[ ص: 367 ] قوله - عز وجل -:
nindex.php?page=treesubj&link=30513_31643_31784_32022_32028_32345_32354_32356_33686_34028_34166_34346_34513_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين nindex.php?page=treesubj&link=30454_30483_34091_34308_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين
المراد بـ "الذين"؛ ضعفة المؤمنين؛ في ذلك الوقت؛ في أمور الدنيا:
nindex.php?page=showalam&ids=115بلال ؛
وعمار ؛
وابن أم عبد؛ ومرثد الغنوي؛ nindex.php?page=showalam&ids=211وخباب ؛
nindex.php?page=showalam&ids=52وصهيب ؛
وصبيح؛ وذو الشمالين؛ والمقداد ؛ ونحوهم.
وسبب الآية أن الكفار قال بعضهم للنبي - صلى اللـه عليه وسلم -: "نحن لشرفنا؛ وأقدارنا؛ لا يمكننا أن نختلط بهؤلاء؛ فلو طردتهم لاتبعناك؛ وجالسناك"؛ ورد في ذلك حديث عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ؛ وقيل: إنما قال هذه المقالة
أبو طالب؛ على جهة النصح للنبي - صلى اللـه عليه وسلم -؛ قال له: "لو أزلت هؤلاء لاتبعك أشراف قومك"؛ وروي أن ملأ
قريش اجتمعوا إلى
أبي طالب في ذلك؛ وظاهر الأمر أنهم أرادوا بذلك الخديعة؛ فصوب هذا الرأي من
أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وغيره من المؤمنين؛ فنزلت الآية.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما -: إن بعض الكفار إنما طلب أن يؤخر هؤلاء عن الصف الأول في الصلاة؛ ويكونوا هم موضعهم؛ ويؤمنوا إذا طرد هؤلاء من الصف الأول؛ فنزلت الآية؛ أسند
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري إلى
nindex.php?page=showalam&ids=211خباب بن الأرت أن الأقرع بن حابس؛ ومن شابهه من أشراف العرب؛ قالوا للنبي - صلى اللـه عليه وسلم -: "اجعل لنا منك مجلسا لا يخالطنا فيه العبد؛ والحلفاء؛ واكتب لنا كتابا"؛ فهم النبي - صلى اللـه عليه وسلم - بذلك؛ فنزلت هذه الآية. [ ص: 368 ] قال
القاضي أبو محمد - رحمه الله -: وهذا تأويل بعيد في نزول الآية؛ لأن الآية مكية؛ وهؤلاء الأشراف لم يفدوا إلا في
المدينة؛ وقد يمكن أن يقع هذا القول منهم؛ ولكنه إن كان وقع فبعد نزول الآية بمدة؛ اللهم إلا أن تكون الآية مدنية؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=211خباب - رضي الله عنه -: ثم نزلت:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم ؛ الآية؛ فكنا نأتي فيقول لنا - صلى اللـه عليه وسلم -: "سلام عليكم"؛ ونقعد معه - صلى اللـه عليه وسلم -؛ فإذا أراد أن يقوم قام - صلى اللـه عليه وسلم - وتركنا؛ فأنزل الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم ؛ الآية؛ فكان - صلى اللـه عليه وسلم - يقعد معنا؛ فإذا بلغ الوقت الذي يقوم فيه - صلى اللـه عليه وسلم - قمنا وتركناه حتى يقوم - صلى اللـه عليه وسلم.
و
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52يدعون ربهم بالغداة والعشي ؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن: المراد به صلاة مكة؛ التي كانت مرتين في اليوم؛ بكرة؛ وعشيا؛ وقيل: بل قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52بالغداة والعشي ؛ عبارة عن استمرار الفعل؛ وأن الزمن معمور به؛ كما تقول: "الحمد لله بكرة وأصيلا"؛ فإنما تريد: "الحمد لله تعالى في كل وقت"؛ والمراد - على هذا التأويل - قيل: هو الصلوات الخمس؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؛
وإبراهيم؛ وقيل: الدعاء؛ وذكر الله تعالى ؛ واللفظة على وجهها؛ وقال بعض القصاص: إنه الاجتماع إليهم غدوة وعشيا؛ فأنكر ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ؛
وعبد الرحمن بن أبي عمرة؛ وغيرهما؛ وقالوا: إنما الآية في الصلوات في الجماعة؛ وقيل: قراءة القرآن؛ وتعلمه؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر : ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ؛ وقيل: العبادة؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12067أبو عبد الرحمن ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16871ومالك بن دينار ؛
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ؛
ونصر بن عاصم ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر : "بالغدوة والعشي"؛ وروي عن
أبي عبد الرحمن : "بالغدو"؛ بغير تاء؛ وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة : "بالغدوات والعشيات"؛ بألف فيهما؛ على الجمع؛ و"غدوة": معرفة؛ لأنها جعلت علما
[ ص: 369 ] لوقت من ذلك اليوم بعينه؛ وجاز إدخال الألف واللام عليها؛ كما حكى
أبو زيد : "لقيته فينة"؛ غير مصروف؛ و"الفينة بعد الفينة"؛ فألحقوا لام المعرفة ما استعمل معرفة؛ وحملا على ما حكاه الخليل أنه يقال: "لقيته اليوم غدوة"؛ منونا؛ ولأن فيها مع تعيين اليوم إمكان تقدير معنى الشياع؛ ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي الفارسي .
و"وجهه"؛ في هذا الموضع؛ معناه: جهة التزلف إليه؛ كما تقول: "خرج فلان في وجه كذا"؛ أي: "في مقصد؛ وجهة".
و
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52ما عليك من حسابهم من شيء ؛ معناه: لم تكلف شيئا غير دعائهم؛ فتقدم أنت وتؤخر؛ ويظهر أن يكون الضمير في "حسابهم"؛ و"عليهم"؛ للكفار الذين أرادوا طرد المؤمنين؛ أي: "ما عليك منهم؛ آمنوا أو كفروا؛ فتطرد هؤلاء رعيا لذلك"؛ والضمير في "فتطردهم"؛ عائد على الضعفة من المؤمنين؛ ويؤيد هذا التأويل أن ما بعد الفاء - أبدا - سبب ما قبلها؛ وذلك لا يبين إذا كانت الضمائر كلها للمؤمنين؛ وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري أن الحساب؛ هنا؛ إنما هو في رزق الدنيا؛ أي: "لا ترزقهم؛ ولا يرزقونك".
قال
القاضي أبو محمد - رحمه الله -: فعلى هذا تجيء الضمائر كلها للمؤمنين؛ وذكره المهدوي؛ وذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أنه من حساب عملهم؛ كما قال الجمهور؛ و"من"؛ الأولى للتبعيض؛ والثانية زائدة؛ مؤكدة؛ وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52 "فتطردهم"؛ جواب النفي في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52 "ما عليك"؛ وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52 "فتكون"؛ جواب النهي في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52 "ولا تطرد"؛ و
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52 "من الظالمين"؛ معناه: "الذين يضعون الشيء غير مواضعه".
وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53وكذلك فتنا بعضهم ببعض ؛ الآية: "فتنا"؛ في هذه الآية؛ معناه: ابتلينا؛ فابتلاء المؤمنين بالمشركين هو ما يلقون منهم من الأذى؛ وابتلاء
[ ص: 370 ] المشركين بالمؤمنين هو أن يرى الرجل الشريف من المشركين قوما لا شرف لهم قد عظمهم هذا الدين؛ وجعل لهم عند نبيه قدرا ومنزلة؛ والإشارة بـ "ذلك"؛ إلى ما ذكر من طلبهم أن يطرد الضعفة؛ و"ليقولوا"؛ معناه: "ليصير بحكم القدر أمرهم إلى أن يقولوا..."؛ فهي لام الصيرورة؛ كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=8فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ؛ أي: ليصير مثاله أن يكون لهم عدوا؛ وقول المشركين - على هذا التأويل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ؛ هو على جهة الاستخفاف والهزء؛ ويحتمل الكلام معنى آخر؛ وهو أن تكون اللام في "ليقولوا"؛ على بابها في لام "كي"؛ وتكون المقالة منهم استفهاما لأنفسهم؛ ومباحثة لها؛ وتكون سبب إيمان من سبق إيمانه منهم؛ فمعنى الآية - على هذا التأويل -: "وكذلك ابتلينا أشراف الكفار بضعفاء المؤمنين؛ ليتعجبوا في نفوسهم من ذلك؛ ويكون سبب نظر لمن هدي".
قال
القاضي أبو محمد - رحمه الله -: والتأويل الأول أسبق؛ والثاني يتخرج؛ و"من"؛ على كلا التأويلين إنما هي على معتقد المؤمنين؛ أي: "هؤلاء من الله عليهم؛ بزعمهم أن دينهم منة".
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53أليس الله بأعلم بالشاكرين ؛ أي: "يا أيها المستخفون - أو المتعجبون؛ على التأويل الآخر - ليس الأمر أمر استخفاف؛ ولا تعجب؛ فالله تعالى أعلم بمن يشكر نعمته؛ وبالمواضع التي ينبغي أن يوضع فيها؛ فجاء إعلامهم بذلك في لفظ التقدير؛ إذ ذلك بين؛ لا تمكنهم فيه معاندة".
[ ص: 367 ] قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=treesubj&link=30513_31643_31784_32022_32028_32345_32354_32356_33686_34028_34166_34346_34513_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=treesubj&link=30454_30483_34091_34308_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَنَّ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ
اَلْمُرَادُ بَـ "اَلَّذِينَ"؛ ضَعَفَةُ الْمُؤْمِنِينَ؛ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا:
nindex.php?page=showalam&ids=115بِلَالٌ ؛
وَعَمَّارٌ ؛
وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ؛ وَمَرْثَدٌ الْغَنَوِيُّ؛ nindex.php?page=showalam&ids=211وَخَبَّابٌ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=52وَصُهَيْبٌ ؛
وَصُبَيْحٌ؛ وَذُو الشِّمَالَيْنِ؛ وَالْمِقْدَادُ ؛ وَنَحْوُهُمْ.
وَسَبَبُ الْآيَةِ أَنَّ الْكُفَّارَ قَالَ بَعْضُهُمْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "نَحْنُ لِشَرَفِنَا؛ وَأَقْدَارِنَا؛ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَخْتَلِطَ بِهَؤُلَاءِ؛ فَلَوْ طَرَدْتَهُمْ لَاتَّبَعْنَاكَ؛ وَجَالَسْنَاكَ"؛ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ؛ وَقِيلَ: إِنَّمَا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ
أَبُو طَالِبٍ؛ عَلَى جِهَةِ النُّصْحِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ قَالَ لَهُ: "لَوْ أَزَلْتَ هَؤُلَاءِ لَاتَّبَعَكَ أَشْرَافُ قَوْمِكَ"؛ وَرُوِيَ أَنَّ مَلَأَ
قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا إِلَى
أَبِي طَالِبٍ فِي ذَلِكَ؛ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ الْخَدِيعَةَ؛ فَصَوَّبَ هَذَا الرَّأْيَ مِنْ
أَبِي طَالِبٍ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: إِنَّ بَعْضَ الْكُفَّارِ إِنَّمَا طَلَبَ أَنْ يُؤَخَّرَ هَؤُلَاءِ عَنِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِي الصَّلَاةِ؛ وَيَكُونُوا هُمْ مَوْضِعَهُمْ؛ وَيُؤْمِنُوا إِذَا طَرَدَ هَؤُلَاءِ مِنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ؛ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ؛ أَسْنَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=211خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ؛ وَمَنْ شَابَهَهُ مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ؛ قَالُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اِجْعَلْ لَنَا مِنْكَ مَجْلِسًا لَا يُخَالِطُنَا فِيهِ الْعُبُدُ؛ وَالْحُلَفَاءُ؛ وَاكْتُبْ لَنَا كِتَابًا"؛ فَهَمَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ؛ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. [ ص: 368 ] قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ فِي نُزُولِ الْآيَةِ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ؛ وَهَؤُلَاءِ الْأَشْرَافُ لَمْ يَفِدُوا إِلَّا فِي
الْمَدِينَةِ؛ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُمْ؛ وَلَكِنَّهُ إِنْ كَانَ وَقَعَ فَبَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ بِمُدَّةٍ؛ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ مَدَنِيَّةً؛ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=211خَبَّابٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ثُمَّ نَزَلَتْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ؛ اَلْآيَةَ؛ فَكُنَّا نَأْتِي فَيَقُولُ لَنَا - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "سَلَامٌ عَلَيْكُمْ"؛ وَنَقْعُدُ مَعَهُ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَامَ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرَكَنَا؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ؛ اَلْآيَةَ؛ فَكَانَ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْعُدُ مَعَنَا؛ فَإِذَا بَلَغَ الْوَقْتُ الَّذِي يَقُومُ فِيهِ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُمْنَا وَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يَقُومَ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ؛ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ: اَلْمُرَادُ بِهِ صَلَاةُ مَكَّةَ؛ الَّتِي كَانَتْ مَرَّتَيْنِ فِي الْيَوْمِ؛ بُكْرَةً؛ وَعَشِيًّا؛ وَقِيلَ: بَلْ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ؛ عِبَارَةٌ عَنِ اسْتِمْرَارِ الْفِعْلِ؛ وَأَنَّ الزَّمَنَ مَعْمُورٌ بِهِ؛ كَمَا تَقُولُ: "اَلْحَمْدُ لِلَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا"؛ فَإِنَّمَا تُرِيدُ: "اَلْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ وَقْتٍ"؛ وَالْمُرَادُ - عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ - قِيلَ: هُوَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ؛ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ؛
وَإِبْرَاهِيمُ؛ وَقِيلَ: اَلدُّعَاءُ؛ وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ؛ وَاللَّفْظَةُ عَلَى وَجْهِهَا؛ وَقَالَ بَعْضُ الْقُصَّاصِ: إِنَّهُ الِاجْتِمَاعُ إِلَيْهِمْ غُدْوَةً وَعَشِيًّا؛ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنُ الْمُسَيِّبِ ؛
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ؛ وَغَيْرُهُمَا؛ وَقَالُوا: إِنَّمَا الْآيَةُ فِي الصَّلَوَاتِ فِي الْجَمَاعَةِ؛ وَقِيلَ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ؛ وَتَعَلُّمُهُ؛ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أَبُو جَعْفَرٍ : ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ ؛ وَقِيلَ: اَلْعِبَادَةُ؛ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكُ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12067أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16871وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ ؛
وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنُ عَامِرٍ : "بِالْغُدْوَةِ وَالْعَشِيِّ"؛ وَرُوِيَ عَنْ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ : "بِالْغُدُوِّ"؛ بِغَيْرِ تَاءٍ؛ وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : "بِالْغُدُوَاتِ وَالْعَشِيَّاتِ"؛ بِأَلِفٍ فِيهِمَا؛ عَلَى الْجَمْعِ؛ وَ"غُدْوَةٌ": مَعْرِفَةٌ؛ لِأَنَّهَا جُعِلَتْ عَلَمًا
[ ص: 369 ] لِوَقْتٍ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ؛ وَجَازَ إِدْخَالُ الْأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَيْهَا؛ كَمَا حَكَى
أَبُو زَيْدٍ : "لَقِيتُهُ فَيْنَةَ"؛ غَيْرَ مَصْرُوفٍ؛ وَ"اَلْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ"؛ فَأَلْحَقُوا لَامَ الْمَعْرِفَةِ مَا اسْتُعْمِلَ مَعْرِفَةً؛ وَحَمْلًا عَلَى مَا حَكَاهُ الْخَلِيلُ أَنَّهُ يُقَالُ: "لَقِيتُهُ الْيَوْمَ غَدْوَةً"؛ مُنَوَّنًا؛ وَلِأَنَّ فِيهَا مَعَ تَعْيِينِ الْيَوْمِ إِمْكَانُ تَقْدِيرِ مَعْنَى الشَّيَاعِ؛ ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12095أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ .
وَ"وَجْهَهُ"؛ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؛ مَعْنَاهُ: جِهَةَ التَّزَلُّفِ إِلَيْهِ؛ كَمَا تَقُولُ: "خَرَجَ فُلَانٌ فِي وَجْهِ كَذَا"؛ أَيْ: "فِي مَقْصِدٍ؛ وَجِهَةٍ".
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ؛ مَعْنَاهُ: لَمْ تُكَلَّفْ شَيْئًا غَيْرَ دُعَائِهِمْ؛ فَتُقَدِّمَ أَنْتَ وَتُؤَخِّرَ؛ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي "حِسَابِهِمْ"؛ وَ"عَلَيْهِمْ"؛ لِلْكُفَّارِ الَّذِينَ أَرَادُوا طَرْدَ الْمُؤْمِنِينَ؛ أَيْ: "مَا عَلَيْكَ مِنْهُمْ؛ آمَنُوا أَوْ كَفَرُوا؛ فَتَطْرُدَ هَؤُلَاءِ رَعْيًا لِذَلِكَ"؛ وَالضَّمِيرُ فِي "فَتَطْرُدَهُمْ"؛ عَائِدٌ عَلَى الضَّعَفَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؛ وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ أَنَّ مَا بَعْدَ الْفَاءِ - أَبَدًا - سَبَبُ مَا قَبْلَهَا؛ وَذَلِكَ لَا يَبِينُ إِذَا كَانَتِ الضَّمَائِرُ كُلُّهَا لِلْمُؤْمِنِينَ؛ وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ أَنَّ الْحِسَابَ؛ هُنَا؛ إِنَّمَا هُوَ فِي رِزْقِ الدُّنْيَا؛ أَيْ: "لَا تَرْزُقُهُمْ؛ وَلَا يَرْزُقُونَكَ".
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَعَلَى هَذَا تَجِيءُ الضَّمَائِرُ كُلُّهَا لِلْمُؤْمِنِينَ؛ وَذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ؛ وَذَكَرَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ أَنَّهُ مِنْ حِسَابِ عَمَلِهِمْ؛ كَمَا قَالَ الْجُمْهُورُ؛ وَ"مِنْ"؛ اَلْأُولَى لِلتَّبْعِيضِ؛ وَالثَّانِيَةُ زَائِدَةٌ؛ مُؤَكِّدَةٌ؛ وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52 "فَتَطْرُدَهُمْ"؛ جَوَابُ النَّفْيِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52 "مَا عَلَيْكَ"؛ وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52 "فَتَكُونَ"؛ جَوَابُ النَّهْيِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52 "وَلا تَطْرُدِ"؛ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52 "مِنَ الظَّالِمِينَ"؛ مَعْنَاهُ: "اَلَّذِينَ يَضَعُونَ الشَّيْءَ غَيْرَ مَوَاضِعِهِ".
وَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ؛ اَلْآيَةَ: "فَتَنَّا"؛ فِي هَذِهِ الْآيَةِ؛ مَعْنَاهُ: اِبْتَلَيْنَا؛ فَابْتِلَاءُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْمُشْرِكِينَ هُوَ مَا يَلْقَوْنَ مِنْهُمْ مِنَ الْأَذَى؛ وَابْتِلَاءُ
[ ص: 370 ] الْمُشْرِكِينَ بِالْمُؤْمِنِينَ هُوَ أَنْ يَرَى الرَّجُلُ الشَّرِيفُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَوْمًا لَا شَرَفَ لَهُمْ قَدْ عَظَّمَهُمْ هَذَا الدِّينُ؛ وَجَعَلَ لَهُمْ عِنْدَ نَبِيِّهِ قَدْرًا وَمَنْزِلَةً؛ وَالْإِشَارَةُ بِـ "ذَلِكَ"؛ إِلَى مَا ذُكِرَ مِنْ طَلَبِهِمْ أَنْ يَطْرُدَ الضَّعَفَةَ؛ وَ"لِيَقُولُوا"؛ مَعْنَاهُ: "لِيَصِيرَ بِحُكْمِ الْقَدَرِ أَمْرُهُمْ إِلَى أَنْ يَقُولُوا..."؛ فَهِيَ لَامُ الصَّيْرُورَةِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=8فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ؛ أَيْ: لِيَصِيرَ مِثَالُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا؛ وَقَوْلُ الْمُشْرِكِينَ - عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَنَّ بَيْنِنَا ؛ هُوَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِخْفَافِ وَالْهَزْءِ؛ وَيَحْتَمِلُ الْكَلَامُ مَعْنًى آخَرَ؛ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ فِي "لِيَقُولُوا"؛ عَلَى بَابِهَا فِي لَامِ "كَيْ"؛ وَتَكُونَ الْمَقَالَةُ مِنْهُمُ اسْتِفْهَامًا لِأَنْفُسِهِمْ؛ وَمُبَاحَثَةً لَهَا؛ وَتَكُونَ سَبَبَ إِيمَانِ مَنْ سَبَقَ إِيمَانُهُ مِنْهُمْ؛ فَمَعْنَى الْآيَةِ - عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ -: "وَكَذَلِكَ ابْتَلَيْنَا أَشْرَافَ الْكُفَّارِ بِضُعَفَاءِ الْمُؤْمِنِينَ؛ لِيَتَعَجَّبُوا فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ؛ وَيَكُونَ سَبَبَ نَظَرٍ لِمَنْ هُدِيَ".
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ أَسْبَقُ؛ وَالثَّانِي يُتَخَرَّجُ؛ وَ"مَنَّ"؛ عَلَى كِلَا التَّأْوِيلَيْنِ إِنَّمَا هِيَ عَلَى مُعْتَقَدِ الْمُؤْمِنِينَ؛ أَيْ: "هَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ؛ بِزَعْمِهِمْ أَنَّ دِينَهُمْ مِنَّةٌ".
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ؛ أَيْ: "يَا أَيُّهَا الْمُسْتَخِفُّونَ - أَوِ الْمُتَعَجِّبُونَ؛ عَلَى التَّأْوِيلِ الْآخَرِ - لَيْسَ الْأَمْرُ أَمْرَ اسْتِخْفَافٍ؛ وَلَا تَعَجُّبٍ؛ فَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِمَنْ يَشْكُرُ نِعْمَتَهُ؛ وَبِالْمَوَاضِعِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ فِيهَا؛ فَجَاءَ إِعْلَامُهُمْ بِذَلِكَ فِي لَفْظِ التَّقْدِيرِ؛ إِذْ ذَلِكَ بَيِّنٌ؛ لَا تُمْكِنُهُمْ فِيهِ مُعَانَدَةٌ".