[ ص: 22 ] nindex.php?page=treesubj&link=28975قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا
فيه عشرة مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وآتوا النساء صدقاتهن الصدقات جمع ، الواحدة صدقة . قال
الأخفش :
وبنو تميم يقولون صدقة والجمع صدقات ، وإن شئت فتحت وإن شئت أسكنت . قال
المازني : يقال صداق المرأة بالكسر ، ولا يقال بالفتح . وحكى
يعقوب وأحمد بن يحيى بالفتح ، عن
النحاس .
والخطاب في هذه الآية للأزواج ؛ قاله
ابن عباس وقتادة وابن زيد nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج . أمرهم الله تعالى بأن يتبرعوا بإعطاء المهور نحلة منهم لأزواجهم . وقيل : الخطاب للأولياء ؛ قاله
أبو صالح . وكان الولي يأخذ مهر المرأة ولا يعطيها شيئا ، فنهوا عن ذلك وأمروا أن يدفعوا ذلك إليهن . قال في رواية
الكلبي : أن أهل الجاهلية كان الولي إذا زوجها فإن كانت معه في العشرة لم يعطها من مهرها كثيرا ولا قليلا ، وإن كانت غريبة حملها على بعير إلى زوجها ولم يعطها شيئا غير ذلك البعير ؛ فنزل :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وآتوا النساء صدقاتهن نحلة . وقال
المعتمر بن سليمان ، عن أبيه : زعم حضرمي أن المراد بالآية المتشاغرون الذين كانوا يتزوجون امرأة بأخرى ، فأمروا أن يضربوا المهور . والأول أظهر ؛ فإن الضمائر واحدة وهي بجملتها للأزواج فهم المراد ؛ لأنه قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وآتوا النساء صدقاتهن نحلة . وذلك يوجب تناسق الضمائر وأن يكون الأول فيها هو الآخر .
الثانية : هذه الآية تدل على
nindex.php?page=treesubj&link=11158وجوب الصداق للمرأة ، وهو مجمع عليه ولا خلاف فيه إلا ما روي عن بعض أهل العلم من أهل
العراق أن السيد إذا زوج عبده من أمته أنه لا يجب فيه صداق ؛ وليس بشيء ؛ لقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فعم . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف . وأجمع العلماء أيضا أنه لا حد لكثيره ، واختلفوا في قليله على ما يأتي بيانه في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=20وآتيتم إحداهن قنطارا . وقرأ
[ ص: 23 ] الجمهور " صدقاتهن " بفتح الصاد وضم الدال . وقرأ
قتادة " صدقاتهن " بضم الصاد وسكون الدال . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي وابن وثاب بضمهما والتوحيد " صدقتهن "
الثالثة : قوله تعالى : نحلة النحلة والنحلة ، بكسر النون وضمها لغتان . وأصلها من العطاء ؛ نحلت فلانا شيئا أعطيته . فالصداق عطية من الله تعالى للمرأة . وقيل : نحلة أي عن طيب نفس من الأزواج من غير تنازع . وقال
قتادة : معنى نحلة فريضة واجبة .
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وابن زيد : فريضة مسماة . قال
أبو عبيد : ولا تكون النحلة إلا مسماة معلومة . وقال
الزجاج : نحلة تدينا . والنحلة الديانة والملة . يقال . هذا نحلته أي دينه . وهذا يحسن مع كون الخطاب للأولياء الذين كانوا يأخذونه في الجاهلية ، حتى قال بعض النساء في زوجها :
لا يأخذ الحلوان من بناتنا
تقول : لا يفعل ما يفعله غيره . فانتزعه الله منهم وأمر به للنساء . و " نحلة " منصوبة على أنها حال من الأزواج بإضمار فعل من لفظها تقديره أنحلوهن نحلة . وقيل : هي نصب وقيل على التفسير . وقيل : هي مصدر على غير الصدر في موضع الحال .
الرابعة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا مخاطبة للأزواج ، ويدل بعمومه على أن
nindex.php?page=treesubj&link=25937هبة المرأة صداقها لزوجها بكرا كانت أو ثيبا جائزة ؛ وبه قال جمهور الفقهاء . ومنع
مالك من هبة البكر الصداق لزوجها وجعل ذلك للولي مع أن الملك لها . وزعم
الفراء أنه مخاطبة للأولياء ؛ لأنهم كانوا يأخذون الصداق ولا يعطون المرأة منه شيئا ، فلم يبح لهم منه إلا ما طابت به نفس المرأة . والقول الأول أصح ؛ لأنه لم يتقدم للأولياء ذكر ، والضمير في منه عائد على الصداق . وكذلك قال
عكرمة وغيره . وسبب الآية فيما ذكر أن قوما تحرجوا أن يرجع إليهم شيء مما دفعوه إلى الزوجات فنزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فإن طبن لكم .
الخامسة : واتفق العلماء على أن المرأة المالكة لأمر نفسها إذا وهبت صداقها لزوجها نفذ ذلك عليها ، ولا رجوع لها فيه . إلا أن
شريحا رأى الرجوع لها فيه ، واحتج بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا وإذا كانت طالبة له لم تطب به نفسا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وهذا باطل ؛ لأنها قد طابت وقد أكل فلا كلام لها ؛ إذ ليس المراد صورة الأكل ، وإنما هو كناية عن الإحلال والاستحلال ، وهذا بين .
السادسة : فإن
nindex.php?page=treesubj&link=11326_26785شرطت عليه عند عقد النكاح ألا يتزوج عليها ، وحطت عنه لذلك شيئا
[ ص: 24 ] من صداقها ، ثم تزوج عليها فلا شيء لها عليه في رواية
ابن القاسم ؛ لأنها شرطت عليه ما لا يجوز شرطه . كما اشترط أهل
بريرة أن تعتقها
عائشة والولاء لبائعها ، فصحح النبي صلى الله عليه وسلم العقد وأبطل الشرط . كذلك هاهنا يصح إسقاط بعض الصداق عنه وتبطل الزيجة . قال
ابن عبد الحكم : إن كان بقي من صداقها مثل صداق مثلها أو أكثر لم ترجع عليه بشيء ، وإن كانت وضعت عنه شيئا من صداقها فتزوج عليها رجعت عليه بتمام صداق مثلها ؛ لأنه شرط على نفسه شرطا وأخذ عنه عوضا كان لها واجبا أخذه منه ، فوجب عليه الوفاء لقوله عليه السلام :
المؤمنون عند شروطهم .
وفي الآية دليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=33326العتق لا يكون صداقا ؛ لأنه ليس بمال ؛ إذ لا يمكن للمرأة هبته ولا الزوج أكله . وبه قال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وإسحاق ويعقوب : يكون صداقا ولا مهر لها غير العتق ؛ على حديث
صفية - رواه الأئمة -
nindex.php?page=hadith&LINKID=832452أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها وجعل عتقها صداقها . وروي عن
أنس أنه فعله ، وهو راوي حديث
صفية . وأجاب الأولون بأن قالوا : لا حجة في حديث
صفية ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخصوصا في النكاح بأن يتزوج بغير صداق ، وقد أراد
زينب فحرمت على
زيد فدخل عليها بغير ولي ولا صداق . فلا ينبغي الاستدلال بمثل هذا ؛ والله أعلم .
الثامنة : قوله تعالى : نفسا قيل : هو منصوب على البيان . ولا يجيز
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ولا
الكوفيون أن يتقدم ما كان منصوبا على البيان ، وأجاز ذلك
المازني وأبو العباس المبرد إذا كان العامل فعلا . وأنشد :
وما كان نفسا بالفراق تطيب
وفي التنزيل
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7خشعا أبصارهم يخرجون فعلى هذا يجوز " شحما تفقأت . ووجها حسنت " . وقال أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : إن نفسا منصوبة بإضمار فعل تقديره أعني نفسا ، وليست منصوبة على التمييز ؛ وإذا كان هذا فلا حجة فيه . وقال
الزجاج . الرواية :
وما كان نفسي . . .
واتفق الجميع على أنه لا يجوز تقديم المميز إذا كان العامل غير متصرف كعشرين درهما .
التاسعة : قوله تعالى : فكلوه ليس المقصود صورة الأكل ، وإنما المراد به الاستباحة
[ ص: 25 ] بأي طريق كان ، وهو المعني بقوله في الآية التي بعدها
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما . وليس المراد نفس الأكل ؛ إلا أن الأكل لما كان أوفى أنواع التمتع بالمال عبر عن التصرفات بالأكل . ونظيره قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع يعلم أن صورة البيع غير مقصودة ، وإنما المقصود ما يشغله عن ذكر الله تعالى مثل النكاح وغيره ؛ ولكن ذكر البيع لأنه أهم ما يشتغل به عن ذكر الله تعالى .
العاشرة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4هنيئا مريئا منصوب على الحال من الهاء في كلوه وقيل : نعت لمصدر محذوف ، أي أكلا هنيئا بطيب الأنفس . هنأه الطعام والشراب يهنؤه ، وما كان هنيئا ؛ ولقد هنؤ ، والمصدر الهنء . وكل ما لم يأت بمشقة ولا عناء فهو هنيء . وهنيء اسم فاعل من هنؤ كظريف من ظرف . وهنئ يهنأ فهو هنئ على فعل كزمن . وهنأني الطعام ومرأني على الإتباع ؛ فإذا لم يذكر " هنأني " قلت : أمرأني الطعام بالألف ، أي انهضم . قال
أبو علي : وهذا كما جاء في الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=832453ارجعن مأزورات غير مأجورات . فقلبوا الواو من ( موزورات ) ألفا إتباعا للفظ مأجورات . وقال
أبو العباس عن
ابن الأعرابي : يقال هنيء وهنأني ومرأني وأمرأني ولا يقال مرئني ؛ حكاه
الهروي . وحكى
القشيري أنه يقال : هنئني ومرئني بالكسر يهنأني ويمرأني ، وهو قليل . وقيل : هنيئا لا إثم فيه ، ومريئا لا داء فيه . قال
كثير :
هنيئا مريئا غير داء مخامر لعزة من أعراضنا ما استحلت
ودخل رجل على
علقمة وهو يأكل شيئا وهبته امرأته من مهرها فقال له : كل من الهنيء المريء . وقيل : الهنيء الطيب المساغ الذي لا ينغصه شيء ، والمريء المحمود العاقبة ، التام الهضم الذي لا يضر ولا يؤذي . يقول : لا تخافون في الدنيا به مطالبة ، ولا في الآخرة تبعة . يدل عليه ما روى
ابن عباس ،
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذه الآية nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه فقال : إذا جادت لزوجها بالعطية طائعة غير مكرهة لا يقضي به عليكم سلطان ، ولا يؤاخذكم الله تعالى به في الآخرة وروي عن
علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ( إذا اشتكى أحدكم شيئا فليسأل امرأته درهما من صداقها ثم ليشتر به عسلا فليشربه بماء السماء ؛ فيجمع الله عز وجل له الهنيء والمريء والماء المبارك ) . والله أعلم .
[ ص: 22 ] nindex.php?page=treesubj&link=28975قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا
فِيهِ عَشَرَةُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ الصَّدُقَاتُ جَمْعٌ ، الْوَاحِدَةُ صَدُقَةٌ . قَالَ
الْأَخْفَشُ :
وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ صُدْقَةٌ وَالْجَمْعُ صُدْقَاتٌ ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتَ وَإِنْ شِئْتَ أَسْكَنْتَ . قَالَ
الْمَازِنِيُّ : يُقَالُ صِدَاقُ الْمَرْأَةِ بِالْكَسْرِ ، وَلَا يُقَالُ بِالْفَتْحِ . وَحَكَى
يَعْقُوبُ وَأَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بِالْفَتْحِ ، عَنِ
النَّحَّاسِ .
وَالْخِطَابُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِلْأَزْوَاجِ ؛ قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ . أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ يَتَبَرَّعُوا بِإِعْطَاءِ الْمُهُورِ نِحْلَةً مِنْهُمْ لِأَزْوَاجِهِمْ . وَقِيلَ : الْخِطَابُ لِلْأَوْلِيَاءِ ؛ قَالَهُ
أَبُو صَالِحٍ . وَكَانَ الْوَلِيُّ يَأْخُذُ مَهْرَ الْمَرْأَةِ وَلَا يُعْطِيهَا شَيْئًا ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَأُمِرُوا أَنْ يَدْفَعُوا ذَلِكَ إِلَيْهِنَّ . قَالَ فِي رِوَايَةِ
الْكَلْبِيِّ : أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ الْوَلِيُّ إِذَا زَوَّجَهَا فَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ فِي الْعِشْرَةِ لَمْ يُعْطِهَا مِنْ مَهْرِهَا كَثِيرًا وَلَا قَلِيلًا ، وَإِنْ كَانَتْ غَرِيبَةً حَمَلَهَا عَلَى بَعِيرٍ إِلَى زَوْجِهَا وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ الْبَعِيرِ ؛ فَنَزَلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً . وَقَالَ
الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ : زَعَمَ حَضْرَمِيٌّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ الْمُتَشَاغِرُونَ الَّذِينَ كَانُوا يَتَزَوَّجُونَ امْرَأَةً بِأُخْرَى ، فَأُمِرُوا أَنْ يَضْرِبُوا الْمُهُورَ . وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ؛ فَإِنَّ الضَّمَائِرَ وَاحِدَةٌ وَهِيَ بِجُمْلَتِهَا لِلْأَزْوَاجِ فَهُمُ الْمُرَادُ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً . وَذَلِكَ يُوجِبُ تَنَاسُقَ الضَّمَائِرِ وَأَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ فِيهَا هُوَ الْآخِرُ .
الثَّانِيةُ : هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=11158وُجُوبِ الصَّدَاقِ لِلْمَرْأَةِ ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ
الْعِرَاقِ أَنَّ السَّيِّدَ إِذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ صَدَاقٌ ؛ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَعَمَّ . وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ . وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا حَدَّ لِكَثِيرِهِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَلِيلِهِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=20وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا . وَقَرَأَ
[ ص: 23 ] الْجُمْهُورُ " صَدُقَاتِهِنَّ " بِفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّ الدَّالِ . وَقَرَأَ
قَتَادَةُ " صُدْقَاتِهِنَّ " بِضَمِّ الصَّادِ وَسُكُونِ الدَّالِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12354النَّخَعِيُّ وَابْنُ وَثَّابٍ بِضَمِّهِمَا وَالتَّوْحِيدِ " صُدُقَتَهُنَّ "
الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : نِحْلَةً النِّحْلَةُ وَالنُّحْلَةُ ، بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ . وَأَصْلُهَا مِنَ الْعَطَاءِ ؛ نَحَلْتُ فُلَانًا شَيْئًا أَعْطَيْتُهُ . فَالصَّدَاقُ عَطِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمَرْأَةِ . وَقِيلَ : نِحْلَةٌ أَيْ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنَ الْأَزْوَاجِ مِنْ غَيْرِ تَنَازُعٍ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : مَعْنَى نِحْلَةٍ فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ .
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ زَيْدٍ : فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ . قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : وَلَا تَكُونُ النِّحْلَةُ إِلَّا مُسَمَّاةً مَعْلُومَةً . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : نِحْلَةً تَدَيُّنًا . وَالنِّحْلَةُ الدِّيَانَةُ وَالْمِلَّةُ . يُقَالُ . هَذَا نِحْلَتُهُ أَيْ دِينُهُ . وَهَذَا يَحْسُنُ مَعَ كَوْنِ الْخِطَابِ لِلْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ كَانُوا يَأْخُذُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ النِّسَاءِ فِي زَوْجِهَا :
لَا يَأْخُذُ الْحُلْوَانَ مِنْ بَنَاتِنَا
تَقُولُ : لَا يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ غَيْرُهُ . فَانْتَزَعَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ وَأَمَرَ بِهِ لِلنِّسَاءِ . وَ " نِحْلَةً " مَنْصُوبَةٌ عَلَى أَنَّهَا حَالٌ مِنَ الْأَزْوَاجِ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ مِنْ لَفْظِهَا تَقْدِيرُهُ أَنْحِلُوهُنَّ نِحْلَةً . وَقِيلَ : هِيَ نَصْبٌ وَقِيلَ عَلَى التَّفْسِيرِ . وَقِيلَ : هِيَ مَصْدَرٌ عَلَى غَيْرِ الصَّدْرِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ .
الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا مُخَاطَبَةٌ لِلْأَزْوَاجِ ، وَيَدُلُّ بِعُمُومِهِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=25937هِبَةَ الْمَرْأَةِ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا جَائِزَةً ؛ وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ . وَمَنَعَ
مَالِكٌ مِنْ هِبَةِ الْبِكْرِ الصَّدَاقَ لِزَوْجِهَا وَجَعَلَ ذَلِكَ لِلْوَلِيِّ مَعَ أَنَّ الْمِلْكَ لَهَا . وَزَعَمَ
الْفَرَّاءُ أَنَّهُ مُخَاطَبَةٌ لِلْأَوْلِيَاءِ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ الصَّدَاقَ وَلَا يُعْطُونَ الْمَرْأَةَ مِنْهُ شَيْئًا ، فَلَمْ يُبَحْ لَهُمْ مِنْهُ إِلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ الْمَرْأَةِ . وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْأَوْلِيَاءِ ذِكْرٌ ، وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ عَائِدٌ عَلَى الصَّدَاقِ . وَكَذَلِكَ قَالَ
عِكْرِمَةُ وَغَيْرُهُ . وَسَبَبُ الْآيَةِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ قَوْمًا تَحَرَّجُوا أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ شَيْءٌ مِمَّا دَفَعُوهُ إِلَى الزَّوْجَاتِ فَنَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ .
الْخَامِسَةُ : وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَالِكَةَ لِأَمْرِ نَفْسِهَا إِذَا وَهَبَتْ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا نَفَذَ ذَلِكَ عَلَيْهَا ، وَلَا رُجُوعَ لَهَا فِيهِ . إِلَّا أَنَّ
شُرَيْحًا رَأَى الرُّجُوعَ لَهَا فِيهِ ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا وَإِذَا كَانَتْ طَالِبَةً لَهُ لَمْ تَطِبْ بِهِ نَفْسًا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَهَذَا بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّهَا قَدْ طَابَتْ وَقَدْ أَكَلَ فَلَا كَلَامَ لَهَا ؛ إِذْ لَيْسَ الْمُرَادُ صُورَةُ الْأَكْلِ ، وَإِنَّمَا هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْإِحْلَالِ وَالِاسْتِحْلَالِ ، وَهَذَا بَيِّنٌ .
السَّادِسَةُ : فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=11326_26785شَرَطَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَلَّا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا ، وَحَطَّتْ عَنْهُ لِذَلِكَ شَيْئًا
[ ص: 24 ] مِنْ صَدَاقِهَا ، ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ
ابْنِ الْقَاسِمِ ؛ لِأَنَّهَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ مَا لَا يَجُوزُ شَرْطُهُ . كَمَا اشْتَرَطَ أَهْلُ
بَرِيرَةَ أَنْ تُعْتِقَهَا
عَائِشَةُ وَالْوَلَاءُ لِبَائِعِهَا ، فَصَحَّحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَقْدَ وَأَبْطَلَ الشَّرْطَ . كَذَلِكَ هَاهُنَا يَصِحُّ إِسْقَاطُ بَعْضِ الصَّدَاقِ عَنْهُ وَتَبْطُلُ الزِّيجَةُ . قَالَ
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ : إِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ صَدَاقِهَا مِثْلُ صَدَاقِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ، وَإِنْ كَانَتْ وَضَعَتْ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ صَدَاقِهَا فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِتَمَامِ صَدَاقِ مِثْلِهَا ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ شَرْطًا وَأَخَذَ عَنْهُ عِوَضًا كَانَ لَهَا وَاجِبًا أَخْذُهُ مِنْهُ ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ .
وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33326الْعِتْقَ لَا يَكُونُ صَدَاقًا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ ؛ إِذْ لَا يُمْكِنُ لِلْمَرْأَةِ هِبَتُهُ وَلَا الزَّوْجِ أَكْلُهُ . وَبِهِ قَالَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15922وَزُفَرُ وَمُحَمَّدٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ : يَكُونُ صَدَاقًا وَلَا مَهْرَ لَهَا غَيْرَ الْعِتْقِ ؛ عَلَى حَدِيثِ
صَفِيَّةَ - رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=832452أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا . وَرُوِيَ عَنْ
أَنَسٍ أَنَّهُ فَعَلَهُ ، وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ
صَفِيَّةَ . وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِأَنْ قَالُوا : لَا حُجَّةَ فِي حَدِيثِ
صَفِيَّةَ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَخْصُوصًا فِي النِّكَاحِ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ ، وَقَدْ أَرَادَ
زَيْنَبَ فَحَرُمَتْ عَلَى
زَيْدٍ فَدَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَلَا صَدَاقٍ . فَلَا يَنْبَغِي الِاسْتِدْلَالُ بِمِثْلِ هَذَا ؛ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّامِنَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : نَفْسًا قِيلَ : هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْبَيَانِ . وَلَا يُجِيزُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ وَلَا
الْكُوفِيُّونَ أَنْ يَتَقَدَّمَ مَا كَانَ مَنْصُوبًا عَلَى الْبَيَانِ ، وَأَجَازَ ذَلِكَ
الْمَازِنِيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ إِذَا كَانَ الْعَامِلُ فِعْلًا . وَأَنْشَدَ :
وَمَا كَانَ نَفْسًا بِالْفِرَاقِ تَطِيبُ
وَفِي التَّنْزِيلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ " شَحْمًا تَفَقَّأَتْ . وَوَجْهًا حَسُنَتْ " . وَقَالَ أَصْحَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : إِنَّ نَفْسًا مَنْصُوبَةٌ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ أَعْنِي نَفْسًا ، وَلَيْسَتْ مَنْصُوبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ ؛ وَإِذَا كَانَ هَذَا فَلَا حُجَّةَ فِيهِ . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ . الرِّوَايَةُ :
وَمَا كَانَ نَفْسِي . . .
وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمُمَيَّزِ إِذَا كَانَ الْعَامِلُ غَيْرَ مُتَصَرِّفٍ كَعِشْرِينَ دِرْهَمًا .
التَّاسِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : فَكُلُوهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ صُورَةَ الْأَكْلِ ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِبَاحَةُ
[ ص: 25 ] بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ ، وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ فِي الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا . وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْسَ الْأَكْلِ ؛ إِلَّا أَنَّ الْأَكْلَ لَمَّا كَانَ أَوْفَى أَنْوَاعِ التَّمَتُّعِ بِالْمَالِ عُبِّرَ عَنِ التَّصَرُّفَاتِ بِالْأَكْلِ . وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ يُعْلَمُ أَنَّ صُورَةَ الْبَيْعِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى مِثْلَ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ ؛ وَلَكِنْ ذَكَرَ الْبَيْعَ لِأَنَّهُ أَهَمُّ مَا يُشْتَغَلُ بِهِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى .
الْعَاشِرَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4هَنِيئًا مَرِيئًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْهَاءِ فِي كُلُوهُ وَقِيلَ : نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ أَكْلًا هَنِيئًا بِطِيبِ الْأَنْفُسِ . هَنَّأَهُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ يَهْنَؤُهُ ، وَمَا كَانَ هَنِيئًا ؛ وَلَقَدْ هَنُؤَ ، وَالْمَصْدَرُ الْهَنْءُ . وَكُلُّ مَا لَمْ يَأْتِ بِمَشَقَّةٍ وَلَا عَنَاءٍ فَهُوَ هَنِيءٌ . وَهَنِيءٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ هَنُؤَ كَظَرِيفٍ مِنْ ظَرُفَ . وَهَنِئَ يَهْنَأُ فَهُوَ هَنِئٌ عَلَى فَعِلَ كَزَمِنٍ . وَهَنَّأَنِي الطَّعَامُ وَمَرَّأَنِي عَلَى الْإِتْبَاعِ ؛ فَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ " هَنَّأَنِي " قُلْتُ : أَمْرَأَنِي الطَّعَامُ بِالْأَلِفِ ، أَيِ انْهَضَمَ . قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ : وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=832453ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ . فَقَلَبُوا الْوَاوَ مِنْ ( مَوْزُورَاتٍ ) أَلِفًا إِتْبَاعًا لِلَفْظِ مَأْجُورَاتٍ . وَقَالَ
أَبُو الْعَبَّاسِ عَنِ
ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ : يُقَالُ هَنِيءَ وَهَنَّأَنِي وَمَرَّأَنِي وَأَمْرَأَنِي وَلَا يُقَالُ مَرِئَنِي ؛ حَكَاهُ
الْهَرَوِيُّ . وَحَكَى
الْقُشَيْرِيُّ أَنَّهُ يُقَالُ : هَنِئَنِي وَمَرِئَنِي بِالْكَسْرِ يَهْنَأُنِي وَيَمْرَأُنِي ، وَهُوَ قَلِيلٌ . وَقِيلَ : هَنِيئًا لَا إِثْمَ فِيهِ ، وَمَرِيئًا لَا دَاءَ فِيهِ . قَالَ
كُثَيِّرٌ :
هَنِيئًا مَرِيئًا غَيْرَ دَاءٍ مُخَامِرٍ لِعَزَّةَ مِنْ أَعْرَاضِنَا مَا اسْتَحَلَّتِ
وَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى
عَلْقَمَةَ وَهُوَ يَأْكُلُ شَيْئًا وَهَبَتْهُ امْرَأَتُهُ مِنْ مَهْرِهَا فَقَالَ لَهُ : كُلْ مِنَ الْهَنِيءِ الْمَرِيءِ . وَقِيلَ : الْهَنِيءُ الطَّيِّبُ الْمَسَاغِ الَّذِي لَا يُنَغِّصُهُ شَيْءٌ ، وَالْمَرِيءُ الْمَحْمُودُ الْعَاقِبَةِ ، التَّامُّ الْهَضْمِ الَّذِي لَا يَضُرُّ وَلَا يُؤْذِي . يَقُولُ : لَا تَخَافُونَ فِي الدُّنْيَا بِهِ مُطَالَبَةً ، وَلَا فِي الْآخِرَةِ تَبِعَةً . يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَى
ابْنُ عَبَّاسٍ ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ فَقَالَ : إِذَا جَادَتْ لِزَوْجِهَا بِالْعَطِيَّةِ طَائِعَةً غَيْرَ مُكْرَهَةٍ لَا يَقْضِي بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانٌ ، وَلَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي الْآخِرَةِ وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( إِذَا اشْتَكَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا فَلْيَسْأَلِ امْرَأَتَهُ دِرْهَمًا مِنْ صَدَاقِهَا ثُمَّ لِيَشْتَرِ بِهِ عَسَلًا فَلْيَشْرَبْهُ بِمَاءِ السَّمَاءِ ؛ فَيَجْمَعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ الْهَنِيءَ وَالْمَرِيءَ وَالْمَاءَ الْمُبَارَكَ ) . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .