ولما كانوا ينكرون تعظيمه عنادا وإن كانوا يقرون بذلك في بعض الأوقات، قال مؤكدا لذلك وتنبيها على أنه أهل لأن يقسم به، ويزاد في تعظيمه لأنه لا كلام يشبه، بل ولا يدانيه بوجه:
nindex.php?page=treesubj&link=34225_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4وإنه أي القرآن، وقدم الظرفين على الخبر المقترن باللام اهتماما بهما ليفيد بادئ بدء أن علوه وحكمته ثابتة في الأم وأن الأم في غاية الغرابة عنده
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4في أم الكتاب أي كائنا في أصل كل كتاب سماوي، وهو اللوح المحفوظ، وزاد في شرفه بالتعبير بلدي التي هي لخاص الخاص وأغرب المستغرب ونون العظمة فقال
[ ص: 381 ] مرتبا للظرف على الجار ليفيد أن أم الكتاب من أغرب الغريب الذي عنده
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4لدينا على ما هو عليه هناك
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4لعلي
ولما كان العلي قد يتفق علوه ولا تصحبه في علوه حكمة، فلا يثبت له علوه، فيتهور بنيانه وينقص سفوله ودنوه، قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4حكيم أي بليغ في كل من هاتين الصفتين راسخ فيهما رسوخا لا يدانيه فيه كتاب فلا يعارض في علي لفظه، ولا يبارى في حكيم معناه، ويعلو ولا يعلى عليه بنسخ ولا غيره، بل هناك مكتوب بأحرف وعبارات فائقة رائقة تعلو عن فهم أعقل العقلاء، ولا يمكن بوجه أن يبلغها أنبل النبلاء، إلا بتفهيم العلي الكبير، الذي هو على كل شيء قدير.
وقال الإمام
أبو جعفر بن الزبير : لما أخر سبحانه بامتحان خلف بني إسرائيل في شكهم في كتابهم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=14وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب ووصى نبيه صلى الله عليه وسلم بالتبري من سيئ حالهم والتنزه عن سوء محالهم فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنـزل الله من كتاب الآية وتكرر الثناء على الكتاب العربي كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=17الله الذي أنـزل الكتاب بالحق والميزان وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وكذلك أوحينا إليك روحا [ ص: 382 ] من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا - إلى آخر السورة، أعقب ذلك بالقسم به وعضد الثناء عليه فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=2والكتاب المبين nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ولما أوضح عظيم حال الكتاب وجليل نعمته به، أردف ذلك بذكر سعة عفوه وجميل إحسانه إلى عباده ورحمتهم بكتابه مع إسرافهم وقبيح مرتكبهم فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=5أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين ولما قدم في الشورى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما فأعلم أن ذلك إنما يكون بقدرته وإرادته، والجاري على هذا أن يسلم الواقع من ذلك ويرضى بما قسم واختار، عنف تعالى في هذه السورة من اعتدى وزاغ فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=17وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم فكمل الواقع هنا بما تعلق به، وكذلك قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=27ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض وقوله في الزخرف
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=33ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة إلى آخره - انتهى.
وَلَمَّا كَانُوا يُنْكِرُونَ تَعْظِيمَهُ عِنَادًا وَإِنْ كَانُوا يُقِرُّونَ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، قَالَ مُؤَكِّدًا لِذَلِكَ وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ أَهْلٌ لِأَنْ يُقْسِمَ بِهِ، وَيُزَادُ فِي تَعْظِيمِهِ لِأَنَّهُ لَا كَلَامَ يُشْبِهُ، بَلْ وَلَا يُدَانِيهِ بِوَجْهٍ:
nindex.php?page=treesubj&link=34225_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4وَإِنَّهُ أَيِ الْقُرْآنُ، وَقَدَّمَ الظَّرْفَيْنِ عَلَى الْخَبَرِ الْمُقْتَرِنِ بِاللَّامِ اهْتِمَامًا بِهِمَا لِيُفِيدَ بَادِئَ بَدْءٍ أَنَّ عُلُوَّهُ وَحِكْمَتَهُ ثَابِتَةٌ فِي الْأُمِّ وَأَنَّ الْأُمَّ فِي غَايَةِ الْغَرَابَةِ عِنْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4فِي أُمِّ الْكِتَابِ أَيْ كَائِنًا فِي أَصْلِ كُلِّ كِتَابٍ سَمَاوِيٍّ، وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، وَزَادَ فِي شَرَفِهِ بِالتَّعْبِيرِ بَلَدِي الَّتِي هِيَ لِخَاصِّ الْخَاصِّ وَأَغْرَبَ الْمُسْتَغْرِبُ وَنُونُ الْعَظَمَةِ فَقَالَ
[ ص: 381 ] مُرَتِّبًا لِلظَّرْفِ عَلَى الْجَارِّ لِيُفِيدَ أَنَّ أُمَّ الْكِتَابِ مِنْ أَغْرَبِ الْغَرِيبِ الَّذِي عِنْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4لَدَيْنَا عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ هُنَاكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4لَعَلِيٌّ
وَلَمَّا كَانَ الْعَلِيُّ قَدْ يَتَّفِقُ عُلُوُّهُ وَلَا تَصْحَبُهُ فِي عُلُوِّهِ حِكْمَةٌ، فَلَا يَثْبُتُ لَهُ عُلُوُّهُ، فَيَتَهَوَّرُ بُنْيَانُهُ وَيَنْقُصُ سُفُولُهُ وَدُنُوُّهُ، قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4حَكِيمٌ أَيْ بَلِيغٌ فِي كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ رَاسِخٌ فِيهِمَا رُسُوخًا لَا يُدَانِيهِ فِيهِ كِتَابٌ فَلَا يُعَارِضُ فِي عَلِيِّ لَفْظِهِ، وَلَا يُبَارَى فِي حَكِيمِ مَعْنَاهُ، وَيَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ بِنَسْخٍ وَلَا غَيْرِهِ، بَلْ هُنَاكَ مَكْتُوبٌ بِأَحْرُفٍ وَعِبَارَاتٍ فَائِقَةٍ رَائِقَةٍ تَعْلُو عَنْ فَهْمِ أَعْقَلِ الْعُقَلَاءِ، وَلَا يُمْكِنُ بِوَجْهٍ أَنْ يَبْلُغَهَا أَنْبَلُ النُّبَلَاءِ، إِلَّا بِتَفْهِيمِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ، الَّذِي هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
وَقَالَ الْإِمَامُ
أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ : لَمَّا أَخَّرَ سُبْحَانَهُ بِامْتِحَانٍ خَلْفَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي شَكِّهِمْ فِي كِتَابِهِمْ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=14وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ وَوَصَّى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّبَرِّي مِنْ سَيِّئِ حَالِهِمْ وَالتَّنَزُّهِ عَنْ سُوءِ مَحَالِهِمْ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ الْآيَةُ وَتَكَرَّرَ الثَّنَاءُ عَلَى الْكِتَابِ الْعَرَبِيِّ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=17اللَّهُ الَّذِي أَنْـزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا [ ص: 382 ] مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مِنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا - إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، أَعْقَبَ ذَلِكَ بِالْقَسَمِ بِهِ وَعَضَّدَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=2وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ وَلَمَّا أَوْضَحَ عَظِيمَ حَالِ الْكِتَابِ وَجَلِيلَ نِعْمَتِهِ بِهِ، أَرْدَفَ ذَلِكَ بِذِكْرِ سِعَةِ عَفْوِهِ وَجَمِيلِ إِحْسَانِهِ إِلَى عِبَادِهِ وَرَحْمَتِهِمْ بِكِتَابِهِ مَعَ إِسْرَافِهِمْ وَقَبِيحِ مُرْتَكِبِهِمْ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=5أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ وَلَمَّا قَدَّمَ فِي الشُّورَى قَوْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا فَأَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بِقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَالْجَارِي عَلَى هَذَا أَنْ يُسْلِمَ الْوَاقِعَ مِنْ ذَلِكَ وَيَرْضَى بِمَا قَسَّمَ وَاخْتَارَ، عَنَّفَ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ مَنِ اعْتَدَى وَزَاغَ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=17وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ فَكَمَّلَ الْوَاقِعَ هُنَا بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=27وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَقَوْلُهُ فِي الزُّخْرُفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=33وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ إِلَى آخِرِهِ - انْتَهَى.