[ ص: 5 ] سورة النساء . مدنية ، وهي مائة وست وسبعون آية . بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=28975_18043_19860_28723_30497_31807_31808_34252_34263_34513nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يا أيها الناس يا بني
آدم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1خلقكم من نفس واحدة : فرعكم من أصل واحد وهو نفس آدم أبيكم . فإن قلت : علام عطف قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1وخلق منها زوجها : ؟ قلت : فيه وجهان : أحدهما أن يعطف على محذوف ، كأنه قيل : من نفس واحدة أنشأها أو ابتدأها ، وخلق منها زوجها ، وإنما حذف لدلالة المعنى عليه ، والمعنى : شعبكم من نفس واحدة هذه صفتها ، وهي أنه أنشأها من تراب وخلق زوجها
حواء من ضلع من أضلاعها ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1وبث منهما : نوعي جنس الإنس وهما الذكور والإناث ، فوصفها بصفة هي بيان وتفصيل بكيفية خلقهم منها ، والثاني : أن يعطف على خلقكم ، ويكون الخطاب في
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يا أيها الناس : للذين بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمعنى : خلقكم من نفس
آدم ، لأنهم من جملة الجنس المفرع منه ، وخلق منها أمكم
حواء وبث منهما ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1رجالا كثيرا ونساء : غيركم من الأمم الفائتة للحصر . فإن قلت : الذي يقتضيه سداد نظم الكلام وجزالته أن يجاء عقيب الأمر بالتقوى بما يوجبها أو يدعو إليها ويبحث عليها ، فكيف كان خلقه إياهم من نفس واحدة على التفصيل الذي ذكره موجبا للتقوى وداعيا إليها؟ قلت : لأن ذلك مما يدل على القدرة العظيمة ، ومن قدر على نحوه كان قادرا على كل شيء ، ومن المقدورات
nindex.php?page=treesubj&link=30525عقاب العصاة ،
[ ص: 6 ] فالنظر فيه يؤدي إلى أن يتقي القادر عليه ويخشى عقابه ، ولأنه يدل على النعمة السابغة عليهم ، فحقهم أن يتقوه في كفرانها والتفريط فيما يلزمهم من القيام بشكرها . أو أراد بالتقوى تقوى خاصة وهي أن يتقوه فيما يتصل بحفظ الحقوق بينهم ، فلا يقطعوا ما يجب عليهم وصله ، فقيل : اتقوا ربكم الذي وصل بينكم ، حيث جعلكم صنوانا مفرعة من أرومة واحدة . فيما يجب على بعضكم لبعض فحافظوا عليه ولا تغفلوا عنه ، وهذا المعنى مطابق لمعاني السورة ، وقرئ : "وخالق منها زوجها ، وباث منهما" ، بلفظ اسم الفاعل ، وهو خبر مبتدأ محذوف تقديره : وهو خالق ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1تساءلون به : تتساءلون به ، فأدغمت التاء في السين ، وقرئ "تساءلون" بطرح التاء الثانية ، أي : يسأل بعضكم بعضا بالله وبالرحم . فيقول : بالله وبالرحم أفعل كذا على سبيل الاستعطاف ، وأناشدك الله والرحم . أو تسألون غيركم بالله والرحم ، فقيل "تفاعلون" موضع "تفعلون" للجمع ، كقولك : رأيت الهلال وتراءيناه ، وتنصره قراءة من قرأ "تسلون به" . مهموز أو غير مهموز ، وقرئ "والأرحام" بالحركات الثلاث ، فالنصب على وجهين ، إما على : واتقوا الله والأرحام ، أو أن يعطف على محل الجار والمجرور ، كقولك : مررت بزيد وعمرا ، وينصره قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : "تسألون به وبالأرحام" ، والجر على عطف الظاهر على المضمر ، وليس بسديد; لأن الضمير المتصل متصل كاسمه ، والجار والمجرور كشيء واحد ، فكانا في قولك : "مررت به وزيد" و "هذا غلامه وزيد" شديدي الاتصال ، فلما اشتد الاتصال لتكرره أشبه العطف على بعض الكلمة ، فلم يجز ووجب تكرير العامل ، كقولك : "مررت به وبزيد" و “ هذا غلامه وغلام زيد" ألا ترى إلى صحة قولك : "رأيتك وزيدا" و "مررت بزيد وعمرو" لما لم يقو الاتصال ، لأنه لم يتكرر ، وقد تمحل لصحة هذه القراءة بأنها على تقدير تكرير الجار ونظيرها [من البسيط] .
فاذهب فما بك والأيام من عجب
[ ص: 7 ] والرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف ، كأنه قيل : والأرحام كذلك ، على معنى : والأرحام مما يتقى أو والأرحام مما يساءل به ، والمعنى أنهم كانوا يقرون بأن لهم خالقا ، وكانوا يتساءلون بذكر الله والرحم ، فقيل لهم : اتقوا الله الذي خلقكم ، واتقوا الذي تتناشدون به واتقوا الأرحام فلا تقطعوها . أو واتقوا الله الذي تتعاطفون بإذكاره وبإذكار الرحم ، وقد آذن عز وجل إذ قرن الأرحام باسمه ، أن صلتها منه بمكان ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا : [الإسراء : 23] ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : إذا سألك بالله فأعطه ، وإذا سألك بالرحم فأعطه ، وللرحم حجنه عند العرش ، ومعناه ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنه - : الرحم معلقة بالعرش فإذا أتاها الواصل بشت به وكلمته ، وإذا أتاها القاطع احتجبت منه ، وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن قوله عليه الصلاة والسلام : "تخيروا لنطفكم" . فقال : يقول لأولادكم وذلك أن يضع ولده في الحلال . ألم تسمع قوله
[ ص: 8 ] تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام : وأول صلته أن يختار له الموضع الحلال ، فلا يقطع رحمه ولا نسبه فإنما للعاهر الحجر ، ثم يختار الصحة ويجتنب الدعوة ، ولا يضعه موضع سوء يتبع شهوته وهواه بغير هدى من الله .
[ ص: 5 ] سُورَةُ النِّسَاءِ . مَدَنِيَّةٌ ، وَهِيَ مِائَةٌ وَسِتٌّ وَسَبْعُونَ آيَةً . بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=28975_18043_19860_28723_30497_31807_31808_34252_34263_34513nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّاسُ يَا بَنِي
آدَمَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ : فَرَّعَكُمْ مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ نَفْسُ آدَمَ أَبِيكُمْ . فَإِنْ قُلْتَ : عَلامَ عَطَفَ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا : ؟ قُلْتُ : فِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يُعْطَفَ عَلَى مَحْذُوفٍ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ أَنْشَأَهَا أَوِ ابْتَدَأَهَا ، وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ، وَإِنَّمَا حُذِفَ لِدَلالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ ، وَالْمَعْنَى : شَعَّبَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ هَذِهِ صِفَتُهَا ، وَهِيَ أَنَّهُ أَنْشَأَهَا مِنْ تُرَابٍ وَخَلَقَ زَوْجَهَا
حَوَّاءَ مِنْ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلاعِهَا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1وَبَثَّ مِنْهُمَا : نَوْعَيْ جِنْسِ الْإِنْسِ وَهُمَا الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ ، فَوَصَفَهَا بِصِفَةٍ هِيَ بَيَانٌ وَتَفْصِيلٌ بِكَيْفِيَّةِ خَلْقِهِمْ مِنْهَا ، وَالثَّانِي : أَنْ يُعْطَفَ عَلَى خَلَقَكُمْ ، وَيَكُونُ الْخِطَابُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّاسُ : لِلَّذِينِ بُعِثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْمَعْنَى : خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسِ
آدَمَ ، لِأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْجِنْسِ الْمُفَرَّعِ مِنْهُ ، وَخَلَقَ مِنْهَا أُمَّكُمْ
حَوَّاءَ وَبَثَّ مِنْهُمَا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً : غَيْرَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْفَائِتَةِ لِلْحَصْرِ . فَإِنْ قُلْتَ : الَّذِي يَقْتَضِيهِ سَدَادُ نَظْمِ الْكَلامِ وَجَزَالَتِهِ أَنْ يُجَاءَ عُقَيْبَ الْأَمْرِ بِالتَّقْوَى بِمَا يُوجِبُهَا أَوْ يَدْعُو إِلَيْهَا وَيَبْحَثُ عَلَيْهَا ، فَكَيْفَ كَانَ خَلْقُهُ إِيَّاهُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُوجِبًا لِلتَّقْوَى وَدَاعِيًا إِلَيْهَا؟ قُلْتُ : لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْقُدْرَةِ الْعَظِيمَةِ ، وَمَنْ قَدَرَ عَلَى نَحْوِهِ كَانَ قَادِرًا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، وَمِنَ الْمَقْدُورَاتِ
nindex.php?page=treesubj&link=30525عِقَابُ الْعُصَاةِ ،
[ ص: 6 ] فَالنَّظَرُ فِيهِ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ يَتَّقِيَ الْقَادِرُ عَلَيْهِ وَيَخْشَى عِقَابَهُ ، وَلِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى النِّعْمَةِ السَّابِغَةِ عَلَيْهِمْ ، فَحَقُّهُمْ أَنْ يَتَّقُوهُ فِي كُفْرَانِهَا وَالتَّفْرِيطِ فِيمَا يَلْزَمُهُمْ مِنَ الْقِيَامِ بِشُكْرِهَا . أَوْ أَرَادَ بِالتَّقْوَى تَقْوَى خَاصَّةً وَهِيَ أَنْ يَتَّقُوهُ فِيمَا يَتَّصِلُ بِحِفْظِ الْحُقُوقِ بَيْنَهُمْ ، فَلا يَقْطَعُوا مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَصْلُهُ ، فَقِيلَ : اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي وَصَلَ بَيْنَكُمْ ، حَيْثُ جَعَلَكُمْ صِنْوَانًا مُفَرَّعَةً مِنْ أَرُومَةٍ وَاحِدَةٍ . فِيمَا يَجِبُ عَلَى بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ فَحَافِظُوا عَلَيْهِ وَلا تَغْفُلُوا عَنْهُ ، وَهَذَا الْمَعْنَى مُطَابِقٌ لِمَعَانِي السُّورَةِ ، وَقُرِئَ : "وَخَالِقٌ مِنْهَا زَوْجَهَا ، وَبَاثٌّ مِنْهُمَا" ، بِلَفْظِ اسْمِ الْفَاعِلِ ، وَهُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : وَهُوَ خَالِقٌ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1تَسَاءَلُونَ بِهِ : تَتَسَاءَلُونَ بِهِ ، فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي السِّينِ ، وَقُرِئَ "تَسَاءَلُونَ" بِطَرْحِ التَّاءِ الثَّانِيَةِ ، أَيْ : يَسْأَلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِاللَّهِ وَبِالرَّحِمِ . فَيَقُولُ : بِاللَّهِ وَبِالرَّحِمِ أَفْعَلُ كَذَا عَلَى سَبِيلِ الاسْتِعْطَافِ ، وَأُنَاشِدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ . أَوْ تَسْأَلُونَ غَيْرَكُمْ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ ، فَقِيلَ "تَفَاعَلُونَ" مَوْضِعَ "تَفْعَلُونَ" لِلْجَمْعِ ، كَقَوْلِكَ : رَأَيْتُ الْهِلالَ وَتَرَاءَيْنَاهُ ، وَتَنْصُرُهُ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ "تَسَلُونَ بِهِ" . مَهْمُوزٌ أَوْ غَيْرُ مَهْمُوزٍ ، وَقُرِئَ "وَالْأَرْحَامَ" بِالْحَرَكَاتِ الثَّلاثِ ، فَالنَّصْبُ عَلَى وَجْهَيْنِ ، إِمَّا عَلَى : وَاتَّقُوا اللَّهَ وَالْأَرْحَامَ ، أَوْ أَنْ يُعْطَفَ عَلَى مَحَلِّ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ ، كَقَوْلِكَ : مَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَعَمْرًا ، وَيَنْصُرُهُ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ : "تَسْأَلُونَ بِهِ وَبِالْأَرْحَامِ" ، وَالْجَرُّ عَلَى عَطْفِ الظَّاهِرِ عَلَى الْمُضْمَرِ ، وَلَيْسَ بِسَدِيدٍ; لِأَنَّ الضَّمِيرَ الْمُتَّصِلَ مُتَّصِلٌ كَاسْمِهِ ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ ، فَكَانَا فِي قَوْلِكَ : "مَرَرْتُ بِهِ وَزَيْدٍ" وَ "هَذَا غُلامُهُ وَزَيْدٌ" شَدِيدِي الاتِّصَالِ ، فَلَمَّا اشْتَدَّ الاتِّصَالُ لِتَكَرُّرِهِ أَشْبَهَ الْعَطْفَ عَلَى بَعْضِ الْكَلِمَةِ ، فَلَمْ يَجُزْ وَوَجَبَ تَكْرِيرُ الْعَامِلِ ، كَقَوْلِكَ : "مَرَرْتُ بِهِ وَبِزَيْدٍ" وَ “ هَذَا غُلامُهُ وَغُلامُ زَيْدٍ" أَلا تَرَى إِلَى صِحَّةِ قَوْلِكَ : "رَأَيْتُكَ وَزَيْدًا" وَ "مَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَعَمْرٍو" لَمَّا لَمْ يَقْوَ الاتِّصَالُ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَرَّرْ ، وَقَدْ تَمَحَّلَ لِصِحَّةِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ بِأَنَّهَا عَلَى تَقْدِيرِ تَكْرِيرِ الْجَارِّ وَنَظِيرُهَا [مِنَ الْبَسِيطِ] .
فَاذْهَبْ فَمَا بِكَ وَالْأَيَّامِ مِنْ عَجَبٍ
[ ص: 7 ] وَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : وَالْأَرْحَامُ كَذَلِكَ ، عَلَى مَعْنَى : وَالْأَرْحَامُ مِمَّا يُتَّقَى أَوْ وَالْأَرْحَامُ مِمَّا يُسَاءَلُ بِهِ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُقِرُّونَ بِأَنَّ لَهُمْ خَالِقًا ، وَكَانُوا يَتَسَاءَلُونَ بِذِكْرِ اللَّهِ وَالرَّحِمِ ، فَقِيلَ لَهُمُ : اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي خَلَقَكُمْ ، وَاتَّقُوا الَّذِي تَتَنَاشَدُونَ بِهِ وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ فَلا تَقْطَعُوهَا . أَوْ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَعَاطَفُونَ بِإِذْكَارِهِ وَبِإِذْكَارِ الرَّحِمِ ، وَقَدْ آذَنَ عَزَّ وَجَلَّ إِذْ قَرَنَ الْأَرْحَامَ بِاسْمِهِ ، أَنَّ صِلَتَهَا مِنْهُ بِمَكَانٍ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا : [الْإِسْرَاءِ : 23] ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ : إِذَا سَأَلَكَ بِاللَّهِ فَأَعْطِهِ ، وَإِذَا سَأَلَكَ بِالرَّحِمِ فَأَعْطِهِ ، وَلِلرَّحِمِ حَجْنُهُ عِنْدَ الْعَرْشِ ، وَمَعْنَاهُ مَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ فَإِذَا أَتَاهَا الْوَاصِلُ بَشَّتْ بِهِ وَكَلَّمَتْهُ ، وَإِذَا أَتَاهَا الْقَاطِعُ احْتَجَبَتْ مِنْهُ ، وَسُئِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : "تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ" . فَقَالَ : يَقُولُ لِأَوْلادِكُمْ وَذَلِكَ أَنْ يَضَعَ وَلَدَهُ فِي الْحَلالِ . أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ
[ ص: 8 ] تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ : وَأَوَّلُ صِلَتِهِ أَنْ يَخْتَارَ لَهُ الْمَوْضِعَ الْحَلالَ ، فَلا يَقْطَعُ رَحِمَهُ وَلا نَسَبَهُ فَإِنَّمَا لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ، ثُمَّ يَخْتَارُ الصِّحَّةَ وَيَجْتَنِبُ الدَّعْوَةَ ، وَلا يَضَعُهُ مَوْضِعَ سُوءٍ يَتَّبِعُ شَهْوَتَهُ وَهَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ .