ولما كان من أعجب العجب كون شيء واحد يكون هدى لناس دون ناس ؛ علل ذلك بقوله :
nindex.php?page=treesubj&link=30531_30532_30539_30549_34123_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7ختم الله أي بجلاله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7على قلوبهم أي ختما مستعليا عليها فهي لا تعي حق الوعي ، لأن الختم على الشيء يمنع
[ ص: 96 ] الدخول إليه والخروج منه ، وأكد المعنى بإعادة الجار ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7وعلى سمعهم فهم لا يسمعون حق السمع ، وأفرده لأن التفاوت فيه نادر .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : وشركه في الختم مع القلب ؛ لأن أحدا لا يسمع إلا ما عقل . انتهى .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7وعلى أبصارهم غشاوة فهم لا ينظرون بالتأمل .
ولما سوى هنا بين الإنذار وعدمه ؛ كانت البداءة بالقلوب أنسب تسوية لهم بالبهائم . ولما كان الغبي قد يسمع أو يبصر فيهتدي ، وكان إلى السمع أضر لعمومه وخصوص البصر بأحوال الضياء ؛ نفى السمع ثم البصر تسفيلا لهم عن حال البهائم ، بخلاف ما في " الجاثية " فإنه لما أخبر فيها بالإضلال وكان الضال أحوج شيء إلى سماع الهادي نفاه ، ولما
[ ص: 97 ] كان الأصم ، إذا كان ذا فهم أو بصر أمكنت هدايته وكان الفهم أشرف نفاهما على ذلك الترتيب .
ولما وصفهم بذلك أخبر بمآلهم ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7ولهم عذاب عظيم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7ولهم إعلام بقوة تداعي حالهم لذلك العذاب واستحقاقهم له وتنشؤ ذواتهم إليه حتى يشهد عيان المعرفة به - أي العذاب - وبهم أنه لهم وكان عذابهم عظيما آخذا في عموم ذواتهم لكونهم لم تلتبس أبدانهم ولا نفوسهم ولا أرواحهم بما يصد عنهم شيئا من عذابها كما يكون للمعاقبين من مذنبي مؤمني الأمم حيث يتنكب العذاب عن وجوههم ومواضع وضوئهم ونحو ذلك . انتهى .
[ ص: 98 ] وسيأتي عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=165ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا ما يلتفت إلى هنا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : " الكفر " تغطية ما حقه الإظهار ، و " الإنذار " الإعلام بما يحذر ، و " الختم " إخفاء خبر الشيء بجمع أطرافه عليه على وجه يتحفظ به و " القلب " مبدأ كيان الشيء من غيب قوامه ، فيكون تغير كونه بحسب تقلب قلبه في الانتهاء ويكون تطوره وتكامله بحسب مدده في الابتداء والنماء ، والقلب من الإنسان بمنزلة السكان من السفينة بحسب تقلبه يتصرف سائره ، وبوضعه للتقلب والتقليب سمي قلبا ، وللطيف معناه في ذلك كان أكثر قسمه صلى الله عليه وسلم بمقلب القلوب . " والغشاوة " غطاء مجلل لا يبدو معه من المغطى شيء . و " العذاب " إيلام لا إجهاز فيه ، و " العظيم " الآخذ في الجهات كلها .
[ ص: 99 ] انتهى .
وفي تعقيب ذكر المؤمنين بذكر المختوم على مداركهم المختوم بمهالكهم تعظيم للنعمة على من استجاب له . إذ قال : اهدنا فهداه ، وإعلام بأن الهدى ليس إلا بيده ليلحوا في الطلب ويبرؤوا من ادعاء حول أو قوة .
وَلَمَّا كَانَ مِنْ أَعْجَبِ الْعَجَبِ كَوْنُ شَيْءٍ وَاحِدٍ يَكُونُ هُدًى لِنَاسٍ دُونَ نَاسٍ ؛ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=treesubj&link=30531_30532_30539_30549_34123_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7خَتَمَ اللَّهُ أَيْ بِجَلَالِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7عَلَى قُلُوبِهِمْ أَيْ خَتْمًا مُسْتَعْلِيًا عَلَيْهَا فَهِيَ لَا تَعِي حَقَّ الْوَعْيِ ، لِأَنَّ الْخَتْمَ عَلَى الشَّيْءِ يَمْنَعُ
[ ص: 96 ] الدُّخُولَ إِلَيْهِ وَالْخُرُوجَ مِنْهُ ، وَأَكَّدَ الْمَعْنَى بِإِعَادَةِ الْجَارِّ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7وَعَلَى سَمْعِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ حَقَّ السَّمْعِ ، وَأَفْرَدَهُ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيهِ نَادِرٌ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِّيُّ : وَشَرَّكَهُ فِي الْخَتْمِ مَعَ الْقَلْبِ ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَسْمَعُ إِلَّا مَا عَقَلَ . انْتَهَى .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ فَهُمْ لَا يَنْظُرُونَ بِالتَّأَمُّلِ .
وَلَمَّا سَوَّى هُنَا بَيْنَ الْإِنْذَارِ وَعَدَمِهِ ؛ كَانَتِ الْبُدَاءَةُ بِالْقُلُوبِ أَنْسَبُ تَسْوِيَةً لَهُمْ بِالْبَهَائِمِ . وَلَمَّا كَانَ الْغَبِيُّ قَدْ يَسْمَعُ أَوْ يُبْصِرُ فَيَهْتَدِي ، وَكَانَ إِلَى السَّمْعِ أَضَرَّ لِعُمُومِهِ وَخُصُوصِ الْبَصَرِ بِأَحْوَالِ الضِّيَاءِ ؛ نَفَى السَّمْعَ ثُمَّ الْبَصَرَ تَسْفِيلًا لَهُمْ عَنْ حَالِ الْبَهَائِمِ ، بِخِلَافِ مَا فِي " الْجَاثِيَةِ " فَإِنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ فِيهَا بِالْإِضْلَالِ وَكَانَ الضَّالُّ أَحْوَجَ شَيْءٍ إِلَى سَمَاعِ الْهَادِي نَفَاهُ ، وَلَمَّا
[ ص: 97 ] كَانَ الْأَصَمُّ ، إِذَا كَانَ ذَا فَهْمٍ أَوْ بَصَرٍ أَمْكَنَتْ هِدَايَتُهُ وَكَانَ الْفَهْمُ أَشْرَفَ نَفَاهُمَا عَلَى ذَلِكَ التَّرْتِيبِ .
وَلَمَّا وَصَفَهُمْ بِذَلِكَ أَخْبَرَ بِمَآلِهِمْ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِّيُّ : وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7وَلَهُمْ إِعْلَامٌ بِقُوَّةِ تَدَاعِي حَالِهِمْ لِذَلِكَ الْعَذَابِ وَاسْتِحْقَاقِهِمْ لَهُ وَتَنَشُّؤِ ذَوَاتِهِمْ إِلَيْهِ حَتَّى يَشْهَدَ عَيَانَ الْمَعْرِفَةِ بِهِ - أَيِ الْعَذَابِ - وَبِهِمْ أَنَّهُ لَهُمْ وَكَانَ عَذَابُهُمْ عَظِيمًا آخِذًا فِي عُمُومِ ذَوَاتِهِمْ لِكَوْنِهِمْ لَمْ تَلْتَبِسْ أَبْدَانُهُمْ وَلَا نُفُوسُهُمْ وَلَا أَرْوَاحُهُمْ بِمَا يَصُدُّ عَنْهُمْ شَيْئًا مِنْ عَذَابِهَا كَمَا يَكُونُ لِلْمُعَاقَبِينَ مِنْ مُذْنِبِي مُؤْمِنِي الْأُمَمِ حَيْثُ يَتَنَكَّبُ الْعَذَابُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَمَوَاضِعِ وُضُوئِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ . انْتَهَى .
[ ص: 98 ] وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=165وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا مَا يَلْتَفِتُ إِلَى هُنَا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِّيُّ : " الْكُفْرُ " تَغْطِيَةُ مَا حَقُّهُ الْإِظْهَارُ ، وَ " الْإِنْذَارُ " الْإِعْلَامُ بِمَا يُحَذِّرُ ، وَ " الْخَتْمُ " إِخْفَاءُ خَبَرِ الشَّيْءِ بِجَمْعِ أَطْرَافِهِ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ يَتَحَفَّظُ بِهِ وَ " الْقَلْبُ " مَبْدَأُ كِيَانِ الشَّيْءِ مِنْ غَيْبِ قِوَامِهِ ، فَيَكُونُ تَغَيُّرُ كَوْنِهِ بِحَسَبَ تَقَلُّبِ قَلْبِهِ فِي الِانْتِهَاءِ وَيَكُونُ تَطَوُّرُهُ وَتَكَامُلُهُ بِحَسَبِ مُدَدِهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَالنَّمَاءِ ، وَالْقَلْبُ مِنَ الْإِنْسَانِ بِمَنْزِلَةِ السُّكَّانِ مِنَ السَّفِينَةِ بِحَسَبَ تَقَلُّبِهِ يَتَصَرَّفُ سَائِرُهُ ، وَبِوَضْعِهِ لِلتَّقَلُّبِ وَالتَّقْلِيبِ سُمِّيَ قَلْبًا ، وَلِلَطِيفِ مَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ كَانَ أَكْثَرَ قَسَمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ . " وَالْغِشَاوَةُ " غِطَاءٌ مُجَلَّلٌ لَا يَبْدُو مَعَهُ مِنَ الْمُغَطَّى شَيْءٌ . وَ " الْعَذَابُ " إِيلَامٌ لَا إِجْهَازَ فِيهِ ، وَ " الْعَظِيمُ " الْآخِذُ فِي الْجِهَاتِ كُلِّهَا .
[ ص: 99 ] انْتَهَى .
وَفِي تَعْقِيبِ ذِكْرِ الْمُؤْمِنِينَ بِذِكْرِ الْمَخْتُومِ عَلَى مَدَارِكِهِمُ الْمَخْتُومِ بِمَهَالِكِهِمْ تَعْظِيمٌ لِلنِّعْمَةِ عَلَى مَنِ اسْتَجَابَ لَهُ . إِذْ قَالَ : اهْدِنَا فَهَدَاهُ ، وَإِعْلَامٌ بِأَنَّ الْهُدَى لَيْسَ إِلَّا بِيَدِهِ لِيُلِحُّوا فِي الطَّلَبِ وَيَبْرَؤُوا مِنِ ادِّعَاءِ حَوْلٍ أَوْ قُوَّةٍ .