nindex.php?page=treesubj&link=28723_28867_29785_29786_30532_30539_34147_34274_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=4وأنـزل الفرقان : ( الفرقان ) هنا هو : القرآن ، وكرر ذكره بعد أن ذكرت التوراة والإنجيل ، للإشارة إلى الاتصال الكامل بين شرائع الله تعالى ، وأنه تتميم لما سبقه ، وأنه كمال هذه الشرائع كلها ، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=28666_28639رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - هي آخر لبنة في صرح الشرائع الإلهية ، وبنزولها كمل دين الله . وكرر ذكره أيضا لوصفه بالفرقان ، فهو أتى بمعنى جديد لا يغني عنه ذكر الكتاب أولا . ووصف القرآن الكريم بالفرقان ، لأنه فارق بين الحق والباطل ، ومبين للصادق من الكتب السابقة ، ولأنه فارق بين عهدين في الرسائل الإلهية ; فقد كانت رسالات الرسل من قبل لأمم خاصة ، ومن بعد كانت الرسالة المحمدية للناس كافة ، فمن قبله كانت الرسالات لعلاج أحوال عارضة وقتية ; أما رسالة القرآن فعلاج لأدواء الإنسانية ، وتقرير الصالح لها مهما تختلف الأمصار ، وتتباعد الأقطار ، ولأنه ميزان الحقائق إلى يوم القيامة ; ولذلك قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=17الله الذي أنـزل الكتاب بالحق والميزان nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=4إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام ذكر سبحانه عقاب الذين يكفرون بآيات الله ، أي معجزاته الباهرة ، وآياته المتلوة القاهرة ، بعد أن ذكر كتب الديانات الثلاث : اليهودية ، والنصرانية ، والإسلام ;
[ ص: 1103 ] للإشارة إلى أن الذين يكفرون بمحمد إنما يكفرون بشرائع الله المنزلة كلها ; لأن شريعته كمالها ، وبها تمامها وختامها ، وللإشارة إلى أن اليهود والنصارى الذين لا يتبعون محمدا ، إنما يكفرون بحقيقة النصرانية نفسها ، واليهودية ذاتها إذ يكفرون بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ; فليست رسالة محمد إلا الخطوة الأخيرة في الشرائع الإلهية ، وهي الكمال ، وقد بشرت به الكتب السابقة كلها ، فالكفر به كفر بها ، والإسلام سيمر بالشرع الإلهي إلى أقصى غايته ; ولو كان
موسى حيا ما وسعه إلا الإيمان بما جاء به
محمد كما أشار بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - . ومن أجل هذا كان الذين يكفرون بمحمد لهم عذاب شديد ، وخصوصا إذا كانوا من اليهود والنصارى ، لأنهم حينئذ يكفرون بكل آيات الله تعالى .
ثم وصف سبحانه ذاته الكريمة بما يفيد أنه غالب ، وأنه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=4والله عزيز ذو انتقام أي أنه سبحانه بعزته غالب على كل شيء ، مسيطر على كل شيء ، ليس فوقه أحد ، وهو القاهر فوق عباده . وهو ذو انتقام ; أي أنه سبحانه له انتقام شديد لا يدرك كنهه ; ولذلك نكر الانتقام . والانتقام إنزال النقمة والشدة في مقابل ما يرتكبه الشخص ; فإن كان من عادل حكيم كان عقوبة عادلة ، وجزاء وفاقا ; وكذلك يكون عقاب الله تعالى ، فانتقام الله ليس تشفيا وشفاء غيظ كما هو الشأن من البشر ، بل انتقام الله عقوبة عادلة ، وقصاص رادع . وعبر بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=4ذو انتقام أي صاحب انتقام ، للإشارة إلى أن هذا الانتقام في قدرته سبحانه وسلطانه ينزله أنى شاء ، ومتى شاء بمقتضى حكمته وإرادته وقدرته ، وعلمه الذي يحيط بكل شيء ; ولذا قال بعد ذلك :
* * *
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28867_29785_29786_30532_30539_34147_34274_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=4وَأَنْـزَلَ الْفُرْقَانَ : ( الْفُرْقَانُ ) هُنَا هُوَ : الْقُرْآنُ ، وَكُرِّرَ ذِكْرُهُ بَعْدَ أَنْ ذُكِرَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ ، لِلْإِشَارَةِ إِلَى الِاتِّصَالِ الْكَامِلِ بَيْنَ شَرَائِعِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَنَّهُ تَتْمِيمٌ لِمَا سَبَقَهُ ، وَأَنَّهُ كَمَالُ هَذِهِ الشَّرَائِعِ كُلِّهَا ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28666_28639رِسَالَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ آخِرُ لَبِنَةٍ فِي صَرْحِ الشَّرَائِعِ الْإِلَهِيَّةِ ، وَبِنُزُولِهَا كَمُلَ دِينُ اللَّهِ . وَكُرِّرَ ذِكْرُهُ أَيْضًا لِوَصْفِهِ بِالْفُرْقَانِ ، فَهُوَ أَتَى بِمَعْنَى جَدِيدٍ لَا يُغْنِي عَنْهُ ذِكْرُ الْكِتَابِ أَوَّلًا . وَوُصِفَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ بِالْفُرْقَانِ ، لِأَنَّهُ فَارِقٌ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ، وَمُبَيِّنٌ لِلصَّادِقِ مِنَ الْكُتُبِ السَّابِقَةِ ، وَلِأَنَّهُ فَارِقٌ بَيْنَ عَهْدَيْنِ فِي الرَّسَائِلِ الْإِلَهِيَّةِ ; فَقَدْ كَانَتْ رِسَالَاتُ الرُّسُلِ مِنْ قَبْلُ لِأُمَمٍ خَاصَّةٍ ، وَمِنْ بَعْدُ كَانَتِ الرِّسَالَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ لِلنَّاسِ كَافَّةً ، فَمَنْ قَبْلَهُ كَانَتِ الرِّسَالَاتُ لِعِلَاجِ أَحْوَالٍ عَارِضَةٍ وَقْتِيَّةٍ ; أَمَّا رِسَالَةُ الْقُرْآنِ فَعِلَاجٌ لِأَدْوَاءِ الْإِنْسَانِيَّةِ ، وَتَقْرِيرُ الصَّالِحِ لَهَا مَهْمَا تَخْتَلِفُ الْأَمْصَارُ ، وَتَتَبَاعَدُ الْأَقْطَارُ ، وَلِأَنَّهُ مِيزَانُ الْحَقَائِقِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ; وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=17اللَّهُ الَّذِي أَنْـزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=4إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ عِقَابَ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ، أَيْ مُعْجِزَاتِهِ الْبَاهِرَةِ ، وَآيَاتِهِ الْمَتْلُوَّةِ الْقَاهِرَةِ ، بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كُتُبَ الدِّيَانَاتِ الثَّلَاثِ : الْيَهُودِيَّةُ ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ ، وَالْإِسْلَامُ ;
[ ص: 1103 ] لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِمُحَمَّدٍ إِنَّمَا يَكْفُرُونَ بِشَرَائِعِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ كُلِّهَا ; لِأَنَّ شَرِيعَتَهُ كَمَالُهَا ، وَبِهَا تَمَامُهَا وَخِتَامُهَا ، وَلِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ لَا يَتَّبِعُونَ مُحَمَّدًا ، إِنَّمَا يَكْفُرُونَ بِحَقِيقَةِ النَّصْرَانِيَّةِ نَفْسِهَا ، وَالْيَهُودِيَّةِ ذَاتِهَا إِذْ يَكْفُرُونَ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; فَلَيْسَتْ رِسَالَةُ مُحَمَّدٍ إِلَّا الْخُطْوَةَ الْأَخِيرَةَ فِي الشَّرَائِعِ الْإِلَهِيَّةِ ، وَهِيَ الْكَمَالُ ، وَقَدْ بَشَّرَتْ بِهِ الْكُتُبُ السَّابِقَةُ كُلُّهَا ، فَالْكُفْرُ بِهِ كُفْرٌ بِهَا ، وَالْإِسْلَامُ سَيَمُرُّ بِالشَّرْعِ الْإِلَهِيِّ إِلَى أَقْصَى غَايَتِهِ ; وَلَوْ كَانَ
مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا الْإِيمَانُ بِمَا جَاءَ بِهِ
مُحَمَّدٌ كَمَا أَشَارَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَمِنْ أَجْلِ هَذَا كَانَ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِمُحَمَّدٍ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ، وَخُصُوصًا إِذَا كَانُوا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ يَكْفُرُونَ بِكُلِّ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى .
ثُمَّ وَصَفَ سُبْحَانَهُ ذَاتَهُ الْكَرِيمَةَ بِمَا يُفِيدُ أَنَّهُ غَالِبٌ ، وَأَنَّهُ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=4وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ أَيْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ بِعِزَّتِهِ غَالِبٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، مُسَيْطِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، لَيْسَ فَوْقَهُ أَحَدٌ ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ . وَهُوَ ذُو انْتِقَامٍ ; أَيْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ انْتِقَامٌ شَدِيدٌ لَا يُدْرَكُ كُنْهُهُ ; وَلِذَلِكَ نَكَّرَ الِانْتِقَامَ . وَالِانْتِقَامُ إِنْزَالُ النِّقْمَةِ وَالشِّدَّةِ فِي مُقَابِلِ مَا يَرْتَكِبُهُ الشَّخْصُ ; فَإِنْ كَانَ مِنْ عَادِلٍ حَكِيمٍ كَانَ عُقُوبَةً عَادِلَةً ، وَجَزَاءً وِفَاقًا ; وَكَذَلِكَ يَكُونُ عِقَابُ اللَّهِ تَعَالَى ، فَانْتِقَامُ اللَّهِ لَيْسَ تَشَفِّيًا وَشِفَاءَ غَيْظٍ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ مِنَ الْبَشَرِ ، بَلِ انْتِقَامُ اللَّهِ عُقُوبَةٌ عَادِلَةٌ ، وَقِصَاصٌ رَادِعٌ . وَعَبَّرَ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=4ذُو انْتِقَامٍ أَيْ صَاحِبُ انْتِقَامٍ ، لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ هَذَا الِانْتِقَامَ فِي قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ وَسُلْطَانِهِ يُنْزِلُهُ أَنَّى شَاءَ ، وَمَتَى شَاءَ بِمُقْتَضَى حِكْمَتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ ، وَعِلْمِهِ الَّذِي يُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ ; وَلِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ :
* * *