من أولئك
nindex.php?page=treesubj&link=31104_31134السابقين من المهاجرين والأنصار تكونت طبقة ممتازة من المسلمين نوه القرآن بها في مواضع كثيرة. وهنا نجد السورة تفتتح بتقرير مقومات الإيمان، وهي تمثل صفة المؤمنين الصادقين إطلاقا. ولكنها أولا تصف ذلك الفريق من المسلمين الذي كان قائما
بالمدينة حينذاك:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب لا ريب فيه، هدى للمتقين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3الذين يؤمنون بالغيب، ويقيمون الصلاة، ومما رزقناهم ينفقون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=4والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك، وبالآخرة هم يوقنون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ..
ثم نجد بعدها مباشرة في السياق وصفا للكفار; وهو يمثل مقومات الكفر على الإطلاق. ولكنه أولا وصف مباشر للكفار الذين كانت الدعوة تواجههم حينذاك، سواء في
مكة أو فيما حول
المدينة ذاتها من طوائف الكفار:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=6إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم، وعلى أبصارهم غشاوة، ولهم عذاب عظيم ..
[ ص: 31 ] كذلك كانت هناك طائفة المنافقين. ووجود هذه الطائفة نشأ مباشرة من الأوضاع التي أنشأتها الهجرة النبوية إلى
المدينة في ظروفها التي تمت فيها، والتي أشرنا إليها من قبل; ولم يكن لها وجود
بمكة . فالإسلام في
مكة لم تكن له دولة ولم تكن له قوة، بل لم تكن له عصبة يخشاها أهل
مكة فينافقونها. على الضد من ذلك كان الإسلام مضطهدا، وكانت الدعوة مطاردة، وكان الذين يغامرون بالانضمام إلى الصف الإسلامي هم المخلصون في عقيدتهم، الذين يؤثرونها على كل شيء ويحتملون في سبيلها كل شيء. فأما في
يثرب التي أصبحت منذ اليوم تعرف باسم
المدينة - أي:
مدينة الرسول - فقد أصبح الإسلام قوة يحسب حسابها كل أحد; ويضطر لمصانعتها كثيرا أو قليلا - وبخاصة بعد غزوة
بدر وانتصار المسلمين فيها انتصارا عظيما - وفي مقدمة من كان مضطرا لمصانعتها نفر من الكبراء، دخل أهلهم وشيعتهم في الإسلام وأصبحوا هم ولا بد لهم لكي يحتفظوا بمقامهم الموروث بينهم وبمصالحهم كذلك أن يتظاهروا باعتناق الدين الذي اعتنقه أهلهم وأشياعهم.
ومن هؤلاء
عبد الله بن أبي بن سلول الذي كان قومه ينظمون له الخرز ليتوجوه ملكا عليهم قبيل مقدم الإسلام على
المدينة ..
وسنجد في أول السورة وصفا مطولا لهؤلاء المنافقين، ندرك من بعض فقراته أن المعني بهم في الغالب هم أولئك الكبراء الذين أرغموا على التظاهر بالإسلام، ولم ينسوا بعد ترفعهم على جماهير الناس، وتسمية هذه الجماهير بالسفهاء على طريقة العلية المتكبرين!:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=8ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=9يخادعون الله والذين آمنوا، وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=11وإذا قيل لهم: لا تفسدوا في الأرض قالوا: إنما نحن مصلحون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=12ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=13وإذا قيل لهم: آمنوا كما آمن الناس قالوا: أنؤمن كما آمن السفهاء؟ ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=14وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا: آمنا، وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا: إنا معكم إنما نحن مستهزئون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم، وما كانوا مهتدين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=17مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم، وتركهم في ظلمات لا يبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=18صم بكم عمي فهم لا يرجعون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق، يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت، والله محيط بالكافرين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه، وإذا أظلم عليهم قاموا. ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم، إن الله على كل شيء قدير ..
وفي ثنايا هذه الحملة على المنافقين - الذين في قلوبهم مرض - نجد إشارة إلى "شياطينهم" . والظاهر من سياق السورة ومن سياق الأحداث في السيرة أنها تعني اليهود ، الذين تضمنت السورة حملات شديدة عليهم فيما بعد. أما قصتهم مع الدعوة فنلخصها في هذه السطور القليلة:
لقد كان
nindex.php?page=treesubj&link=32423اليهود هم أول من اصطدم بالدعوة في المدينة ; وكان لهذا الاصطدام أسبابه الكثيرة.. كان لليهود في
يثرب مركز ممتاز بسبب أنهم أهل كتاب بين الأميين من
العرب -
الأوس والخزرج - ومع أن مشركي
العرب لم يظهروا ميلا لاعتناق ديانة أهل الكتاب هؤلاء، إلا أنهم كانوا يعدونهم أعلم منهم وأحكم بسبب ما لديهم من كتاب. ثم كان هنالك ظرف موات لليهود فيما بين
الأوس والخزرج من فرقة وخصام - وهي البيئة التي يجد اليهود دائما لهم فيها عملا! - فلما أن جاء الإسلام سلبهم هذه المزايا جميعا.. فلقد جاء بكتاب مصدق لما بين يديه من الكتاب ومهيمن عليه. ثم إنه أزال الفرقة التي كانوا ينفذون من خلالها للدس والكيد وجر المغانم، ووحد الصف الإسلامي الذي ضم
الأوس والخزرج ، وقد أصبحوا منذ اليوم
[ ص: 32 ] يعرفون
بالأنصار ، إلى
المهاجرين ، وألف منهم جميعا ذلك المجتمع المسلم المتضام المتراص الذي لم تعهد له البشرية من قبل ولا من بعد نظيرا على الإطلاق.
ولقد كان اليهود يزعمون أنهم شعب الله المختار، وأن فيهم الرسالة والكتاب. فكانوا يتطلعون أن يكون الرسول الأخير فيهم كما توقعوا دائما. فلما أن جاء من
العرب ظلوا يتوقعون أن يعتبرهم خارج نطاق دعوته، وأن يقصر الدعوة على الأميين من
العرب ! فلما وجدوه يدعوهم - أول من يدعو - إلى كتاب الله، بحكم أنهم أعرف به من المشركين، وأجدر بالاستجابة له من المشركين.. أخذتهم العزة بالإثم، وعدوا توجيه الدعوة إليهم إهانة واستطالة! ثم إنهم حسدوا النبي - صلى الله عليه وسلم - حسدا شديدا. حسدوه مرتين: مرة لأن الله اختاره وأنزل عليه الكتاب - وهم لم يكونوا يشكون في صحته - وحسدوه لما لقيه من نجاح سريع شامل في محيط
المدينة .
على أنه كان هناك سبب آخر لحنقهم ولموقفهم من الإسلام موقف العداء والهجوم منذ الأيام الأولى: ذلك هو شعورهم بالخطر من عزلهم عن المجتمع المدني الذي كانوا يزاولون فيه القيادة العقلية والتجارة الرابحة والربا المضعف! هذا أو يستجيبوا للدعوة الجديدة. ويذوبوا في المجتمع الإسلامي. وهما أمران - في تقديرهم - أحلاهما مر! لهذا كله وقف اليهود من الدعوة الإسلامية هذا الموقف الذي تصفه سورة البقرة، "وسور غيرها كثيرة" في تفصيل دقيق، نقتطف هنا بعض الآيات التي تشير إليه.. جاء في مقدمة الحديث عن بني إسرائيل هذا النداء العلوي لهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم. ولا تكونوا أول كافر به، ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا، وإياي فاتقون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=42ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=44أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون .. وبعد تذكيرهم طويلا بمواقفهم مع نبيهم
موسى - عليه السلام - وجحودهم لنعم الله عليهم، وفسوقهم عن كتابهم وشريعتهم..
ونكثهم لعهد الله معهم.. جاء في سياق الخطاب لتحذير المسلمين منهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=75أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=76وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا: آمنا، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم؟ أفلا تعقلون؟ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=80وقالوا: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة. قل: أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده؟ أم تقولون على الله ما لا تعلمون؟ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، فلعنة الله على الكافرين ...
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=91وإذا قيل لهم: آمنوا بما أنزل الله. قالوا: نؤمن بما أنزل علينا، ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم ...
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ...
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=105ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم ...
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=109ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ...
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111وقالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى. تلك أمانيهم ...
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ... إلخ إلخ.
وكانت معجزة القرآن الخالدة أن صفتهم التي دمغهم بها هي الصفة الملازمة لهم في كل أجيالهم من قبل
[ ص: 33 ] الإسلام ومن بعده إلى يومنا هذا. مما جعل القرآن يخاطبهم - في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما لو كانوا هم أنفسهم الذين كانوا على عهد
موسى - عليه السلام - وعلى عهود خلفائه من أنبيائهم باعتبارهم جبلة واحدة. سماتهم هي هي، ودورهم هو هو، وموقفهم من الحق والخلق موقفهم على مدار الزمان! ومن ثم يكثر الالتفات في السياق من خطاب قوم
موسى ، إلى خطاب اليهود في
المدينة ، إلى خطاب أجيال بين هذين الجيلين. ومن ثم تبقى كلمات القرآن حية كأنما تواجه موقف الأمة المسلمة اليوم وموقف اليهود منها. وتتحدث عن استقبال يهود لهذه العقيدة ولهذه الدعوة اليوم وغدا كما استقبلتها بالأمس تماما! وكأن هذه الكلمات الخالدة هي التنبيه الحاضر والتحذير الدائم للأمة المسلمة، تجاه أعدائها الذين واجهوا أسلافها بما يواجهونها اليوم به من دس وكيد، وحرب منوعة المظاهر، متحدة الحقيقة!
مِنْ أُولَئِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=31104_31134السَّابِقِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ تَكَوَّنَتْ طَبَقَةٌ مُمْتَازَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَوَّهَ الْقُرْآنُ بِهَا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ. وَهُنَا نَجِدُ السُّورَةَ تُفْتَتَحُ بِتَقْرِيرِ مُقَوِّمَاتِ الْإِيمَانِ، وَهِيَ تُمَثِّلُ صِفَةَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ إِطْلَاقًا. وَلَكِنَّهَا أَوَّلًا تَصِفُ ذَلِكَ الْفَرِيقَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي كَانَ قَائِمًا
بِالْمَدِينَةِ حِينَذَاكَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ، هُدًى لِلْمُتَّقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ، وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ، وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=4وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ، وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ..
ثُمَّ نَجِدُ بَعْدَهَا مُبَاشَرَةً فِي السِّيَاقِ وَصْفًا لِلْكُفَّارِ; وَهُوَ يُمَثِّلُ مُقَوِّمَاتِ الْكُفْرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَلَكِنَّهُ أَوَّلًا وَصْفٌ مُبَاشِرٌ لِلْكُفَّارِ الَّذِينَ كَانَتِ الدَّعْوَةُ تُوَاجِهُهُمْ حِينَذَاكَ، سَوَاءٌ فِي
مَكَّةَ أَوْ فِيمَا حَوْلَ
الْمَدِينَةِ ذَاتِهَا مِنْ طَوَائِفِ الْكُفَّارِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=6إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ، وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ، وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ..
[ ص: 31 ] كَذَلِكَ كَانَتْ هُنَاكَ طَائِفَةُ الْمُنَافِقِينَ. وَوُجُودُ هَذِهِ الطَّائِفَةِ نَشَأَ مُبَاشَرَةً مِنَ الْأَوْضَاعِ الَّتِي أَنْشَأَتْهَا الْهِجْرَةُ النَّبَوِيَّةُ إِلَى
الْمَدِينَةِ فِي ظُرُوفِهَا الَّتِي تَمَّتْ فِيهَا، وَالَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا مِنْ قَبْلُ; وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وُجُودٌ
بِمَكَّةَ . فَالْإِسْلَامُ فِي
مَكَّةَ لَمْ تَكُنْ لَهُ دَوْلَةٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ قُوَّةٌ، بَلْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عُصْبَةٌ يَخْشَاهَا أَهْلُ
مَكَّةَ فَيُنَافِقُونَهَا. عَلَى الضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْإِسْلَامُ مُضْطَهَدًا، وَكَانَتِ الدَّعْوَةُ مُطَارَدَةً، وَكَانَ الَّذِينَ يُغَامِرُونَ بِالِانْضِمَامِ إِلَى الصَّفِّ الْإِسْلَامِيِّ هُمُ الْمُخْلِصُونَ فِي عَقِيدَتِهِمُ، الَّذِينَ يُؤْثِرُونَهَا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَيَحْتَمِلُونَ فِي سَبِيلِهَا كُلَّ شَيْءٍ. فَأَمَّا فِي
يَثْرِبَ الَّتِي أَصْبَحَتْ مُنْذُ الْيَوْمِ تُعْرَفُ بِاسْمِ
الْمَدِينَةِ - أَيْ:
مَدِينَةِ الرَّسُولِ - فَقَدْ أَصْبَحَ الْإِسْلَامُ قُوَّةً يَحْسِبُ حِسَابَهَا كُلُّ أَحَدٍ; وَيَضْطَرُّ لِمُصَانَعَتِهَا كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا - وَبِخَاصَّةٍ بَعْدَ غَزْوَةِ
بَدْرٍ وَانْتِصَارِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا انْتِصَارًا عَظِيمًا - وَفِي مُقَدِّمَةِ مَنْ كَانَ مُضْطَرًّا لِمُصَانَعَتِهَا نَفَرٌ مِنَ الْكُبَرَاءِ، دَخَلَ أَهْلُهُمْ وَشِيعَتُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ وَأَصْبَحُوا هُمْ وَلَا بُدَّ لَهُمْ لِكَيْ يَحْتَفِظُوا بِمَقَامِهِمُ الْمَوْرُوثِ بَيْنَهُمْ وَبِمَصَالِحِهِمْ كَذَلِكَ أَنْ يَتَظَاهَرُوا بِاعْتِنَاقِ الدِّينِ الَّذِي اعْتَنَقَهُ أَهْلُهُمْ وَأَشْيَاعُهُمْ.
وَمِنْ هَؤُلَاءِ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ الَّذِي كَانَ قَوْمُهُ يُنَظِّمُونَ لَهُ الْخَرَزَ لِيُتَوِّجُوهُ مَلِكًا عَلَيْهِمْ قُبَيْلَ مَقْدَمِ الْإِسْلَامِ عَلَى
الْمَدِينَةِ ..
وَسَنَجِدُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ وَصْفًا مُطَوَّلًا لِهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ، نُدْرِكُ مِنْ بَعْضِ فِقْرَاتِهِ أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِهِمْ فِي الْغَالِبِ هُمْ أُولَئِكَ الْكُبَرَاءُ الَّذِينَ أَرْغَمُوا عَلَى التَّظَاهُرِ بِالْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَنْسَوْا بَعْدَ تَرَفُّعِهِمْ عَلَى جَمَاهِيرِ النَّاسِ، وَتَسْمِيَةِ هَذِهِ الْجَمَاهِيرِ بِالسُّفَهَاءِ عَلَى طَرِيقَةِ الْعِلْيَةِ الْمُتَكَبِّرِينَ!:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=8وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=9يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا، وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=11وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ: لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا: إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=12أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=13وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ: آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا: أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ؟ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=14وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا: آمَنَّا، وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا: إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ، وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=17مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ، وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=18صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ، يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ، وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ، وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا. وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ، إِنَّ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ..
وَفِي ثَنَايَا هَذِهِ الْحَمْلَةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ - الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ - نَجِدُ إِشَارَةً إِلَى "شَيَاطِينِهِمْ" . وَالظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ السُّورَةِ وَمِنْ سِيَاقِ الْأَحْدَاثِ فِي السِّيرَةِ أَنَّهَا تَعْنِي الْيَهُودَ ، الَّذِينَ تَضَمَّنَتِ السُّورَةُ حَمَلَاتٍ شَدِيدَةٍ عَلَيْهِمْ فِيمَا بَعْدُ. أَمَّا قِصَّتُهُمْ مَعَ الدَّعْوَةِ فَنُلَخِّصُهَا فِي هَذِهِ السُّطُورِ الْقَلِيلَةِ:
لِقَدْ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=32423الْيَهُودُ هُمْ أَوَّلُ مَنِ اصْطَدَمَ بِالدَّعْوَةِ فِي الْمَدِينَةِ ; وَكَانَ لِهَذَا الِاصْطِدَامِ أَسْبَابُهُ الْكَثِيرَةُ.. كَانَ لِلْيَهُودِ فِي
يَثْرِبَ مَرْكَزٌ مُمْتَازٌ بِسَبَبِ أَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ بَيْنَ الْأُمِّيِّينَ مِنَ
الْعَرَبِ -
الْأَوْسِ وَالْخَزْرَج - وَمَعَ أَنَّ مُشْرِكِي
الْعَرَبِ لَمْ يُظْهِرُوا مَيْلًا لِاعْتِنَاقِ دِيَانَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ هَؤُلَاءِ، إِلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا يَعُدُّونَهُمْ أَعْلَمَ مِنْهُمْ وَأَحْكَمَ بِسَبَبِ مَا لَدَيْهِمْ مِنْ كِتَابٍ. ثُمَّ كَانَ هُنَالِكَ ظَرْفٌ مُوَاتٍ لِلْيَهُودِ فِيمَا بَيْنُ
الْأَوْسِ وَالْخَزْرَج مِنْ فُرْقَةٍ وَخِصَامٍ - وَهِيَ الْبِيئَةُ الَّتِي يَجِدُ الْيَهُودُ دَائِمًا لَهُمْ فِيهَا عَمَلًا! - فَلَمَّا أَنَّ جَاءَ الْإِسْلَامُ سَلَبَهُمْ هَذِهِ الْمَزَايَا جَمِيعًا.. فَلَقَدْ جَاءَ بِكِتَابٍ مُصَدِّقٍ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنٍ عَلَيْهِ. ثُمَّ إِنَّهُ أَزَالَ الْفُرْقَةَ الَّتِي كَانُوا يُنَفِّذُونَ مِنْ خِلَالِهَا لِلدَّسِّ وَالْكَيْدِ وَجَرَّ الْمَغَانِمَ، وَوَحَّدَ الصَّفَّ الْإِسْلَامِيَّ الَّذِي ضَمَّ
الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ ، وَقَدْ أَصْبَحُوا مُنْذُ الْيَوْمِ
[ ص: 32 ] يُعْرَفُونَ
بِالْأَنْصَارِ ، إِلَى
الْمُهَاجِرِينَ ، وَأَلَّفَ مِنْهُمْ جَمِيعًا ذَلِكَ الْمُجْتَمَعَ الْمُسْلِمَ الْمُتَضَامَّ الْمُتَرَاصَّ الَّذِي لَمْ تَعْهَدْ لَهُ الْبَشَرِيَّةُ مِنْ قَبْلُ وَلَا مِنْ بَعْدُ نَظِيرًا عَلَى الْإِطْلَاقِ.
وَلَقَدْ كَانَ الْيَهُودُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ شَعْبُ اللَّهِ الْمُخْتَارِ، وَأَنَّ فِيهِمُ الرِّسَالَةَ وَالْكِتَابَ. فَكَانُوا يَتَطَلَّعُونَ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ الْأَخِيرُ فِيهِمْ كَمَا تَوَقَّعُوا دَائِمًا. فَلَمَّا أَنْ جَاءَ مِنَ
الْعَرَبِ ظَلُّوا يَتَوَقَّعُونَ أَنْ يَعْتَبِرَهُمْ خَارِجَ نِطَاقِ دَعْوَتِهِ، وَأَنْ يَقْصُرَ الدَّعْوَةَ عَلَى الْأُمِّيِّينَ مِنَ
الْعَرَبِ ! فَلَمَّا وَجَدُوهُ يَدْعُوهُمْ - أَوَّلُ مَنْ يَدْعُو - إِلَى كِتَابِ اللَّهِ، بِحُكْمِ أَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَجْدَرُ بِالِاسْتِجَابَةِ لَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.. أَخَذَتْهُمُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ، وَعَدُّوا تَوْجِيهَ الدَّعْوَةِ إِلَيْهِمْ إِهَانَةً وَاسْتِطَالَةً! ثُمَّ إِنَّهُمْ حَسَدُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَسَدًا شَدِيدًا. حَسَدُوهُ مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً لِأَنَّ اللَّهَ اخْتَارَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ - وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَشُكُّونَ فِي صِحَّتِهِ - وَحَسَدُوهُ لِمَا لَقِيَهُ مِنْ نَجَاحٍ سَرِيعٍ شَامِلٍ فِي مُحِيطِ
الْمَدِينَةِ .
عَلَى أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ سَبَبٌ آخَرُ لِحَنَقِهِمْ وَلِمَوْقِفِهِمْ مِنَ الْإِسْلَامِ مَوْقِفَ الْعَدَاءِ وَالْهُجُومِ مُنْذُ الْأَيَّامِ الْأُولَى: ذَلِكَ هُوَ شُعُورُهُمْ بِالْخَطَرِ مِنْ عَزْلِهِمْ عَنِ الْمُجْتَمَعِ الْمَدَنِيِّ الَّذِي كَانُوا يُزَاوِلُونَ فِيهِ الْقِيَادَةَ الْعَقْلِيَّةَ وَالتِّجَارَةَ الرَّابِحَةَ وَالرِّبَا الْمُضَعَّفَ! هَذَا أَوْ يَسْتَجِيبُوا لِلدَّعْوَةِ الْجَدِيدَةِ. وَيَذُوبُوا فِي الْمُجْتَمَعِ الْإِسْلَامِيِّ. وَهُمَا أَمْرَانِ - فِي تَقْدِيرِهِمْ - أَحْلَاهُمَا مُرٌّ! لِهَذَا كُلُّهُ وَقَفَ الْيَهُودُ مِنَ الدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ هَذَا الْمَوْقِفَ الَّذِي تَصِفُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، "وَسُوَرٌ غَيْرَهَا كَثِيرَةٌ" فِي تَفْصِيلٍ دَقِيقٍ، نَقْتَطِفُ هُنَا بَعْضَ الْآيَاتِ الَّتِي تُشِيرُ إِلَيْهِ.. جَاءَ فِي مُقَدِّمَةِ الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ هَذَا النِّدَاءُ الْعُلْوِيُّ لَهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ. وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ، وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا، وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=42وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=44أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ .. وَبَعْدَ تَذْكِيرِهِمْ طَوِيلًا بِمَوَاقِفِهِمْ مَعَ نَبِيِّهِمْ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَجُحُودِهِمْ لِنِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَفُسُوقِهِمْ عَنْ كِتَابِهِمْ وَشَرِيعَتِهِمْ..
وَنَكْثِهِمْ لِعَهْدِ اللَّهِ مَعَهُمْ.. جَاءَ فِي سِيَاقِ الْخِطَابِ لِتَحْذِيرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=75أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=76وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا: آمَنَّا، وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا: أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ؟ أَفَلا تَعْقِلُونَ؟ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=80وَقَالُوا: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً. قُلْ: أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهِ عَهْدَهُ؟ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ؟ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ، فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ...
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=91وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ: آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ. قَالُوا: نُؤْمِنُ بِمَا أَنْزَلَ عَلَيْنَا، وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ ...
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ ...
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=105مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ ...
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=109وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ...
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111وَقَالُوا: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى. تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ...
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ... إِلَخْ إِلَخْ.
وَكَانَتْ مُعْجِزَةُ الْقُرْآنِ الْخَالِدَةُ أَنَّ صِفَتَهُمُ الَّتِي دَمَغَهُمْ بِهَا هِيَ الصِّفَةُ الْمُلَازِمَةُ لَهُمْ فِي كُلِّ أَجْيَالِهِمْ مِنْ قَبْلُ
[ ص: 33 ] الْإِسْلَامُ وَمِنْ بَعْدِهِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا. مِمَّا جَعَلَ الْقُرْآنَ يُخَاطِبُهُمْ - فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا لَوْ كَانُوا هُمْ أَنْفُسُهُمُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعَلَى عُهُودِ خُلَفَائِهِ مِنْ أَنْبِيَائِهِمْ بِاعْتِبَارِهِمْ جِبِلَّةً وَاحِدَةً. سِمَاتُهُمْ هِيَ هِيَ، وَدَوْرُهُمْ هُوَ هُوَ، وَمَوْقِفُهُمْ مِنَ الْحَقِّ وَالْخَلْقِ مَوْقِفُهُمْ عَلَى مَدَارِ الزَّمَانِ! وَمِنْ ثَمَّ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ فِي السِّيَاقِ مِنْ خِطَابِ قَوْمِ
مُوسَى ، إِلَى خِطَابِ الْيَهُودِ فِي
الْمَدِينَةِ ، إِلَى خِطَابِ أَجْيَالٍ بَيْنَ هَذَيْنَ الْجِيلَيْنِ. وَمِنْ ثَمَّ تَبْقَى كَلِمَاتُ الْقُرْآنِ حَيَّةً كَأَنَّمَا تُوَاجِهُ مَوْقِفَ الْأُمَّةِ الْمُسْلِمَةِ الْيَوْمَ وَمَوْقِفَ الْيَهُودِ مِنْهَا. وَتَتَحَدَّثُ عَنِ اسْتِقْبَالِ يَهُودَ لِهَذِهِ الْعَقِيدَةِ وَلِهَذِهِ الدَّعْوَةِ الْيَوْمَ وَغَدًا كَمَا اسْتَقْبَلَتْهَا بِالْأَمْسِ تَمَامًا! وَكَأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْخَالِدَةَ هِيَ التَّنْبِيهُ الْحَاضِرُ وَالتَّحْذِيرُ الدَّائِمُ لِلْأُمَّةِ الْمُسْلِمَةِ، تُجَاهَ أَعْدَائِهَا الَّذِينَ وَاجَهُوا أَسْلَافَهَا بِمَا يُوَاجِهُونَهَا الْيَوْمَ بِهِ مِنْ دَسٍّ وَكَيْدٍ، وَحَرْبٍ مُنَوَّعَةِ الْمَظَاهِرِ، مُتَّحِدَةِ الْحَقِيقَةِ!