[ ص: 360 ] سورة إبراهيم
مكية، [إلا آيتي 28 و 29 فمدنيتان]
وآياتها 52 [نزلت بعد سورة نوح]
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=28985_28723_29785_32450_34225_34226_34237_34513nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد nindex.php?page=treesubj&link=28985_29687_30532_30539nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد nindex.php?page=treesubj&link=28985_29497_30539_34310_34330nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1كتاب : هو كتاب، يعني: السورة، وقرئ: "ليخرج الناس"، والظلمات والنور: استعارتان للضلال والهدى،
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1بإذن ربهم : بتسهيله وتيسيره، مستعار من الإذن الذي هو تسهيل للحجاب، وذلك ما يمنحهم من اللطف والتوفيق،
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1إلى صراط العزيز الحميد : بدل من قوله: "إلى النور" بتكرير العامل، كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=75للذين استضعفوا لمن آمن منهم [الأعراف: 75]، ويجوز أن يكون على وجه الاستئناف، كأنه قيل: إلى أي نور ؟ فقيل: إلى صراط العزيز الحميد، وقوله: "الله": عطف بيان للعزيز الحميد; لأنه جرى مجرى الأسماء الأعلام لغلبته واختصاصه بالمعبود الذي تحق له العبادة كما غلب النجم في الثريا، وقرئ بالرفع على: "هو الله" ، الويل: نقيض الوأل، وهو النجاة اسم معنى، كالهلاك ; إلا أنه لا يشتق منه فعل، إنما يقال: ويلا له، فينصب نصب المصادر، ثم يرفع رفعها; لإفادة معنى الثبات، فيقال: ويل له، كقوله: "سلام عليك"، ولما ذكر الخارجين من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان توعد الكافرين بالويل.
فإن قلت: ما وجه اتصال قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2من عذاب شديد بالويل ؟
قلت: لأن المعنى أنهم يولولون من عذاب شديد، ويضجون منه، ويقولون: يا
[ ص: 361 ] ويلاه، كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=13دعوا هنالك ثبورا [الفرقان: 13]،
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الذين يستحبون : مبتدأ خبره: أولئك في ضلال بعيد، ويجوز أن يكون مجرورا صفة للكافرين، ومنصوبا على الذم، أو مرفوعا على أعني الذين يستحبون أو هم الذين يستحبون، والاستحباب: الإيثار والاختيار، وهو استفعال من المحبة; لأن المؤثر للشيء على غيره، كأنه يطلب من نفسه أن يكون أحب إليها وأفضل عندها من الآخر، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: "ويصدون": بضم الياء وكسر الصاد، يقال: صده عن كذا، وأصده، قال [من الطويل]:
أناس أصدوا الناس بالسيف عنهم ... .............................
والهمزة فيه داخلة على صد صدودا، لتنقله من غير التعدي إلى التعدي، وأما صده، فموضوع على التعدية كمنعه، وليست بفصيحة كأوقفه; لأن الفصحاء استغنوا بصده ووقفه عن تكلف التعدية بالهمزة،
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3ويبغونها عوجا : ويطلبون لسبيل الله زيغا واعوجاجا، وأن يدلوا الناس على أنها سبيل ناكبة عن الحق غير مستوية، ، والأصل: ويبغون لها، فحذف الجار وأوصل الفعل،
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3في ضلال بعيد : أي: ضلوا عن طريق الحق، ووقفوا دونه بمراحل.
فإن قلت: فما معنى وصف الضلال بالبعد.
قلت: هو من الإسناد المجازي، والبعد في الحقيقة للضال; لأنه هو الذي يتباعد عن الطريق، فوصف به فعله، كما تقول: جد جده، ويجوز أن يراد: في ضلال ذي بعد، أو فيه بعد: لأن الضال عن الطريق مكانا قريبا وبعيدا.
[ ص: 360 ] سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ
مَكِّيَّةٌ، [إِلَّا آيَتَيْ 28 و 29 فَمَدَنِيَّتَانِ]
وَآيَاتُهَا 52 [نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ نُوحٍ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=28985_28723_29785_32450_34225_34226_34237_34513nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ nindex.php?page=treesubj&link=28985_29687_30532_30539nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ nindex.php?page=treesubj&link=28985_29497_30539_34310_34330nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1كِتَابٌ : هُوَ كِتَابٌ، يَعْنِي: السُّورَةَ، وَقُرِئَ: "لِيَخْرُجَ النَّاسُ"، وَالظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ: اسْتِعَارَتَانِ لِلضَّلَالِ وَالْهُدَى،
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1بِإِذْنِ رَبِّهِمْ : بِتَسْهِيلِهِ وَتَيْسِيرِهِ، مُسْتَعَارٌ مِنَ الْإِذْنِ الَّذِي هُوَ تَسْهِيلٌ لِلْحِجَابِ، وَذَلِكَ مَا يَمْنَحُهُمْ مِنَ اللُّطْفِ وَالتَّوْفِيقِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ : بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: "إِلَى النُّورِ" بِتَكْرِيرِ الْعَامِلِ، كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=75لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ [الْأَعْرَافُ: 75]، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِئْنَافِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: إِلَى أَيِّ نُورٍ ؟ فَقِيلَ: إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، وَقَوْلُهُ: "اللَّهِ": عَطْفُ بَيَانٍ لِلْعَزِيزِ الْحَمِيدِ; لِأَنَّهُ جَرَى مَجْرَى الْأَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ لِغَلَبَتِهِ وَاخْتِصَاصِهِ بِالْمَعْبُودِ الَّذِي تَحِقُّ لَهُ الْعِبَادَةُ كَمَا غُلِّبَ النَّجْمُ فِي الثُّرَيَّا، وَقُرِئَ بِالرَّفْعِ عَلَى: "هُوَ اللَّهُ" ، الْوَيْلُ: نَقِيضُ الْوَأْلِ، وَهُوَ النَّجَاةُ اسْمُ مَعْنًى، كَالْهَلَاكِ ; إِلَّا أَنَّهُ لَا يُشْتَقُّ مِنْهُ فِعْلٌ، إِنَّمَا يُقَالُ: وَيْلًا لَهُ، فَيُنْصَبُ نَصْبَ الْمَصَادِرِ، ثُمَّ يُرْفَعُ رَفْعَهَا; لِإِفَادَةِ مَعْنَى الثَّبَاتِ، فَيُقَالُ: وَيْلٌ لَهُ، كَقَوْلِهِ: "سَلَامٌ عَلَيْكَ"، وَلَمَّا ذَكَرَ الْخَارِجِينَ مِنْ ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ إِلَى نُورِ الْإِيمَانِ تَوَعَّدَ الْكَافِرِينَ بِالْوَيْلِ.
فَإِنْ قُلْتَ: مَا وَجْهُ اتِّصَالِ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ بِالْوَيْلِ ؟
قُلْتُ: لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُوَلْوِلُونَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، وَيَضِجُّونَ مِنْهُ، وَيَقُولُونَ: يَا
[ ص: 361 ] وَيْلَاهُ، كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=13دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا [الْفُرْقَانُ: 13]،
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ : مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ: أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجْرُورًا صِفَةً لِلْكَافِرِينَ، وَمَنْصُوبًا عَلَى الذَّمِّ، أَوْ مَرْفُوعًا عَلَى أَعْنِي الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ أَوْ هُمُ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ، وَالِاسْتِحْبَابُ: الْإِيثَارُ وَالِاخْتِيَارُ، وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ الْمَحَبَّةِ; لِأَنَّ الْمُؤْثِرَ لِلشَّيْءِ عَلَى غَيْرِهِ، كَأَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهَا وَأَفْضَلَ عِنْدَهَا مِنَ الْآخَرِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ: "وَيُصِدُّونَ": بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ، يُقَالُ: صَدَّهُ عَنْ كَذَا، وَأَصَدَّهُ، قَالَ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
أُنَاسٌ أَصَدُّوا النَّاسَ بِالسَّيْفِ عَنْهُمُ ... .............................
وَالْهَمْزَةُ فِيهِ دَاخِلَةٌ عَلَى صَدَّ صُدُودًا، لِتَنْقِلَهُ مِنْ غَيْرِ التَّعَدِّي إِلَى التَّعَدِّي، وَأَمَّا صَدُّهُ، فَمَوْضُوعٌ عَلَى التَّعْدِيَةِ كَمَنَعَهُ، وَلَيْسَتْ بِفَصِيحَةٍ كَأَوْقَفَهُ; لِأَنَّ الْفُصَحَاءَ اسْتَغْنَوْا بِصَدِّهِ وَوَقْفِهِ عَنْ تَكَلُّفِ التَّعْدِيَةِ بِالْهَمْزَةِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا : وَيَطْلُبُونَ لِسَبِيلِ اللَّهِ زَيْغًا وَاعْوِجَاجًا، وَأَنْ يَدُلُّوا النَّاسَ عَلَى أَنَّهَا سَبِيلٌ نَاكِبَةٌ عَنِ الْحَقِّ غَيْرُ مُسْتَوِيَةٍ، ، وَالْأَصْلُ: وَيَبْغُونَ لَهَا، فَحُذِفَ الْجَارُّ وَأُوصِلَ الْفِعْلُ،
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ : أَيْ: ضَلُّوا عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ، وَوَقَفُوا دُونَهُ بِمَرَاحِلَ.
فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا مَعْنَى وَصْفِ الضَّلَالِ بِالْبُعْدِ.
قُلْتُ: هُوَ مِنَ الْإِسْنَادِ الْمُجَازِيِّ، وَالْبُعْدُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلضَّالِّ; لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَبَاعَدُ عَنِ الطَّرِيقِ، فَوَصَفَ بِهِ فِعْلَهُ، كَمَا تَقُولُ: جَدَّ جِدُّهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ: فِي ضَلَالِ ذِي بُعْدٍ، أَوْ فِيهِ بُعْدٌ: لِأَنَّ الضَّالَّ عَنِ الطَّرِيقِ مَكَانًا قَرِيبًا وَبَعِيدًا.