قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=19863_30469_30479_34106_34148_34296_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=201إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون nindex.php?page=treesubj&link=34106_34112_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون nindex.php?page=treesubj&link=19881_28328_29785_30614_31011_32233_34135_34202_34225_34227_34513_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون
"اتقوا" هنا عامة في اتقاء الشرك واتقاء المعاصي بدليل أن اللفظة إنما جاءت في مدح لهم، فلا وجه لقصرها على اتقاء الشرك وحده، وأيضا فالمتقي العائذ قد يمسه طائف من الشيطان إذ ليست العصمة إلا للأنبياء عليهم السلام.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة : "طائف" ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : " طيف " ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير " طيف " ، واللفظة إما من طاف
[ ص: 120 ] يطوف، وإما من طاف يطيف بفتح الياء، وهي ثابتة عن
العرب، وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة في ذلك:
أنى ألم بك الخيال يطيف ... ومطافه لك ذكرة وشعوف
فـ "طائف" اسم فاعل كقائل من قال يقول، وكبائع من باع يبيع، و"طيف" اسم فاعل أيضا كميت من مات، أو كبيع ولين من باع يبيع ولان يلين. وطيف يكون مخففا من طيف كميت من ميت، وإذا قدرنا اللفظة من طاف يطيف فطيف مصدر، وإلى هذا مال
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي الفارسي ، وجعل الطائف كالخاطر والطيب كالخطرة، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : الطيف اللمم، والطائف ما طاف حول الإنسان.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وكيف هذا وقد قال
الأعشى: وتصبح عن غب السرى وكأنما ... ألم بها من طائف الجن أولق
ومعنى الآية: إذا مسهم غضب وزين الشيطان معه ما لا ينبغي. وقوله: "تذكروا" إشارة إلى الاستعاذة المأمور بها قبل، وإلى ما لله عز وجل من الأوامر والنواهي في النازلة التي يقع تعرض الشيطان فيها. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير : "من الشيطان تأملوا فإذا هم" ، وفي مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب : "إذا طاف من الشيطان طائف تأملوا" ، وقال
[ ص: 121 ] النبي صلى الله عليه وسلم:
"إن الغضب جند من جند الجن، أما ترون حمرة العين وانتفاخ العروق؟ فإذا كان ذلك فالأرض الأرض"، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=201مبصرون من البصيرة، أي: فإذا هم قد تبينوا الحق ومالوا إليه.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202وإخوانهم يمدونهم في الغي الآية، في هذه الضمائر احتمالات، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : هذه الآية متصلة في المعنى بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=192ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون .
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وفي هذا نظر.
وقال الجمهور: إن الآية مقررة في موضعها إلا أن الضمير في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202وإخوانهم عائد على الشياطين، والضمير في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يمدونهم عائد على الكفار وهم المراد بالإخوان، والشيطان في الآية قبل هذه للجنس فلذلك عاد عليهم هاهنا ضمير جمع، فالتقدير على هذا التأويل: وإخوان للشياطين يمدونهم الشياطين في الغي، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : إن الضميرين في الهاء والميم للكفار.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
فتجيء الآية على هذا معادلة للتي قبلها، أي: إن المتقين حالهم كذا وكذا، وهؤلاء الكفار يمدهم إخوانهم من الشياطين ثم لا يقصرون.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202في الغي يحتمل أن يتعلق بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يمدونهم ، وعليه يترتب التأويل الذي ذكرنا أولا عن الجمهور، ويحتمل أن يتعلق بالإخوان، فعلى هذا يحتمل أن يعود الضميران على الكفار كما ذكرناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، ويحتمل أن يعودا جميعا على الشياطين، ويكون المعنى: وإخوان الشياطين في الغي بخلاف الأخوة في الله يمدون الشياطين، أي: بطاعتهم لهم وقبولهم منهم، ولا يترتب هذا التأويل على أن يتعلق
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202في [ ص: 122 ] الغي بالإمداد، لأن الإنس لا يغوون الشياطين، والمراد بهذه الآية وصف حالة الكفار مع الشياطين كما وصف حالة المتقين معهم قبل.
وقرأ جميع السبعة غير
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع : "يمدونهم" من مددت، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع وحده: "يمدونهم" بضم الياء من أمددت، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة وغيره: مد الشيء إذا كانت الزيادة من جنسه، وأمده إذا كانت من شيء آخر.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا غير مطرد، وقال الجمهور: هما بمعنى واحد إلا أن المستعمل في المحبوب "أمد"، فمنه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55أنما نمدهم به من مال وبنين ، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=22وأمددناهم بفاكهة وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=36أتمدونن بمال ، والمستعمل في المكروه "مد"، فمنه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15ويمدهم في طغيانهم ، ومد الشيطان للكفرة في الغي هو التزيين لهم والإغواء المتتابع. فمن قرأ في هذه الآية "يمدونهم" بضم الميم فهو على المنهاج المستعمل، ومن قرأ "يمدونهم" فهو مقيد بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202في الغي ، كما يجوز أن تقيد البشارة فتقول: "بشرته بشر"، وقرأ
الجحدري: "يمادونهم" .
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202ثم لا يقصرون عائد على الجميع، أي: هؤلاء لا يقصرون في الطاعة للشياطين والكفر بالله عز وجل، وقرأ جمهور الناس: "يقصرون" من أقصر، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16748وعيسى بن عمر : "يقصرون" من قصر.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203وإذا لم تأتهم بآية . سببها فيما روي أن الوحي كان يتأخر على
[ ص: 123 ] النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا، فكان الكفار يقولون: "هلا اجتبيتها"، ومعنى اللفظة في كلام العرب: تخيرتها واصطفيتها، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد ، وغيرهم:المراد بهذه اللفظة: "هلا اخترتها واختلقتها من قبلك ومن عند نفسك". والمعنى: إذ كلامك كله كذلك على ما كانت
قريش تزعمه. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك : المراد: "هلا تلقيتها من الله وتخيرتها عليه، إذ تزعم أنك نبي وأن منزلتك عنده منزلة الرسالة"، فأمره الله عز وجل أن يجيب بالتسليم لله تعالى، وأن الأمر في الوحي إليه ينزله متى شاء لا معقب لحكمه في ذلك فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي ، ثم أشار بقوله: "هذا" إلى القرآن، ثم وصفه بأنه "بصائر" أي علامات هدى وأنوار تضيء القلوب، وقالت فرقة: المعنى: هذا ذو بصائر، ويصح الكلام دون أن يقدر حذف مضاف لأن المشار إليه بـ"هذا" إنما هو سور وآيات وحكم، وجازت الإشارة إليه بـ"هذا" من حيث اسمه مذكر، وجاز وصفه بـ "بصائر" من حيث هو سور وآيات.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203وهدى ورحمة لقوم يؤمنون أي لهؤلاء خاصة. قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : وأما من لا يؤمن فهو عليه عمى عقوبة من الله تعالى.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=19863_30469_30479_34106_34148_34296_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=201إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=34106_34112_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=19881_28328_29785_30614_31011_32233_34135_34202_34225_34227_34513_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
"اتَّقَوْا" هُنَا عَامَّةٌ فِي اتِّقَاءِ الشِّرْكِ وَاتِّقَاءِ الْمَعَاصِي بِدَلِيلِ أَنَّ اللَّفْظَةَ إِنَّمَا جَاءَتْ فِي مَدْحٍ لَهُمْ، فَلَا وَجْهَ لِقَصْرِهَا عَلَى اتِّقَاءِ الشِّرْكِ وَحْدَهُ، وَأَيْضًا فَالْمُتَّقِي الْعَائِذِ قَدْ يَمَسُّهُ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ إِذْ لَيْسَتِ الْعِصْمَةُ إِلَّا لِلْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نَافِعٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وَعَاصِمٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنُ عَامِرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وَحَمْزَةُ : "طَائِفٌ" ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وَأَبُو عَمْرٍو ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : " طَيْفٌ " ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ " طَيِّفٌ " ، وَاللَّفْظَةُ إِمَّا مِنْ طَافَ
[ ص: 120 ] يَطُوفُ، وَإِمَّا مَنْ طَافَ يَطِيفُ بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ عَنِ
الْعَرَبِ، وَأَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبُو عُبَيْدَةَ فِي ذَلِكَ:
أَنَّى أَلَمَّ بِكَ الْخَيَالُ يَطِيفُ ... وَمَطَافُهُ لَكَ ذُكْرَةٌ وَشُعُوفُ
فَـ "طَائِفٌ" اسْمُ فَاعِلٍ كَقَائِلٍ مِنْ قَالَ يَقُولُ، وَكَبَائِعٍ مِنْ بَاعَ يَبِيعُ، وَ"طَيِّفٌ" اسْمُ فَاعِلٍ أَيْضًا كَمَيِّتٍ مِنْ مَاتَ، أَوْ كَبَيِّعٍ وَلَيِّنٍ مِنْ بَاعَ يَبِيعُ وَلَانَ يَلِينُ. وَطَيْفٌ يَكُونُ مُخَفَّفًا مِنْ طَيِّفٍ كَمَيْتٍ مِنْ مَيِّتٍ، وَإِذَا قَدَّرْنَا اللَّفْظَةَ مِنْ طَافَ يَطِيفُ فَطَيْفٌ مَصْدَرٌ، وَإِلَى هَذَا مَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12095أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ ، وَجَعَلَ الطَّائِفَ كَالْخَاطِرِ وَالطَّيِّبِ كَالْخَطْرَةِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِي : الطَّيْفُ اللَّمَمُ، وَالطَّائِفُ مَا طَافَ حَوْلَ الْإِنْسَانِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَكَيْفَ هَذَا وَقَدْ قَالَ
الْأَعْشَى: وَتُصْبِحُ عَنْ غِبِّ السُّرَى وَكَأَنَّمَا ... أَلَمَّ بِهَا مِنْ طَائِفِ الْجِنِّ أَوْلَقِ
وَمَعْنَى الْآيَةِ: إِذَا مَسَّهُمْ غَضَبٌ وَزَيَّنَ الشَّيْطَانُ مَعَهُ مَا لَا يَنْبَغِي. وَقَوْلُهُ: "تَذَكَّرُوا" إِشَارَةٌ إِلَى الِاسْتِعَاذَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا قَبْلُ، وَإِلَى مَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي فِي النَّازِلَةِ الَّتِي يَقَعُ تَعَرُّضُ الشَّيْطَانِ فِيهَا. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16414ابْنُ الزُّبَيْرِ : "مِنَ الشَّيْطَانِ تَأَمَّلُوا فَإِذَا هُمْ" ، وَفِي مُصْحَفِ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : "إِذَا طَافَ مِنَ الشَّيْطَانِ طَائِفٌ تَأَمَّلُوا" ، وَقَالَ
[ ص: 121 ] النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِنَّ الْغَضَبَ جُنْدٌ مِنْ جُنْدِ الْجِنِّ، أَمَا تَرَوْنَ حُمْرَةَ الْعَيْنِ وَانْتِفَاخَ الْعُرُوقِ؟ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَالْأَرْضَ الْأَرْضَ"، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=201مُبْصِرُونَ مِنَ الْبَصِيرَةِ، أَيْ: فَإِذَا هُمْ قَدْ تَبَيَّنُوا الْحَقَّ وَمَالُوا إِلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ الْآيَةُ، فِي هَذِهِ الضَّمَائِرِ احْتِمَالَاتٌ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : هَذِهِ الْآيَةُ مُتَّصِلَةٌ فِي الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=192وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ .
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَفِي هَذَا نَظَرٌ.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ: إِنَّ الْآيَةَ مُقَرَّرَةٌ فِي مَوْضِعِهَا إِلَّا أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202وَإِخْوَانُهُمْ عَائِدٌ عَلَى الشَّيَاطِينِ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يَمُدُّونَهُمْ عَائِدٌ عَلَى الْكُفَّارِ وَهُمُ الْمُرَادُ بِالْإِخْوَانِ، وَالشَّيْطَانُ فِي الْآيَةِ قَبْلَ هَذِهِ لِلْجِنْسِ فَلِذَلِكَ عَادَ عَلَيْهِمْ هَاهُنَا ضَمِيرَ جَمْعٍ، فَالتَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ: وَإِخْوَانٌ لِلشَّيَاطِينِ يَمُدُّونَهُمُ الشَّيَاطِينُ فِي الْغَيِّ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : إِنَّ الضَّمِيرَيْنِ فِي الْهَاءِ وَالْمِيمِ لِلْكُفَّارِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
فَتَجِيءُ الْآيَةُ عَلَى هَذَا مُعَادِلَةٌ لِلَّتِي قَبْلَهَا، أَيْ: إِنَّ الْمُتَّقِينَ حَالُهُمْ كَذَا وَكَذَا، وَهَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ يَمُدُّهُمْ إِخْوَانُهُمْ مِنَ الشَّيَاطِينِ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202فِي الْغَيِّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202يَمُدُّونَهُمْ ، وَعَلَيْهِ يَتَرَتَّبُ التَّأْوِيلُ الَّذِي ذَكَرْنَا أَوَّلًا عَنِ الْجُمْهُورِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْإِخْوَانِ، فَعَلَى هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَعْوَدَ الضَّمِيرَانِ عَلَى الْكُفَّارِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَا جَمِيعًا عَلَى الشَّيَاطِينِ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَإِخْوَانُ الشَّيَاطِينِ فِي الْغَيِّ بِخِلَافِ الْأُخُوَّةِ فِي اللَّهِ يَمُدُّونَ الشَّيَاطِينَ، أَيْ: بِطَاعَتِهِمْ لَهُمْ وَقَبُولِهِمْ مِنْهُمْ، وَلَا يَتَرَتَّبُ هَذَا التَّأْوِيلُ عَلَى أَنْ يَتَعَلَّقَ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202فِي [ ص: 122 ] الْغَيِّ بِالْإِمْدَادِ، لِأَنَّ الْإِنْسَ لَا يُغْوُونَ الشَّيَاطِينَ، وَالْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَصْفُ حَالَةِ الْكُفَّارِ مَعَ الشَّيَاطِينِ كَمَا وَصَفَ حَالَةَ الْمُتَّقِينَ مَعَهُمْ قَبْلُ.
وَقَرَأَ جَمِيعُ السَّبْعَةِ غَيْرَ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نَافِعٍ : "يَمُدُّونَهُمْ" مِنْ مَدَدْتُ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نَافِعٌ وَحْدَهُ: "يُمِدُّونَهُمْ" بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَمْدَدْتُ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ: مَدَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِهِ، وَأَمَدَّهُ إِذَا كَانَتْ مِنْ شَيْءٍ آخَرَ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَهَذَا غَيْرُ مُطَّرِدٍ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِلَّا أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي الْمَحْبُوبِ "أَمَدَّ"، فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=22وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=36أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ ، وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي الْمَكْرُوهِ "مَدَّ"، فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ ، وَمَدُّ الشَّيْطَانِ لِلْكَفَرَةِ فِي الْغَيِّ هُوَ التَّزْيِينُ لَهُمْ وَالْإِغْوَاءُ الْمُتَتَابِعُ. فَمَنْ قَرَأَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ "يَمُدُّونَهُمْ" بِضَمِّ الْمِيمِ فَهُوَ عَلَى الْمِنْهَاجِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَمَنْ قَرَأَ "يُمِدُّونَهُمْ" فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202فِي الْغَيِّ ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ تُقَيِّدَ الْبِشَارَةَ فَتَقُولُ: "بَشَّرْتُهُ بَشَرٍّ"، وَقَرَأَ
الْجَحْدَرِيُّ: "يُمَادُّونَهُمْ" .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ عَائِدٌ عَلَى الْجَمِيعِ، أَيْ: هَؤُلَاءِ لَا يُقْصِرُونَ فِي الطَّاعَةِ لِلشَّيَاطِينِ وَالْكُفْرِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَرَأَ جُمْهُورُ النَّاسِ: "يُقْصِرُونَ" مِنْ أَقْصَرَ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16748وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ : "يَقْصُرُونَ" مِنْ قَصَرَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ . سَبَبُهَا فِيمَا رُوِيَ أَنَّ الْوَحْيَ كَانَ يَتَأَخَّرُ عَلَى
[ ص: 123 ] النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْيَانًا، فَكَانَ الْكُفَّارُ يَقُولُونَ: "هَلَّا اجْتَبَيْتَهَا"، وَمَعْنَى اللَّفْظَةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: تَخَيَّرْتَهَا وَاصْطَفَيْتَهَا، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وَابْنُ زَيْدٍ ، وَغَيْرُهُمُ:الْمُرَادُ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ: "هَلَّا اخْتَرْتَهَا وَاخْتَلَقْتَهَا مِنْ قِبَلِكَ وَمِنْ عِنْدِ نَفْسِكَ". وَالْمَعْنَى: إِذْ كَلَامُكَ كُلُّهُ كَذَلِكَ عَلَى مَا كَانَتْ
قُرَيْشٌ تَزْعُمُهُ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا
nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكُ : الْمُرَادُ: "هَلَّا تَلَقَّيْتَهَا مِنَ اللَّهِ وَتَخَيَّرْتَهَا عَلَيْهِ، إِذْ تَزْعُمُ أَنَّكَ نَبِيٌّ وَأَنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَهُ مَنْزِلَةُ الرِّسَالَةِ"، فَأَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُجِيبَ بِالتَّسْلِيمِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْأَمْرَ فِي الْوَحْيِ إِلَيْهِ يُنْزِلُهُ مَتَى شَاءَ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي ، ثُمَّ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: "هَذَا" إِلَى الْقُرْآنِ، ثُمَّ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ "بَصَائِرُ" أَيْ عَلَامَاتُ هُدًى وَأَنْوَارٌ تُضِيءُ الْقُلُوبَ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْمَعْنَى: هَذَا ذُو بَصَائِرَ، وَيَصِحُّ الْكَلَامُ دُونَ أَنْ يُقَدَّرَ حَذْفُ مُضَافٍ لِأَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ بِـ"هَذَا" إِنَّمَا هُوَ سُورٌ وَآيَاتٌ وَحِكَمٌ، وَجَازَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ بِـ"هَذَا" مِنْ حَيْثُ اسْمُهُ مُذَكَّرٌ، وَجَازَ وَصْفُهُ بِـ "بَصَائِرُ" مِنْ حَيْثُ هُوَ سُورٌ وَآيَاتٌ.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=203وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أَيْ لِهَؤُلَاءِ خَاصَّةً. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : وَأَمَّا مَنْ لَا يُؤْمِنُ فَهُوَ عَلَيْهِ عَمًى عُقُوبَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.