قوله - عز وجل -:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30175_31989_31998_33143_34091_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب nindex.php?page=treesubj&link=28657_28723_31989_34189_34513_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد
اختلف المفسرون في وقت وقوع هذا القول؛ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي وغيره: لما رفع الله
عيسى - عليه السلام - إليه؛ قالت النصارى ما قالت؛ وزعموا أن
عيسى - عليه السلام - أمرهم بذلك؛ فسأله تعالى حينئذ عن قولهم؛ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116 "سبحانك"؛ الآية.
قال
القاضي أبو محمد - رحمه الله -: فتجيء "قال"؛ على هذا متمكنة في المضي؛ ويجيء قوله آخرا:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=118وإن تغفر لهم ؛ أي بالتوبة من الكفر؛ لأن هذا ما قاله
عيسى - عليه السلام - وهم أحياء في الدنيا.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ؛ وجمهور الناس: هذا القول من الله إنما هو في يوم القيامة؛
[ ص: 304 ] يقول الله له على رؤوس الخلائق؛ فيرى الكفار تبريه منهم؛ ويعلمون أن ما كانوا فيه باطل.
قال
القاضي أبو محمد - رحمه الله -: و"قال" - على هذا التأويل - بمعنى: "يقول"؛ ونزل الماضي موضع المستقبل دلالة على كون الأمر وثبوته؛ وقوله آخرا:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=118وإن تغفر لهم ؛ معناه: إن عذبت العالم كله فبحقك؛ وإن غفرت؛ وسبق ذلك في علمك؛ فلأنك أهل لذلك؛ لا معقب لحكمك؛ ولا منازع لك؛ وليس المعنى أنه لا بد من أن تفعل أحد هذين الأمرين؛ بل قال هذا القول مع علمه بأن الله لا يغفر أن يشرك به؛ وفائدة هذا التوقيف - على قول من قال إنه في يوم القيامة - ظهور الذنب على الكفرة في عبادة
عيسى - عليه السلام -؛ وهو توقيف له يتبين منه بيان ضلال الضالين.
و"سبحانك"؛ معناه: تنزيها لك عن أن يقال هذا؛ وينطق به.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116ما يكون لي أن أقول ؛ الآية؛ نفي يعضده دليل العقل؛ فهذا ممتنع عقلا أن يكون لبشر محدث أن يدعي الألوهية؛ وقد تجيء هذه الصيغة فيما لا ينبغي؛ ولا يحسن؛ مع إمكانه؛ ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق - رضي الله عنه -: "ما كان
nindex.php?page=showalam&ids=1لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله - صلى اللـه عليه وسلم".
ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116إن كنت قلته فقد علمته ؛ فوفق الله عيسى - عليه السلام - لهذه الحجة البالغة؛ وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تعلم ما في نفسي ؛ بإحاطة الله به؛ وخص النفس بالذكر لأنها مظنة الكتم والانطواء على المعلومات؛ والمعنى إن الله يعلم ما في نفس عيسى ويعلم كل أمره؛ مما عسى ألا يكون في نفسه؛ وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116ولا أعلم ما في نفسك ؛ معناه: ولا أعلم ما عندك من المعلومات؛ وما أحطت به؛ وذكر النفس هنا مقابلة لفظية في اللسان العربي؛ يقتضيها الإيجاز؛ وهذا ينظر من طرف خفي إلى قوله:
[ ص: 305 ] nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54ومكروا ومكر الله ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15الله يستهزئ بهم ؛ فتسمية العقوبة باسم الذنب إنما قاد إليها طلب المقابلة اللفظية؛ إذ هي من فصيح الكلام؛ وبارع العبارة؛ ثم أقر - عليه السلام - لله تعالى بأنه علام الغيوب؛ والمعنى: "ولا علم لي أنا بغيب؛ فكيف تكون لي الألوهية؟"؛ ثم أخبر عما صنع في الدنيا؛ وقال في تبليغه؛ وهو أنه لم يتعد أمر الله في أن أمرهم بعبادته ؛ وأقر بربوبيته؛ و"أن"؛ في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117أن اعبدوا الله ؛ مفسرة؛ لا موضع لها من الإعراب؛ ويصح أن تكون بدلا من "ما"؛ ويصح أن تكون في موضع خفض؛ على تقدير: "بأن اعبدوا الله"؛ ويصح أن تكون بدلا من الضمير في "به".
ثم أخبر - عليه السلام - أنه كان شهيدا ما دام فيهم في الدنيا؛ فـ "ما"؛ ظرفية.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117فلما توفيتني ؛ أي: قبضتني إليك بالرفع؛ والتصيير في السماء؛ و"الرقيب": الحافظ المراعي.
قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30175_31989_31998_33143_34091_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهُ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ nindex.php?page=treesubj&link=28657_28723_31989_34189_34513_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
اِخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي وَقْتِ وُقُوعِ هَذَا الْقَوْلِ؛ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ: لَمَّا رَفَعَ اللَّهُ
عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِلَيْهِ؛ قَالَتِ النَّصَارَى مَا قَالَتْ؛ وَزَعَمُوا أَنَّ
عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ؛ فَسَأَلَهُ تَعَالَى حِينَئِذٍ عَنْ قَوْلِهِمْ؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116 "سُبْحَانَكَ"؛ اَلْآيَةَ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَتَجِيءُ "قَالَ"؛ عَلَى هَذَا مُتَمَكِّنَةٌ فِي الْمُضِيِّ؛ وَيَجِيءُ قَوْلُهُ آخِرًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=118وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ ؛ أَيْ بِالتَّوْبَةِ مِنَ الْكُفْرِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَا قَالَهُ
عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهُمْ أَحْيَاءٌ فِي الدُّنْيَا.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ ؛ وَجُمْهُورُ النَّاسِ: هَذَا الْقَوْلُ مِنَ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛
[ ص: 304 ] يَقُولُ اللَّهُ لَهُ عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ؛ فَيَرَى الْكُفَّارُ تَبَرِّيهِ مِنْهُمْ؛ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ مَا كَانُوا فِيهِ بَاطِلٌ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَ"قَالَ" - عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ - بِمَعْنَى: "يَقُولُ"؛ وَنُزِّلَ الْمَاضِي مَوْضِعَ الْمُسْتَقْبَلِ دَلَالَةً عَلَى كَوْنِ الْأَمْرِ وَثُبُوتِهِ؛ وَقَوْلُهُ آخِرًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=118وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ ؛ مَعْنَاهُ: إِنْ عَذَّبْتَ الْعَالَمَ كُلَّهُ فَبِحَقِّكَ؛ وَإِنْ غَفَرْتَ؛ وَسَبَقَ ذَلِكَ فِي عِلْمِكَ؛ فَلِأَنَّكَ أَهْلٌ لِذَلِكَ؛ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِكَ؛ وَلَا مُنَازِعَ لَكَ؛ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَفْعَلَ أَحَدَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ؛ بَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ؛ وَفَائِدَةُ هَذَا التَّوْقِيفِ - عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ - ظُهُورُ الذَّنْبِ عَلَى الْكَفَرَةِ فِي عِبَادَةِ
عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ وَهُوَ تَوْقِيفٌ لَهُ يَتَبَيَّنُ مِنْهُ بَيَانُ ضَلَالِ الضَّالِّينَ.
وَ"سُبْحَانَكَ"؛ مَعْنَاهُ: تَنْزِيهًا لَكَ عَنْ أَنْ يُقَالَ هَذَا؛ وَيُنْطَقَ بِهِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ؛ اَلْآيَةَ؛ نَفْيٌ يُعَضِّدُهُ دَلِيلُ الْعَقْلِ؛ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ عَقْلًا أَنْ يَكُونَ لِبَشَرٍ مُحْدَثٍ أَنْ يَدَّعِيَ الْأُلُوهِيَّةَ؛ وَقَدْ تَجِيءُ هَذِهِ الصِّيغَةُ فِيمَا لَا يَنْبَغِي؛ وَلَا يَحْسُنُ؛ مَعَ إِمْكَانِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: "مَا كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=1لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ؛ فَوَفَّقَ اللَّهُ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِهَذِهِ الْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ؛ وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي ؛ بِإِحَاطَةِ اللَّهِ بِهِ؛ وَخَصَّ النَّفْسَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْكَتْمِ وَالِانْطِوَاءِ عَلَى الْمَعْلُومَاتِ؛ وَالْمَعْنَى إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِ عِيسَى وَيَعْلَمُ كُلَّ أَمْرِهِ؛ مِمَّا عَسَى أَلَّا يَكُونَ فِي نَفْسِهِ؛ وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ؛ مَعْنَاهُ: وَلَا أَعْلَمُ مَا عِنْدَكَ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ؛ وَمَا أَحَطْتَ بِهِ؛ وَذِكْرُ النَّفْسِ هُنَا مُقَابَلَةٌ لَفْظِيَّةٌ فِي اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ؛ يَقْتَضِيهَا الْإِيجَازُ؛ وَهَذَا يَنْظُرُ مِنْ طَرَفٍ خَفِيٍّ إِلَى قَوْلِهِ:
[ ص: 305 ] nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ؛ فَتَسْمِيَةُ الْعُقُوبَةِ بِاسْمِ الذَّنْبِ إِنَّمَا قَادَ إِلَيْهَا طَلَبُ الْمُقَابَلَةِ اللَّفْظِيَّةِ؛ إِذْ هِيَ مِنْ فَصِيحِ الْكَلَامِ؛ وَبَارِعِ الْعِبَارَةِ؛ ثُمَّ أَقَرَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ عَلَّامُ الْغُيُوبِ؛ وَالْمَعْنَى: "وَلَا عِلْمَ لِي أَنَا بِغَيْبٍ؛ فَكَيْفَ تَكُونُ لِيَ الْأُلُوهِيَّةُ؟"؛ ثُمَّ أَخْبَرَ عَمَّا صَنَعَ فِي الدُّنْيَا؛ وَقَالَ فِي تَبْلِيغِهِ؛ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ أَمْرَ اللَّهِ فِي أَنْ أَمَرَهُمْ بِعِبَادَتِهِ ؛ وَأَقَرَّ بِرُبُوبِيَّتِهِ؛ وَ"أَنْ"؛ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ؛ مُفَسِّرَةٌ؛ لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ؛ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ بَدَلًا مِنْ "مَا"؛ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ؛ عَلَى تَقْدِيرِ: "بِأَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ"؛ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي "بِهِ".
ثُمَّ أَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ كَانَ شَهِيدًا مَا دَامَ فِيهِمْ فِي الدُّنْيَا؛ فَـ "مَا"؛ ظَرْفِيَّةٌ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي ؛ أَيْ: قَبَضْتَنِي إِلَيْكَ بِالرَّفْعِ؛ وَالتَّصْيِيرِ فِي السَّمَاءِ؛ وَ"اَلرَّقِيبُ": اَلْحَافِظُ الْمُرَاعِي.