قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إن قارون كان من قوم موسى لما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=60وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها بين أن
قارون أوتيها واغتر بها ولم تعصمه من عذاب الله كما لم تعصم فرعون ، ولستم أيها المشركون بأكثر عددا ومالا من
قارون وفرعون ، فلم ينفع فرعون جنوده وأمواله ولم ينفع
قارون قرابته من
موسى ولا كنوزه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي وقتادة وغيرهما : كان ابن عم
موسى لحا ; وهو
قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوى بن يعقوب ;
وموسى بن عمران بن قاهث وقال
ابن إسحاق : كان عم
موسى لأب وأم . وقيل : كان ابن خالته . ولم ينصرف للعجمة والتعريف وما كان على وزن ( فاعول ) أعجميا لا يحسن فيه الألف واللام ، لم ينصرف في المعرفة وانصرف في النكرة ، فإن حسنت فيه الألف واللام انصرف إن كان اسما لمذكر نحو
طاوس وراقود قال
الزجاج : ولو كان
قارون من قرنت الشيء لانصرف . ( فبغى عليهم ) بغيه أنه زاد في طول ثوبه شبرا ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب وفي الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=832257لا ينظر الله إلى nindex.php?page=treesubj&link=30312من جر إزاره بطرا وقيل : بغيه كفره بالله عز وجل ; قاله
الضحاك وقيل : بغيه استخفافه بهم بكثرة ماله وولده ; قاله
قتادة وقيل : بغيه نسبته ما آتاه الله من الكنوز إلى نفسه بعلمه وحيلته ; قاله
ابن بحر وقيل : بغيه قوله إذا كانت النبوة
لموسى والمذبح والقربان في
هارون فما لي ! فروي أنه لما جاوز بهم
موسى البحر وصارت الرسالة
لموسى والحبورة
لهارون ; يقرب القربان
[ ص: 285 ] ويكون رأسا فيهم ، وكان القربان
لموسى فجعله
موسى إلى أخيه ، وجد
قارون في نفسه وحسدهما فقال
لموسى : الأمر لكما وليس لي شيء إلى متى أصبر ؟ قال
موسى ; هذا صنع الله . قال : والله لا أصدقنك حتى تأتي بآية ; فأمر رؤساء
بني إسرائيل أن يجيء كل واحد منهم بعصاه ، فحزمها وألقاها في القبة التي كان الوحي ينزل عليه فيها ، وكانوا يحرسون عصيهم بالليل فأصبحوا وإذا بعصا
هارون تهتز ولها ورق أخضر - وكانت من شجر اللوز - فقال
قارون : ما هو بأعجب مما تصنع من السحر فبغى عليهم من البغي وهو الظلم وقال
يحيى بن سلام nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب : كان
قارون غنيا عاملا لفرعون على
بني إسرائيل فتعدى عليهم وظلمهم وكان منهم . وقول سابع : روي عن
ابن عباس قال : لما أمر الله تعالى برجم الزاني عمد
قارون إلى امرأة بغي وأعطاها مالا ، وحملها على أن ادعت على
موسى أنه زنى بها وأنه أحبلها ; فعظم على
موسى ذلك وأحلفها بالله الذي فلق البحر لبني إسرائيل ، وأنزل التوراة على
موسى إلا صدقت فتداركها الله . فقالت : أشهد أنك بريء ، وأن
قارون أعطاني مالا ، وحملني على أن قلت ما قلت ، وأنت الصادق
وقارون الكاذب ، فجعل الله أمر
قارون إلى
موسى وأمر الأرض أن تطيعه ، فجاءه وهو يقول للأرض : يا أرض خذيه ; يا أرض خذيه ، وهي تأخذه شيئا فشيئا وهو يستغيث : يا
موسى ! إلى أن ساخ في الأرض هو وداره وجلساؤه الذين كانوا على مذهبه .
وروي أن الله تعالى أوحى إلى
موسى : استغاث بك عبادي فلم ترحمهم ، أما إنهم لو دعوني لوجدوني قريبا مجيبا .
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : بلغنا أنه يخسف بهم كل يوم قامة ، فلا يبلغون إلى أسفل الأرض إلى يوم القيامة ، وذكر
ابن أبي الدنيا في كتاب الفرج : حدثني
إبراهيم بن راشد قال : حدثني
داود بن مهران عن
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم عن
مروان بن جناح عن
nindex.php?page=showalam&ids=17421يونس بن ميسرة بن حلبس ، قال : لقي
قارون يونس في ظلمات البحر ، فنادى
قارون يونس ، فقال : يا
يونس تب إلى الله فإنك تجده عند أول قدم ترجع بها إليه ، فقال
يونس : ما منعك من التوبة ، فقال : إن توبتي جعلت إلى ابن عمي فأبى أن يقبل مني . وفي الخبر :
إذا وصل قارون إلى قرار الأرض السابعة نفخ إسرافيل في الصور والله أعلم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : وكان اسم البغي
[ ص: 286 ] سبرتا ، وبذل لها
قارون ألفي درهم .
قتادة : وكان قطع البحر مع
موسى وكان يسمى المنور من حسن صورته في التوراة ، ولكن عدو الله نافق كما نافق
السامري .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76وآتيناه من الكنوز قال
عطاء : أصاب كثيرا من كنوز
يوسف عليه السلام . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15501الوليد بن مروان : إنه كان يعمل الكيمياء ( ما إن مفاتحه ) إن واسمها وخبرها في صلة ( ما ) . و ( ما ) مفعولة ( آتينا ) . قال
النحاس : وسمعت
علي بن سليمان يقول ما أقبح ما يقول الكوفيون في الصلات ; إنه لا يجوز أن تكون صلة ( الذي ) وأخواته ( إن ) وما عملت فيه ، وفي القرآن ( ما إن مفاتحه ) . وهو جمع مفتح بالكسر وهو ما يفتح به ومن قال : ( مفتاح ) قال : ( مفاتيح ) ومن قال : هي الخزائن ، فواحدها مفتح بالفتح . ( لتنوء بالعصبة ) أحسن ما قيل فيه أن المعنى لتنيء العصبة أي تميلهم بثقلها ، فلما انفتحت التاء دخلت الباء كما قالوا هو يذهب بالبؤس ومذهب البؤس . فصار ( لتنوء بالعصبة ) فجعل العصبة تنوء أي تنهض متثاقلة ; كقولك قم بنا ، أي اجعلنا نقوم . يقال : ناء ينوء نوءا : إذا نهض بثقل . قال الشاعر [
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذو الرمة ] :
تنوء بأخراها فلأيا قيامها وتمشي الهوينا عن قريب فتبهر
وقال آخر :
أخذت فلم أملك ونؤت فلم أقم كأني من طول الزمان مقيد
وأناءني : إذا أثقلني ; عن
أبي زيد وقال
أبو عبيدة : قوله : ( لتنوء بالعصبة ) مقلوب ، والمعنى لتنوء بها العصبة أي تنهض بها
أبو زيد : نؤت بالحمل : إذا نهضت . قال الشاعر :
إنا وجدنا خلفا بئس الخلف عبدا إذا ما ناء بالحمل وقف
والأول معنى قول
ابن عباس وأبي صالح nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي . وهو قول
الفراء واختاره
النحاس كما يقال : ذهبت به وأذهبته وجئت به وأجأته ونؤت به وأنأته ; فأما قولهم : له عندي ما ساءه وناءه فهو إتباع كان يجب أن يقال : وأناءه . ومثله : هنأني الطعام ومرأني ، وأخذه ما قدم وما حدث . وقيل : هو مأخوذ من النأي وهو البعد ، ومنه قول الشاعر :
ينأون عنا وما تنأى مودتهم والقلب فيهم رهين حيثما كانوا
وقرأ
بديل بن ميسرة : ( لينوء ) بالياء ; أي لينوء الواحد منها أو المذكور فحمل على المعنى وقال
أبو عبيدة : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=15876لرؤبة بن العجاج في قوله :
[ ص: 287 ] فيها خطوط من سواد وبلق كأنه في الجلد توليع البهق
إن كنت أردت الخطوط فقل : ( كأنها ) وإن كنت أردت السواد والبلق فقل : ( كأنهما ) فقال : أردت كل ذلك . واختلف في العصبة وهي الجماعة التي يتعصب بعضهم لبعض على أحد عشر قولا : الأول : ثلاثة رجال ; قاله
ابن عباس ، وعنه أيضا من الثلاثة إلى العشرة ، وقال
مجاهد : العصبة هنا ما بين العشرين إلى خمسة عشر ، وعنه أيضا : ما بين العشرة إلى الخمسة عشر ، وعنه أيضا : من عشرة إلى خمسة . ذكر الأول
الثعلبي ، والثاني
القشيري nindex.php?page=showalam&ids=15151والماوردي ، والثالث
المهدوي . وقال
أبو صالح nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم بن عتيبة وقتادة والضحاك : أربعون رجلا .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ما بين العشرة إلى الأربعين وقاله
قتادة أيضا وقال
عكرمة : منهم من يقول أربعون ، ومنهم من يقول سبعون . وهو قول
أبي صالح إن العصبة سبعون رجلا ; ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي . والأول ذكره عنه
الثعلبي وقيل : ستون رجلا ، وقال
سعيد بن جبير : ست أو سبع . وقال
عبد الرحمن بن زيد : ما بين الثلاثة والتسعة وهو النفر . وقال
الكلبي : عشرة لقول إخوة
يوسف ونحن عصبة وقاله
مقاتل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15848خيثمة : وجدت في الإنجيل أن مفاتيح خزائن
قارون وقر ستين بغلا غراء محجلة ، وأنها لتنوء بها ثقلها ، وما يزيد مفتح منها على إصبع ، لكل مفتح منها كنز مال ، لو قسم ذلك الكنز على
أهل البصرة لكفاهم .
قال
مجاهد : كانت المفاتيح من جلود الإبل . وقيل : من جلود البقر لتخف عليه ، وكانت تحمل معه إذا ركب على سبعين بغلا فيما ذكره
القشيري وقيل : على أربعين بغلا وهو قول
الضحاك وعنه أيضا : إن مفاتحه أوعيته ، وكذا قال
أبو صالح : إن المراد بالمفاتح الخزائن ; فالله أعلم .
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إذ قال له قومه أي المؤمنون من
بني إسرائيل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي وقال
يحيى بن سلام : القوم هنا
موسى وقال
الفراء وهو جمع أريد به واحد كقوله : الذين قال لهم الناس وإنما هو
نعيم بن مسعود على ما تقدم لا تفرح أي لا تأشر ولا تبطر . قال الشاعر :
ولست بمفراح إذا الدهر سرني ولا ضارع في صرفه المتقلب
وقال
الزجاج : المعنى لا تفرح بالمال فإن الفرح بالمال لا يؤدي حقه وقال
مبشر بن عبد الله : لا تفرح لا تفسد قال الشاعر [
أبو عبيد النحوي ] :
[ ص: 288 ] إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانة وتحمل أخرى أفرحتك الودائع
أي أفسدتك .
وقال
أبو عمرو : أفرحه الدين : أثقله ، وأنشده : إذا أنت . . . . . البيت . وأفرحه : سره ، فهو مشترك . قال
الزجاج : والفرحين والفارحين سواء . وفرق بينهما
الفراء فقال : معنى الفرحين الذين هم في حال فرح ، والفارحين الذين يفرحون في المستقبل وزعم أن مثله طمع وطامع وميت ومائت . ويدل على خلاف ما قال قول الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=30إنك ميت وإنهم ميتون ولم يقل ( مائت ) . وقال
مجاهد أيضا : معنى لا تفرح : لا تبغ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إن الله لا يحب الفرحين أي الباغين وقال
ابن بحر : لا تبخل إن الله لا يحب الباخلين .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة أي اطلب فيما أعطاك الله من الدنيا الدار الآخرة وهي الجنة ; فإن من حق المؤمن أن يصرف الدنيا فيما ينفعه في الآخرة لا في التجبر والبغي .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77ولا تنس نصيبك من الدنيا اختلف فيه ; فقال
ابن عباس والجمهور : لا تضيع عمرك في ألا تعمل عملا صالحا في دنياك ; إذ الآخرة إنما يعمل لها ،
nindex.php?page=treesubj&link=24479فنصيب الإنسان عمره وعمله الصالح فيها ، فالكلام على هذا التأويل شدة في الموعظة وقال
الحسن وقتادة : معناه لا تضيع حظك من دنياك في تمتعك بالحلال وطلبك إياه ونظرك لعاقبة دنياك ، فالكلام على هذا التأويل فيه بعض الرفق به وإصلاح الأمر الذي يشتهيه وهذا مما يجب استعماله مع الموعوظ خشية النبوة من الشدة ; قاله
ابن عطية .
قلت : وهذان التأويلان قد جمعهما
ابن عمر في قوله : احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا وعن
الحسن : قدم الفضل ، وأمسك ما يبلغ . وقال
مالك : هو الأكل والشرب بلا سرف . وقيل : أراد بنصيبه الكفن ، فهذا وعظ متصل ; كأنهم قالوا : لا تنس أنك تترك جميع مالك إلا نصيبك هذا الذي هو الكفن ونحو هذا قول الشاعر :
نصيبك مما تجمع [ من ] الدهر كله رداءان تلوى فيهما وحنوط
وقال آخر :
وهي القناعة لا تبغي بها بدلا فيها النعيم وفيها راحة البدن
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن
[ ص: 289 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وأبدع ما فيه عندي قول
قتادة : ولا تنس نصيبك الحلال ، فهو نصيبك من الدنيا ويا ما أحسن هذا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وأحسن كما أحسن الله إليك أي أطع الله واعبده كما أنعم عليك ومنه الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832258nindex.php?page=treesubj&link=28855ما الإحسان ؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه وقيل : هو أمر بصلة المساكين قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : فيه أقوال كثيرة جماعها
nindex.php?page=treesubj&link=29485استعمال نعم الله في طاعة الله وقال
مالك : الأكل والشرب من غير سرف قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : أرى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا أراد الرد على الغالين في العبادة والتقشف ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الحلواء ، ويشرب العسل ، ويستعمل الشواء ، ويشرب الماء البارد وقد مضى هذا المعنى في غير موضع
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77ولا تبغ الفساد في الأرض أي لا تعمل بالمعاصي
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77إن الله لا يحب المفسدين .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى لَمَّا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=60وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا بَيَّنَ أَنَّ
قَارُونَ أُوتِيهَا وَاغْتَرَّ بِهَا وَلَمْ تَعْصِمْهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ كَمَا لَمْ تَعْصِمْ فِرْعَوْنَ ، وَلَسْتُمْ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ بِأَكْثَرَ عَدَدًا وَمَالًا مِنْ
قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ ، فَلَمْ يَنْفَعْ فِرْعَوْنَ جُنُودُهُ وَأَمْوَالُهُ وَلَمْ يَنْفَعْ
قَارُونَ قَرَابَتُهُ مِنْ
مُوسَى وَلَا كُنُوزُهُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12354النَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا : كَانَ ابْنَ عَمِّ
مُوسَى لَحًّا ; وَهُوَ
قَارُونُ بْنُ يَصْهَرَ بْنِ قَاهِثَ بْنِ لَاوَى بْنِ يَعْقُوبَ ;
وَمُوسَى بْنُ عِمْرَانَ بْنِ قَاهِثَ وَقَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : كَانَ عَمَّ
مُوسَى لِأَبٍ وَأُمٍّ . وَقِيلَ : كَانَ ابْنَ خَالَتِهِ . وَلَمْ يَنْصَرِفْ لِلْعُجْمَةِ وَالتَّعْرِيفِ وَمَا كَانَ عَلَى وَزْنِ ( فَاعُولَ ) أَعْجَمِيًّا لَا يَحْسُنُ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ ، لَمْ يَنْصَرِفْ فِي الْمَعْرِفَةِ وَانْصَرَفَ فِي النَّكِرَةِ ، فَإِنْ حَسُنَتْ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ انْصَرَفَ إِنْ كَانَ اسْمًا لِمُذَكَّرٍ نَحْوَ
طَاوُسٍ وَرَاقُودٍ قَالَ
الزَّجَّاجُ : وَلَوْ كَانَ
قَارُونُ مِنْ قَرَنْتُ الشَّيْءَ لَانْصَرَفَ . ( فَبَغَى عَلَيْهِمْ ) بَغْيُهُ أَنَّهُ زَادَ فِي طُولِ ثَوْبِهِ شِبْرًا ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16128شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ وَفِي الْحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=832257لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى nindex.php?page=treesubj&link=30312مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا وَقِيلَ : بَغْيُهُ كُفْرُهُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ; قَالَهُ
الضَّحَّاكُ وَقِيلَ : بَغْيُهُ اسْتِخْفَافُهُ بِهِمْ بِكَثْرَةِ مَالِهِ وَوَلَدِهِ ; قَالَهُ
قَتَادَةُ وَقِيلَ : بَغْيُهُ نِسْبَتُهُ مَا آتَاهُ اللَّهُ مِنَ الْكُنُوزِ إِلَى نَفْسِهِ بِعِلْمِهِ وَحِيلَتِهِ ; قَالَهُ
ابْنُ بَحْرٍ وَقِيلَ : بَغْيُهُ قَوْلُهُ إِذَا كَانَتِ النُّبُوَّةُ
لِمُوسَى وَالْمَذْبَحُ وَالْقُرْبَانُ فِي
هَارُونَ فَمَا لِي ! فَرُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا جَاوَزَ بِهِمْ
مُوسَى الْبَحْرَ وَصَارَتِ الرِّسَالَةُ
لِمُوسَى وَالْحُبُورَةُ
لِهَارُونَ ; يُقَرِّبُ الْقُرْبَانَ
[ ص: 285 ] وَيَكُونُ رَأْسًا فِيهِمْ ، وَكَانَ الْقُرْبَانُ
لِمُوسَى فَجَعَلَهُ
مُوسَى إِلَى أَخِيهِ ، وَجَدَ
قَارُونُ فِي نَفْسِهِ وَحَسَدَهُمَا فَقَالَ
لِمُوسَى : الْأَمْرُ لَكُمَا وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ إِلَى مَتَى أَصْبِرُ ؟ قَالَ
مُوسَى ; هَذَا صُنْعُ اللَّهِ . قَالَ : وَاللَّهِ لَا أُصَدِّقَنَّكَ حَتَّى تَأْتِيَ بِآيَةٍ ; فَأَمَرَ رُؤَسَاءَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَجِيءَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَصَاهُ ، فَحَزَمَهَا وَأَلْقَاهَا فِي الْقُبَّةِ الَّتِي كَانَ الْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فِيهَا ، وَكَانُوا يَحْرُسُونَ عِصِيِّهِمْ بِاللَّيْلِ فَأَصْبَحُوا وَإِذَا بِعَصَا
هَارُونَ تَهْتَزُّ وَلَهَا وَرَقٌ أَخْضَرُ - وَكَانَتْ مِنْ شَجَرِ اللَّوْزِ - فَقَالَ
قَارُونُ : مَا هُوَ بِأَعْجَبَ مِمَّا تَصْنَعُ مِنَ السِّحْرِ فَبَغَى عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَغْيِ وَهُوَ الظُّلْمُ وَقَالَ
يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَابْنُ الْمُسَيِّبِ : كَانَ
قَارُونُ غَنِيًّا عَامِلًا لِفِرْعَوْنَ عَلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ فَتَعَدَّى عَلَيْهِمْ وَظَلَمَهُمْ وَكَانَ مِنْهُمْ . وَقَوْلٌ سَابِعٌ : رُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِرَجْمِ الزَّانِي عَمَدَ
قَارُونُ إِلَى امْرَأَةٍ بَغِيٍّ وَأَعْطَاهَا مَالًا ، وَحَمَلَهَا عَلَى أَنِ ادَّعَتْ عَلَى
مُوسَى أَنَّهُ زَنَى بِهَا وَأَنَّهُ أَحْبَلَهَا ; فَعَظُمَ عَلَى
مُوسَى ذَلِكَ وَأَحْلَفَهَا بِاللَّهِ الَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى
مُوسَى إِلَّا صَدَقَتْ فَتَدَارَكَهَا اللَّهُ . فَقَالَتْ : أَشْهَدُ أَنَّكَ بَرِيءٌ ، وَأَنَّ
قَارُونَ أَعْطَانِي مَالًا ، وَحَمَلَنِي عَلَى أَنْ قُلْتُ مَا قُلْتُ ، وَأَنْتَ الصَّادِقُ
وَقَارُونُ الْكَاذِبُ ، فَجَعَلَ اللَّهُ أَمْرَ
قَارُونَ إِلَى
مُوسَى وَأَمَرَ الْأَرْضَ أَنْ تُطِيعَهُ ، فَجَاءَهُ وَهُوَ يَقُولُ لِلْأَرْضِ : يَا أَرْضُ خُذِيهِ ; يَا أَرْضُ خُذِيهِ ، وَهِيَ تَأْخُذُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَهُوَ يَسْتَغِيثُ : يَا
مُوسَى ! إِلَى أَنْ سَاخَ فِي الْأَرْضِ هُوَ وَدَارُهُ وَجُلَسَاؤُهُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى مَذْهَبِهِ .
وَرُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى
مُوسَى : اسْتَغَاثَ بِكَ عِبَادِي فَلَمْ تَرْحَمْهُمْ ، أَمَا إِنَّهُمْ لَوْ دَعَوْنِي لَوَجَدُونِي قَرِيبًا مُجِيبًا .
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : بَلَغَنَا أَنَّهُ يُخْسَفُ بِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قَامَةً ، فَلَا يَبْلُغُونَ إِلَى أَسْفَلِ الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَذَكَرَ
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْفَرَجِ : حَدَّثَنِي
إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
دَاوُدُ بْنُ مِهْرَانَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15500الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ
مَرْوَانَ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17421يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ ، قَالَ : لَقِيَ
قَارُونُ يُونُسَ فِي ظُلُمَاتِ الْبَحْرِ ، فَنَادَى
قَارُونُ يُونُسَ ، فَقَالَ : يَا
يُونُسُ تُبْ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّكَ تَجِدُهُ عِنْدَ أَوَّلِ قَدَمٍ تَرْجِعُ بِهَا إِلَيْهِ ، فَقَالَ
يُونُسُ : مَا مَنَعَكَ مِنَ التَّوْبَةِ ، فَقَالَ : إِنَّ تَوْبَتِي جُعِلَتْ إِلَى ابْنِ عَمِّي فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنِّي . وَفِي الْخَبَرِ :
إِذَا وَصَلَ قَارُونُ إِلَى قَرَارِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ نَفَخَ إِسْرَافِيلُ فِي الصُّوَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : وَكَانَ اسْمُ الْبَغِيِّ
[ ص: 286 ] سَبَرَتَا ، وَبَذَلَ لَهَا
قَارُونُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ .
قَتَادَةُ : وَكَانَ قَطَعَ الْبَحْرَ مَعَ
مُوسَى وَكَانَ يُسَمَّى الْمُنَوِّرَ مِنْ حُسْنِ صُورَتِهِ فِي التَّوْرَاةِ ، وَلَكِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ نَافَقَ كَمَا نَافَقَ
السَّامِرِيُّ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ قَالَ
عَطَاءٌ : أَصَابَ كَثِيرًا مِنْ كُنُوزِ
يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15501الْوَلِيدُ بْنُ مَرْوَانَ : إِنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ الْكِيمْيَاءَ ( مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ ) إِنَّ وَاسْمَهَا وَخَبَرَهَا فِي صِلَةِ ( مَا ) . وَ ( مَا ) مَفْعُولَةُ ( آتَيْنَا ) . قَالَ
النَّحَّاسُ : وَسَمِعْتُ
عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ مَا أَقْبَحَ مَا يَقُولُ الْكُوفِيُّونَ فِي الصِّلَاتِ ; إِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِلَةُ ( الَّذِي ) وَأَخَوَاتُهُ ( إِنَّ ) وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ ، وَفِي الْقُرْآنِ ( مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ ) . وَهُوَ جَمْعُ مِفْتَحٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ مَا يُفْتَحُ بِهِ وَمَنْ قَالَ : ( مِفْتَاحٌ ) قَالَ : ( مَفَاتِيحُ ) وَمَنْ قَالَ : هِيَ الْخَزَائِنُ ، فَوَاحِدُهَا مَفْتَحٌ بِالْفَتْحِ . ( لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ ) أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّ الْمَعْنَى لَتُنِيءُ الْعُصْبَةَ أَيْ تُمِيلُهُمْ بِثِقَلِهَا ، فَلَمَّا انْفَتَحَتِ التَّاءُ دَخَلَتِ الْبَاءُ كَمَا قَالُوا هُوَ يَذْهَبُ بِالْبُؤْسِ وَمُذْهِبُ الْبُؤْسِ . فَصَارَ ( لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ ) فَجَعَلَ الْعُصْبَةَ تَنُوءُ أَيْ تَنْهَضُ مُتَثَاقِلَةً ; كَقَوْلِكَ قُمْ بِنَا ، أَيِ اجْعَلْنَا نَقُومُ . يُقَالُ : نَاءَ يَنُوءُ نَوْءًا : إِذَا نَهَضَ بِثِقَلٍ . قَالَ الشَّاعِرُ [
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذُو الرُّمَّةِ ] :
تَنُوءُ بِأُخْرَاهَا فَلَأْيًا قِيَامُهَا وَتَمْشِي الْهُوَيْنَا عَنْ قَرِيبٍ فَتَبْهَرُ
وَقَالَ آخَرُ :
أَخَذْتُ فَلَمْ أَمْلِكْ وَنُؤْتُ فَلَمْ أَقُمْ كَأَنِّيَ مِنْ طُولِ الزَّمَانِ مُقَيَّدُ
وَأَنَاءَنِي : إِذَا أَثْقَلَنِي ; عَنْ
أَبِي زَيْدٍ وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : قَوْلُهُ : ( لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ ) مَقْلُوبٌ ، وَالْمَعْنَى لَتَنُوءُ بِهَا الْعُصْبَةُ أَيْ تَنْهَضُ بِهَا
أَبُو زَيْدٍ : نُؤْتُ بِالْحِمْلِ : إِذَا نَهَضْتُ . قَالَ الشَّاعِرُ :
إِنَّا وَجَدْنَا خَلَفًا بِئْسَ الْخَلَفْ عَبْدًا إِذَا مَا نَاءَ بِالْحِمْلِ وَقَفْ
وَالْأَوَّلُ مَعْنَى قَوْلِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي صَالِحٍ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيِّ . وَهُوَ قَوْلُ
الْفَرَّاءِ وَاخْتَارَهُ
النَّحَّاسُ كَمَا يُقَالُ : ذَهَبْتُ بِهِ وَأَذْهَبْتُهُ وَجِئْتُ بِهِ وَأَجَأْتُهُ وَنُؤْتِ بِهِ وَأَنَأْتُهُ ; فَأَمَّا قَوْلُهُمْ : لَهُ عِنْدِي مَا سَاءَهُ وَنَاءَهُ فَهُوَ إِتْبَاعٌ كَانَ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ : وَأَنَاءَهُ . وَمِثْلُهُ : هَنَّأَنِي الطَّعَامَ وَمَرَّأَنِي ، وَأَخْذُهُ مَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ . وَقِيلَ : هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّأْيِ وَهُوَ الْبُعْدُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
يَنْأَوْنَ عَنَّا وَمَا تَنْأَى مَوَدَّتُهُمْ وَالْقَلْبُ فِيهِمْ رَهِينٌ حَيْثُمَا كَانُوا
وَقَرَأَ
بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ : ( لَيَنُوءُ ) بِالْيَاءِ ; أَيْ لَيَنُوءُ الْوَاحِدُ مِنْهَا أَوِ الْمَذْكُورُ فَحُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=15876لِرُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ فِي قَوْلِهِ :
[ ص: 287 ] فِيهَا خُطُوطٌ مِنْ سَوَادٍ وَبَلَقْ كَأَنَّهُ فِي الْجِلْدِ تَوْلِيعُ الْبَهَقْ
إِنْ كُنْتَ أَرَدْتَ الْخُطُوطَ فَقُلْ : ( كَأَنَّهَا ) وَإِنْ كُنْتَ أَرَدْتَ السَّوَادَ وَالْبَلَقَ فَقُلْ : ( كَأَنَّهُمَا ) فَقَالَ : أَرَدْتُ كُلَّ ذَلِكَ . وَاخْتُلِفَ فِي الْعُصْبَةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ الَّتِي يَتَعَصَّبُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ قَوْلًا : الْأَوَّلُ : ثَلَاثَةُ رِجَالٍ ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَعَنْهُ أَيْضًا مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشْرَةِ ، وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : الْعُصْبَةُ هُنَا مَا بَيْنَ الْعِشْرِينَ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَعَنْهُ أَيْضًا : مَا بَيْنَ الْعَشْرَةِ إِلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ ، وَعَنْهُ أَيْضًا : مِنْ عَشَرَةٍ إِلَى خَمْسَةٍ . ذَكَرَ الْأَوَّلَ
الثَّعْلَبِيُّ ، وَالثَّانِيَ
الْقُشَيْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15151وَالْمَاوَرْدِيُّ ، وَالثَّالِثُ
الْمَهْدَوِيُّ . وَقَالَ
أَبُو صَالِحٍ nindex.php?page=showalam&ids=14152وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ : أَرْبَعُونَ رَجُلًا .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلَى الْأَرْبَعِينَ وَقَالَهُ
قَتَادَةُ أَيْضًا وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَرْبَعُونَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ سَبْعُونَ . وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي صَالِحٍ إِنَّ الْعُصْبَةَ سَبْعُونَ رَجُلًا ; ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ . وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ عَنْهُ
الثَّعْلَبِيُّ وَقِيلَ : سِتُّونَ رَجُلًا ، وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ . وَقَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ : مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالتِّسْعَةِ وَهُوَ النَّفَرُ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : عَشَرَةٌ لِقَوْلِ إِخْوَةِ
يُوسُفَ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ وَقَالَهُ
مُقَاتِلٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15848خَيْثَمَةُ : وَجَدْتُ فِي الْإِنْجِيلِ أَنَّ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ
قَارُونَ وَقْرُ سِتِّينَ بَغْلًا غَرَّاءَ مُحَجَّلَةً ، وَأَنَّهَا لَتَنُوءُ بِهَا ثِقَلَهَا ، وَمَا يَزِيدُ مِفْتَحٌ مِنْهَا عَلَى إِصْبَعٍ ، لِكُلِّ مِفْتَحٍ مِنْهَا كَنْزُ مَالٍ ، لَوْ قُسِمَ ذَلِكَ الْكَنْزُ عَلَى
أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَكَفَاهُمْ .
قَالَ
مُجَاهِدٌ : كَانَتِ الْمَفَاتِيحُ مِنْ جُلُودِ الْإِبِلِ . وَقِيلَ : مِنْ جُلُودِ الْبَقَرِ لِتَخِفَّ عَلَيْهِ ، وَكَانَتْ تُحْمَلُ مَعَهُ إِذَا رَكِبَ عَلَى سَبْعِينَ بَغْلًا فِيمَا ذَكَرَهُ
الْقُشَيْرِيُّ وَقِيلَ : عَلَى أَرْبَعِينَ بَغْلًا وَهُوَ قَوْلُ
الضَّحَّاكِ وَعَنْهُ أَيْضًا : إِنَّ مَفَاتِحَهُ أَوْعِيَتُهُ ، وَكَذَا قَالَ
أَبُو صَالِحٍ : إِنَّ الْمُرَادَ بِالْمَفَاتِحِ الْخَزَائِنُ ; فَاللَّهُ أَعْلَمُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ وَقَالَ
يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ : الْقَوْمُ هُنَا
مُوسَى وَقَالَ
الْفَرَّاءُ وَهُوَ جَمْعٌ أُرِيدَ بِهِ وَاحِدٌ كَقَوْلِهِ : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسَ وَإِنَّمَا هُوَ
نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَا تَفْرَحْ أَيْ لَا تَأْشَرْ وَلَا تَبْطَرْ . قَالَ الشَّاعِرُ :
وَلَسْتُ بِمِفْرَاحٍ إِذَا الدَّهْرُ سَرَّنِي وَلَا ضَارِعٌ فِي صَرْفِهِ الْمُتَقَلِّبِ
وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : الْمَعْنَى لَا تَفْرَحْ بِالْمَالِ فَإِنَّ الْفَرِحَ بِالْمَالِ لَا يُؤَدِّي حَقَّهُ وَقَالَ
مُبَشَّرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : لَا تَفْرَحْ لَا تُفْسِدْ قَالَ الشَّاعِرُ [
أَبُو عَبِيدٍ النَّحْوِيُّ ] :
[ ص: 288 ] إِذَا أَنْتَ لَمْ تَبْرَحْ تُؤَدِّي أَمَانَةً وَتَحْمِلُ أُخْرَى أَفْرَحَتْكَ الْوَدَائِعُ
أَيْ أَفْسَدَتْكَ .
وَقَالَ
أَبُو عَمْرٍو : أَفْرَحَهُ الدَّيْنُ : أَثْقَلَهُ ، وَأَنْشَدَهُ : إِذَا أَنْتَ . . . . . الْبَيْتَ . وَأَفْرَحَهُ : سَرَّهُ ، فَهُوَ مُشْتَرَكٌ . قَالَ
الزَّجَّاجُ : وَالْفَرِحِينَ وَالْفَارِحِينَ سَوَاءٌ . وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا
الْفَرَّاءُ فَقَالَ : مَعْنَى الْفَرِحِينَ الَّذِينَ هُمْ فِي حَالِ فَرَحٍ ، وَالْفَارِحِينَ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَزَعَمَ أَنَّ مِثْلَهُ طَمِعٌ وَطَامِعٌ وَمَيِّتٌ وَمَائِتٌ . وَيَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=30إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ وَلَمْ يَقُلْ ( مَائِتٌ ) . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ أَيْضًا : مَعْنَى لَا تَفْرَحْ : لَا تَبْغِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ أَيِ الْبَاغِينَ وَقَالَ
ابْنُ بَحْرٍ : لَا تَبْخَلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْبَاخِلِينَ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ أَيِ اطْلُبْ فِيمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنَ الدُّنْيَا الدَّارَ الْآخِرَةَ وَهِيَ الْجَنَّةُ ; فَإِنَّ مِنْ حَقِّ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَصْرِفَ الدُّنْيَا فِيمَا يَنْفَعُهُ فِي الْآخِرَةِ لَا فِي التَّجَبُّرِ وَالْبَغْيِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا اخْتُلِفَ فِيهِ ; فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْجُمْهُورُ : لَا تُضَيِّعْ عُمْرَكَ فِي أَلَّا تَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا فِي دُنْيَاكَ ; إِذِ الْآخِرَةُ إِنَّمَا يُعْمَلُ لَهَا ،
nindex.php?page=treesubj&link=24479فَنَصِيبُ الْإِنْسَانِ عُمْرُهُ وَعَمَلُهُ الصَّالِحُ فِيهَا ، فَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ شِدَّةٌ فِي الْمَوْعِظَةِ وَقَالَ
الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ : مَعْنَاهُ لَا تُضَيِّعُ حَظَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ فِي تَمَتُّعِكَ بِالْحَلَالِ وَطَلَبِكَ إِيَّاهُ وَنَظَرِكَ لِعَاقِبَةِ دُنْيَاكَ ، فَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِيهِ بَعْضُ الرِّفْقِ بِهِ وَإِصْلَاحُ الْأَمْرِ الَّذِي يَشْتَهِيهِ وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ مَعَ الْمَوْعُوظِ خَشْيَةَ النَّبْوَةِ مِنَ الشِّدَّةِ ; قَالَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ .
قُلْتُ : وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ قَدْ جَمَعَهُمَا
ابْنُ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ : احْرُثْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدًا ، وَاعْمَلْ لِآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَدًا وَعَنِ
الْحَسَنِ : قَدِّمِ الْفَضْلَ ، وَأَمْسِكْ مَا يُبَلِّغُ . وَقَالَ
مَالِكٌ : هُوَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِلَا سَرَفٍ . وَقِيلَ : أَرَادَ بِنَصِيبِهِ الْكَفَنَ ، فَهَذَا وَعْظٌ مُتَّصِلٌ ; كَأَنَّهُمْ قَالُوا : لَا تَنْسَ أَنَّكَ تَتْرُكُ جَمِيعَ مَالِكَ إِلَّا نَصِيبَكَ هَذَا الَّذِي هُوَ الْكَفَنُ وَنَحْوَ هَذَا قَوْلُ الشَّاعِرِ :
نَصِيبُكَ مِمَّا تَجْمَعُ [ مِنَ ] الدَّهْرِ كُلِّهِ رِدَاءَانِ تُلْوَى فِيهِمَا وَحَنُوطُ
وَقَالَ آخَرُ :
وَهِيَ الْقَنَاعَةُ لَا تَبْغِي بِهَا بَدَلًا فِيهَا النَّعِيمُ وَفِيهَا رَاحَةُ الْبَدَنِ
انْظُرْ لِمَنْ مَلَكَ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا هَلْ رَاحَ مِنْهَا بِغَيْرِ الْقُطْنِ وَالْكَفَنِ
[ ص: 289 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَأَبْدَعَ مَا فِيهِ عِنْدِي قَوْلُ
قَتَادَةِ : وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ الْحَلَالَ ، فَهُوَ نَصِيبُكَ مِنَ الدُّنْيَا وَيَا مَا أَحْسَنَ هَذَا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ أَيْ أَطِعِ اللَّهَ وَاعْبُدْهُ كَمَا أَنْعَمَ عَلَيْكَ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832258nindex.php?page=treesubj&link=28855مَا الْإِحْسَانُ ؟ قَالَ : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ وَقِيلَ : هُوَ أَمْرٌ بِصِلَةِ الْمَسَاكِينِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : فِيهِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ جِمَاعُهَا
nindex.php?page=treesubj&link=29485اسْتِعْمَالُ نِعَمِ اللَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَقَالَ
مَالِكٌ : الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : أَرَى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكًا أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى الْغَالِينَ فِي الْعِبَادَةِ وَالتَّقَشُّفِ ; فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ ، وَيَشْرَبُ الْعَسَلَ ، وَيَسْتَعْمِلُ الشِّوَاءَ ، وَيَشْرَبُ الْمَاءَ الْبَارِدَ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ أَيْ لَا تَعْمَلْ بِالْمَعَاصِي
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ .