الآية العاشرة قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=29030لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } .
[ ص: 188 ]
فيها مسألتان : المسألة الأولى في المراد بها ، فقيل : إنهم
اليهود ، وقيل : هم المنافقون ; وهو الأصح لوجهين : أحدهما أن الآيات مبتدأة بذكرهم قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=11ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=17الظالمين } .
وعد
عبد الله بن أبي اليهود بالنصر ، وضمن لهم أن بقاءه ببقائهم وخروجه بخروجهم ، فلم يكن ذلك ولا وفى به ، بل أسلمهم وتبرأ منهم ، فكان كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=16كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين } فغر أولا ، وكذب آخرا .
الثاني : أن
اليهود والمنافقين كانت قلوبهم واحدة على معاداة النبي صلى الله عليه وسلم ولم تكن لإحداهما فئة تخالف الأخرى في ذلك .
والشتى : هي المتفرقة قال الشاعر :
إلى الله أشكو نية شقت العصا هي اليوم شتى وهي بالأمس جمع
الْآيَةُ الْعَاشِرَةُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=29030لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ } .
[ ص: 188 ]
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي الْمُرَادِ بِهَا ، فَقِيلَ : إنَّهُمْ
الْيَهُودُ ، وَقِيلَ : هُمْ الْمُنَافِقُونَ ; وَهُوَ الْأَصَحُّ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ الْآيَاتِ مُبْتَدَأَةٌ بِذِكْرِهِمْ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=11أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=17الظَّالِمِينَ } .
وَعَدَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ الْيَهُودَ بِالنَّصْرِ ، وَضَمِنَ لَهُمْ أَنَّ بَقَاءَهُ بِبَقَائِهِمْ وَخُرُوجَهُ بِخُرُوجِهِمْ ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَلَا وَفَّى بِهِ ، بَلْ أَسْلَمَهُمْ وَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ ، فَكَانَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=16كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اُكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إنِّي بَرِيءٌ مِنْك إنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } فَغَرَّ أَوَّلًا ، وَكَذَبَ آخِرًا .
الثَّانِي : أَنَّ
الْيَهُودَ وَالْمُنَافِقِينَ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ وَاحِدَةً عَلَى مُعَادَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ تَكُنْ لِإِحْدَاهُمَا فِئَةٌ تُخَالِفُ الْأُخْرَى فِي ذَلِكَ .
وَالشَّتَّى : هِيَ الْمُتَفَرِّقَةُ قَالَ الشَّاعِرُ :
إلَى اللَّهِ أَشْكُو نِيَّةً شَقَّتْ الْعَصَا هِيَ الْيَوْمُ شَتَّى وَهِيَ بِالْأَمْسِ جُمَّعُ