قوله - عز وجل -:
nindex.php?page=treesubj&link=28657_30347_30364_30497_30530_32027_34513_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=164قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون nindex.php?page=treesubj&link=28723_29694_30483_30532_34090_34265_34308_34513_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=165وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم
حكى
nindex.php?page=showalam&ids=15426النقاش أنه روي أن الكفار قالوا للنبي - صلى اللـه عليه وسلم -: ارجع يا
محمد إلى ديننا؛ واعبد آلهتنا؛ واترك ما أنت عليه؛ ونحن نتكفل لك بكل تباعة تتوقعها في دنياك؛ وآخرتك؛ فنزلت هذه الآية؛ وهي استفهام يقتضي التقرير؛ والتوقيف؛ والتوبيخ؛ و"أبغي"؛ معناه: أطلب؛ فكأنه قال: "أفيحسن عندكم أن أطلب إلها غير الله تعالى الذي هو رب كل شيء؟ وما ذكرتم من كفالتكم لا يتم؛ لأن الأمر ليس كما تظنونه؛ وإنما كسب كل نفس من الشر والإثم عليها وحدها؛ "ولا تزر"؛ أي: لا تحمل؛ "وازرة"؛ أي: حاملة؛ حمل أخرى؛ وثقلها؛ والوزر أصله الثقل؛ ثم استعمل في الإثم؛ لأنه ينقض الظهر؛ تجوزا واستعارة؛ يقال منه: " وزر الرجل؛ يزر؛ فهو وازر"؛ و" وزر ؛ يوزر؛ فهو موزور".
وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=164ثم إلى ربكم مرجعكم ؛ تهديد؛ ووعيد؛ "فينبئكم"؛ أي: فيعلمكم أن العقاب على الاعوجاج تبيين لموضع الحق؛ وقوله - تبارك وتعالى -:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=164بما كنتم فيه تختلفون ؛ يريد - على ما حكى بعض المتأولين -: "من أمري؛ في قول بعضكم: "هو ساحر"؛ وبعضكم: "هو شاعر"؛ وبعضكم: "افتراه"؛ وبعضكم: "اكتتبه"؛ ونحو هذا.
قال
القاضي أبو محمد - رحمه الله -: وهذا التأويل يحسن في هذا الموضع؛ وإن كان اللفظ يعم جميع أنواع الاختلافات؛ من الأديان؛ والملل؛ والمذاهب؛ وغير ذلك.
[ ص: 508 ] و"خلائف"؛ جمع "خليفة"؛ أي: يخلف بعضكم بعضا.
قال
القاضي أبو محمد - رحمه الله -: وهذا يتصور في جميع الأمم؛ وسائر أصناف الناس؛ لأن من أتى خليفة لمن مضى؛ ولكنه يحسن في أمة
محمد - صلى اللـه عليه وسلم - أن يسمى أهلها - بجملتهم - خلائف للأمم؛ وليس لهم من يخلفهم؛ إذ هم آخر الأمم؛ وعليهم قيام الساعة.
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن أن النبي - صلى اللـه عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=700005 "توفون سبعين أمة؛ أنتم خيرها وأكرمها على الله"؛ ويروى: "أنتم آخرها وأكرمها على الله".
وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=165 "ورفع بعضكم فوق بعض درجات"؛ لفظ عام في المال؛ والقوة؛ والجاه؛ وجودة النفوس؛ والأذهان؛ وغير ذلك؛ وكل ذلك إنما هو ليختبر الله تعالى الخلق فيرى المحسن من المسيء.
ولما أخبر - عز وجل - بهذا؛ ففسح للناس ميدان العمل؛ وحضهم على الاستباق إلى الخير؛ توعد؛ ووعد؛ تخويفا منه تعالى وترجية؛ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=165إن ربك سريع العقاب ؛ وسرعة عقابه إما بأخذاته في الدنيا؛ وإما بعقاب الآخرة؛ وحسن أن يوصف عقاب الآخرة بـ "سريع"؛ لما كان متحققا؛ مضمون الإتيان؛ والوقوع؛ فكل آت يحكم عليه بالقرب؛ ويوصف به؛ و
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=165وإنه لغفور رحيم ؛ ترجية لمن أذنب وأراد التوبة؛ وهذا في كتاب الله - تبارك وتعالى - كثير؛ اقتران الوعيد بالوعد؛ لطفا من الله تعالى بعباده.
كمل تفسير سورة "الأنعام"؛ والله المستعان؛ وهو حسبي؛ ونعم الوكيل
قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=treesubj&link=28657_30347_30364_30497_30530_32027_34513_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=164قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلِّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28723_29694_30483_30532_34090_34265_34308_34513_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=165وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
حَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=15426النَّقَّاشُ أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ الْكُفَّارَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اِرْجِعْ يَا
مُحَمَّدُ إِلَى دِينِنَا؛ وَاعْبُدْ آلِهَتَنَا؛ وَاتْرُكْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ؛ وَنَحْنُ نَتَكَفَّلُ لَكَ بِكُلِّ تِبَاعَةٍ تَتَوَقَّعُهَا فِي دُنْيَاكَ؛ وَآخِرَتِكَ؛ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ؛ وَهِيَ اسْتِفْهَامٌ يَقْتَضِي التَّقْرِيرَ؛ وَالتَّوْقِيفَ؛ وَالتَّوْبِيخَ؛ وَ"أَبْغِي"؛ مَعْنَاهُ: أَطْلُبُ؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ: "أَفَيَحْسُنُ عِنْدَكُمْ أَنْ أَطْلُبَ إِلَهًا غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ؟ وَمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ كَفَالَتِكُمْ لَا يَتِمُّ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَمَا تَظُنُّونَهُ؛ وَإِنَّمَا كَسْبُ كُلِّ نَفْسٍ مِنَ الشَّرِّ وَالْإِثْمِ عَلَيْهَا وَحْدَهَا؛ "وَلَا تَزِرُ"؛ أَيْ: لَا تَحْمِلُ؛ "وَازِرَةٌ"؛ أَيْ: حَامِلَةُ؛ حِمْلَ أُخْرَى؛ وَثِقْلَهَا؛ وَالْوِزْرُ أَصْلُهُ الثِّقْلُ؛ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْإِثْمِ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِضُ الظَّهْرَ؛ تَجَوُّزًا وَاسْتِعَارَةً؛ يُقَالُ مِنْهُ: " وَزَرَ الرَّجُلُ؛ يَزِرُ؛ فَهُوَ وَازِرٌ"؛ وَ" وَزِرَ ؛ يَوْزَرُ؛ فَهُوَ مَوْزُورٌ".
وَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=164ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ ؛ تَهْدِيدٌ؛ وَوَعِيدٌ؛ "فَيُنَبِّئُكُمْ"؛ أَيْ: فَيُعْلِمُكُمْ أَنَّ الْعِقَابَ عَلَى الِاعْوِجَاجِ تَبْيِينٌ لِمَوْضِعِ الْحَقِّ؛ وَقَوْلُهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=164بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ؛ يُرِيدُ - عَلَى مَا حَكَى بَعْضُ الْمُتَأَوِّلِينَ -: "مِنْ أَمْرِي؛ فِي قَوْلِ بَعْضِكُمْ: "هُوَ سَاحِرٌ"؛ وَبَعْضِكُمْ: "هُوَ شَاعِرٌ"؛ وَبَعْضِكُمْ: "اِفْتَرَاهُ"؛ وَبَعْضِكُمْ: "اِكْتَتَبَهُ"؛ وَنَحْوَ هَذَا.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا التَّأْوِيلُ يَحْسُنُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؛ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ يَعُمُّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الِاخْتِلَافَاتِ؛ مِنَ الْأَدْيَانِ؛ وَالْمِلَلِ؛ وَالْمَذَاهِبِ؛ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
[ ص: 508 ] وَ"خَلَائِفَ"؛ جَمْعُ "خَلِيفَةٌ"؛ أَيْ: يَخْلُفُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِي جَمِيعِ الْأُمَمِ؛ وَسَائِرِ أَصْنَافِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَتَى خَلِيفَةٌ لِمَنْ مَضَى؛ وَلَكِنَّهُ يَحْسُنُ فِي أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُسَمَّى أَهْلُهَا - بِجُمْلَتِهِمْ - خَلَائِفَ لِلْأُمَمِ؛ وَلَيْسَ لَهُمْ مَنْ يَخْلُفُهُمْ؛ إِذْ هُمْ آخِرُ الْأُمَمِ؛ وَعَلَيْهِمْ قِيَامُ السَّاعَةِ.
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=700005 "تُوَفَّوْنَ سَبْعِينَ أُمَّةً؛ أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ"؛ وَيُرْوَى: "أَنْتُمْ آخِرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ".
وَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=165 "وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ"؛ لَفْظٌ عَامٌّ فِي الْمَالِ؛ وَالْقُوَّةِ؛ وَالْجَاهِ؛ وَجَوْدَةِ النُّفُوسِ؛ وَالْأَذْهَانِ؛ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَكُلُّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ لِيَخْتَبِرَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَلْقَ فَيَرَى الْمُحْسِنَ مِنَ الْمُسِيءِ.
وَلَمَّا أَخْبَرَ - عَزَّ وَجَلَّ - بِهَذَا؛ فَفَسَحَ لِلنَّاسِ مَيْدَانَ الْعَمَلِ؛ وَحَضَّهُمْ عَلَى الِاسْتِبَاقِ إِلَى الْخَيْرِ؛ تَوَعَّدَ؛ وَوَعَدَ؛ تَخْوِيفًا مِنْهُ تَعَالَى وَتَرْجِيَةً؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=165إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ ؛ وَسُرْعَةُ عِقَابِهِ إِمَّا بِأَخْذَاتِهِ فِي الدُّنْيَا؛ وَإِمَّا بِعِقَابِ الْآخِرَةِ؛ وَحَسُنَ أَنْ يُوصَفَ عِقَابُ الْآخِرَةِ بِـ "سَرِيعُ"؛ لَمَّا كَانَ مُتَحَقَّقًا؛ مَضْمُونَ الْإِتْيَانِ؛ وَالْوُقُوعِ؛ فَكُلُّ آتٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ؛ وَيُوصَفُ بِهِ؛ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=165وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ؛ تَرْجِيَةٌ لِمَنْ أَذْنَبَ وَأَرَادَ التَّوْبَةَ؛ وَهَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - كَثِيرٌ؛ اقْتِرَانُ الْوَعِيدِ بِالْوَعْدِ؛ لُطْفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِعِبَادِهِ.
كَمُلَ تَفْسِيرُ سُورَةِ "اَلْأَنْعَامِ"؛ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ؛ وَهُوَ حَسْبِي؛ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ