ولما كان ملوك الدنيا غالبا لا يريدون أن يعصى أمرهم، فإذا حذروا من شيء أرادوا أن لا يقرب، فإن فعله أحد كان فعله له خارجا عن مرادهم، فكانت عقوبتهم له لخروجه عن المراد شفاء لما حصل لهم من داء الغيظ، بين أنه سبحانه على غير ذلك،
nindex.php?page=treesubj&link=28783وأنه منزه عن خروج شيء عن مراده، وعن أن يلحقه نفع بطاعة أو ضر بمعصية، وإن عقوبته إنما هي على مخالفة أمره مع الدخول تحت مراده بإلجائه وقسره، وهذا في نفس الأمر، وأما في الظاهر فالأمر أن لا يظهر أنه لشيء منهما مانع إلا صرف الاختيار، فقال صارفا القول عن مظهر العظمة استيفاء لإنذار ما هو حقيق به منها إلى الاسم الجامع صفات العظمة وغيرها لاقتضاء الحال له:
nindex.php?page=treesubj&link=30454_34092_34101_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8ولو شاء الله أي المحيط بجميع صفات الكمال
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8لجعلهم أي المجموعين
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8أمة واحدة للعذاب أو الثواب ولكنه لم يشأ ذلك بل شاء أن يكونوا فريقين: مقسطين وظالمين، ليظهر فضله وعدله وأنه إله جبار واحد قهار،
[ ص: 253 ] لا يبالي بأحد وهو معنى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8ولكن يدخل من يشاء أي إدخاله
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8في رحمته بخلق الهداية في قلبه فتكون أفعالهم في مواضعها وهم المقسطون، ويدخل من يشاء في نقمته بخلق الضلال في قلوبهم فيكونون ظالمين، فلا يكون لهم فعل في حاق موضعه، فالمقسطون ما لهم من عدو ولا نكير
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8والظالمون أي العريقون في الظلم الذين شاء ظلمهم فيدخلهم في لعنته
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8ما لهم من ولي يلي أمورهم فيجتهد في إصلاحها
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8ولا نصير ينصرهم من الهوان، فالآية من الاحتباك وهو ظاهر ذكر الرحمة أولا دليلا على اللعنة ثانيا والظلم وما معه ثانيا دليلا على أضداده أولا، وسره أنه ذكر السبب الحقيقي في أهل السعادة ليحملهم على مزيد الشكر، والسبب الظاهري في أهل الشقاوة لينهاهم عن الكفر.
وَلَمَّا كَانَ مُلُوكُ الدُّنْيَا غَالِبًا لَا يُرِيدُونَ أَنْ يُعْصَى أَمْرُهُمْ، فَإِذَا حَذَّرُوا مِنْ شَيْءٍ أَرَادُوا أَنْ لَا يَقْرُبَ، فَإِنْ فَعَلَهُ أَحَدٌ كَانَ فِعْلُهُ لَهُ خَارِجًا عَنْ مُرَادِهِمْ، فَكَانَتْ عُقُوبَتُهُمْ لَهُ لِخُرُوجِهِ عَنِ الْمُرَادِ شِفَاءً لِمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنْ دَاءِ الْغَيْظِ، بَيَّنَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ،
nindex.php?page=treesubj&link=28783وَأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ خُرُوجِ شَيْءٍ عَنْ مُرَادِهِ، وَعَنْ أَنْ يَلْحَقَهُ نَفْعٌ بِطَاعَةٍ أَوْ ضُرٍّ بِمَعْصِيَةٍ، وَإِنَّ عُقُوبَتَهُ إِنَّمَا هِيَ عَلَى مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ مَعَ الدُّخُولِ تَحْتَ مُرَادِهِ بِإِلْجَائِهِ وَقَسْرِهِ، وَهَذَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَالْأَمْرُ أَنْ لَا يَظْهَرَ أَنَّهُ لِشَيْءٍ مِنْهُمَا مَانِعٌ إِلَّا صَرْفَ الِاخْتِيَارِ، فَقَالَ صَارِفًا الْقَوْلَ عَنْ مَظْهَرِ الْعَظَمَةِ اسْتِيفَاءً لِإِنْذَارِ مَا هُوَ حَقِيقٌ بِهِ مِنْهَا إِلَى الِاسْمِ الْجَامِعِ صِفَاتِ الْعَظَمَةِ وَغَيْرِهَا لِاقْتِضَاءِ الْحَالِ لَهُ:
nindex.php?page=treesubj&link=30454_34092_34101_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ أَيِ الْمُحِيطِ بِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8لَجَعَلَهُمْ أَيِ الْمَجْمُوعِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8أُمَّةً وَاحِدَةً لِلْعَذَابِ أَوِ الثَّوَابِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَشَأْ ذَلِكَ بَلْ شَاءَ أَنْ يَكُونُوا فَرِيقَيْنِ: مُقْسِطِينَ وَظَالِمِينَ، لِيَظْهَرَ فَضْلُهُ وَعَدْلُهُ وَأَنَّهُ إِلَهٌ جَبَّارٌ وَاحِدٌ قَهَّارٌ،
[ ص: 253 ] لَا يُبَالِي بِأَحَدٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ أَيْ إِدْخَالَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8فِي رَحْمَتِهِ بِخُلُقِ الْهِدَايَةِ فِي قَلْبِهِ فَتَكُونُ أَفْعَالُهُمْ فِي مَوَاضِعِهَا وَهُمُ الْمُقْسِطُونَ، وَيُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي نِقْمَتِهِ بِخَلْقِ الضَّلَالِ فِي قُلُوبِهِمْ فَيَكُونُونَ ظَالِمِينَ، فَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِعْلٌ فِي حَاقَ مَوْضِعُهُ، فَالْمُقْسِطُونَ مَا لَهُمْ مِنْ عَدُوِّ وَلَا نَكِيرٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8وَالظَّالِمُونَ أَيِ الْعَرِيقُونَ فِي الظُّلْمِ الَّذِينَ شَاءَ ظُلْمَهُمْ فَيُدْخِلُهُمْ فِي لَعْنَتِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ يَلِي أُمُورَهُمْ فَيَجْتَهِدُ فِي إِصْلَاحِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8وَلا نَصِيرٍ يَنْصُرُهُمْ مِنَ الْهَوَانِ، فَالْآيَةُ مِنَ الِاحْتِبَاكِ وَهُوَ ظَاهِرُ ذِكْرِ الرَّحْمَةِ أَوَّلًا دَلِيلًا عَلَى اللَّعْنَةِ ثَانِيًا وَالظُّلْمِ وَمَا مَعَهُ ثَانِيًا دَلِيلًا عَلَى أَضْدَادِهِ أَوَّلًا، وَسِرُّهُ أَنَّهُ ذَكَرَ السَّبَبَ الْحَقِيقِيَّ فِي أَهْلِ السَّعَادَةِ لِيَحْمِلَهُمْ عَلَى مَزِيدِ الشُّكْرِ، وَالسَّبَبُ الظَّاهِرِيِّ فِي أَهْلِ الشَّقَاوَةِ لِيَنْهَاهُمْ عَنِ الْكُفْرِ.