القول في تأويل قوله (
nindex.php?page=treesubj&link=28974_31756_31755nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=190إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ( 190 ) )
قال
أبو جعفر : وهذا احتجاج من الله تعالى ذكره على قائل ذلك ، وعلى سائر خلقه ، بأنه المدبر المصرف الأشياء والمسخر ما أحب ، وأن الإغناء والإفقار إليه وبيده ، فقال جل ثناؤه : تدبروا أيها الناس واعتبروا ، ففيما أنشأته فخلقته من السماوات والأرض لمعاشكم وأقواتكم وأرزاقكم ، وفيما عقبت بينه من الليل والنهار فجعلتهما يختلفان ويعتقبان عليكم ، تتصرفون في هذا لمعاشكم ، وتسكنون في
[ ص: 474 ] هذا راحة لأجسادكم معتبر ومدكر ، وآيات وعظات . فمن كان منكم ذا لب وعقل ، يعلم أن من نسبني إلى أني فقير وهو غني كاذب مفتر ، فإن ذلك كله بيدي أقلبه وأصرفه ، ولو أبطلت ذلك لهلكتم ، فكيف ينسب إلي فقر من كان كل ما به عيش ما في السماوات والأرض بيده وإليه؟ أم كيف يكون غنيا من كان رزقه بيد غيره ، إذا شاء رزقه ، وإذا شاء حرمه؟ فاعتبروا يا أولي الألباب .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=treesubj&link=28974_31756_31755nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=190إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ( 190 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا احْتِجَاجٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَلَى قَائِلِ ذَلِكَ ، وَعَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ ، بِأَنَّهُ الْمُدَبِّرُ الْمُصَرِّفُ الْأَشْيَاءَ وَالْمُسَخِّرُ مَا أَحَبَّ ، وَأَنَّ الْإِغْنَاءَ وَالْإِفْقَارَ إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ ، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : تَدَبَّرُوا أَيُّهَا النَّاسُ وَاعْتَبِرُوا ، فَفِيمَا أَنْشَأْتُهُ فَخَلَقْتُهُ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لِمَعَاشِكُمْ وَأَقْوَاتِكُمْ وَأَرْزَاقِكُمْ ، وَفِيمَا عَقَّبْتُ بَيْنَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَجَعَلْتُهُمَا يَخْتَلِفَانِ وَيَعْتَقِبَانِ عَلَيْكُمْ ، تَتَصَرَّفُونَ فِي هَذَا لِمَعَاشِكُمْ ، وَتَسْكُنُونَ فِي
[ ص: 474 ] هَذَا رَاحَةً لِأَجْسَادِكُمْ مُعْتَبَرٌ وَمُدَّكَرٌ ، وَآيَاتٌ وَعِظَاتٌ . فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ ذَا لُبٍّ وَعَقْلٍ ، يَعْلَمُ أَنَّ مِنْ نَسَبَنِي إِلَى أَنِّي فَقِيرٌ وَهُوَ غَنِيٌّ كَاذِبٌ مُفْتَرٍ ، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بِيَدِي أُقَلِّبُهُ وَأُصَرِّفُهُ ، وَلَوْ أَبْطَلْتُ ذَلِكَ لَهَلَكْتُمْ ، فَكَيْفَ يُنْسَبُ إِلَيَّ فَقْرُ مَنْ كَانَ كُلُّ مَا بِهِ عَيْشُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِيَدِهِ وَإِلَيْهِ؟ أَمْ كَيْفَ يَكُونُ غَنِيًّا مَنْ كَانَ رِزْقُهُ بِيَدِ غَيْرِهِ ، إِذَا شَاءَ رَزَقَهُ ، وَإِذَا شَاءَ حَرَمَهُ؟ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَلْبَابِ .