nindex.php?page=treesubj&link=19570_19573_19860_19863_30509_32496_34318_34496_7856_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=200يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون
كانت سورة آل عمران مبينة لألوان الجهاد الذي يقوم به المؤمنون، ففيها جهاد بالحق والبرهان، وجهاد بالقتال وتحمل مرارة الهزيمة، ولذلك ختمها سبحانه بهذا النداء السامي الذي يجب أن يكون شعار كل مؤمن، وابتدأ النداء بـ " يا أيها الذين آمنوا " ؛ لإشعارهم بأن ما يطلب منهم هو من ثمرات الإيمان ومن مقتضياته، وقد أمر بأمور أربعة: الصبر، والمصابرة، والمرابطة، والتقوى. والصبر: معناه ضبط النفس عن أهوائها، وتحمل المكاره راضيا غير ساخط، والقيام بالطاعات على وجهها، وتجنب المعاصي، وتحمل آثار الهزيمة، والعمل على النهوض بعد الكبوة، وتحمل أذى الأعداء وسخريتهم، فالصبر معنى نفسي في الصابر يجعله يعلو على الحوادث والنوازل، ويستولي على نفسه، ويحملها على ما تحب وتكره، والصبر كما يكون في الفقر يكون في الغنى، وصبر الغني بقمع شهواته، وعدم البطر، وعدم الفرح المسرف الفاخر المستعلي.
[ ص: 1561 ] nindex.php?page=treesubj&link=32496والمصابرة هي المغالبة بالصبر، وهي تكون في الجهاد مع الأعداء في الملحمة، أو في المجادلة، أو في أي مغالبة على أي لون كانت، والمرابطة هي القيام على الثغور الإسلامية لحمايتها من الأعداء، فهي استعداد ودفاع وحماية للديار الإسلامية، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=652678nindex.php?page=treesubj&link=29497_24334رباط يوم في سبيل الله خير عند الله من الدنيا وما عليها " ، وكان كبار الزهاد يرابطون نصف السنة، ويطلبون قوتهم بالعمل في النصف الآخر:
nindex.php?page=treesubj&link=19863والتقوى هي لب كل عمل صالح، وهي النية المحتسبة للخير، فالمرابطة والمصابرة إن لم تكن منبعثة من التقوى لإرضاء الله تعالى؛ فإنه لا خير فيها، وإن هذه الأمور الأربعة هي التي يرجى بها الفلاح، أي: الفوز في الدنيا والآخرة، ولذا قال سبحانه: " لعلكم تفلحون " أي: رجاء أن يكتب لكم الفوز بالنصر في الدنيا والجزاء في الآخرة. اللهم اكتبنا برحمتك في عبادك الفائزين برضاك.
nindex.php?page=treesubj&link=19570_19573_19860_19863_30509_32496_34318_34496_7856_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=200يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
كَانَتْ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ مُبَيِّنَةً لِأَلْوَانِ الْجِهَادِ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ، فَفِيهَا جِهَادٌ بِالْحَقِّ وَالْبُرْهَانِ، وَجِهَادٌ بِالْقِتَالِ وَتَحَمُّلُ مَرَارَةِ الْهَزِيمَةِ، وَلِذَلِكَ خَتَمَهَا سُبْحَانَهُ بِهَذَا النِّدَاءِ السَّامِي الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ شِعَارَ كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَابْتَدَأَ النِّدَاءَ بِـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا " ؛ لِإِشْعَارِهِمْ بِأَنَّ مَا يُطْلَبُ مِنْهُمْ هُوَ مِنْ ثَمَرَاتِ الْإِيمَانِ وَمِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ، وَقَدْ أَمَرَ بِأُمُورٍ أَرْبَعَةٍ: الصَّبْرِ، وَالْمُصَابَرَةِ، وَالْمُرَابَطَةِ، وَالتَّقْوَى. وَالصَّبْرُ: مَعْنَاهُ ضَبْطُ النَّفْسِ عَنْ أَهْوَائِهَا، وَتَحَمُّلُ الْمَكَارِهِ رَاضِيًا غَيْرَ سَاخِطٍ، وَالْقِيَامُ بِالطَّاعَاتِ عَلَى وَجْهِهَا، وَتَجَنُّبُ الْمَعَاصِي، وَتَحَمَّلُ آثَارِ الْهَزِيمَةِ، وَالْعَمَلُ عَلَى النُّهُوضِ بَعْدَ الْكَبْوَةِ، وَتَحَمُّلُ أَذَى الْأَعْدَاءِ وَسُخْرِيَتِهِمْ، فَالصَّبْرُ مَعْنًى نَفْسِيٌّ فِي الصَّابِرِ يَجْعَلُهُ يَعْلُو عَلَى الْحَوَادِثِ وَالنَّوَازِلِ، وَيَسْتَوْلِي عَلَى نَفْسِهِ، وَيَحْمِلُهَا عَلَى مَا تُحِبُّ وَتَكْرَهُ، وَالصَّبْرُ كَمَا يَكُونُ فِي الْفَقْرِ يَكُونُ فِي الْغِنَى، وَصَبْرُ الْغَنِيِّ بِقِمْعِ شَهَوَاتِهِ، وَعَدَمِ الْبَطَرِ، وَعَدَمِ الْفَرَحِ الْمُسْرِفِ الْفَاخِرِ الْمُسْتَعْلِي.
[ ص: 1561 ] nindex.php?page=treesubj&link=32496وَالْمُصَابَرَةُ هِيَ الْمُغَالَبَةُ بِالصَّبْرِ، وَهِيَ تَكُونُ فِي الْجِهَادِ مَعَ الْأَعْدَاءِ فِي الْمَلْحَمَةِ، أَوْ فِي الْمُجَادَلَةِ، أَوْ فِي أَيِّ مُغَالَبَةٍ عَلَى أَيِّ لَوْنٍ كَانَتْ، وَالْمُرَابَطَةُ هِيَ الْقِيَامُ عَلَى الثُّغُورِ الْإِسْلَامِيَّةِ لِحِمَايَتِهَا مِنَ الْأَعْدَاءِ، فَهِيَ اسْتِعْدَادٌ وَدِفَاعٌ وَحِمَايَةٌ لِلدِّيَارِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=652678nindex.php?page=treesubj&link=29497_24334رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا " ، وَكَانَ كِبَارُ الزُّهَّادِ يُرَابِطُونَ نِصْفَ السَّنَةِ، وَيَطْلُبُونَ قُوَّتَهُمْ بِالْعَمَلِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ:
nindex.php?page=treesubj&link=19863وَالتَّقْوَى هِيَ لُبُّ كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ، وَهِيَ النِّيَّةُ الْمُحْتَسَبَةُ لِلْخَيْرِ، فَالْمُرَابَطَةُ وَالْمُصَابَرَةُ إِنْ لَمْ تَكُنْ مُنْبَعِثَةً مِنَ التَّقْوَى لِإِرْضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهَا، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الْأَرْبَعَةَ هِيَ الَّتِي يُرْجَى بِهَا الْفَلَاحُ، أَيِ: الْفَوْزُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلِذَا قَالَ سُبْحَانَهُ: " لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " أَيْ: رَجَاءَ أَنْ يُكْتَبَ لَكُمُ الْفَوْزُ بِالنَّصْرِ فِي الدُّنْيَا وَالْجَزَاءِ فِي الْآخِرَةِ. اللَّهُمَّ اكْتُبْنَا بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الْفَائِزِينَ بِرِضَاكَ.