاذبا - علق عليه الشارع الحرمة والكفارة - ظاهر ، وأما عند من جعله إنشاء لتحريم الاستمتاع في الشرع - كالطلاق على ما هو الظاهر - فوجهه أن ذلك باعتبار ما تضمنه من إلحاق الزوجة بالأم المنافي لمقتضى الزوجية
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2وإن الله لعفو غفور أي مبالغ في العفو والمغفرة فيغفر ما سلف منه ويعفو عمن ارتكبه مطلقا أو بالتوبة ، ويعلم من الآيات أن الظهار حرام بل قالوا : إنه كبير لأن فيه إقداما على إحالة حكم الله تعالى وتبديله بدون إذنه ، وهذا أخطر من كثير من الكبائر إذ قضيته الكفر لولا خلو الاعتقاد عن ذلك ، واحتمال التشبيه لذلك وغيره ، ومن ثم سماه عز وجل
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2منكرا من القول وزورا ، وإنما كره - على ما ذكره بعض الشافعية أنت علي حرام - لأن الزوجية ومطلق الحرمة يجتمعان بخلافها مع التحريم المشابه لتحريم نحو الأم ، ومن ثم وجب هنا الكفارة العظمى .
وثم على ما قالوا : كفارة يمين ،
nindex.php?page=treesubj&link=23271_28723_29694_30578_32344_32385_34401_29029nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ شُرُوعٌ فِي بَيَانِ شَأْنِ الظِّهَارِ فِي نَفْسِهِ وَحُكْمِهِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ شَرْعًا ، وَفِي ذَلِكَ تَحْقِيقُ قَبُولِ تَضَرُّعِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَإِشْكَاؤُهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِئْنَافِ .
وَالظِّهَارُ لُغَةً مَصْدَرُ ظَاهَرَ وَهُوَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الظَّهْرِ ، وَيُرَادُ بِهِ مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٌ رَاجِعَةٌ إِلَى الظَّهْرِ مَعْنًى وَلَفْظًا بِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ ، فَيُقَالُ : ظَاهَرَ زَيْدٌ عَمْرًا أَيْ قَابَلَ ظَهْرَهُ بِظَهْرِهِ حَقِيقَةً وَكَذَا إِذَا غَايَظَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُقَابِلْ حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُغَايَظَةَ تَقْتَضِي هَذِهِ الْمُقَابَلَةَ ، وَظَاهِرُهُ إِذَا نَصَرَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُقَالُ : قَوَّى ظَهْرُهُ إِذَا نَصَرَهُ ، وَظَاهَرَ بَيْنَ ثَوْبَيْنِ إِذَا لُبِسَ أَحَدَهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ بِاعْتِبَارِ جَعْلِ مَا يَلِي بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ ظَهْرًا لِلثَّوْبِ وَظَاهَرَمِنَ امْرَأَتِهِ إِذَا قَالَ لَهَا : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، وَغَايَةُ مَا يَلْزَمُ كَوْنُ لَفْظِ الظَّهْرِ فِي بَعْضِ هَذِهِ التَّرَاكِيبِ مَجَازًا ، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الِاشْتِقَاقَ مِنْهُ وَيَكُونُ الْمُشْتَقُّ مَجَازًا أَيْضًا ، وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ الْآيَاتُ .
وَعَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ شَرْعًا بِأَنَّهُ تَشْبِيهُ الْمَنْكُوحَةِ أَوْ عُضْوًا مِنْهَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْكُلِّ كَالرَّأْسِ أَوْ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْهَا كَالثُّلُثِ بِقَرِيبٍ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْيِيدِ أَوْ بِعُضْوٍ مِنْهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّظَرُ إِلَيْهِ .
وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ تَشْبِيهُهَا أَوْ عُضْوٍ مِنْهَا بِمُحَرَّمٍ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ عُضْوٍ مِنْهُ لَا يُذْكَرُ لِلْكَرَامَةِ كَالْيَدِ وَالصَّدْرِ ، وَكَذَا الْعُضْوُ الَّذِي يُذْكَرُ لَهَا كَالْعَيْنِ وَالرَّأْسِ إِنْ قَصَدَ مَعْنَى الظِّهَارِ ، وَهُوَ التَّشْبِيهُ بِتَحْرِيمِ نَحْوِ الْأُمِّ لَا أَنْ قَصَدَ الْكَرَامَةَ أَوْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ ، وَتَخْصِيصُ الْمُحَرَّمِ بِالْأُمِّ قَوْلٌ قَدِيمٌ
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ ، وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ لِلْفَرِيقَيْنِ ، وَكَانَ الظِّهَارُبِالْمَعْنَى السَّابِقِ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِيلَ : وَأَوَّلِ الْإِسْلَامِ .
وَحَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا يُوجِبُ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً لَا رَجْعَةَ فِيهِ ، وَقِيلَ : لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ لَتَبْقَى مُعَلَّقَةً لَا ذَاتَ زَوْجٍ وَلَا خَلِيَّةً تَنْكِحُ غَيْرَهُ ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَجِلَّةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعُدُّونَهُ طَلَاقًا مُؤَكَّدًا بِالْيَمِينِ عَلَى الِاجْتِنَابِ ، وَلِذَا قَالَ الشَّافِعِيَّةُ : إِنَّ فِيهِ الشَّائِبَتَيْنِ ، وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِشَارَةُ إِلَى حُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ وَعُدِّيَ بِمِنْ مَعَ أَنَّهُ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى التَّبْعِيدِ وَلِمَا سَمِعْتَ أَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا وَهُوَ مُبْعِدٌ ، وَالظَّهْرُ فِي قَوْلِهِمْ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي قِيلَ : مَجَازٌ عَنِ الْبَطْنِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَرْكَبُ الْبَطْنَ - فَكَظَهْرِ أُمِّي - أَيْ كَبَطْنِهَا بِعَلَاقَةِ الْمُجَاوَرَةِ ، وَلِأَنَّهُ عَمُودُهُ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ مَا هُوَ الصَّارِفُعَنِ الْحَقِيقَةِ مِنَ النِّكَاتِ ، وَقِيلَ : خُصَّ الظَّهْرُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الرُّكُوبِ وَالْمَرْأَةُ مَرْكُوبُ الزَّوْجِ ، وَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ الْمَرْكُوبُ ظَهْرًا ، وَقِيلَ : خُصَّ ذَلِكَ لِأَنَّ إِتْيَانَ الْمَرْأَةِ مِنْ ظَهْرِهَا فِي قُبُلِهَا كَانَ حَرَامًا فَإِتْيَانُهُ أَمَّهُ مِنْ ظَهْرِهَا أَحْرَمُ فَكَثُرَ التَّغْلِيظُ ، وَإِقْحَامُ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2مِنْكُمْ فِي الْآيَةِ لِلتَّصْوِيرِ وَالتَّهْجِينِ لِأَنَّ الظِّهَارَ كَانَ مَخْصُوصًا
بِالْعَرَبِ ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَفْهُومِ الصِّفَةِ لِيُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ ظِهَارِ الذِّمِّيِّ كَمَا حُكِيَ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ ، وَمِنْ هُنَا قَالَ الشَّافِعِيَّةُ : يَصِحُّ مِنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ لِعُمُومِ الْآيَةِ ، وَكَذَا الْحَنَابِلَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ
[ ص: 5 ]
يَقُولُونَ : لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ صِحَّتُهُ مِنَ الذِّمِّيِّ ، وَالرِّوَايَةُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ ، وَشَنَّعَ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ بِصِحَّتِهِ مِنْهُ مَعَ اشْتِرَاطِهِمُ النِّيَّةَ فِي الْكَفَّارَةِ وَالْأَيْمَانِ فِي الرَّقَبَةِ ، وَتَعَذُّرِ مِلْكِهِ لَهَا لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَمْلِكُ الْمُؤْمِنَ ، وَقَالَ بَعْضُ أَجِلَّتِهِمْ إِنَّ فِي الْكَفَّارَةِ شَائِبَةَ الْغَرَامَاتِ وَنِيَّتُهَا فِي كَافِرٍ كُفْرٌ بِالْإِعْتَاقِ لِلتَّمْيِيزِ كَمَا فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ لَا الصَّوْمُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ لِلْإِطْعَامِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ عَجَزَ انْتَقَلَ وَنَوَى لِلتَّمْيِيزِ أَيْضًا ، وَيُتَصَوَّرُ مِلْكُهُ لِلْمُسْلِمِ بِنَحْوِ إِرْثٍ أَوْ إِسْلَامِ قِنِّهِ ، أَوْ يَقُولُ لِمُسْلِمٍ : أَعْتِقْ قِنَّكَ عَنْ كَفَّارَتِي ، فَيُجِيبُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَظَاهِرٌ مُوسِرٌ مُنِعَ مِنَ الْوَطْءِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مِلْكِهِ بِأَنْ يُسْلِمَ فَيَشْتَرِيَهُ . انْتَهَى .
وَفِي كِتَابِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ كَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِ كَلَامٌ مَعَ الشَّافِعِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ نَقْضٌ وَإِبْرَامٌ لَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ قِلَّةُ تَتَبُّعِ مُعْتَبَرَاتِ كُتُبِهِمْ ، وَقَرَأَ
الْحَرَمِيَّانِ nindex.php?page=showalam&ids=12114وَأَبُو عَمْرٍو - يَظَّهَّرُونَ - بِشَدِ الظَّاءِ وَالْهَاءِ ،
وَالْأَخَوَانِ nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنُ عَامِرٍ «يَظَّاهَرُونَ » مُضَارِعَ اظَّاهَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيٌّ «يَتَظَاهَرُونَ » مُضَارِعَ تَظَاهَرَ ، وَعَنْهُ أَيْضًا - يَتَظَهَّرُونَ - مُضَارِعَ تَظَهَّرَ ، وَالْمَوْصُولُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ مُخْطِئُونَ ، وَأُقِيمَ دَلِيلُهُ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : مَا
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ مَقَامَهُ أَوْ هُوَ الْخَبَرُ نَفْسُهُ أَيْ مَا نِسَاؤُهُمْ أُمَّهَاتُهُمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَهُوَ كَذِبٌ بَحْتٌ .
وَقَرَأَ
الْمُفَضَّلُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ «أُمَّهَاتُهُمْ » بِالرَّفْعِ عَلَى لُغَةِ
تَمِيمٍ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ - بِأُمَّهَاتِهِمْ - بِزِيَادَةِ الْبَاءِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فِي لُغَةِ مَنْ يَنْصِبُ أَيْ بِمَا الْخَبَرِ - وَهُمُ الْحِجَازِيُّونَ - يَعْنِي أَنَّهُمُ الَّذِينَ يَزِيدُونَ الْبَاءَ دُونَ التَّمِيمِيِّينَ وَقَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ
أَبَا عَلِيٍّ الْفَارِسِيَّ ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ سُمِعَ خِلَافُهُ كَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14899الْفَرَزْدَقِ وَهُوَ تَمِيمِيٌّ :
لَعَمْرُكَ مَا مَعْنٌ بِتَارِكِ حَقِّهِ وَلَا مُنْسِئٌ مَعْنٌ وَلَا مُتَيَسِّرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ أَيْ مَا أُمَّهَاتُهُمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ فَلَا يُشَبَّهُ بِهِنَّ مِنَ الْحُرْمَةِ إِلَّا مَنْ أَلْحَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِنَّ كَالْمُرْضِعَاتِ وَمَنْكُوحَاتِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلْنَ فِي حِكَمِ الْأُمَّهَاتِ ، وَأَمَّا الزَّوْجَاتُ فَأَبْعَدُ شَيْءٍ مِنَ الْأُمُومَةِ " إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ " يُنْكِرُهُ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ وَالطَّبْعُ أَيْضًا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّنْكِيرُ ، وَمَنَاطُ التَّأْكِيدِ كَوْنُهُ مُنْكَرًا ، وَإِلَّا فَصُدُورُ الْقَوْلِ عَنْهُمْ أَمْرٌ مُحَقَّقٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2وَزُورًا أَيْ وَكَذِبًا بَاطِلًا مُنْحَرِفًا عَنِ الْحَقِّ ، وَوَجْهُ كَوْنِ الظِّهَارِ كَذَلِكَ عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ إِخْبَارًا كَاذِبًا - عَلَّقَ عَلَيْهِ الشَّارِعُ الْحُرْمَةَ وَالْكَفَّارَةَ - ظَاهِرٌ ، وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ إِنْشَاءً لِتَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ فِي الشَّرْعِ - كَالطَّلَاقٍ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ - فَوَجْهُهُ أَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ إِلْحَاقِ الزَّوْجَةِ بِالْأُمِّ الْمُنَافِي لِمُقْتَضَى الزَّوْجِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ أَيْ مَبَالِغٌ فِي الْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ فَيَغْفِرُ مَا سَلَفَ مِنْهُ وَيَعْفُو عَمَّنِ ارْتَكَبَهُ مُطْلَقًا أَوْ بِالتَّوْبَةِ ، وَيُعْلَمُ مِنَ الْآيَاتِ أَنَّ الظِّهَارَ حَرَامٌ بَلْ قَالُوا : إِنَّهُ كَبِيرٌ لِأَنَّ فِيهِ إِقْدَامًا عَلَى إِحَالَةِ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَبْدِيلِهِ بِدُونِ إِذْنِهِ ، وَهَذَا أَخْطَرُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْكَبَائِرِ إِذْ قَضِيَّتُهُ الْكُفْرُ لَوْلَا خُلُوُّ الِاعْتِقَادِ عَنْ ذَلِكَ ، وَاحْتِمَالُ التَّشْبِيهِ لِذَلِكَ وَغَيْرِهِ ، وَمِنْ ثَمَّ سَمَّاهُ عَزَّ وَجَلَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ، وَإِنَّمَا كُرِهَ - عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ - لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ وَمُطْلَقَ الْحُرْمَةِ يَجْتَمِعَانِ بِخِلَافِهَا مَعَ التَّحْرِيمِ الْمُشَابِهِ لِتَحْرِيمِ نَحْوِ الْأُمِّ ، وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ هُنَا الْكَفَّارَةُ الْعُظْمَى .
وَثَمَّ عَلَى مَا قَالُوا : كَفَّارَةُ يَمِينٍ ،