فصل [ ميراث بنت الابن ]
المسألة الخامسة :
nindex.php?page=treesubj&link=14035_14033_13946_13988_13736_13741ميراث بنت الابن السدس مع البنت ، وسقوطها إذا استكمل البنات الثلثين ، دلالة القرآن على هذا أخفى من سائر ما تقدم ، وبيانها أنه - تعالى - قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما [ ص: 281 ] ترك } ] وقد علم أن الخطاب يتناول ولد البنين ، دون ولد البنات ، وأن قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11أولادكم } يتناول من ينتسب إلى الميت وهم ولده وولد بنيه ، وأنه يتناولهم على الترتيب ، فيدخل فيه ولد البنين عند عدم ولد الصلب ، فإذا لم يكن إلا بنت فلها النصف ، وبقي من نصيب البنات السدس ، فإذا كان ابن ابن أخذ الباقي كله بالتعصيب للنص ، فإن كان معه أخواته شاركنه في الاستحقاق ; لأنهن معه عصبة ، وهذا أحد ما يدل على أن قوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24611فلأولى رجل ذكر } " لا يمنع أن تأخذ الأنثى إذا كانت عصبة بغيرها ، ولهذا أخذت الأخت مع البنت الباقي بالتعصيب ; لأنها عصبة بها ، وإن لم يكن مع البنت إلا بنات ابن فقد كن بصدد أخذ الثلثين لولا البنت ، فإذا أخذت النصف فالسدس الباقي لا مانع لهن من أخذه فيفزن به ، ألا ترى أنه إذا استكمل البنات الثلثين لم يكن لهن شيء ، ولو لم يكن بنات أخذن جميع الثلثين ، فإذا قدمت البنت عليهن بالنصف أخذن بقية الثلثين اللذين كن يفزن بهما جميعا لولا البنت ، وهذا حكم النبي صلى الله عليه وسلم .
فإن قيل : فمن أين أعطيتم بنات الابن إذا استكمل البنات الثلثين وكان معهن أخوهن ، والنبي صلى الله عليه وسلم جعل الباقي لأولى رجل ذكر ؟ قيل : قد تقدم بيان مستوفى ، وأن هذا حكم كل عصبة مع وارث من جنسه في درجته كالأولاد والإخوة بخلاف الأعمام وبني الإخوة .
فإن قيل : فكيف عصب ابن ابن الابن من فوقه وليس في درجته ؟ قيل : إذا كان يعصب من هو في درجته مع أنه أنزل ممن فوقه ولا يسقطه فتعصيبه لمن هو فوقه وأقرب منه إلى الميت بطريق الأولى ، فإذا كان الأنزل لا يقوى هو على إسقاطه فكيف يقوى على إسقاط الأعلى ؟ على أن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود لا يعصب به من في درجته ولا من فوقه ، بل يخصه بالباقي . ووجه قولها أنها لا ترث مفردة فلا ترث مع أخيها ، كالمحجوبة برق أو كفر ، بخلاف ما إذا كانت وارثة كبنت وبنت ابن معها أخوها فإنه يعصبها اتفاقا ; لأنها وارثة .
وقول الجمهور أصح ، فإنها وارثة في الجملة ، وهي ممن يستفيد التعصيب بأخيها . وهنا إنما سقط ميراثها بالفرض لاستكمال من فوقها الثلثين ، ولا يلزم من سقوط الميراث بالفرض سقوطه بالتعصيب مع قيام موجبه وهو وجود الأخ ، وإذا كان وجود الأخ يجعلها عصبة فيمنعها الميراث بالكلية ولولاه ورثت بالفرض وهو الأخ المشئوم فالعدل يقتضي أن يجعلها عصبة فيورثها إذا لم ترث بالفرض وهو الأخ النافع ، فهذا محض القياس والميزان ، وقد فهمت دلالة الكتاب عليه .
[ ص: 282 ]
والنزاع في الأخت للأب مع الأخت أو الأخوات للأبوين كبنت الابن مع البنت والبنات سواء ، وبالله التوفيق
.
فَصْلٌ [ مِيرَاثُ بِنْتِ الِابْنِ ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=14035_14033_13946_13988_13736_13741مِيرَاثُ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ مَعَ الْبِنْتِ ، وَسُقُوطُهَا إذَا اسْتَكْمَلَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ ، دَلَالَةُ الْقُرْآنِ عَلَى هَذَا أَخْفَى مِنْ سَائِرِ مَا تَقَدَّمَ ، وَبَيَانُهَا أَنَّهُ - تَعَالَى - قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا [ ص: 281 ] تَرَكَ } ] وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْخِطَابَ يَتَنَاوَلُ وَلَدَ الْبَنِينَ ، دُونَ وَلَدِ الْبَنَاتِ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11أَوْلَادِكُمْ } يَتَنَاوَلُ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى الْمَيِّتِ وَهُمْ وَلَدُهُ وَوَلَدُ بَنِيهِ ، وَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُهُمْ عَلَى التَّرْتِيبِ ، فَيَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ عِنْدَ عَدَمِ وَلَدِ الصُّلْبِ ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا بِنْتٌ فَلَهَا النِّصْفُ ، وَبَقِيَ مِنْ نَصِيبِ الْبَنَاتِ السُّدُسُ ، فَإِذَا كَانَ ابْنُ ابْنٍ أَخَذَ الْبَاقِيَ كُلَّهُ بِالتَّعْصِيبِ لِلنَّصِّ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَخَوَاتُهُ شَارَكْنَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ ; لِأَنَّهُنَّ مَعَهُ عَصَبَةٌ ، وَهَذَا أَحَدُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24611فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ } " لَا يَمْنَعُ أَنْ تَأْخُذَ الْأُنْثَى إذَا كَانَتْ عَصَبَةً بِغَيْرِهَا ، وَلِهَذَا أَخَذَتْ الْأُخْتُ مَعَ الْبِنْتِ الْبَاقِيَ بِالتَّعْصِيبِ ; لِأَنَّهَا عَصَبَةٌ بِهَا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْبِنْتِ إلَّا بَنَاتُ ابْنٍ فَقَدْ كُنَّ بِصَدَدِ أَخْذِ الثُّلُثَيْنِ لَوْلَا الْبِنْتُ ، فَإِذَا أَخَذَتْ النِّصْفَ فَالسُّدُسُ الْبَاقِي لَا مَانِعَ لَهُنَّ مِنْ أَخْذِهِ فَيَفُزْنَ بِهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا اسْتَكْمَلَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ شَيْءٌ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَنَاتٌ أَخَذْنَ جَمِيعَ الثُّلُثَيْنِ ، فَإِذَا قُدِّمَتْ الْبِنْتُ عَلَيْهِنَّ بِالنِّصْفِ أَخَذْنَ بَقِيَّةَ الثُّلُثَيْنِ اللَّذَيْنِ كُنَّ يَفُزْنَ بِهِمَا جَمِيعًا لَوْلَا الْبِنْتُ ، وَهَذَا حُكْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَإِنْ قِيلَ : فَمِنْ أَيْنَ أَعْطَيْتُمْ بَنَاتِ الِابْنِ إذَا اسْتَكْمَلَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ وَكَانَ مَعَهُنَّ أَخُوهُنَّ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الْبَاقِيَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ ؟ قِيلَ : قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانٌ مُسْتَوْفًى ، وَأَنَّ هَذَا حُكْمُ كُلِّ عَصَبَةٍ مَعَ وَارِثٍ مِنْ جِنْسِهِ فِي دَرَجَتِهِ كَالْأَوْلَادِ وَالْإِخْوَةِ بِخِلَافِ الْأَعْمَامِ وَبَنِي الْإِخْوَةِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَكَيْفَ عَصَّبَ ابْنُ ابْنِ الِابْنِ مَنْ فَوْقَهُ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ ؟ قِيلَ : إذَا كَانَ يُعَصِّبُ مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ مَعَ أَنَّهُ أَنْزَلُ مِمَّنْ فَوْقَهُ وَلَا يُسْقِطُهُ فَتَعْصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فَوْقَهُ وَأَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الْمَيِّتِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ، فَإِذَا كَانَ الْأَنْزَلُ لَا يَقْوَى هُوَ عَلَى إسْقَاطِهِ فَكَيْفَ يَقْوَى عَلَى إسْقَاطِ الْأَعْلَى ؟ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ لَا يُعَصِّبُ بِهِ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَلَا مَنْ فَوْقَهُ ، بَلْ يَخُصُّهُ بِالْبَاقِي . وَوَجْهُ قَوْلِهَا أَنَّهَا لَا تَرِثُ مُفْرَدَةً فَلَا تَرِثُ مَعَ أَخِيهَا ، كَالْمَحْجُوبَةِ بِرِقٍّ أَوْ كُفْرٍ ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ وَارِثَةً كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ مَعَهَا أَخُوهَا فَإِنَّهُ يُعَصِّبُهَا اتِّفَاقًا ; لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ .
وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ أَصَحُّ ، فَإِنَّهَا وَارِثَةٌ فِي الْجُمْلَةِ ، وَهِيَ مِمَّنْ يَسْتَفِيدُ التَّعْصِيبَ بِأَخِيهَا . وَهُنَا إنَّمَا سَقَطَ مِيرَاثُهَا بِالْفَرْضِ لِاسْتِكْمَالِ مَنْ فَوْقَهَا الثُّلُثَيْنِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الْمِيرَاثِ بِالْفَرْضِ سُقُوطُهُ بِالتَّعْصِيبِ مَعَ قِيَامِ مُوجِبِهِ وَهُوَ وُجُودُ الْأَخِ ، وَإِذَا كَانَ وُجُودُ الْأَخِ يَجْعَلُهَا عَصَبَةً فَيَمْنَعُهَا الْمِيرَاثَ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَوْلَاهُ وَرِثَتْ بِالْفَرْضِ وَهُوَ الْأَخُ الْمَشْئُومُ فَالْعَدْلُ يَقْتَضِي أَنْ يَجْعَلَهَا عَصَبَةً فَيُوَرِّثُهَا إذَا لَمْ تَرِثْ بِالْفَرْضِ وَهُوَ الْأَخُ النَّافِعُ ، فَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ وَالْمِيزَانِ ، وَقَدْ فُهِمَتْ دَلَالَةُ الْكِتَابِ عَلَيْهِ .
[ ص: 282 ]
وَالنِّزَاعُ فِي الْأُخْتِ لِلْأَبِ مَعَ الْأُخْتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ كَبِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ وَالْبَنَاتِ سَوَاءٌ ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ
.