nindex.php?page=treesubj&link=19037_28723_29786_30428_30437_30532_30539_30563_30564_32627_34207_34319_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140وقد نـزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا
* * *
إن
nindex.php?page=treesubj&link=30549_10037_28802المنافقين يوالون الكفار ويجعلون الولاية لهم، ويجلسون معهم مستهزئين ساخرين معاندين الله تعالى مع أنه سبحانه وتعالى نزل في كتابه المحكم أنكم إذا سمعتم أيها المخاطبون بالحقائق الإسلامية الذين يتحدثون ساخرين بالقرآن، فلا تقعدوا بل اتركوا مجلسهم وأعرضوا عنهم حتى يخوضوا أي يتكلموا في حديث غيره، والذي نزل في القرآن ونهى عن الجلوس مع الذين يستهزئون بما جاء به هو في سورة الأنعام المكية التي نزلت قبل سورة النساء المدنية، وهو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=68وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره [الأنعام].
والخطاب في قوله تعالى: "عليكم" لعامة الذين يتلون القرآن الكريم من مؤمنين صادقين، ومنافقين، ومؤدى الكلام أنه
nindex.php?page=treesubj&link=18437_19047من المنهي عنه أن يجلس المسلم مع مثير السخرية على آي القرآن، والمشركون يفعلون ذلك، ومع ذلك لا يكتفي المنافقون بهذا، بل إنهم يولونهم أمورهم، ويجعلون عزتهم منهم، ويكون ضمير الغيبة عائدا على الكافرين.
وبعض العلماء قال إن الخطاب للمنافقين وهو لا يخرج عن المعنى السابق.
وأرى أن الخطاب كله للمؤمنين، وفيه تحذير للمؤمنين من أن يجالسوا المنافقين إذا استهزءوا بآيات الله تعالى، وسخروا من الأحكام الإسلامية; لأن سماع الشر شر; ولأن سماع الاستهانة بالقرآن قد تؤدي إلى الاستهانة من السامع، فأول الشر سماع الشر، وإن أولئك المنافقين يبدو في مجالسهم كلمات الكفر وكلمات الاستهزاء.
[ ص: 1912 ] وعلى ذلك يكون ضمير الخطاب للمؤمنين وضمير الغيبة للمنافقين والكافرين.
وقد بين سبحانه أن القعود مع الأشرار، وسماع كلمات الكفر والاستهزاء، يجعل المؤمن كالكافر والمنافق، ولذا قال سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إنكم إذا مثلهم أي إنكم أيها المؤمنون إن استمعتم إلى الكفار والمنافقين وهم يعلنون الكفر بآيات الله تعالى وجحودها تكونون مثلهم في الاستهانة بكتاب الله تعالى ورسالة الرسول الأمين، والاستهانة بالأحكام الإسلامية، وقد رأينا ذلك عيانا، فإن أولئك الذين يجالسون الفرنجة ويقرءون ما يكتبون عن الإسلام، ويثيرون السخرية على أحكامه تسري إليهم العدوى، ولقد سمعنا بعض هؤلاء ممن يتسمى باسم إسلامي، وهو من أسرة إسلامية، يتهكم على قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11للذكر مثل حظ الأنثيين [النساء]، فلعنه الله تعالى، ولعنة الله على كل من لا يؤمن بسلامة هذه القضية، ولعنة الله على كل من ينكر ميراث القرآن أو يهون من شأنه.
وإن الآية يستفاد منها فوائد: أولها أن
nindex.php?page=treesubj&link=19039_10037_19046الاستهزاء بالحقائق القرآنية لا يقدم عليه مؤمن. وثانيها أن
nindex.php?page=treesubj&link=18437الاستماع إلى الكفر بها والاستهزاء يجعل السامع كالمتكلم; لأن السكوت لا يخلو من رضا ولو كان جزئيا، ثالثها أن الشر يسري من القائل إلى السامع كما يسري السم في الجسد، وكما يجري الشيطان في النفس.
وقد أكد سبحانه
nindex.php?page=treesubj&link=19229النهي عن مجالسة المنافقين بقوله تعالت كلماته:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا أي أنه إذا كان المنافقون يطلبون العزة من الكافرين، ويطلبون الولاء والنصرة منهم ويحاولون بذلك أن يجتمعوا على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن الله سبحانه وتعالى جامعهم في الذل والهوان، لا في العز والاستمكان، إنه جامعهم في جهنم جميعا بلا استثناء قط; لأنهم تحدوا الله ورسوله، ولأنهم جحدوا بآيات الله تعالى وسخروا منها، ولأن كلمة الكفر تجمعهم وتفرقهم في النوع لا في الأصل. فإن الكفار قسمان: قسم أعلن الكفر
[ ص: 1913 ] والمناوأة وأولئك أقوياء الكفار، وقسم كفر وغش وخدع، فادعى الإسلام، وكلاهما في جهنم وإن كان المنافق في الدرك الأسفل منها.
* * *
nindex.php?page=treesubj&link=19037_28723_29786_30428_30437_30532_30539_30563_30564_32627_34207_34319_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140وَقَدْ نَـزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا
* * *
إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30549_10037_28802الْمُنَافِقِينَ يُوَالُونَ الْكُفَّارَ وَيَجْعَلُونَ الْوِلَايَةَ لَهُمْ، وَيَجْلِسُونَ مَعَهُمْ مُسْتَهْزِئِينَ سَاخِرِينَ مُعَانِدِينَ اللَّهَ تَعَالَى مَعَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَزَّلَ فِي كِتَابِهِ الْمُحْكَمِ أَنَّكُمْ إِذَا سَمِعْتُمْ أَيُّهَا الْمُخَاطَبُونَ بِالْحَقَائِقِ الْإِسْلَامِيَّةِ الَّذِينَ يَتَحَدَّثُونَ سَاخِرِينَ بِالْقُرْآنِ، فَلَا تَقْعُدُوا بَلِ اتْرُكُوا مَجْلِسَهُمْ وَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا أَيْ يَتَكَلَّمُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ، وَالَّذِي نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ وَنَهَى عَنِ الْجُلُوسِ مَعَ الَّذِينَ يَسْتَهْزِئُونَ بِمَا جَاءَ بِهِ هُوَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ الْمَكِّيَّةِ الَّتِي نَزَلَتْ قَبْلَ سُورَةِ النِّسَاءِ الْمَدَنِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=68وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ [الْأَنْعَامِ].
وَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "عَلَيْكُمْ" لِعَامَّةِ الَّذِينَ يَتْلُونَ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ مِنْ مُؤْمِنِينَ صَادِقِينَ، وَمُنَافِقِينَ، وَمُؤَدَّى الْكَلَامِ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=18437_19047مِنَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَنْ يَجْلِسَ الْمُسْلِمُ مَعَ مُثِيرِ السُّخْرِيَةِ عَلَى آيِ الْقُرْآنِ، وَالْمُشْرِكُونَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَكْتَفِي الْمُنَافِقُونَ بِهَذَا، بَلْ إِنَّهُمْ يُوَلُّونَهُمْ أُمُورَهُمْ، وَيَجْعَلُونَ عِزَّتَهُمْ مِنْهُمْ، وَيَكُونُ ضَمِيرُ الْغَيْبَةِ عَائِدًا عَلَى الْكَافِرِينَ.
وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ قَالَ إِنَّ الْخِطَابَ لِلْمُنَافِقِينَ وَهُوَ لَا يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى السَّابِقِ.
وَأَرَى أَنَّ الْخِطَابَ كُلَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَفِيهِ تَحْذِيرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْ يُجَالِسُوا الْمُنَافِقِينَ إِذَا اسْتَهْزَءُوا بِآيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَسَخِرُوا مِنَ الْأَحْكَامِ الْإِسْلَامِيَّةِ; لِأَنَّ سَمَاعَ الشَّرِّ شَرٌّ; وَلِأَنَّ سَمَاعَ الِاسْتِهَانَةِ بِالْقُرْآنِ قَدْ تُؤَدِّي إِلَى الِاسْتِهَانَةِ مِنَ السَّامِعِ، فَأَوَّلُ الشَّرِّ سَمَاعُ الشَّرِّ، وَإِنَّ أُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ يَبْدُو فِي مَجَالِسِهِمْ كَلِمَاتُ الْكُفْرِ وَكَلِمَاتُ الِاسْتِهْزَاءِ.
[ ص: 1912 ] وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ ضَمِيرُ الْخِطَابِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَضَمِيرُ الْغَيْبَةِ لِلْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ.
وَقَدْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْقُعُودَ مَعَ الْأَشْرَارِ، وَسَمَاعَ كَلِمَاتِ الْكُفْرِ وَالِاسْتِهْزَاءِ، يَجْعَلُ الْمُؤْمِنَ كَالْكَافِرِ وَالْمُنَافِقِ، وَلِذَا قَالَ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ أَيْ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ إِنِ اسْتَمَعْتُمْ إِلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَهُمْ يُعْلِنُونَ الْكُفْرَ بِآيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَجُحُودِهَا تَكُونُونَ مِثْلَهُمْ فِي الِاسْتِهَانَةِ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَرِسَالَةِ الرَّسُولِ الْأَمِينِ، وَالِاسْتِهَانَةِ بِالْأَحْكَامِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَقَدْ رَأَيْنَا ذَلِكَ عِيَانًا، فَإِنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُجَالِسُونَ الْفِرِنْجَةَ وَيَقْرَءُونَ مَا يَكْتُبُونَ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَيُثِيرُونَ السُّخْرِيَةَ عَلَى أَحْكَامِهِ تَسْرِي إِلَيْهِمُ الْعَدْوَى، وَلَقَدْ سَمِعْنَا بَعْضَ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ يَتَسَمَّى بِاسْمٍ إِسْلَامِيٍّ، وَهُوَ مِنْ أُسْرَةٍ إِسْلَامِيَّةٍ، يَتَهَكَّمُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ [النِّسَاءِ]، فَلَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِسَلَامَةِ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ، وَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ مَنْ يُنْكِرُ مِيرَاثَ الْقُرْآنِ أَوْ يُهَوِّنُ مِنْ شَأْنِهِ.
وَإِنَّ الْآيَةَ يُسْتَفَادُ مِنْهَا فَوَائِدُ: أَوَّلُهَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19039_10037_19046الِاسْتِهْزَاءَ بِالْحَقَائِقِ الْقُرْآنِيَّةِ لَا يُقْدِمُ عَلَيْهِ مُؤْمِنٌ. وَثَانِيهَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18437الِاسْتِمَاعَ إِلَى الْكُفْرِ بِهَا وَالِاسْتِهْزَاءِ يَجْعَلُ السَّامِعَ كَالْمُتَكَلِّمِ; لِأَنَّ السُّكُوتَ لَا يَخْلُو مِنْ رِضًا وَلَوْ كَانَ جُزْئِيًّا، ثَالِثُهَا أَنَّ الشَّرَّ يَسْرِي مِنَ الْقَائِلِ إِلَى السَّامِعِ كَمَا يَسْرِي السُّمُّ فِي الْجَسَدِ، وَكَمَا يَجْرِي الشَّيْطَانُ فِي النَّفْسِ.
وَقَدْ أَكَّدَ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=19229النَّهْيَ عَنْ مُجَالَسَةِ الْمُنَافِقِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَتْ كَلِمَاتُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا أَيْ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمُنَافِقُونَ يَطْلُبُونَ الْعِزَّةَ مِنَ الْكَافِرِينَ، وَيَطْلُبُونَ الْوَلَاءَ وَالنُّصْرَةَ مِنْهُمْ وَيُحَاوِلُونَ بِذَلِكَ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَامِعُهُمْ فِي الذُّلِّ وَالْهَوَانِ، لَا فِي الْعِزِّ وَالِاسْتِمْكَانِ، إِنَّهُ جَامِعُهُمْ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا بِلَا اسْتِثْنَاءٍ قَطُّ; لِأَنَّهُمْ تَحُدُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَلِأَنَّهُمْ جَحَدُوا بِآيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَسَخِرُوا مِنْهَا، وَلِأَنَّ كَلِمَةَ الْكُفْرِ تَجْمَعُهُمْ وَتُفَرِّقُهُمْ فِي النَّوْعِ لَا فِي الْأَصْلِ. فَإِنَّ الْكُفَّارَ قِسْمَانِ: قِسْمٌ أَعْلَنَ الْكُفْرَ
[ ص: 1913 ] وَالْمُنَاوَأَةَ وَأُولَئِكَ أَقْوِيَاءُ الْكُفَّارِ، وَقِسْمٌ كَفَرَ وَغَشَّ وَخَدَعَ، فَادَّعَى الْإِسْلَامَ، وَكِلَاهُمَا فِي جَهَنَّمَ وَإِنْ كَانَ الْمُنَافِقُ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْهَا.
* * *