ومن ذلك : المنادى النكرة إن قصد نداء واحد بعينه تعرف ، ووجب بناؤه على الضم ، وإن لم يقصد ، لم يتعرف ، وأعرب بالنصب .
ومن ذلك : أن المنادى المنون للضرورة يجوز تنوينه بالنصب والضم فإن نون بالضم جاز ضم نعته ونصبه ، أو بالنصب تعين نصبه لأنه تابع لمنصوب لفظا ومحلا فإن نون مقصور نحو " يا فتى " بني النعت على ما نوي في المنادى فإن نوي فيه الضم جاز الأمران ، أو النصب تعين . ذكر هذه المسألة
أبو حيان في كتابيه : الارتشاف ، وشرح التسهيل .
ومن ذلك : قالوا : ما جاز إعرابه بيانا جاز إعرابه بدلا وقد استشكل : بأن البدل في نية سقوط الأول والبيان بخلافه : فكيف تجتمع نية سقوطه وتركها في تركيب واحد ؟ فأجاب
رضي الدين الشاطبي بأن المراد أنه مبني على قصد المتكلم ، فإن قصد سقوطه وإحلال التابع محله ، أعرب بدلا ، وإن لم يقصد ذلك ، أعرب بيانا .
ومن ذلك : العلم المنقول من صفة ، إن قصد به لمح الصفة المنقول منها ، أدخل فيه " أل " وإلا فلا .
وفروع ذلك كثيرة ، بل أكثر مسائل علم النحو مبنية على القصد .
وتجري أيضا هذه القاعدة في العروض فإن الشعر عند أهله : كلام موزون مقصود به ذلك : أما ما يقع موزونا اتفاقا ، لا عن قصد من المتكلم ، فإنه لا يسمى شعرا ، وعلى ذلك خرج ما وقع في كلام الله تعالى كقوله - تعالى - : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } أو رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38890 - هل أنت إلا إصبع دميت - وفي سبيل الله ما لقيت } .
وَمِنْ ذَلِكَ : الْمُنَادَى النَّكِرَةُ إنْ قَصَدَ نِدَاءَ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ تَعَرَّفَ ، وَوَجَبَ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّمِّ ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ، لَمْ يَتَعَرَّفْ ، وَأُعْرِبَ بِالنَّصْبِ .
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ الْمُنَادَى الْمُنَوَّنُ لِلضَّرُورَةِ يَجُوزُ تَنْوِينُهُ بِالنَّصْبِ وَالضَّمِّ فَإِنْ نُوِّنَ بِالضَّمِّ جَازَ ضَمُّ نَعْتِهِ وَنَصْبُهُ ، أَوْ بِالنَّصْبِ تَعَيَّنَ نَصْبُهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِمَنْصُوبٍ لَفْظًا وَمَحَلًّا فَإِنْ نُوِّنَ مَقْصُورٌ نَحْوُ " يَا فَتًى " بُنِيَ النَّعْتُ عَلَى مَا نُوِيَ فِي الْمُنَادَى فَإِنْ نُوِيَ فِيهِ الضَّمّ جَازَ الْأَمْرَانِ ، أَوْ النَّصْبُ تَعَيَّنَ . ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ
أَبُو حَيَّانَ فِي كِتَابَيْهِ : الِارْتِشَافِ ، وَشَرْحِ التَّسْهِيلِ .
وَمِنْ ذَلِكَ : قَالُوا : مَا جَازَ إعْرَابُهُ بَيَانًا جَازَ إعْرَابُهُ بَدَلًا وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ : بِأَنَّ الْبَدَلَ فِي نِيَّةِ سُقُوطِ الْأَوَّلِ وَالْبَيَانُ بِخِلَافِهِ : فَكَيْفَ تَجْتَمِعُ نِيَّةُ سُقُوطِهِ وَتَرْكُهَا فِي تَرْكِيبٍ وَاحِدٍ ؟ فَأَجَابَ
رَضِيُّ الدِّينِ الشَّاطِبِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ ، فَإِنْ قَصَدَ سُقُوطَهُ وَإِحْلَالَ التَّابِعِ مَحِلَّهُ ، أُعْرِبَ بَدَلًا ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ ، أُعْرِبَ بَيَانًا .
وَمِنْ ذَلِكَ : الْعَلَمُ الْمَنْقُولُ مِنْ صِفَةٍ ، إنْ قُصِدَ بِهِ لَمْحُ الصِّفَةِ الْمَنْقُولِ مِنْهَا ، أُدْخِلَ فِيهِ " أَلْ " وَإِلَّا فَلَا .
وَفُرُوعُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ ، بَلْ أَكْثَرُ مَسَائِلِ عِلْمِ النَّحْوِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْقَصْدِ .
وَتَجْرِي أَيْضًا هَذِهِ الْقَاعِدَة فِي الْعَرُوضِ فَإِنَّ الشِّعْرَ عِنْدَ أَهْلِهِ : كَلَامٌ مَوْزُونٌ مَقْصُودٌ بِهِ ذَلِكَ : أَمَّا مَا يَقَعُ مَوْزُونًا اتِّفَاقًا ، لَا عَنْ قَصْدٍ مِنْ الْمُتَكَلِّم ، فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى شِعْرًا ، وَعَلَى ذَلِكَ خَرَجَ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } أَوْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38890 - هَلْ أَنْتِ إلَّا إصْبَعٌ دَمِيَتْ - وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ } .